مؤسسة بدرخان ترفد المكتبات الكردية بـ200 كتاب سنويًا

مهرجانها القادم سيكون في البرازيل

حميد بدرخان رئيس مؤسسة بدرخان للثقافة والفنون («الشرق الأوسط»)
حميد بدرخان رئيس مؤسسة بدرخان للثقافة والفنون («الشرق الأوسط»)
TT

مؤسسة بدرخان ترفد المكتبات الكردية بـ200 كتاب سنويًا

حميد بدرخان رئيس مؤسسة بدرخان للثقافة والفنون («الشرق الأوسط»)
حميد بدرخان رئيس مؤسسة بدرخان للثقافة والفنون («الشرق الأوسط»)

ترفد مؤسسة بدرخان للثقافة والفنون المكتبة الكردية بـ200 كتاب في كل المجالات، المؤسسة التي تأسست في عام 2000 تواصل عملها في مجال التنمية الثقافية والفنية في إقليم كردستان. واختارت منذ تأسيسها اسم بدرخان نسبة إلى العائلة البدرخانية الكردية في القاهرة الذين أصدروا أول صحيفة كردية في التاريخ، حين أصدر مقداد مدحت بدرخان وشقيقه عبد الرحمن مدحت بدرخان أول صحيفة كردية باسم كردستان في أبريل (نيسان) عام 1898. وتم إصدارها في مؤسسة دار الهلال العربية المصرية التي أسسها الصحافي والمؤرخ اللبناني جرجي زيدان في القاهرة عام 1892، إذ كانت تربطه علاقة صداقة وثيقة مع مقداد بدرخان.
وأصدرت مؤسسة بدرخان للثقافة والفنون جريدة باسم جريدة بدرخان التي كانت في بادئ الأمر أسبوعية ومن ثم أصبحت شهرية بسبب الأزمة المالية التي يشهدها الإقليم وهي مستمرة حتى الآن. وبدأت المؤسسة بتنظيم مهرجان سنوي منذ عام 2004، ونظمت مهرجانها الأول والثاني في إقليم كردستان، أما المهرجان الثالث فنظمته في مدينة القاهرة عاصمة جمهورية مصر احتفاء بها لأنها المدينة التي احتضنت الصحيفة الكردية الأولى. ونظم المهرجان بالتنسيق والتعاون مع الصحافية المصرية روز اليوسف ومحمد المدبولي صاحب مكتبة المدبولي في مصر، وأصدرت المؤسسة خلال المهرجان في القاهرة، كتاب الكرد في الصحافة العربية. وينظم المهرجان كل في دولة من دول العالم فقد نظم في ألمانيا واليونان والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وجورجيا، وأوكرانيا، وآيرلندا. واحتضنت مدينة بولزانو الإيطالية مهرجان بدرخان، المهرجان قدم خلال السنوات الماضي في كل الدول التي أقيم فيها مجموعة من النشاطات الثقافية التي عرفت العالم بالثقافة والفن والتاريخ الكردي، عن طريق مجموعة من الندوات والمسرحيات بالإضافة إلى عروض موسيقية كردية ومناقشة أبحاث عن كتاب كرد ومقارنتهم بكتاب من تلك الدول، إلى جانب تنظيم معارض فنية ومعارض للكتب.
حميد بدرخان، رئيس مؤسسة بدرخان للثقافة والفنون قال في حديث لنا: «تمكنا خلال المدة الماضية من كتابة تاريخ مدينة أربيل في كتاب يتألف من 4500 صفحة بعنوان إنسكلوبيديا أربيل، واستغرق العمل في هذا المشروع سبع سنوات وتم طبع الكتاب ونشره في لبنان، إضافة إلى أننا أنتجنا حتى الآن نحو 25 فيلما وثائقيا، شاركنا بها في عدد من المهرجانات العالمية».
وبين بدرخان إن المؤسسة تطبع سنويا نحو 20 كتابا في مجالات متعددة للمؤلفين والكتاب مجانا في الإقليم، وحاليا تعمل على جمع المخطوطات الكردية القديمة التي تتحدث عن مراحل الحياة في كردستان، وهناك مخطوطات تعود تاريخ كتابتها إلى 800 عام وأكثر من الآن، موضحا بالقول: «لدينا الكثير من المشاريع في مجال الطباعة والنشر، حاليا نحن منشغلون بإعادة طباعة مقررات بلدية أربيل في الأعوام 1926 و1927 وحتى عام 1957، وستطبع في القريب العاجل في لبنان على جزئين، ومن ثم نبدأ العمل على هذه المخطوطات، فبداية هي بحاجة إلى حمايتها من التلف ومن ثم تصويرها، وتحويلها إلى خطنا المتداول حاليا وطبعها فيما بعد، ما جمعناه لحد الآن يبلغ نحو 30 مخطوطة، كتبت غالبية من قبل الرحالة الأوروبيين الذين جاءوا إلى كردستان وكتبوا مذكراتهم ودراساتهم وما شاهدوه في كردستان». وكشف حميد بدرخان، عن أن مهرجان مؤسسة بدرخان القادم سينظم في البرازيل الصيف القادم.



طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين
TT

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

يحتلّ موقع الدُّور مكانة كبيرة في خريطة المواقع الأثرية التي كشفت عنها أعمال المسح المتواصلة في إمارة أم القيوين. بدأ استكشاف هذا الموقع في عام 1973، حيث شرعت بعثة عراقية في إجراء حفريّات تمهيديّة فيه، وتبيّن عندها أن الموقع يُخفي تحت رماله مستوطنة تحوي بقايا حصن. جذب هذا الخبر عدداً من العلماء الأوروبيين، منهم المهندس المعماري البريطاني بيتر هادسون، الذي قام بجولة خاصة في هذا الموقع خلال عام 1977، وعثر خلال تجواله على طبق نحاسي علاه الصدأ، فحمله معه، واتّضح له عند فحصه لاحقاً أنه مزيّن بسلسلة من النقوش التصويرية تتميّز بطابع فنّي رفيع.

وجد بيتر هادسون هذا الطبق في ركن من جهة جنوب شرقي الموقع، وحمله بعد سنوات إلى الشارقة حيث كشفت صور الأشعّة عن ملامح حلية تصويرية منقوشة غشيتها طبقة غليظة من الصدأ. نُقلت هذه القطعة المعدنية إلى كلية لندن الجامعية، وخضعت هناك لعملية تنقية وترميم متأنية كشفت عن تفاصيل زينتها التصويرية بشكل شبه كامل. يبلغ قُطر هذه القطعة الفنية نحو 17.5 سنتيمتر، وعمقه 4.5 سنتيمتر، وتتألّف قاعدة حليته التصويرية من دائرة ذات زينة تجريدية في الوسط، تحوطها دائرة ذات زينة تصويرية تزخر بالتفاصيل الدقيقة. تحتل الدائرة الداخلية الصغرى مساحة قاع الطبق المسطّحة، ويزينها نجم تمتدّ من أطرافه الخمسة أشعة تفصل بينها خمس نقاط دائرية منمنمة. تنعقد حول هذا النجم سلسلتان مزينتان بشبكة من النقوش، تشكّلان إطاراً لها. ومن حول هذه الدائرة الشمسية، تحضر الزينة التصويرية، وتملأ بتفاصيلها كل مساحة الطبق الداخلية.

تتمثّل هذه الزينة التصويرية بمشهد صيد يحلّ فيه ثلاثة رجال، مع حصانين وأسدين، إضافةً إلى أسد مجنّح له رأس امرأة. يحضر رجلان في مركبة يجرها حصان، ويظهران متواجهين بشكل معاكس، أي الظهر في مواجهة الظهر، ويفصل بينهما عمود ينبثق في وسط هذه المركبة. يُمثّل أحد هذين الرجلين سائق المركبة، ويلعب الثاني دور الصياد الذي يطلق من قوسه سهماً في اتجاه أسد ينتصب في مواجهته بثبات، رافعاً قائمته الأمامية اليسرى نحو الأعلى. من خلف هذا الأسد، يظهر صياد آخر يمتطي حصاناً، رافعاً بيده اليمنى رمحاً طويلاً في اتجاه أسد ثانٍ يرفع كذلك قائمته الأمامية اليسرى نحوه. في المسافة التي تفصل بين هذا الأسد والحصان الذي يجرّ المركبة، يحضر الأسد المجنّح الذي له رأس امرأة، وهو كائن خرافي يُعرف باسم «سفنكس» في الفنين الإغريقي والروماني.

