«الخميس الأسود»، «المظاهرات المليونية»، «التعبئة العامة»: هذه هي الأجواء السائدة في فرنسا في اليوم الأول من التعبئة النقابية والحزبية لدفع الحكومة من أجل التخلي عن خطتها لـ«إصلاح» قانون التقاعد وأهم ما فيه رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً.
وفيما بدأت التجمعات منذ هذا الصباح في العديد من المدن، حيث ينتظر أن تجري طيلة النهار ما يقل عن 200 مظاهرة وتجمع، ترنو الأنظار إلى ما سيحصل في العاصمة باريس، حيث ستنطلق مظاهرة كبرى في الثانية من بعد الظهر من ساحة «لا ريبوبليك» إلى ساحة «لا ناسيون»، ستكون مرآة للوحدة النقابية التي تتوفر للمرة الأولى منذ 12 عاماً. ولأن الحكومة تتخوف من حصول تجاوزات واشتباكات كما جرت العادة في هذا النوع من المظاهرات، فقد عمدت الحكومة إلى تعبئة ما لا يقل عن عشرة آلاف رجل شرطة وأمن منهم ثلاثة آلاف في باريس وحدها. وتتخوف الأجهزة الأمنية من المجموعات اليسارية واليمينة المتطرفة أبرزها مجموعة «بلاك بلوك» اليسارية الفوضوية، وهي تسمى كذلك بسبب ارتداء أفرادها القمصان السوداء. وتقدر الأجهزة الأمنية أن ما لا يقل عن ألف من أفرادها يمكن أن يندسوا في المظاهرات والمواكب لزرع الفوضى وإشعال الحرائق والاشتباك مع رجال الأمن.
ولن تقتصر الأمور على المظاهرات، إذ إن التعبئة تتناول أيضاً الإضرابات التي تصيب قطاعات أساسية واسعة للحياة الاقتصادية في البلاد. ومنذ الصباح الباكر، ظهرت بوادرها في قطاع المواصلات، وخصوصاً حركة النقل بالقطارات حيث أعلنت الشركة الفرنسية للسكك الحديد عن إلغاء العشرات من الرحلات بالقطارات السريعة والعادية داخل فرنسا وخارجها.
وأبرز المدن المتضررة تقليدياً العاصمة باريس، حيث حركة مترو الأنفاق ستكون شبه معطلة، وكذلك قطارات الضواحي التي تنقل مئات الآلاف من المسافرين يومياً. وكشفت وزارة التربية والتعليم عن أن 70 في المائة من المدارس الابتدائية والكثير من الثانويات ستكون مغلقة بسبب إضراب الجسم التعليمي.
وتشمل الإضرابات أيضاً قطاع الطاقة في المصافي ومستودعات التخزين، مما يؤشر لأزمة طاقة في حال تواصل الإضراب في المصافي. وأعلنت شركة «كهرباء فرنسا» أن الإنتاج الكهربائي سوف ينخفض اليوم، وقد بدأ ذلك منذ الصباح. ولم ينج القطاع الإعلامي التابع للدولة من موجة الإضرابات التي أصابت إذاعات رئيسية مثل «فرانس أنف» وإذاعة فرنسا الدولية وعدد من محطات التلفزة. كذلك ستعاني الخدمات في القطاع الحكومي والبلدي من الإضرابات.
ومساء اليوم، سوف تجتمع النقابات الرئيسية الثمانية لتقويم ما حصل طيلة النهار، وللاتفاق على مواعيد جديدة للمظاهرات فيما يبدو أنه عملية «لي ذراع» بين الحكومة من جهة والنقابات وأحزاب اليسار واليمين المتطرف من جهة أخرى.
وفي الأيام الماضية، سعت رئيسة الحكومة إليزابيث بورن إلى «تبريد» الأجواء من خلال الدعوة إلى التحلي بروح المسؤولية وتجنب التسبب بشلل البلاد، وهو ما دعا إليه الرئيس ماكرون أمس في إطار الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء. واليوم، سيكون ماكرون و11 وزيراً من حكومته غائبين عن فرنسا بسبب القمة الفرنسية ــ الإسبانية التي تنعقد في مدينة برشلونة الإسبانية. وألغت بورن ووزير العمل أوليفيه دوسو مشاركتهما في القمة لمتابعة الأوضاع ميدانياً.
الخميس الأسود في فرنسا
مظاهرات وإضرابات واسعة احتجاجاً على الخطة الحكومية لتعديل قانون التقاعد
الخميس الأسود في فرنسا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة