أبحاث سعودية لابتكار نظام جديد لتكييف الهواء بطاقة أقل

تجربة من علماء «كاوست» لتبريد المنازل من دون رفع حرارة الكوكب

أبحاث سعودية لابتكار نظام جديد لتكييف الهواء بطاقة أقل
TT

أبحاث سعودية لابتكار نظام جديد لتكييف الهواء بطاقة أقل

أبحاث سعودية لابتكار نظام جديد لتكييف الهواء بطاقة أقل

تُجري «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)» تجارب استطلاعية في المنازل الواقعة داخل الحرم الجامعي؛ لابتكار نظام جديد لتكييف الهواء يستهلك طاقة أقل بكثير من أنظمة تكييف الهواء الحالية. وتهدف هذه التجارب إلى اختبار كفاءة النظام تحت ظروف الطقس في المملكة العربية السعودية.
في الوقت الراهن، لا تحقّق أنظمة تكييف الهواء المستخدَمة سوى ما يتراوح بين 35 و40 في المائة من إجمالي التبريد الممكن في مقابل ما تستهلكه من كهرباء. ففضلاً عن وظيفتها الأساسية المتمثّلة في تبريد الهواء، فإن هذه الأنظمة تزيل الرطوبة من الهواء من خلال خَفْض درجة حرارته إلى المستوى الذي يتكثّف عنده الماء العالق به، ولكن هذه الخطوة المزدوجة تتسبب في إهدار كمية كبيرة من الطاقة.
والآن؛ ابتكر فريقٌ يرأسه البروفيسور كيم تشون نج، الأستاذ في علوم وهندسة البيئة في «كاوست»، طريقة لخفض كمية الطاقة التي تستهلكها هذه الأجهزة، عن طريق الفصل بين هاتين العمليتين، فبدلاً من إزالة الرطوبة عن الهواء بتبريده، يستعين النظام بعملية أكثر فاعلية تُدعَى «الامتزاز (adsorption)»، وفي هذه العملية يُجمع الماء العالق في الهواء على سطح مادّة نانويّة صُممت خصيصاً لهذا الغرض. وهذه المادّة مصنوعة من ملح كلوريد الكالسيوم، وهي مدمجة داخل شبكة من هلام السيليكا، ويمكنها أن تمتصّ كمية من الماء تصل إلى 20 ضعفاً مما يمتصّه هلام السيليكا العادي؛ وفقاً لوزنها.
وفي الوقت الحالي، يقوم نج باختبار نماذج أوليّة للجهاز، بينما توضح النتائج التي توصل إليها حتى الآن أن توفير الطاقة في هذا الجهاز يفوق مكيّفات الهواء التقليدية بنسبة تتراوح بين 30 و60 في المائة. وتعليقاً على ذلك، يقول: «يُعَدّ هذا النوع الجديد من مكيّفات الهواء خطوةً طال انتظارها على طريق تخفيف الآثار الضارة لنظم التبريد التقليدية على التغيّر المناخي».
وفقاً للنظام الجديد، تُغلف لفائف أسلاك التبريد بمادّة ماصّة للماء داخل مكثّف البخار الآلي، الذي يتولّى بدوره تبريد الهواء، بعد إزالة المادّة الماصّة الرطوبة عنه، مثلما يفعل مكيّف الهواء التقليدي. ولكنّ اتجاه تدفق الهواء داخل الجهاز ينعكس باستمرار ليعيد - بشكل دائري - تشغيل المادّة الماصّة المشبَّعة.
يذكر أن الاستهلاك العالمي للكهرباء المستخدَمة في تشغيل مكيّفات الهواء، التي تُنتَج في المقام الأول من حرق الوقود الأحفوري، قد ارتفع من 600 تيراواط/ ساعة خلال عام 1990 إلى 2200 تيراواط/ ساعة خلال عام 2020. وبناءً على أنماط الاستخدام الحالية، فمن المتوقع أن يصل الاستهلاك العالمي إلى 6300 تيراواط/ ساعة بحلول عام 2050. عندئذ؛ سوف يصبح نصف إجمالي الكهرباء التي تستخدمها أشد دول العالم حَرّاً، ومن بينها المملكة العربية السعودية، مُسَخَّراً لتشغيل المكيفات وحدها.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»