هل كان بوسع بايدن منع روسيا من مهاجمة أوكرانيا؟

خبراء: كان من الممكن أن يظهر عزم «الناتو» واستعداده لمواجهة موسكو

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)
TT

هل كان بوسع بايدن منع روسيا من مهاجمة أوكرانيا؟

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

يقول الخبير والأكاديمي الأميركي ديفيد فيليبس إنه قبل وقت طويل من إطلاق الطلقة الأولى في أوكرانيا، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن خطته لمهاجمة أوكرانيا. ويتساءل فيليبس قائلاً: «إذن لماذا كان رد فعل الغرب تدريجياً وغير فعال بدرجة كبيرة؟». ويرى أنه ربما كان من الممكن أن يكون اتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية الاستباقية قبل هجوم روسيا سبباً في تغيير بوتين حساباته. ويضيف فيليبس، مدير برنامج بناء السلام وحقوق الإنسان بجامعة كولومبيا، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بممارستها لقيود أحادية وتقديم تنازلات غير مفروضة عليها، دعت روسيا لاختبار حدود نزعتها الحربية. وقد تشكل رد فعل واشنطن الأولي على أساس خوفها من استخدام بوتين الأسلحة النووية. ولإصابتها بالشلل بسبب تفكيرها في عواقب ذلك، اتسم رد فعل إدارة بايدن بالحرص الشديد وباتخاذ تدابير ناقصة. وفي البداية، تعهد بايدن بعدم مشاركة قوات الناتو في القتال في أوكرانيا. وكان استبعاد خيار الناتو أمراً غير ضروري. فقد تم تزويد أوكرانيا بأسلحة من دول حلف وارسو السابق، بدلاً من تزويدها بأحدث أسلحة الناتو. وقد كان ذلك كافياً لتبقى القوات الروسية بعيداً، لكن لم يكن كافياً لهزيمتها. وكان لدى بايدن أمل في أن تردع العقوبات العدوان الروسي. ولكن العقوبات تم فرضها بصورة تدريجية للغاية مكنت بوتين من تخفيف تأثيرها على الاقتصاد الروسي، كما تمكن المستثمرون الروس من نقل أصولهم إلى دول تحميها مثل تركيا. كما كان خط أنابيب «نورد ستريم 2» الذي كان ينقل الغاز لألمانيا يعمل بكامل طاقته حتى هاجمت روسيا أوكرانيا. ويقول فيليبس، الذي عمل مستشاراً وخبيراً بوزارة الخارجية الأميركية في عهد إدارات كلينتون وبوش وأوباما، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن الولايات المتحدة تبنّت سياسة تتمثل في تزويد أوكرانيا بالمعدات التي ترى أن كييف تحتاج إليها فعلاً ويمكنها صيانتها. وبعد مرور عشرة أشهر على هذه الحرب، وافقت الولايات المتحدة أخيراً على تزويدها بمركبات «إم2 – برادلي» القتالية لاستخدامها لمهاجمة المواقع الروسية المحصنة. ولا يزال البنتاغون يرفض تزويدها بدبابات «أبرامز». فهو يرى أن دبابات «تي – 72» السوفياتية التي تمتلكها أوكرانيا كافية. وكان وزير خارجية أوكرانيا قد دعا إلى المزيد من الأسلحة الهجومية القوية، مؤكداً أن «وقت الحظر على الأسلحة قد انتهى». واستجابة لذلك، غيّرت الولايات المتحدة نهجها مؤخراً، وأعلنت عن حزمة معدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 85.