من جنيفر لوبيز إلى كريستيانو رونالدو: أسرار المشاهير لحياة صحية

التأمّل والتَماس مع الطبيعة أكثر الأساليب رواجاً في 2023

الممثلة الأميركية جنيفر لوبيز ونجم كرة القدم كريستيانو رونالدو (إنستغرام)
الممثلة الأميركية جنيفر لوبيز ونجم كرة القدم كريستيانو رونالدو (إنستغرام)
TT

من جنيفر لوبيز إلى كريستيانو رونالدو: أسرار المشاهير لحياة صحية

الممثلة الأميركية جنيفر لوبيز ونجم كرة القدم كريستيانو رونالدو (إنستغرام)
الممثلة الأميركية جنيفر لوبيز ونجم كرة القدم كريستيانو رونالدو (إنستغرام)

ولّى الزمن الذي كانت ترتبط فيه أسماء المشاهير بسلوكياتهم غير الصحية. صار التسويق لأسلوب حياة صحي جزءاً أساسياً من صورة الفنان أو الممثل أو أي شخصية مؤثّرة. تَراهم يشاركون متابعيهم على وسائل التواصل الاجتماعي الأوقات التي يمضونها في ممارسة الرياضة واليوغا والتأمّل، ولا يتردّدون في الحديث عن أهمية الصحة النفسية وعن العادات الغذائية السليمة.

جنيفر لوبيز... نومٌ كافٍ ومواظبة على التمرين
تبدأ جنيفر لوبيز نهارها بمقولة محفّزة تقرأها لنفسها بصوت مرتفع. تشرب أكثر من ليترَي ماء خلال اليوم الواحد. تتجنّب السكّر والكافيين والكحول ولا تدخّن. بعد سنوات مرهقة أمضتها الممثلة والمغنية الأميركية في استوديوهات التسجيل والتصوير وفي جولاتها العالمية، تعلّمت لوبيز الدرس الأصعب. خذلها جسدها في أحد الأيام وما عادت تستطيع الحراك. غلبَها تعب السنين وأيقنت في تلك اللحظة أن لصحّتها الجسدية والنفسية حقوقاً عليها.
منذ ذلك الحين وهي تنام بين 7 و9 ساعات ليلاً، وتعتني بغذائها وجسدها. تخصص 4 جلسات أسبوعية للرياضة. يقتصر فطورها على مزيج من اللبن والفاكهة البرية والقرفة والعسل ومكعّبات الثلج وعصير الحامض وبودرة البروتين. أما وجبتا الغداء والعشاء فترتكزان على السلطات الطازجة.

ميغان ماركل وتوست الأفوكادو
تضع دوقة ساسكس الممثلة الأميركية ميغان ماركل لياقتها في طليعة أولوياتها. صحيح أن العامَين الماضيين حملا لها الكثير من الأزمات، إلا أنها لم تساوم على صحتها. تمنح نفسها ساعةً من الهدوء يومياً تشاهد خلالها التلفزيون أو تلهو مع كلابها. كما أنها تمارس تمارين التنفّس واليوغا والبيلاتس وتركض يومياً. وتبقى الملاكمة من رياضات زوجة الأمير هاري المفضّلة.
أما برنامجها الغذائي فنباتي وخالٍ من الغلوتين. يبدأ صباحاً بكوب من الماء الفاتر مع الحامض، إلى جانب وجبة من الشوفان مع حليب اللوز والموز وشراب الصبّار. يقتصر غداؤها على السلطات مع الباستا أو الساشيمي، أما طاقتها فتعزّزها من خلال العصائر الخضراء المكوّنة من التفاح والكايل والسبانخ والحامض والزنجبيل. وعندما تُسأل ميغان عن وجبتها المفضّلة، تجيب: شرائح التوست مع الأفوكادو.


