«العمل الدولية»: التباطؤ الاقتصادي يعزّز وظائف منخفضة الجودة

توقعت زيادة البطالة 3 ملايين شخص

عمال بناء محليون يعملون على سقف أحد المنازل في مدينة نيودلهي الهندية (أ.ف.ب)
عمال بناء محليون يعملون على سقف أحد المنازل في مدينة نيودلهي الهندية (أ.ف.ب)
TT

«العمل الدولية»: التباطؤ الاقتصادي يعزّز وظائف منخفضة الجودة

عمال بناء محليون يعملون على سقف أحد المنازل في مدينة نيودلهي الهندية (أ.ف.ب)
عمال بناء محليون يعملون على سقف أحد المنازل في مدينة نيودلهي الهندية (أ.ف.ب)

حذّرت منظمة العمل الدولية، الاثنين، من أنّ التباطؤ الحالي في الاقتصاد العالمي سيُجبر المزيد من العمّال على قبول وظائف منخفضة الأجر ومحفوفة بالمخاطر تفتقر إلى الحماية الاجتماعية، ما يفاقم انعدام المساواة الذي زاد بسبب أزمة «كوفيد - 19».
وتتوقع منظمة العمل الدولية ارتفاعاً طفيفاً في البطالة العالمية هذه السنة بحوالي ثلاثة ملايين شخص، لتصل إلى 208 ملايين شخص (مستوى البطالة العالمي 5,8 في المائة)، ما يمثّل تحوّلاً عن الانخفاض الملحوظ الذي لوحظ من العام 2020 إلى العام 2022.
بالإضافة إلى ذلك، وفي الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار بشكل أسرع من الدخل الاسمي للعمالة بسبب التضخّم، فإنّ المزيد من الأشخاص معرّضون لخطر الوقوع في الفقر، وفقاً لتقرير المنظمة الذي تخصّصه سنوياً للتوظيف.
ويأتي هذا الاتجاه ليُضاف إلى الانخفاضات الكبيرة في الدخل التي لوحظت خلال أزمة «كوفيد - 19». ويوضح التقرير أنّ التوترات الجيوسياسية الجديدة، والحرب في أوكرانيا، والانتعاش غير المتكافئ بعد الوباء، واستمرار المشاكل التي تواجهها سلاسل التوريد العالمية، كلّها عوامل أدت إلى «ظروف حدوث حلقة من التضخّم المصحوب بالركود، تجمع في الوقت ذاته بين التضخّم المرتفع والنمو الضعيف للمرة الأولى منذ السبعينات».
وفي هذا الإطار، قال المدير العام لمنظمة العمل الدولية غيلبرت هونجبو في مقدمة التقرير إنّ «توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي والتوظيف في العام 2023 تعني أنّ معظم الدول لن تتعافى تماماً إلى مستويات ما قبل الجائحة». ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الوظائف بشكل ملحوظ هذه السنة، ليسجل 1 في المائة (مقارنة بـ2,3 في المائة في العام 2022)، في تراجع بمقدار 0,5 نقطة مئوية عن التوقّعات السابقة.
ويقول مدير قسم الأبحاث في المنظمة ومنسّق التقرير ريتشارد سامانس في بيان إنه «بسبب تباطؤ نمو العمالة العالمية، لا نتوقع أن نكون قادرين على تعويض الخسائر التي تمّ تكبُّدها خلال أزمة (كوفيد - 19) قبل العام 2025».
مع ذلك، تقول منظمة العمل الدولية إنّه من المتوقّع أن ترتفع البطالة بشكل معتدل هذا العام، لأنّ جزءاً كبيراً من الصدمة يتمّ امتصاصه من خلال الانخفاض السريع في الأجور الحقيقية في إطار تسارُع التضخّم، بدلاً من خفض الوظائف.
ويحدّد التقرير أيضاً مقياساً عالمياً جديداً لاحتياجات التوظيف غير الملبّاة، وهو «فجوة الوظائف العالمية».
فإضافة إلى الأشخاص العاطلين عن العمل (205 ملايين شخص في العام 2022)، يشمل هذا المقياس الأشخاص الذين يريدون العمل، ولكنهم لا يبحثون عن الفرص بنشاط (268 مليون شخص)، إمّا لأنهم محبطون أو لأنّ لديهم مسؤوليات أخرى ذات طبيعة عائلية على سبيل المثال.
والعام الماضي، وصلت هذه الفجوة في الوظائف العالمية إلى 473 مليوناً، أي أكثر ممّا كانت عليه في العام 2019. وتعدّ كبيرة خصوصا بالنسبة للنساء وفي البلدان النامية.
وفي هذا السياق، تشير منظمة العمل الدولية إلى أنّ «التباطؤ الحالي يعني أنّ العديد من العمّال سيُضطرّون إلى قبول وظائف أقل جودة، وغالباً ما تكون الرواتب متدنية، وفي بعض الأحيان مع ساعات عمل غير كافية».
ويواجه الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً خصوصاً، صعوبات جسيمة في العثور على عمل لائق والحفاظ عليه، إذ إنّ معدّل البطالة بين هؤلاء أكثر بثلاثة أضعاف من معدّل البطالة لدى من هم أكبر سنّاً.
ورغم التباطؤ العام، يبقى بعض البلدان والقطاعات معرّضة لخطر النقص في العمالة الماهرة. لذلك، تدعو منظمة العمل الدولية إلى زيادة كبيرة في الاستثمارات في التعليم والتدريب؛ لأنّ «ثلثي الشباب العاملين في العالم يفتقرون إلى المهارات الأساسية».
ووفق التقرير، فإنّ تعافي سوق العمل بعد أزمة «كوفيد - 19» كان مدفوعاً بشكل أساسي بالعمالة غير الرسمية. ففي العام 2022، كان نحو ملياري شخص يعملون في وظائف غير رسمية، كما كان 214 مليون عامل يعيشون في فقر مدقع (بدخل أقل من 1,90 دولار في اليوم) أي حوالي 6,4 في المائة من العاملين.


