45 مقهى تنخرط في مغامرة «الشريك الأدبي» بالسعودية

مبادرة شرعت آفاق الشراكة مع القطاع الخاص

جلسة ثقافية في أحد مقاهي «الشريك الأدبي» (الشرق الأوسط)
جلسة ثقافية في أحد مقاهي «الشريك الأدبي» (الشرق الأوسط)
TT

45 مقهى تنخرط في مغامرة «الشريك الأدبي» بالسعودية

جلسة ثقافية في أحد مقاهي «الشريك الأدبي» (الشرق الأوسط)
جلسة ثقافية في أحد مقاهي «الشريك الأدبي» (الشرق الأوسط)

حين تدخل «مكتبة نادي الكتاب» في الرياض، تحار إن كنت في مقهى أم في مكتبة أم نادٍ للقراءة. ما أن تفتح الباب الزجاجي حتى يستقبلك الكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو، الذي يزين رسمه النصفي صدارة المكان، وهو يحمل كوباً في يد وكتاباً يقرأ فيه في اليد الثانية، وكأنما يدعوك لأن تفعل مثله. بإمكانك أن تتوجه مباشرة إلى طاولة الاستقبال لتطلب شرابك المفضل، أو تتناول عن الأرف التي تزنر الجدران حولك الكتاب الذي تحب وتستمع بقراءته. نظرة سريعة، وتتأكد أن الكتب الموجودة هنا، اختيرت بعناية فائقة، متنوعة لتلبي كل رغبة، وتطال كل ميدان، بحيث جاءت بأفضل ما كتب فيه. ثمة ما يفتح الشهية على القراءة، العبارات الأدبية الملهمة التي تطل من هنا وهناك، اللوحات الجميلة، صور كبار الكتاب، مثل طه حسين وجبران خليل جبران وفرانز كافكا، طريقة عرض الكتب التي تقدم نفسها سهلة للقارئ، الطاولات الفسيحة، الكنبات المريحة، الإضاءة التي تسمح لك بالتحكم بها. هنا بإمكانك وتبعاً للبرنامج الذي يعلن عنه سلفاً أن تشارك في ورشات كتابة، تستمع لقراءات شعرية، تحضر لقاءات أدبية، محاضرات، جلسات فلسفية، رسماً، توقيع إصدارات. لصاحب المكتبة أن يختار ما يراه مناسباً من النشاطات.

هدية بدري... «أردت أن أكون أماً» (الفنانة)