دوقة ساسكس ميغان ماركل (أ ف ب)

جنيفر أنيستون وحب الذات
تخطّت الممثلة الأميركية جنيفر أنيستون ال50 من عمرها وهي تنضح رشاقةً. لعلّها من أكثر شخصيات هوليوود اهتماماً بنفسها. تستيقظ بامتنان ليومٍ جديد في حياتها، تأخذ وقتاً للتأمّل ولا تلمس الهاتف. منذ أن صارت واعية للقلق والضغط اللذين يسكنانها، بدأت أنيستون التعامل مع نفسها بحب.
تمارس اليوغا والبيلاتس وتدرّب عضلاتها من خلال رفع الأثقال. لا تفوّت التمرين حتى وإن كانت في رحلة عمل أو منشغلة بتصوير فيلم. أما سلوكها الغذائي فتختصره بالقول: «تقوم فلسفتي على الأكل الصحي... أتناول أكبر كمّ ممكن من الفاكهة والخضراوات العضوية. أبتعد عن السكّر وأشرب الكثير من الماء».
تمزج قهوتها مع الحليب الخالي من الدسم وسكّر الستيفيا والقرفة، أما شراب ما قبل التمرين فمؤلّف من البروتينات الصافية والموز والتوت البري والكرز والستيفيا والكاكاو وبودرة الكولاجين. تكتفي بالسلطات للغداء والعشاء، وما بينهما وجبات خفيفة كالتفاح مع زبدة اللوز أو المكسّرات النيئة. لوبيز صارمة جداً مع نفسها إلى درجة أنها، إذا رغبت برقائق الشيبس، تفتح الكيس وتتناول قطعة واحدة لا غير!

من الفن إلى الرياضة ونجم كرة القدم كريستيانو رونالدو الذي يخضع يومياً لتمارين رياضية قاسية، ما يفرض عليه نظاماً غذائياً خالياً من السكّر وغنياً بالبروتينات والحبوب الكاملة والخضراوات والفاكهة الطازجة.
يستعيض رونالدو عن الوجبات الثلاث الرئيسة بـ6 وجبات صغيرة يومياً. يتألف فطوره من الجبن واللبن الخفيف الدسم، إلى جانب الفاكهة وشريحة من التوست مع الأفوكادو. غالباَ ما يتناول الأسماك على الغداء، أما سمكته المفضّلة فهي سمكة القد المطبوخة مع البصل والبطاطا والبيض على الطريقة البرتغالية التقليدية. يشرب رونالدو كميات كبيرة من الماء ويبتعد عن الكحول والمشروبات الغازية.
أما زميله في عالم الكرة الأرجنتيني ليونيل ميسي، فقد اضطرّ للاستغناء عن أكلاته المفضّلة مثل البيتزا، كما أنه خفف من تناول اللحوم التي اعتادها منذ طفولته في الأرجنتين. يقوم نظام ميسي الغذائي على عناصر 5 أساسية هي: المياه، وزيت الزيتون، والحبوب الكاملة، والفاكهة والخضراوات الطازجة، إضافةً إلى المكسّرات النيئة. أما طبقه المفضّل فهو الدجاج المشوي مع الخضار.


إضطر ميسي إلى التخفيف من تناول اللحوم بسبب نظامه الغذائي الصارم
بالعودة إلى نجمات هوليوود، تؤمن جوليا روبرتس بأن أجمل سِمات اللياقة هي الابتسامة. والممثلة المعروفة بأنها تملك إحدى أجمل الابتسامات على الإطلاق لا تركّز كثيراً على الشكل الخارجي وتتفادى مساحيق التجميل، فتكتفي بالاعتناء ببشرتها من خلال الترطيب والتنظيف قبل النوم واستعمال الواقي من الشمس. القاعدة المعتمدة في بيتها هي الامتنان للطعام، وتجنّب الحميات القاسية. تعتبر روبرتس أن تجويع الجسد هو بمثابة عقاب، لذلك فهي لا تخضع لأي حمية، ولا تحرم نفسها من الخبز والبيتزا. لكنها في المقابل تصرّ على أن تكون نوعية طعامها صحية، فتُكثر من تناول الخضراوات والفاكهة الطازجة والسلطات والأسماك.

