غوتيريش يتهم «القاعدة» و«داعش» بزعزعة استقرار مالي

«مينوسما» توثق انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بمشاركة أجانب

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

غوتيريش يتهم «القاعدة» و«داعش» بزعزعة استقرار مالي

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

اتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تنظيمي «القاعدة» و«داعش» بأنهما يزعزعان الاستقرار والأمن في وسط مالي، ويخوضان اشتباكات قرب المناطق المأهولة بالسكان في منطقتي غاو وميناكا الشماليتين.
وأرسل غوتيريش تقريراً جديداً لمجلس الأمن، قال فيه إن «مستوى حوادث العنف وتواترها لا يزالان مرتفعين بشكل استثنائي»، موضحاً أن الهجمات التي تشنها «الجماعات المتطرفة العنيفة» ضد المدنيين، شكلت غالبية انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة. وأضاف أن «الهجمات التي تشنها الجماعات الإرهابية على المدنيين، ومعركة النفوذ بينها، والنشاطات العنيفة التي تقوم بها الميليشيات المجتمعية، لا تزال حقيقة يومية مروعة، مثلها مثل الهجمات ضد قوات الدفاع والأمن المالية، وضد بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)».
وإذ شدد على أن «العمليات العسكرية لمحاربة الجماعات المتطرفة، ستظل عنصراً حاسماً لاستعادة الأمن»، نبه إلى أن المتطرفين في وسط مالي يستغلون النزاعات بين الجماعات لتوسيع نفوذهم، وتأمين مجندين جدد.
وأوضح الأمين العام أنه في منطقتي غاو وميناكا الشماليتين، يواصل مقاتلون من جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش في الصحراء الكبرى» الاشتباكات، ما تسبب في سقوط ضحايا من المدنيين، وفر آلاف من المدنيين بسبب العنف.
وأضاف أنّ عدد النازحين في مالي ارتفع من 397 ألفاً إلى أكثر من 442 ألفاً، بدءاً من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع إغلاق نحو 1950 مدرسة، ما أثر على أكثر من 587 ألف طفل. وزاد أن «المساعدات الإنسانية تصل فقط إلى 2.5 مليون شخص، بين 5.3 مليون من المحتاجين». وشدد على أن «النجاح النهائي ضد الجماعات المتطرفة يتوقف على ما إذا كانت العمليات مصحوبة بجهود لضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتعزيز التماسك الاجتماعي، ومعالجة الهشاشة الهيكلية، وتقديم الخدمات الأساسية».
يشار إلى أن مالي تسعى لاحتواء محاولات التمرد في البلاد منذ 2012، حين أُجبر المتمردون المتطرفون على ترك السلطة في مدن شمال مالي، بمساعدة عملية عسكرية بقيادة فرنسا؛ لكنهم أعادوا تجميع صفوفهم في الصحراء، وبدأوا في شن هجمات على الجيش المالي وحلفائه. وتفاقم انعدام الأمن مع الهجمات على المدنيين وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وفي أغسطس (آب) 2020، أُطيح برئيس مالي في انقلاب قاده ضباط في الجيش، بينهم العقيد عاصمي غويتا الذي نفذ انقلاباً ثانياً في يونيو (حزيران) 2021، ثم أقسم اليمين رئيساً للحكومة الانتقالية بعد 9 أشهر. وسحبت فرنسا (القوة الاستعمارية السابقة لمالي) آخر جنودها من البلاد في أغسطس 2022، وسط تبادل الاتهامات مع الحكومة الانتقالية.
وفي أواخر عام 2021، ورد أن غويتا قرر السماح بنشر وحدات من مجموعة «فاغنر» الروسية، وهي شركة عسكرية خاصة لها علاقات مع الكرملين، وتعمل أيضاً في أوكرانيا لدعم القوات الروسية في الحرب التي بدأت هناك في فبراير (شباط) 2022.
ولا يذكر تقرير غوتيريش اسم «فاغنر»؛ لكنه يوضح أن «مينوسما» وثقت انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي يُزعم أنها ارتكبت خلال العمليات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة المالية، برفقة أفراد أمن أجانب و«دوزو»، علماً بأن «دوزو» جماعة من الصيادين التقليديين تنتشر في عدد من الدول الأفريقية، ومنها مالي.
وكشف التقرير أن قوة الأمم المتحدة وثقت أيضاً «بعض الحالات التي يبدو أن أفراد الأمن الأجانب ارتكبوا فيها انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، خلال قيامهم بعمليات عسكرية جوية وبرية في وسط البلاد».
وسياسياً، تقرر الآن إجراء الانتخابات الرئاسية في مالي في فبراير 2024، علماً بأنه كان من المقرر إجراؤها في فبراير 2022. وأشار غوتيريش إلى إحراز تقدم في تشغيل هيئة واحدة لإدارة الانتخابات، وتقديم مسودة دستور أولية. وحض السلطات على الإسراع بتنفيذ الجدول الزمني للانتخابات، المنشور في يوليو (تموز) 2022، مؤكداً أن الأمر الذي على القدر نفسه من الأهمية لتحقيق الاستقرار الدائم في مالي، هو تنفيذ اتفاقية السلام لعام 2015 التي وقعتها 3 أطراف: الحكومة، وتحالف مجموعات يسمى «تنسيق حركات أزواد» الذي يضم العرب والطوارق الذين يسعون إلى الحكم الذاتي في شمال مالي، بالإضافة إلى ميليشيات موالية للحكومة تعرف باسم «المنبر».
ومع ذلك، قال غوتيريش إن «القرار الأخير الذي اتخذته الحركات بتعليق مشاركتها في عملية التنفيذ يدعو للقلق الشديد»، مؤكداً أن المسؤولية الأساسية لدفع عملية السلام إلى الأمام تقع على عاتق الأطراف التي ينبغي أن «تنخرط بشكل بناء بعضهم مع بعض، ومع فريق الوساطة الدولية، للتغلب على العقبات الحالية».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (صفحة الخارجية المصرية عبر فيسبوك)