مقالات ذات صلة

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

الاقتصاد مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا) - لشبونة)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

سندات لبنان السيادية ترتفع لأعلى مستوى في عامين وسط آمال بوقف إطلاق النار

رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)
رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)
TT

سندات لبنان السيادية ترتفع لأعلى مستوى في عامين وسط آمال بوقف إطلاق النار

رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)
رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)

ارتفعت سندات لبنان السيادية المقوَّمة بالدولار إلى أعلى مستوياتها منذ عامين، يوم الثلاثاء؛ حيث راهن المستثمرون على أن الهدنة المحتملة مع إسرائيل قد تفتح آفاقاً جديدة لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.

وعلى الرغم من أن هذه السندات لا تزال تتداول بأقل من 10 سنتات للدولار، فإنها حققت مكاسب تتجاوز 3 في المائة هذا الأسبوع. وكان سعر استحقاق عام 2031 قد وصل إلى 9.3 سنت للدولار، وهو أعلى مستوى منذ مايو (أيار) 2022، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، أشار برونو جيناري، استراتيجي الأسواق الناشئة في شركة «كيه إن جي» للأوراق المالية الدولية، إلى أن «بعض المستثمرين يتساءلون ما إذا كان الوقت مناسباً للشراء؛ حيث تُعدُّ الهدنة الخطوة الأولى اللازمة لإعادة هيكلة السندات في المستقبل».

ورغم استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان يوم الثلاثاء، والتي أسفرت عن تدمير البنية التحتية وقتل الآلاف، فإن هذا الارتفاع غير المتوقع في قيمة السندات يعد بمثابة انعكاس للرغبة في إعادة تنشيط النظام السياسي المنقسم في لبنان، وإحياء الجهود لإنقاذ البلاد من أزمة التخلف عن السداد.