في 2023 تحدّثوا إلى أنفسكم بإيجابية!
غالباً ما يكون الفنانون والمشاهير في طليعة من يعتمد أحدث الأساليب للحفاظ على الصحة، وهم أول من يسوّقون لمفاهيم مثل Wellness وMindfulness. ومنذ جائحة «كوفيد»، أصبحت لكل سنة موضتها في مجال الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية. أما موضة عام 2023 في هذا المجال فعناوينها العريضة هي النوم السليم، والتأمّل والتنفّس، والتماس مع الطبيعة، والطعام الذي يساعد على حياة أطوَل.
أكثر أساليب العيش الصحي والسليم رواجاً للسنة الجارية، هو تمضية أطول وقت ممكن في أحضان الطبيعة. هذه الثقافة المستوحاة من البلاد الاسكندينافية، تحفّز على الخروج من المنزل للتمرين أو المشي في الهواء الطلق، حتى وإن كانت الحرارة متدنية.
خلال 2023، ستزداد شعبية الوجبات المسائية الخفيفة كبديل عن العشاء الثقيل. أما أبرز المواد التي ستُعتمد للمساعدة على النوم فهي الغليسين (glycine)، أحد الأحماض الأمينية التي يفرزها الجسم، وتُستعمل كذلك كمتمّم غذائي. بالموازاة، تزداد التطبيقات والأجهزة التي تساعد على النوم رواجاً، وهي تعمل على التخفيف من التوتر والقلق لا سيّما من خلال تقنيات التنفس.


خلال 2023، ستزداد التطبيقات والأجهزة المساعدة على النوم رواجاً (أ ف ب)
في ما يخص الطعام، ما عادت الموضة للحميات الغذائية ولخسارة الوزن، بل لمقاربة صحية للموضوع. أحدث التقنيات رواجاً هي تقنية «هونزا» المستوحاة من إحدى قرى الهيمالايا، حيث يصل عمر بعض السكّان إلى 140 عاماً. وتقوم حمية «هونزا» غير المكلفة مادياً، على تناول المنتجات الطبيعية؛ مثل المكسّرات والبذور النيئة والخضراوات والفاكهة العضوية الطازجة، وأوراق النعناع، واللبن الطبيعي. أما المكوّنات التي تمنعها تلك الحمية فهي السكّر والنشويات المكرّرة والأطعمة المصنّعة.
يبقى التأمّل والامتنان أهم المفاتيح إلى حياة أفضل. ومن التقنيات التي ستلقى رواجاً خلال هذا العام، تخصيص دقيقة واحدة في اليوم للوقوف أمام المرآة، وتوجيه الكلام الإيجابي وعبارات التشجيع والتقدير للذات. هذا إلى جانب دقائق التأمّل التي يُنصح بها للتنفّس العميق مرة كل ساعة، وهي كفيلة بإحداث فرق إيجابي كبير على مستوى النفس والجسد.


مقالات ذات صلة

فوائد صحية مذهلة للزنجبيل تدعم المناعة

صحتك قد يساعد الزنجبيل في تقليل مقاومة الإنسولين (الشرق الأوسط)

فوائد صحية مذهلة للزنجبيل تدعم المناعة

 أفاد موقع «كليفلاند كلينيك» بأن الزنجبيل يساعد على تحسين الهضم وتخفيف الالتهابات وتقوية جهاز المناعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك ما هو دور فيتامين «ب 12» في تقوية العظام؟

ما هو دور فيتامين «ب 12» في تقوية العظام؟

هناك دور بالغ الأهمية يلعبه مستوى فيتامين «ب 12» في الجسم، ويستعرض التقرير بعض تلك الفوائد لصحة العظام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ممارسة النشاط البدني وفق أي نمط يفضّلونه (أ.ب)

دراسة تقوّض «خرافة» أهمية السير 10 آلاف خطوة

يشير بحث جديد إلى أن النساء الأكبر سناً يمكنهن خفض خطر الوفاة المبكرة بصورة كبيرة عبر المشي 4 آلاف خطوة فقط في اليوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك من أبرز ما يميِّز القرنفل احتواؤه على مركَّب الأوجينول وهو مادة فعَّالة تمتلك خصائص قوية مضادة للأكسدة والالتهاب. هذه الخاصية تجعل القرنفل مفيداً بشكل خاص لصحة الكبد (بيكساباي)

ما أبرز فوائد القرنفل؟ وما دوره في تحسين صحة الكبد؟

يُعدُّ القرنفل من التوابل المعروفة منذ قرون، ليس فقط لدوره في إضفاء نكهة مميَّزة على الأطعمة؛ بل أيضاً لاستخداماته في الطب التقليدي، وهو مفيد جداً لصحة الكبد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك حتى ممارسة ألعاب الفيديو الحركية تساهم في تعزيز نشاط الدماغ (أرشيفية - أ.ف.ب)

حتى ألعاب الفيديو الحركية تقوي الدماغ وتحسن الذاكرة!

