رأى خبراء أن كتاب الأمير البريطاني هاري وتصريحاته الأخيرة، والتي تتحدث عن مشكلاته مع العائلة المالكة، قد تأتي بنتائج عكسية على مصالحتهم ومعالجة صدمات طفولته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».
وفي المقابلات التلفزيونية، دافع هاري عن نشر سيرته الذاتية «سبير»، كملاذ أخير، مدفوعاً بفشل العائلة المالكة في معالجة تجاربه «المؤذية بشكل لا يُصدق»، وأن أياً مما كشفه لم يكن يهدف إلى إلحاق الضرر بهم، لكن علماء النفس والمعالجين النفسيين قالوا إن مقاربته الشاملة خاطرت في إعادة تمثيل الصدمة التي تعرض لها بدلاً من مساعدته على التصالح معها.
كما أعربوا عن قلقهم من أن هاري، في تفصيله لـ«الحوادث المشينة» المتعلقة بحياته الخاصة، إلى جانب الأحداث المؤلمة مثل فقدان والدته، كان يقوض عن غير قصد القضايا الخطيرة التي يريد طرحها.
وبينما قال هاري إن تجربته في العلاج كانت جيدة، أعربت عالمة النفس السلوكية جو همينغز، عن قلقها من أن الأمير لم يبدُ أنه قد عالج بالفعل صدمته وتعامل معها. وقالت: «يجب أن يكون العلاج عملية شفاء تمنحك بعض الهدوء حتى تتمكن من المضي قدماً في بقية حياتك. لا يبدو أن هذا قد حدث معه. لا يزال غاضباً، ولديه توقع غير واقعي تماماً أنه بعد كل هذه المزاعم، ستتواصل معه عائلته وتعتذر منه وتتصالح معه».
وأوضحت همينغز أيضاً، أن هاري خلط بين «الهراء التافه» ومزاعم جدية بشأن زوجة أبيه كاميلا والعائلة المالكة بشكل عام. وأضافت: «يلقي بهذه التعليقات البذيئة والاستفزازية التي ليست ضرورية لتحليل ذاتي جاد لمكانه... إنها ليست ذات صلة، وهي مجرد نوع من الأشياء التي ستلتقطها الصحف الشعبية».
وقالت كيت كامبل، اختصاصية علاج العلاقات والصدمات المعتمدة لدى الجمعية البريطانية للإرشاد والعلاج النفسي، إن هاري بدا وكأنه يعتقد أنه من خلال سرد قصته «يمكنه تحسين كل شيء، في حين أن ما يفعله في الواقع هو إعادة تمثيل الصدمة التي تعرض لها... يضع نفسه في طريق الأذى».
وأوضحت أن الناس يمكن أن يتعرضوا للاعتقال النفسي في سن تعرضهم لصدمة نفسية. وبالنسبة إلى هاري، لم يكن هذا موت والدته فحسب، بل كان أيضاً شؤون والديه خارج نطاق الزواج وانفصالهما، وكل ذلك تم الإعلان عنه.
وأفادت كامبل: «بالنظر إلى أنه كان يعاني من هذا القدر من الصدمة، سيكون من الصعب عليه رؤية وجهة نظر الآخرين... فمن المعتاد أن يقول شخص ما في هذا الموقف: (إذا رويت قصتي، فسيكون كل شيء على ما يرام)».
وقال بيتر سادنجتون، مستشار الأسرة في «ريليت»، إن هاري يبدو أنه يحاول التعامل مع مظالمه بنفس الطريقة التي يتعامل بها الطفل الصغير، من خلال بثها إلى حليف أقوى. فقط في حالة الأمير كان يذهب إلى وسائل الإعلام بدلاً من أحد الوالدين.
وعلى الرغم من أن معظم الخبراء اتفقوا على أن ما كشف عنه هاري قد أضر بآفاق المصالحة مع عائلته، فإنهم أكدوا أن النتيجة الإيجابية لا تزال ممكنة.
وقالت كامبل إن أكثر قضية إلحاحاً بالنسبة لهاري والعائلة المالكة هي الاتفاق على خطة ترتبط بتتويج والده، الملك تشارلز.
وتابعت: «في حالة عدم وجود هاري، فأعتقد أنه وأباه بحاجة لإصدار بيان جيد للعالم ليقول: (في مصلحة علاقتنا المستقبلية، التي نهتم بها حقاً، لن نفعل ذلك، لكننا نأمل أن نكون معاً مرة أخرى في المستقبل)... سيكون هذا أمراً لطيفاً وواعياً للقيام به».