يحضر كل أبطال هذا المشهد في وضعية جانبية ثابتة، وتبدو حركتهم جامدة. يرفع سائق المركبة ذراعيه نحو الأمام، ويرفع الصياد الذي يقف من خلفه ذراعيه في وضعية موازية، ويبدو وجهاهما متماثلين بشكل متطابق. كذلك، يحضر الأسدان في تأليف واحد، ويظهر كل منهما وهو يفتح شدقيه، كاشفاً عن لسانه، وتبدو مفاصل بدنيهما واحدة، مع لبدة مكونة من شبكة ذات خصل دائرية، وذيل يلتفّ على شكل طوق. في المقابل، يفتح «سفنكس» جناحيه المبسوطين على شكل مروحة، وينتصب ثابتاً وهو يحدّق إلى الأمام. من جهة أخرى، نلاحظ حضور كائنات ثانوية تملأ المساحات الفارغة، وتتمثّل هذه الكائنات بدابّة يصعب تحديد هويتها، تظهر خلف الأسد الذي يصطاده حامل الرمح، وطير يحضر عمودياً بين حامل القوس والأسد المواجه له، وطير ثانٍ يحضر أفقياً تحت قائمتَي الحصان الذي يجر المركبة. ترافق هذه النقوش التصويرية كتابة بخط المسند تتكون من أربعة أحرف، وهذا الخط خاص بجنوب الجزيرة العربية، غير أنه حاضر في نواحٍ عديدة أخرى من هذه الجزيرة الواسعة.

يصعب تأريخ هذا الطبق بشكل دقيق، والأكيد أنه يعود إلى مرحلة تمتد من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد، ويُشابه في الكثير من عناصره طَبَقاً من محفوظات المتحف البريطاني في لندن، مصدره مدينة نمرود الأثرية الواقعة قرب الموصل في شمال العراق. كما على طبق الدُّوْر، يحضر على طبق نمرود، صيادٌ برفقة سائق وسط مركبة يجرها حصانان، ملقياً بسهمه في اتجاه أسد يظهر في مواجهته. يحضر من خلف هذا الأسد صياد يجثو على الأرض، غارساً رمحه في قائمة الطريدة الخلفية. في المسافة التي تفصل بين هذا الصياد والحصانين اللذين يجران المركبة، يحضر «سفنكس» يتميّز برأسٍ يعتمر تاجاً مصرياً عالياً.

ينتمي الطبقان إلى نسق فني شائع عُرف بالنسق الفينيقي، ثمّ بالنسق المشرقي، وهو نسق يتمثل بمشاهد صيد تجمع بين مؤثرات فنية متعددة، أبرزها تلك التي تعود إلى بلاد الرافدين ووادي النيل. بلغ هذا النسق لاحقاً إلى جنوب شرق الجزيرة العربية حيث شكّل نسقاً محلياً، كما تشهد مجموعة من القطع المعدنية عُثر عليها خلال العقود الأخيرة في مواقع أثرية عدة تعود اليوم إلى الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان. وصل عدد من هذه القطع بشكل كامل، ووصل البعض الآخر على شكل كسور جزئية، وتشهد دراسة هذه المجموعة المتفرّقة لتقليد محلّي تتجلّى ملامحه في تبنّي تأليف واحد، مع تعدّدية كبيرة في العناصر التصويرية، تثير أسئلة كثيرة أمام المختصين بفنون هذه الناحية من الجزيرة العربية.

يحضر مشهد صيد الأسود في عدد من هذه القطع، حيث يأخذ طابعاً محلياً واضحاً. يتميّز طبق الدُّوْر في هذا الميدان بزينته التي يطغى عليها طابع بلاد الرافدين، ويمثّل كما يبدو مرحلة انتقالية وسيطة تشهد لبداية تكوين النسق الخاص بجنوب شرقي الجزيرة العربية.