ممارسة الرياضة تُساعد على تحسين وظائف الدماغ، سواء كانت المشي، أو ركوب الدراجات، أو اليوغا، أو الرقص.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
TT

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)

طوّر باحثون في مجموعة «مايو كلينك» الطبية الأميركية نظاماً مبتكراً يعتمد على الساعة الذكية لتنبيه الآباء عند أولى مؤشرات نوبات الغضب الشديدة لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية، ما يتيح التدخل السريع قبل تفاقم النوبة.

وأوضح الباحثون أن هذا النظام يُقلّص مدة وحدّة نوبات الغضب، ما يخفف الضغط النفسي على الطفل ووالديه، ويُحسّن الأجواء الأسرية، ويُقلّل من الصراعات اليومية. ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «JAMA Network Open».

ونوبات غضب الأطفال هي انفعالات مفاجئة وشديدة، تظهر في صورة بكاء حاد أو صراخ أو رفض للأوامر أو سلوك عدواني أحياناً. وغالباً ما تنتج هذه النوبات عن عجز الطفل عن التعبير عن مشاعره أو السيطرة عليها، وقد تكون أكثر حدّة وتكراراً لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية.

ورغم أن نوبات الغضب تُعد جزءاً طبيعياً من نمو بعض الأطفال، فإن استمرارها لفترات طويلة أو شدتها الزائدة قد يؤثر سلباً في الصحة النفسية للطفل والعلاقات الأسرية، ما يستدعي تدخلاً تربوياً أو علاجياً مبكراً للحد من آثارها.

ويعتمد النظام على ساعة ذكية يرتديها الطفل، ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب أو التغيرات في الحركة أو النوم. وتُنقل هذه البيانات إلى تطبيق على هاتف الوالدين مزوّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يُحلِّلها لحظياً ويُرسل تنبيهاً فورياً يحثّ الوالدين على التواصل مع الطفل وتهدئته في الوقت المناسب.

وأُجريت التجربة السريرية على 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، كانوا يعانون اضطرابات عاطفية وسلوكية. واستُخدم نظام الساعة الذكية لدى نصف المشاركين على مدى 16 أسبوعاً، في حين واصل النصف الآخر العلاج القياسي. وقيَّمت الدراسة مدى التزام العائلات باستخدام التقنية، وقدرة التنبيهات الفورية على تغيير سرعة استجابة الوالدين وسلوك الأطفال.

وأظهرت النتائج أن التنبيهات الفورية ساعدت الآباء على التدخل خلال 4 ثوانٍ فقط، وأسهمت في تقليص مدة نوبات الغضب الشديدة بمعدل 11 دقيقة، أي نحو نصف المدة المسجّلة لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج التقليدي فقط.

كما بيّنت النتائج أن الأطفال ارتدوا الساعة الذكية لنحو 75 في المائة من فترة الدراسة، ما يعكس قابلية التطبيق وارتفاع مستوى تفاعل العائلات مع هذه التقنية.

وقال الباحثون إن «هذه الدراسة تُظهر أن تدخلات صغيرة، إذا جاءت في التوقيت المناسب، يمكن أن تغيّر مسار نوبة الاضطراب العاطفي لدى الطفل؛ إذ تمنح الوالدين فرصة للتدخل الداعم، مثل الاقتراب من الطفل، وتقديم الطمأنة، وتعزيز المشاعر الإيجابية، وإعادة توجيه الانتباه، قبل أن تتصاعد النوبة».

وأضافوا أن هذا النظام يُثبت أن بيانات الأجهزة الذكية اليومية يمكن أن تساعد الأسر في الوقت الحقيقي؛ فقد تبدو الساعة الذكية جهازاً بسيطاً، لكنها عندما تُدعَم بعلاجات قائمة على الدليل وتحليلات متقدمة، تتحول إلى بارقة أمل للأسر التي تواجه أعراضاً سلوكية شديدة في المنزل.