هذا مجرد مقهى واحد، من 45 مقهى باتت موجودة في المملكة العربية السعودية، تعمل في إطار «مبادرة الشريك الأدبي» التي أطلقتها «هيئة الأدب والنشر والترجمة» التابعة لوزارة الثقافة. في شهر ديسمبر (كانون الأول) الفائت وحده، شهدت هذه المقاهي المنتشرة في مختلف المناطق ما يزيد على 200 نشاط. اللافت هو عدد الحضور، الذي يتزايد. المبادرة تأتي أكلها بفضل الدعم والرعاية المستمرين من الهيئة التي تشرف عليها، وتتابع وتشجع. المقاهي المشاركة تتنافس فيما بينها على جوائز وصل مجموعها إلى 900 ألف ريال سعودي في السنة، وعلى ميزات الدعم المقدمة، كل ذلك تبعاً لعدد الأنشطة ونوعيتها، ومدى فاعليتها. وهو ما يحمس هذه المقاهي على الاجتهاد.
الباب مفتوح لشراكات جديدة، من مقاهٍ تتوفر لها الشروط الأولية المطلوبة، فيما تتولى الهيئة المساعدة والدعم في نواحٍ عديدة.
«للوهلة الأولى كانت المسابقة والمنافسة هي الشغف والدافع بالنسبة لنا للاستمرار وتقديم الأفضل في مبادرة الشريك الأدبي»، يقول الإعلامي سعود عبد الله الضحوك. وهو عضو في «مقهى بيهايف» في الخرج، «لكننا بعد مضي الشهر الأول ونحن نتلقى كلمات الشكر والثناء من كل من يحضر أو يشاهد أو يسمع ويستمتع بفعالياتنا، أحسسنا أن الموضوع مختلف». يتحدث الضحوك عن سروره بتنامي أعداد رواد المقهى والمقبلين على الأنشطة. «حرص الناس على الحضور والتفاعل بات داعماً لنا ومشجعاً». كما أن قدرة المقهى، خلال فترة قصيرة من العمل، على اجتذاب أسماء وقامات أدبية كبيرة، لأول مرة إلى منطقة الخرج، له انعكاساته الإيجابية.
يتحدث أحد المعنيين بالمبادرة عن أهمية ارتفاع عدد المقاهي. كانت في السنة الأولى للمبادرة 20 مقهى، وتضاعف عددها في العام الثاني، «الفكرة الأساسية أن لا تبقى الثقافة بعيدة عن الناس، أن تأتيهم حيث هم. للذهاب إلى المسرح لا بد من حجز مسبق وحيازة تذكرة دخول. أما المقهى، فشأن آخر، تدخله على غير موعد، فتجد نشاطاً أدبياً قد يعجبك».
الشروط سهلة للمقاهي التي تريد الانخراط في المبادرة، يكفي أن تكون المساحة كافية، ويتوفر ركن خاص للكتب، ويتاح استخدام الطاولات والكراسي عند تنظيم الأنشطة بما يسمح باستقبال الزوار.
نشر الأدب في المناطق البعيدة عن المركز، مثل تبوك، أحد الأهداف. تقول منى الهويدي صاحبة «مقهى قروث» هناك، إن ما تقدمه أثمر، وأنها وجدت تفاعلاً من عدد كبير من الأهالي تبوك. «ما حرك المشهد الثقافي وسمح للأفكار الخلاقة والمختلفة بالبروز والظهور للعلن، كما أنه ساعد بشكل كبير في تحويل الفعل الثقافي من تجمع نخبوي إلى نشاط مجتمعي ينخرط فيه الناس». وقد فازت الهويدي بفضل تجربتها الاستثنائية بجائزة النسخة الأولى من «الشريك الأدبي».
المقاهي الشريكة تفعل ما بوسعها لتذهب الثقافة إلى الناس، لتجعل الكتاب في متناولهم، والأدب جزءاً من حياتهم، مما يجعلها شريكاً أساسياً في تغيير الذائقة. بعض المقاهي كانت تنظم أنشطة ثقافية بمبادرة ذاتية، لكنها الآن وقد أصبحت شريكة، لا تتلقى الدعم المادي والمعنوي فقط، بل تستفيد من التسويق والترويج اللذين توفرانه لها الهيئة المنظمة ولأنشطتها، وتزيدان حكماً من عدد روادها.
المشروع يخضع لتنظيم دقيق، وخطة واضحة، تكفل تحقيق تطور سريع ومستمر. فكل سنة، يفتح الباب لمزيد من المقاهي كي تنضم للمبادرة. التسجيل الإلكتروني خطوة أولى، يدرس الملف، وثمة مقابلة شخصية، وتوقيع على اتفاقية مع صاحب المقهى، الذي يستفيد بعد ذلك من دعم يوفر له، سواء لتأهيل المكان، أو لتشغيل الفعاليات، أو لاستقبال الضيوف، ومنهم من يأتي من خارج المملكة.
«مهمتنا رغم صعوبتها ممتعة، فليس من السهل أن تغرس حب الأدب باللغة الفصحى وسط جمهور يحبذ النبطي، لكننا فعلناها، ووفقنا في عمل استعصى على الكثيرين»، تقول منى الصامطي من «مقهى بيهايف» في منطقة الخرج.
تجربة «الشريك الأدبي» شرعت آفاق الشراكة مع القطاع الخاص وغير الربحي بمختلف مؤسساته لتفعيل دور الثقافة في المجتمع، وهو ما تتحدث عنه نورة الحربي من مقهى «عُريب» في المدينة المنورة، معتبرة أن هذه الفرصة «أتاحت لنا أن نصبح منصة أدبية وثقافية، تجمع تحت سقفها الكثير من المحبين والمهتمين بالأدب، وعبدت لنا طريقاً صعباً ووعراً، لنشر ثقافة القراءة والاهتمام بالأدب لكافة الأفراد، مما يسهم بالتأكيد في رقي المجتمع».
وتشرح لنا الحربي أن زوار المقهى يعدون ما شهدته المدينة من أمسيات شعرية ولقاءات ثقافية، كان حلماً من أجله يتكبدون مشقة السفر. وها هم سعداء أن يأتيهم إلى مكان إقامتهم.
التجربة غضة ولا تزال في سنتها الثانية، ومع ذلك تحقق قفزات سريعة، وهي محاطة بخلية عمل من شبان محبين ومتحمسين للمشروع يدفعون بها إلى الأمام. الغاية في النهاية هي استهداف جمهور المقاهي بفعاليات ومساهمات أدبية وثقافية تثري زياراتهم لأماكن أنسهم، وتجعل منها تجربة مختلفة، وقد تكون باباً يدلفون منه إلى آفاق جديدة.



الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)

إذا كان معروفاً بأن العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تمر بأسوأ حالاتها منذ أشهر، فإن اتهامات جديدة صدرت عن الجزائر ضد باريس، تزيدها توتراً وتصعيداً، خصوصاً أنها تزامنت مع «قضية سجن الكاتب بوعلام صنصال» التي ما زالت تثير خلافاً حاداً بين ضفتي المتوسط، استدعي إليها التاريخ و«الحنين إلى الجزائر الفرنسية» ومواقف اليمين المتطرف من الهجرة.