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، واضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وابنته إيفانكا (إ.ب.أ)

ترمب: إيفانكا رفضت أن تصبح سفيرة لدى الأمم المتحدة وفضّلت توفير فرص عمل للملايين

قال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، إن ابنته إيفانكا كان ينبغي أن تكون سفيرة للأمم المتحدة، و«القادة الأكثر روعة» يأتون من أسكوتلندا مثل والدته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي برّي يتحدّث في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر (رئاسة البرلمان)

برّي يؤكد تمسّك لبنان بالـ«1701»: الطرف المطلوب إلزامه به هو إسرائيل

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي التزام لبنان بنود ومندرجات القرار الأممي رقم 1701، وتطبيقه حرفياً، مشيراً إلى أن الطرف الوحيد المطلوب إلزامه به هو إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «يونيفيل» يراقب من مرجعيون الحدودية في جنوب لبنان بلدتي الخيام اللبنانية والمطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

ارتياح بعد تمديد ولاية «يونيفيل»: لبنان تحت المظلة الدولية

أرخى تمديد مجلس الأمن لمهمة قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) ارتياحاً لبنانياً؛ كونه يؤشر إلى أن الغطاء الدولي لا يزال موجوداً فوق لبنان.

نذير رضا (بيروت)
أوروبا ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي ملتزم بتوفير المساعدات لأوكرانيا من الأصول الروسية المجمَّدة

كشف الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية أن الاتحاد الأوروبي سيمضي في تعهده بتوفير المساعدات لأوكرانيا من أصول البنك المركزي الروسي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

جزر المحيط الهادئ تعزز أمنها بعد اجتماع القادة... وترفض قطع العلاقة بتايوان

زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
TT

جزر المحيط الهادئ تعزز أمنها بعد اجتماع القادة... وترفض قطع العلاقة بتايوان

زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

أقر منتدى جزر المحيط الهادئ خطة لتعزيز أعداد الشرطة بين أعضائه، مما يقلل الحاجة إلى الاعتماد على القوى الخارجية في الأزمات، حيث أيدت جزر سليمان حليفة الصين الأمنية المبادرة التي تمولها أستراليا، اليوم (الجمعة)، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال رئيس وزراء جزر كوك مارك براون، رئيس المنتدى، في اليوم الأخير من اجتماع سنوي لزعماء دول جزر المحيط الهادئ، إن الكتلة المكونة من 18 دولة لديها القدرة على الاضطلاع بدور قوي ونشط في الأمن الإقليمي.

