«الموال الشعبي»... نشأ في العراق وأصبح جزءاً من التراث العربي

طه حسين اتهم الأدباء بعدم اهتمامهم بهذا النوع من الغناء

«الموال الشعبي»... نشأ في العراق وأصبح جزءاً من التراث العربي
TT

«الموال الشعبي»... نشأ في العراق وأصبح جزءاً من التراث العربي

«الموال الشعبي»... نشأ في العراق وأصبح جزءاً من التراث العربي

يرصد كتاب «أشكال الموال الشعبي في مصر» الصادر في القاهرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تاريخ وتجليات هذا الفن العابر للجغرافيا. ويشير المؤلف درويش الأسيوطي، إلى أن الموال قالب من القوالب الموسيقية الغنائية العربية التقليدية، فيه يُظهر المغني قدراته في الأداء ومساحة صوته. ويعتمد فن الموال على الارتجال والبراعة في استعراض الانتقالات اللحنية والتطريب، فضلاً عن القدرة على الابتكار، وهو يبدأ عادة بعبارة «ياليل... ياعين»؛ لتحضير المستعصمين للتآلف مع المقام الموسيقي الذي سيغني منه المطرب، ولتحقيق الانسجام بينه وبين الآلة التي تصاحبه.
ويوضح الكتاب، أن الموال الشعبي في واقع الأمر مثله مثل فنون كثيرة من الغناء الشعبي الموروث لا يحتاج إلى آلات لتصاحبه في الغناء والإنشاد. وقد اشتهر كثير من الفنانين العرب بغناء الموال، منهم: محمد عبد الوهاب، ومحمد عبد المطلب، ووديع الصافي، وصباح فخري وغيرهم، فضلاً عن قلة من الفنانات العربيات من اهتممن بغنائه.
يقول الدكتور طه حسين «لسوء الحظ؛ لا يعنى العلماء في الشرق العربي بهذا الأدب الشعبي عناية ما لأن لغته بعيدة عن القرآن، وأدباء المسلمين لم يستطيعوا بعد أن ينظروا إلى الأدب على أنه غاية تُطلب لنفسها وإنما الأدب عندهم وسيلة إلى الدين».
ويقول الشاعر المصري صفي الدين الحلي، عن الموال «إن مخترعيه هم أهل واسط ثم تسلمه أهل بغداد فلطّفوه ونقحّوه ورقّقوا ودقّقوا وحفّوا الإعراب منه، واعتمدوا على سهولة اللفظ ورشاقة المعنى، ونظموا فيه الجد والهزل الرقيق والجزالة حتى عُرف بهم دون مخترعيه ونُسب إليهم وليسوا بمبتدعيه. وإنما سُمَي بهذا الاسم لأن الواسطيين لما اخترعوه وكان سهل التناول تعلّمه عبيدهم المتسلمون عمارة بساتينهم فكانوا يتغنون به في رؤوس النخيل وعلى سقي الماء ويقولون في آخر كل صوت مع الترنم يا (مواليا)، إشارة إلى سادتهم، فغلب عليه هذا الاسم وعرف به».
من ثم، يرى المؤلف، أن التراث الشعبي العربي مدين بالموال كلون من ألوان الأدب الشعبي للعراق وعاصمة الرشيد بغداد، ففي أروقتها نشأ «فن المواليا» باعتباره الجد الأول لكل المواويل العربية على اختلاف أشكالها.
ويقول شهاب الدين الحجازي المصري «إن أول من نطق بالموال هم أهل واسط في العراق والموال يتألف من سبعة أشطر، يأتي الشطر الأول والثاني والثالث والسابع على قافية واحدة، والرابع والخامس والسادس على قافية أخرى».
ويذهب بعض الدارسين إلى أن أول من ابتكر المواليا إحدى جواري البرامكة، فقد قيل أن الخليفة هارون الرشيد لما نكب البرامكة حظر أن يذكرهم أحد، لكن جارية لهم كانت تقف بقصورهم المهدمة وترثيهم بشعر عامي اللغة تختمه بقولها «يامواليا» ومن هنا جاء الاسم.



«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.