ونشرت صحيفة «المجاهد» الفرنكفونية، أكبر الجرائد الحكومية في البلاد، بموقعها الإلكتروني، ليل السبت - الأحد، خبر استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان روماتيه، الأسبوع الماضي، «حيث تم توجيه تحذير شديد له، بعد الكشف عن معلومات خطيرة تتعلق بتورط جهاز الأمن الخارجي الفرنسي، في حملة لتجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر، بهدف زعزعة استقرار البلاد».

السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان روماتيه (حسابه الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي)

ونقلت الصحيفة خبر استدعاء السفير عن «مصادر دبلوماسية موثوق بها»، مشيرة إلى «قضية المدعو عيساوي محمد الأمين»، وهو شاب ثلاثيني أكد في تصريحات بثتها قناة تلفزيونية عمومية، الخميس الماضي، أن مكتب المخابرات الفرنسية بالسفارة «وظفه لنقل معلومات إليه تخص الجهاديين الجزائريين بالعاصمة، الذين عادوا من مناطق الصراع في سوريا، ومعطيات عن شبكات الهجرة السرية بوهران»، بغرب البلاد.

وأكدت صحيفة «المجاهد»، أن مسؤولي وزارة الخارجية الجزائرية «أبلغوا السفير الفرنسي الرفض الصارم للسلطات العليا في البلاد لسلسلة الاستفزازات والأعمال العدائية الفرنسية تجاه الجزائر». كما نقلت عن المصادر نفسها أن السلطات تقول إن «هذه التصرفات لا يمكن أن تمرَّ دون عواقب». وحرصت الصحيفة على تأكيد أن حديث السلطات مع ستيفان روماتيه، بخصوص الموضوع «كان حازماً وقاطعاً».

وتناولت الصحيفة نفسها أحداثاً تؤكد، حسبها، «الاستفزازات الفرنسية تجاه الجزائر»، ومن بينها مصادرة أسلحة وذخيرة بميناء بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، الصيف الماضي، قالت أجهزة الأمن يومها، إنها «جاءت من ميناء مرسيليا» بالجنوب الفرنسي، وبأنها كانت موجهة إلى عناصر تنظيم يطالب بالحكم الذاتي في القبائل الجزائرية (شرق العاصمة). وتتهم الجزائر باريس بـ«إيواء» رأس هذا التنظيم، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، اللاجئ السياسي فرحات مهني، الذي تطالب الجزائر باعتقاله لاتهامه بـ«الإرهاب».

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا في 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

ونقلت صحيفتا «الخبر» بالعربية، و«لوسوار دالجيري» بالفرنسية، أيضاً، خبر استدعاء السفير وتأنيبه، وبقية التفاصيل عن المآخذ الجزائرية ضد الفرنسيين.

وضمت «أدلة الإدانة»، وفق ما ذكرت «المجاهد»، قضية اعتقال وسجن الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال»، المتهم بـ«المس بالوحدة الوطنية وبالسلامة الترابية للبلاد»، إثر تصريحات أطلقها في فرنسا، عدَّ فيها أن مناطق واسعة من غرب البلاد، «اقتطعها الاستعمار الفرنسي من المغرب». وجرى اعتقال صنصال بمطار الجزائر العاصمة، يوم 16 من الشهر الماضي، بينما كان عائداً من باريس.

ولفتت الصحيفة نفسها إلى «هجوم إعلامي منسَّق في فرنسا ضد الجزائر»، بعد سجن الروائي السبعيني، مشيرة إلى «تصريحات مهينة تجاه المسؤولين الجزائريين، من طرف شخصيات فرنسية»، أظهرت تعاطفاً مع صنصال، وطالبت بالإفراج عنه، عادَّة إياه «سجين رأي».

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وأكدت صحيفة «المجاهد» على لسان «المصادر الدبلوماسية الموثوق بها»، أن الجزائر «لن تبقى متفرجة على هذه الهجمات المتتالية التي تستهدف سيادتها؛ فهي مصممة على الحفاظ على كرامتها، وستتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة محاولات التدخل هذه». ويُفْهم من حدة اللهجة التي تضمنها المقال أن الخطاب نابع من أعلى سلطة في البلاد، ويرجَّح أنها الرئاسة.

وكانت الجزائر سحبت سفيرها من باريس في 30 يوليو (تموز) الماضي، «بشكل فوري» بعد إعلانها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، علماً أن الجزائر تساند «بوليساريو» في مطلبها «تقرير مصير الصحراء عن طريق استفتاء تنظمه الأمم المتحدة»، وترفض بحدة الحل الذي تقترحه الرباط.