وأضاف في مؤتمر صحافي في تونغا، إن جزر المحيط الهادئ «منطقة تعاون ودعم وعمل مشترك، وليس منطقة تنافس ومنطقة حيث تسعى الدول الأخرى إلى محاولة اكتساب ميزة علينا».

ورفض زعماء دول المحيط الهادئ دعوات تدعمها بكين إلى قطع العلاقات مع تايوان، قائلين إن التحالف الإقليمي سيبقي سياساته المستمرة منذ عقود. وفي البيان الختامي أعاد زعماء الكتلة تأكيد اتفاق وُقّع عام 1992 سمح بإجراء محادثات مع تايبيه.

وكانت جزر سليمان، الشريك الرئيسي للصين في جنوب المحيط الهادئ، مارست ضغوطا لتجريد تايوان من وضعها كشريك في منتدى جزر المحيط الهادئ، ما أثار غضب بعض حلفاء تايبيه.

وهذا المنتدى منقسم بين دول تقيم علاقات دبلوماسية مع بكين وأخرى، مثل جزر مارشال وبالاو وتوفالو، حليفة لتايوان التي أرسلت نائب وزير خارجيتها تيان تشونغ-كوانغ إلى تونغا سعيا لتعزيز العلاقات مع حلفائها في جزر المحيط الهادئ، الذين يتناقص عددهم.

وفي السنوات الخمس الماضية، قطعت جزر سليمان وكيريباتي وناورو علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان لصالح الصين.

ومن المقرر تنظيم الانتخابات في بالاو هذا العام، وستكون علاقاتها مع تايوان، وتحول محتمل لصالح الصين، من أبرز قضايا الحملة الانتخابية.

ويرى بعض المحللين أن الخطة لإنشاء وحدة شرطة إقليمية لجزر المحيط الهادئ، يتم نشرها للتعامل مع الحوادث الكبرى هي خطوة من جانب أستراليا لمنع الوجود الأمني المتزايد للصين في المنطقة، وسط تنافس استراتيجي بين بكين وواشنطن.

وقالت جزر سليمان خلال المنتدى الجمعة، وهي دولة تربطها علاقات أمنية بأستراليا، أكبر عضو في المنتدى، وكذلك الصين، التي ليست عضواً في المنتدى، إنها وافقت على مبادرة الشرطة في المحيط الهادئ.

وصرّح رئيس وزراء جزر سليمان جيريميا مانيلي: «نحن نؤيد أيضاً، كجزء من تطوير هذه المبادرة، أهمية التشاور الوطني... لذلك نحن نقدّر حقاً المبادرة».

وقال رئيس وزراء تونغا سياوسي سوفاليني، إن ذلك من شأنه أن يعزز بنية الأمن الإقليمي الحالية. وأضاف أن الزعماء وافقوا أيضاً على شروط مهمة تقصّي الحقائق إلى كاليدونيا الجديدة، التي مزقتها أشهر من أعمال الشغب، لإجراء محادثات مع الأطراف المعنية لمحاولة حل الأزمة.

وأظهر البيان الختامي أن المنتدى قَبِل الإقليمين الأميركيين غوام وساموا الأميركية كعضوين مشاركين.

وأكد سوفاليني رئيس وزراء تونغا، الحاجة إلى المزيد من الموارد لمنطقة المحيط الهادئ للتخفيف من آثار تغير المناخ، وحض الدول المانحة على المساهمة للوصول إلى هدف تمويل أعلى يبلغ 1.5 مليار دولار.