«معرض جدة للكتاب» حراك ثقافي متجدد يجمع الأجيال ويعيد للكتاب مكانه

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
TT

«معرض جدة للكتاب» حراك ثقافي متجدد يجمع الأجيال ويعيد للكتاب مكانه

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال

على مهل... كبار السن يعبرون ممرات معرض جدة للكتاب، يقلبون صفحات كتاب عتيق يعرفه قارئه جيداً، لا يركضون خلف العناوين، ولا تستفزهم الألوان الصارخة، بل يقفون حيث يقف المعنى، ويمدون أيديهم إلى الورق كما لو أنهم يصافحون ذاكرة قديمة، يعرفونها وتعرفهم.

هنا، في جدة، المدينة التي تعلمت القراءة مبكراً من دفاتر الرحالة، وسجلات التجارة والحكايات القديمة، لم يكن توافد كبار السن إلى معرضها للكتاب مشهداً غريباً، بل امتداد طبيعي لتاريخ طويل من الألفة بين الإنسان والكتاب، حيث جهزت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» معرضاً فيه كل ما هو ممكن من مضمون ومحتوى يأخذ القارئ إلى أبعاد مختلفة ومسارات متنوعة.

في المعرض تقابلك مشاهد لكبار السن وهم يتجولون في المعرض يحضرون الندوات، ويجلسون على مقاعد جانبية يتصفح أحدهم كتاباً بتمهل فيبتسم عند سطرٍ يعرفه، ويتوقف عند آخر كأنه يستعيد زمناً مر عليه في هذه المدينة التي لم تكن يوماً بعيدة عن الثقافة.

يقول العم حسن عبيد، الذي لامس السبعين: «في المعرض أبحث عما يسلي خاطري وأدقق في معرفة الرواة والمؤلفين، وإن كان ميلي لمؤلفين رافقوا البدايات الأولى في حياتي، وأقارن بين ما هو قديم وما يعاد تقديمه اليوم للأجيال الجديدة، فالقراءة بالنسبة لي ليست هواية بل عادة راسخة، وسلوك يومي ونافذة أطل منها على العالم حتى وإن تغير شكله».

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال

هذه غراس المعرض، يجدد الشغف ويعيد للكتاب سيرته الأولى ومكانه الطبيعي، فمعرض جدة للكتاب، الذي نجحت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» في استقطاب أكثر من 1000 دار نشر من 24 دولة تفتح شهية الباحث والقارئ، بل إنها لم تركن لما هو على الرفوف بل تجاوز ذلك بأحدث 170 فعالية ثقافية، ولقاءات فكرية، وذلك بهدف إعادة تشكيل العلاقة بين القارئ والمكان ممثلة في مدينة جدة، التي احتضنت الحجاج والتجار والعلماء، واليوم تفتح ذراعيها للكتاب في هذا التوقيت وتمنح كبار السن مساحة ليكونوا شهوداً على التحول لا خارج محيط الفكر والثقافة.

سجل المعرض حضوراً كثيفاً في الندوات الحوارية وورش العمل (الشرق الأوسط)

جولة «الشرق الأوسط» لاحظت أن كبار السن لا ينفصلون عن حاضرهم فهم يتأملون جميع الكتب ومسارتها من الأدب والروية والقصة حتى أنهم يبحثون عن علوم مختلفة، ويستمعون إلى النقاشات، ويتابعون الحركة الثقافية بفضول هادئ يؤكد أن القراءة لا عمر لها، وأن الشغف بالمعرفة لا يتقاعد، إذ ترى في عيونهم المقارنة الصامتة بين زمن كان الكتاب فيه نادراً، وزمن صار فيه وفيراً مع امتلاكه الخصائص والقيمة.

في الجهة الأخرى من المشهد، حيث تخف وطأة الذاكرة وتعلو دهشة الاكتشاف، كان صغار السن يكتبون حضورهم بطريقتهم الخاصة، لا يقفون طويلاً عند الغلاف الواحد، لكن أعينهم تلتقط الفكرة قبل العنوان، وتتحرك بين الأجنحة كما لو أنها تتدرب على أول علاقة حقيقية مع الكتاب، فهنا تبدأ الحكاية من جديد لا بوصفها امتداداً للماضي، بل وعد للمستقبل.