‏2 مليار دولار، حيث ستوفر لها أنواع الأسلحة الهجومية القوية التي كانت قد امتنعت من قبل عن تقديمها، حيث تستعد أوكرانيا لشن هجوم مضاد ضد روسيا في فصل الربيع. ويوضح فيليبس، أن الناتو توخى الحذر في البداية. وكان بوسعه إرسال قوات إلى دول المواجهة مثل رومانيا. فقد كان من الممكن أن يظهر ذلك عزم «الناتو» واستعداده لمواجهة العدوان الروسي. ولا يعتبر نشر قوات كإجراء وقائي أمراً لم يسبق له مثيل، فالولايات المتحدة أرسلت قوات إلى مقدونيا في تسعينات القرن الماضي للحيلولة دون اتساع نطاق الحرب اليوغسلافية. كما أنها أمرت مؤخراً بمرابطة 1200 من الفرقة الأولى مشاة من الجيش الأميركي في بولندا ودول البلطيق. ومع قيام روسيا بتكثيف هجماتها بالطائرات المسيرة والصواريخ، كان بوسع «الناتو» إعلان منطقة حظر جوي فوق ماريوبول أو غيرها من المدن المحاصرة. إلا أنه قرر عدم إعلان منطقة حظر جوي خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى دخول قوات «الناتو» في حرب مباشرة مع روسيا. من ناحية أخرى، رأى البنتاغون أن تزويد أوكرانيا بطائرات «إف – 16» و«إف – 35» المقاتلة سيكون تصعيداً. وفضل تقديم طائرات مألوفة بالفعل لدى الطيارين الأوكرانيين، مثل المقاتلات «ميغ – 29» و«سوخوي – 25»، ولكن خطط تقديم هذه الأنظمة من الأسلحة اصطدمت بعقبة عندما طالبت بولندا التي تمتلك بالفعل طائرات «ميغ – 29» المقاتلة بأن يزودها «الناتو» بأحدث الطائرات الحربية التي لديه بدلاً من الطائرات السوفياتية التي لديها. وكان بوسع «الناتو» تزويد أوكرانيا بمزيد من الطائرات المسيرة إلى خطوط إمداد غير مباشرة وإبطاء التحركات الروسية. وفيما يتعلق بالحرب السيبرانية، كان بوسع «الناتو» التصرف بصورة استباقية بالتنسيق مع الجماعات المدنية ذات الخبرة في مجال القرصنة لوقف عمل مواقع أجهزة الحكومة الروسية التي تعد جبهات معروفة بالنسبة لجهود روسيا السيبرانية. ويقول فيليبس إن نزوح ملايين الأوكرانيين إلى بولندا كان أمراً متوقعاً. فلماذا لم تجهز الولايات المتحدة مسبقاً مواد غذائية وأدوية وغير ذلك من المساعدات الإنسانية قبل وصولهم؟ فقد كان القيام بذلك من شأنه أن يبعث برسالة إلى موسكو تفيد بأن الغرب جاد بالنسبة لمساعدة ضحايا عدوانها. وإذا نظرنا إلى الوراء، فسنجد أنه كان أمام حلف شمال الأطلسي (الناتو) كثير من الخيارات لردع عدوان روسيا أو التخفيف من وطأته على أوكرانيا. وقد تم في نهاية المطاف تبني كل هذه التدابير، ولكنها تأخرت في ردع قرار روسيا بغزو أوكرانيا. وتستحق إدارة بايدن قدراً كبيراً من الامتنان لتشكيلها تحالفاً للدفاع عن أوكرانيا. ولو كان هدف بوتين هو إضعاف «الناتو»، فقد فشل في ذلك. فقد ظهر التحالف وهو أكثر اتحاداً وقوة في الرد على تصرفات روسيا. كما يستحق جهد الإدارة الأميركية في تعزيز الدعم من جانب الحزبين الجمهوري والديمقراطي للمساعدات الأمنية والمالية الإشادة الكبيرة. فالوقوف في وجه روسيا يحظى بدعم الحزبين، رغم أن قيادة الكونغرس الجديدة قد تهدد هذا الإجماع.


مقالات ذات صلة

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا خلال إطلاق صاروخ «أتاكمز» الأميركي الصنع نحو مياه البحر الشرقي قبالة كوريا الجنوبية في 5 يوليو 2017 (رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» الأميركية مجدداً وتتوعد بالرد

قالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إن أوكرانيا شنت هجوماً على منطقة بيلغورود بـ6 صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع، الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ماريندرا مودي (رويترز)

تقرير: مقتل هندي في حرب أوكرانيا يجدد التوترات بين نيودلهي وموسكو

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على قضية الهنود الذين يقتلون خلال قتالهم مع الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.