معركة سوليدار تفضح الخلافات بين الجيش الروسي وحلفاء بوتين

قديروف انتقد «ليونة» قيادات الجيش... وبريغوجين تحدث عن «أخطاء فادحة»

فلادمير بوتين ويفغيني بريغوجين (رويترز)
فلادمير بوتين ويفغيني بريغوجين (رويترز)
TT

معركة سوليدار تفضح الخلافات بين الجيش الروسي وحلفاء بوتين

فلادمير بوتين ويفغيني بريغوجين (رويترز)
فلادمير بوتين ويفغيني بريغوجين (رويترز)

ظلت معركة سوليدار في شرق أوكرانيا على مدار الأيام الماضية محور التطورات الميدانية في الحرب الروسية الأوكرانية، وسط تقارير متضاربة ما بين إعلان من قبل المعسكر الروسي عن إحكام السيطرة عليها، ونفي من الجانب الأوكراني مع التأكيد أن المدينة الاستراتيجية تشهد قتالا ضاريا ومعارك طاحنة.
وجاء إعلان وزارة الدفاع الروسية أمس (الجمعة) عن السيطرة الكاملة على المدينة، التي كانت تعرف بمناجم الملح، ليكشف عن خلافات تحت السطح ما بين القوات الروسية ومجموعة فاغنر المسلحة الموالية لموسكو، والتي تمثل ركنا أساسيا من قوام القوات التي تخوض الحرب في أوكرانيا والتي استبقت هذه الخطوة بإعلان منفرد قبلها بيومين بتحقيق النصر في هذه المعركة.

صورة وُزعت لقائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين مع جنوده في ما يُعتقد انه أحد مناجم الملح في سوليدار (رويترز)

ووفقاً لمسؤولين بريطانيين متابعين لنشاطها، ارتفع عدد مقاتلي مجموعة فاغنر من 1000 إلى ما يقرب من 20 ألفا في أوكرانيا مؤخراً، في مؤشر على اعتماد روسيا المتزايد على الشركة العسكرية الخاصة لدعم عمليتها العسكرية.
وذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية أن معركة سوليدار «سلطت الضوء على الانقسامات بين قيادة وزارة الدفاع الروسية وبين يفغيني بريغوجين، وهو مليونير مارق باتت قوته العسكرية الخاصة المعروفة باسم مجموعة فاغنر تلعب دورا واضحا متزايدا في أوكرانيا».
وسارع بريغوجين الأربعاء الماضي إلى إعلان سقوط سوليدار في قبضة قواته، ناسبا هذا الانتصار حصرا لمجموعة فاغنر، إلا أن وزارة الدفاع الروسية شككت في تلك الرواية، وتحدثت عن دور القوات المحمولة جوا وقوات أخرى في المعركة وأرجعت السيطرة على سوليدار للقوات الروسية، وهو ما علق عليه بريغوجين بالقول: «إنهم يحاولون باستمرار سرقة نصر فاغنر».

صورة عرضتها وزارة الدفاع الروسية والتي تظهر جانباً من عمليات قواتها في معركة سوليدار (إ.ب.أ)

ووسع بريغوجين (61 عاماً)، الذي يعرف باسم «طباخ بوتين» بسبب عقوده المربحة في مجال تقديم الطعام، والذي وجهت إليه اتهامات في الولايات المتحدة لاعترافه بالتدخل في الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2016، أصوله لتشمل فاغنر، فضلا عن التعدين ومجالات أخرى. وانتقد بريغوجين بشدة الضباط العسكريين لارتكابهم «أخطاء فادحة» في أوكرانيا، معتبرا أن فاغنر أكثر كفاءة من القوات النظامية.
وربما طغت تلك الخلافات على حقيقة التقدم الميداني المحرز والذي وصفه محللون بأنه «معنوي ورمزي» أكثر منه مادي، مشيرين إلى أن روسيا كانت في أمس الحاجة لتحقيق انتصار على الأرض بعد سلسلة من الانتكاسات على مدار الأشهر الماضية.
وأشارت الصحيفة إلى أن انتقادات بريغوجين للقيادات العسكرية الروسية لم تكن الأولى من نوعها، بل سبقها موقف مماثل من حليف بوتين الزعيم الشيشاني رمضان قديروف الذي ينشر قوات من النخبة انطلاقا من جنوب روسيا لتحارب إلى جانب القوات الروسية، والذي وصف قيادات الجيش والكرملين بـ«الليونة وعدم الحسم».