الورش لم تكن قاصرةً على الكبار إذ سجل الأطفال والمراهقون حضوراً ملفتاً

ففي معرض جدة للكتاب، وفرت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» مواقع مختلفة، كي يلتقي فيها الصغار بالكلمة للمرة الأولى خارج أسوار المدرسة، يلمس أحدهم الكتاب بفضول، ويسأل، ثم يختار ما يشبهه من القصص المصورة، كتب المعرفة المبسطة، وأركان القراءة التفاعلية، وهذه لا تكون وسائل جذب بل جسور ثابتة قواعدها متينة تمهد لعلاقة طويلة الأمد مع القراءة، كعادة جدة المدينة التي علمت أجيالاً سابقةً كيف تحفظ الحكاية لتعيد اليوم صياغتها بلغة يفهمها الصغار.

اللافت أن المسافة بين كبار السن وصغارهم داخل المعرض لم تكن بعيدة، هنا جد يشير لحفيده إلى كتاب قرأه ذات يوم، وهناك طفل يلتقط الفكرة ويعيد تشكيلها بلغته الخاصة، وما بين الاثنين، يتحقق المعنى الأعمق لمعرض جدة للكتاب بأن يكون مساحة تواصل بين زمنين، لا قطيعة بينهما، وأن تنتقل المعرفة من يد إلى يد، ومن ذاكرة إلى أخرى.

طفلة تبحث عما يحاكيها بين الكتب

الملاحظ أن «هيئة الأدب والنشر والترجمة» نجحت في إيجاد ورش عمل وأمسيات تمس المتلقي بشكل أو آخر، ومن ذلك الورشة التي قدمتها الكاتبة شوقية الأنصاري تحت عنوان «كيف نلهم الطفل ليكون مؤلفاً صغيراً»، التي استعرضت من خلالها خطوات تحفيز الطفل على التعبير الكتابي، شملت قراءة النصوص القصيرة وتحليلها، ومحاكاة النصوص المنشورة، وبناء الجمل المتنوعة، والتعبير عن الصور بلغة سليمة.

وجذبت منطقة «المانجا» في معرض جدة للكتاب 2025 اهتمام عشاق المحتوى الإبداعي من فئتي الأطفال والشباب، عبر تجربة ثقافية تفاعلية تجمع بين القراءة والخيال البصري، وتقدم نماذج حديثة من صناعة القصص المصوّرة، بما يواكب اهتمامات الجيل الجديد، مع توفير أبرز إصدارات «المانجا»، بما في ذلك مجلات «المانجا العربية»، التي تعنى بنشر أعمال مستوحاة من «المانجا اليابانية»، إلى جانب القصص المصوّرة السعودية، في إطار يسهم في رفع معدلات القراءة، وتنمية الذائقة البصرية، وإثراء المحتوى العربي بأساليب سرد حديثة.

في المقابل وجد الكثير من كبار السن ضالتهم في الأمسيات الشعرية التي اتسمت بتنوع النصوص وعمقها الوطني، بخلاف الورش والندوات، التي شملت كثيراً من الميادين ومنها ندوة حوارية حول مفهوم الهوية الثقافية وتحولاتها، أكد فيها الكاتب هشام أصلان أن الهوية كائن حي يتطور عبر احتكاكه بالماضي وتفاعله مع الواقع المعاصر، إضافة إلى ندوات متعددة منها «مستقبل المكتبات والمتاحف... من الحفظ إلى التفاعل الرقمي» قدّمها متخصص المعالم المكانية وتاريخ فنون العمارة الدكتور فؤاد المغامسي، وجرى خلالها استشراف تحولات المؤسسات الثقافية نحو الرقمنة.

بهذا الحضور المتكامل، يغدو معرض جدة للكتاب أكثر من فعالية ثقافية، بل مشهد اجتماعي نابض بالحياة، كبار السن يرسخون الجذور، وصغار السن يمدون الأغصان نحو الضوء، وجدة، بثقلها التاريخي وعمقها الثقافي، تقف في المنتصف، شاهدةً على دورة القراءة وهي تتجدد، وعلى الكتاب وهو يعثر في كل عام على قارئ جديد، مهما اختلف العمر، ومهما تبدلت الأزمنة، هكذا يبدو «معرض جدة للكتاب» بكل المقاييس التي تعرفها والتي لا تعرفها، أكثر من فعالية ومساحة التقاء بين أجيال، وجسراً يصل ذاكرة المدينة الثقافية بحاضرها المتسارع، ليكتب كبار السن بتجولهم بين أروقة المعرض سطراً غير معلن «ما زلنا نقرأ، وما زال للكتاب مكان» وما زالت جدة تعرف كيف تحتضن الثقافة، كما احتضنت التاريخ.