رمضان قديروف (أ.ف.ب)

من جهتها، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إنه «بعد سلسلة من الانتكاسات لروسيا، سيمثل الاستيلاء على سوليدار أكبر نجاح لقوات موسكو منذ شهور، رغم أن محللين عسكريين أشاروا إلى أن المدينة الصغيرة ذات قيمة استراتيجية محدودة».
وقللت الصحيفة من أهمية حسم معركة سوليدار في حد ذاتها، مشيرة إلى أن أهميتها تكمن في أنها مدخل لتحقيق الهدف الأهم لموسكو وهو السيطرة على مدينة باخموت القريبة، «كجزء من هدفها المتمثل في السيطرة على منطقة دونباس بأكملها».
وأضافت: «رغم أنه من غير المتوقع أن يؤدي الاستيلاء على سوليدار إلى تغيير سريع للمعركة في الشرق، إلا أنه سيمنح قوات موسكو مواقع جديدة لنشر المدفعية، مع احتمال تطويق باخموت جزئياً من الشمال، ويمكن أن يضغط على خطوط الإمداد الأوكرانية التي تسير باتجاه الشرق».

عتاد عسكري على جبهة دونباس في منطقة باخموت في 5 يناير 2023 (رويترز)

ويرى مراقبون أنه في ظل هذه التطورات وفي محاولة منه للإبقاء على عقد رجاله متراصاً في المعركة، أقدم بوتين على تغيير قائد القوات الروسية في أوكرانيا للمرة الثالثة منذ بدء الحرب قبل نحو 11 شهرا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية تعيين الجنرال فاليري غيراسيموف، رئيس أركان القوات المسلحة، قائدا لتلك القوات بديلا لسيرغي سوروفيكين، الذي لم يستمر في هذا المنصب سوى فترة لا تتجاوز 3 أشهر.
وعزت الوزارة ذلك التغيير إلى ما وصفته بـ«الحاجة إلى تفاعل أوثق بين مكونات القوات المسلحة وجودة وفعالية هيكل القيادة».
من جهته، رأى معهد دراسات الحرب، ومقره واشنطن، أن هذا التغيير محاولة من قبل الكرملين «لإعادة التأكيد على أولوية وزارة الدفاع الروسية في صراع داخلي روسي على السلطة»، وإضعاف تأثير «أعدائها» وإرسال إشارة إلى بريغوجين وآخرين لتقليل انتقاداتهم.
ويحذر مراقبون من أن بوتين في موقف لا يحسد عليه، حيث يحاول استرضاء جميع حلفاء الحرب لاستكمال عمليته التي بدأها في 24 فبراير (شباط) من العام الماضي وتحقيق جميع أهدافها.
فتغيير القيادات العسكرية ربما يثير انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية نفسها التي تزايدت الانتقادات الموجهة إليها من رجال بوتين الذين يساندونه في ساحات المعارك مثل قديروف وبريغوجين.


مقالات ذات صلة

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

العالم إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

أعلنت السلطات المعينة من روسيا في القرم إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية. وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف على منصة «تلغرام»: «هجوم آخر على سيفاستوبول. قرابة الساعة 7,00 مساء (16,00 ت غ) دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، صباح اليوم (الخميس)، نقلاً عن خدمات الطوارئ المحلية، أن حريقاً شب في جزء من مصفاة نفط في جنوب روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة. وقالت «تاس»، إن الحادث وقع في مصفاة «إلسكاي» قرب ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود. وأعلنت موسكو، الأربعاء، عن إحباط هجوم تفجيري استهدف الكرملين بطائرات مسيرة، وتوعدت برد حازم ومباشر متجاهلة إعلان القيادة الأوكرانية عدم صلتها بالهجوم. وحمل بيان أصدره الكرملين، اتهامات مباشرة للقيادة الأوكرانية بالوقوف وراء الهجوم، وأفاد بأن «النظام الأوكراني حاول استهداف الكرملين بطائرتين مسيرتين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

تثير الهجمات وأعمال «التخريب» التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو (أيار) التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا. في الأيام الأخيرة، ذكّرت سلسلة من الحوادث روسيا بأنها معرّضة لضربات العدو، حتى على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. تسببت «عبوات ناسفة»، الاثنين والثلاثاء، في إخراج قطارَي شحن عن مساريهما في منطقة محاذية لأوكرانيا، وهي حوادث لم يكن يبلغ عن وقوعها في روسيا قبل بدء الهجوم على كييف في 24 فبراير (شباط) 2022. وعلى مسافة بعيدة من الحدود مع أوكرانيا، تضرر خط لإمداد الكهرباء قرب بلدة في جنو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.


تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».