ميناء العين السخنة المصري يدخل موسوعة «غينيس»

تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
TT

ميناء العين السخنة المصري يدخل موسوعة «غينيس»

تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)

سجلت موسوعة «غينيس» العالمية للأرقام القياسية ميناء العين السخنة المصري بوصفه أعمق حوض ميناء من صنع الإنسان على اليابسة، بعمق 19 متراً، وتسلّم نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل في مصر، كامل الوزير، شهادة التسجيل، وفق بيان لوزارة النقل المصرية، الاثنين.

ويضم ميناء السخنة على البحر الأحمر (100 كيلو شرق القاهرة)، محطة حاويات تتضمن أرصفة بطول 2600 متر، بغاطس 18 متراً، وساحات تداول بمساحة 1.5 مليون م2 وطاقة استيعابية حوالي 1.6 إلى 1.7 مليون حاوية سنوياً.

وأبدى الوزير فخره وسعادته بهذا الإنجاز العالمي الكبير الذي يعكس ويجسد مدى التطور الذي تشهده مصر حالياً في المجالات كافة، ومنها قطاع النقل البحري، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز «تحقق بأيادي العمال والمهندسين والشركات المصرية الوطنية المتخصصة»، مؤكداً على المشاركة الفعّالة من أكثر من 200 شركة من الشركات الوطنية المصرية في هذا المشروع.

وتعمل مصر على الاستفادة من موقعها الجغرافي الفريد على البحرين الأحمر والمتوسط، ووجود أهم ممر ملاحي عالمي فيها وهو قناة السويس، وضرورة تحويل ميناء السخنة إلى ميناء محوري عالمي على البحر الأحمر، ليكون بوابة رئيسية على السواحل الشرقية للدولة المصرية تخدم حركة الصادرات والواردات، وتعزز مكانة مصر على خريطة التجارة العالمية، والوصول إلى الهدف الرئيسي، وهو «تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجيستيات وتجارة الترانزيت».

وسلَّمت المحكم المعتمد لموسوعة «غينيس»، كنزي الدفراوي، شهادة الموسوعة العالمية للأرقام القياسية لميناء السخنة بوصفه أعمق حوض ميناء من صنع الإنسان بعمق 19 متراً، وقالت إن فريق العمل الخاص بالموسوعة راجع جميع السجلات بعناية شديدة، و«يسعدني جداً أن أُعلن أن جميع الإرشادات تم الالتزام بها، وكل المتطلبات قد حُقِّقت، وبعد مراجعة كل الأدلة، يمكنني اليوم أن أعلن رسمياً أن ميناء السخنة قد حقق مجموعاً قدره 19 متراً»، ليصبح ميناء السخنة حامل اللقب الجديد لأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان، وأضافت خلال البيان: «أنتم الآن مدهشون رسمياً».

وتُحدِّد مصر خطة شاملة لتطوير صناعة النقل البحري بوصفه إحدى الركائز الأساسية لـ«رؤية مصر 2030»، تتضمَّن تطوير المواني البحرية بإنشاء 70 كيلومتراً أرصفة بأعماق (18 - 25) متراً، لتتخطى أطوال الأرصفة في المواني البحرية حاجز 100 كيلومتر، وكذلك التخطيط لإنشاء 35 كلم ليصل إجمالي حواجز الأمواج إلى 50 كيلومتراً، وزيادة مساحات المواني لتصل إلى 100 مليون م2.

وأوضح الوزير أن وزارتي الصناعة والنقل تنفذان خطة تطوير شاملة لميناء السخنة، تقوم على التكامل بين الميناء والمنطقة الصناعية بالسخنة، حيث تم حفر 5 أحواض جديدة بالميناء بأعماق تصل إلى 19 متراً، كما تم إنشاء 18 كيلومتراً أرصفة وحواجز أمواج بطول 3300 متر، وإنشاء طرق داخلية بطول 17 كيلومتراً، وإنشاء شبكة سكك حديدية بطول 30 كيلومتراً داخل الميناء، وربطه بشبكة نقل حديثة متعددة الوسائط، تشمل السكك الحديدية، والطرق، والمواني الجافة، والمناطق اللوجيستية، وربطه بالخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع.