سينما «بارعة» تنتمي إلى مخرجين نشيطين

بعضها ذاتي قريب وبعضها خيالي بعيد

لقطة من فيلم «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية»
لقطة من فيلم «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية»
TT

سينما «بارعة» تنتمي إلى مخرجين نشيطين

لقطة من فيلم «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية»
لقطة من فيلم «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية»

برهنت نتائج مسابقة «غولدن غلوبز» قبل ثلاثة أيام عن أن سنة 2022 التي تُمنح جوائز 2023 على أساس ما وفّرته وأطلقته من أفلام، تميّزت بهامش عريض من الأنواع والاتجاهات رغم السيادة الجماهيرية التي شهدتها بعض الأفلام المنتجة لتلبية رغبات الجمهور أولاً.
أحد أسباب عودة التنويع يعود إلى أن السنة الحالية لم تشهد عدداً كبيراً من أفلام «الأكشن» و«السوبر هيرو» وأنواع المؤثرات المتعددة كما كان الحال طوال العقد الماضي. سبب آخر هو أن العديد من المخرجين الذين برزوا وأعمالهم في أتون العام الماضي لم يعد راضياً عن الرضوخ لحسابات السوق وحدها. هناك حساباته الخاصة التي تعني بأن عليه أن يثبت وجوده كمفكّر وكمثقف وكفنان وصاحب رسالة.

- تأكيد التنوّع
السينمائيون الخمسة الذين تنافسوا على جائزة «غولدن غلوب» لأفضل مخرج توزّعوا بين مشاهير وجدد: جيمس كاميرون (Avatar‪:‬ The Way of Water) وستيفن سبيلبرغ (The Fablemans) لا يحتاجان إلى تعريف. مارتن مكدونا (صاحب The Banshees of Inshisrin) ما زال تحت التأسيس كشهرة رغم فوزه بـ«غولدن غلوب» و«أوسكار» عن فيلمه السابق Three Billboards Outside Ebbing‪، ‬ Missouri سنة 2018 لم يتحوّل إلى مخرج ذي حضور دائم. باز لورمان (Elvis) يحمل راية المخرج الذي يحب التخصص في سينما استعراضية وهو، مثل مكدونا عليه الاكتفاء بفيلم واحد كل خمس سنوات أو يزيد.‬‬
الجديدان فعلاً هما دانيال شاينرت ودانيال كوان عن فيلم Everything Everywhere all at Once (الذي نال من النجاح النقدي أكثر مما يستحق) المتقدّمان بالطبع كشخص واحد على أساس مشاركتهما إخراج هذا الفيلم الكوميدي.
الأنواع السائدة في هذا المضمار هي مزيد من تأكيد التنوّع: سبيلبرغ عمد إلى سيرة ذاتية. مارتن مكدونا إلى كوميديا سوداء محلية (تقع الأحداث في آيرلندا) بينما انطلق دانيال كوان ودانيال شاينرت وراء التجديد. باز لورمان هو كلاسيكي آخر (كحال سبيلبرغ) أما جيمس كاميرون فقد مارس ما تخصص به وهو مزج النوعية الفنية والموضوعية بفانتازيا من الإنتاج الكبير.
لكن الجوائز السنوية ليست معياراً كاملاً للجودة. هي، شاء مانحوها أو أبوا، لأسماء لمعت أكثر قليلاً من سواها. أفلام من دخل صومعتها اختلفت بحيث يطفو بعضها على السطح ويبقى البعض الآخر تحته. ومن يطفو ليس بالضرورة أفضل فناً من الذين لم يستطيعوا التمتع بذلك اللمعان الخاص.
هل يمكن فعلياً - القول بأن شغل دامين شازيل في «بابلون» أقل فناً من شغل سبيلبرغ في «ذا فابلمانز»؟ ما الذي منع تود فيلد دخول الحلبة المذكورة عن Tár؟ وماذا عن شغل رايان جونسون الدقيق في Glass Onion‪:‬ A Knives Out Mystery؟ ألم يكن أفضل من قفزات الهواء عند لورمان في «ألفيس»؟‬

برندن غليسون في مشهد من فيلم «جنيات إنيشِرين»

- تجارب صغيرة وكبيرة
النظر إلى قوائم المخرجين الذين حققوا نجاحاً فنياً ملحوظاً على شاشات مهرجانات العام الماضي أو خارج تلك المناسبات يفيد بأنه من الممكن (كما الحال دائماً) معاينة جهود نحو 20 مخرجاً بصرف النظر عما إذا اخترقوا ترشيحات موسم الجوائز أم لا.
سنة 2022 أبرزت، لجانب من ودت أسماءهم آنفاً، عدداً من المخرجين الجيدين الذين من المتوقع التحوّل إلى أيقونات فنية (صغيرة أو كبيرة، لا يهم) أو أنجزوا هذه القيمة سابقاً لكنهم ما زالوا يحتاجون إلى نقلة نوعية على صعيد أو آخر.
المخرجة سارا بولي حققت في العام المنصرم فيلماً جيّداً آخر لها عنوانه Women Talking حول مجموعة من النساء سجينات بيئة تمنعهن من الحرية بسبب تعاليم دينية حادّة. فيلمها من بطولة ممثلات يستحق بعضهن فرص الوصول إلى منصّة أفضل الأداءات. هو من بطولة روني مار مع إميلي ميتشل وكايت هولِت وكلير فوي. شلّة جيدة في شغل صادق.
شغل جينا برينس - بايثوود على فيلمها The Woman King متقن كحرفة، مثير لسبر غور موضوع جديد حول أحداث حقيقية وقعت في مملكة داهومي الأفريقية في القرن الثامن عشر. شغل ملحمي مثير للإعجاب.
جوزيف كوزينسكي مارس فيلماً عسكري الصبغة في Top Gun‪:‬ Maverick لكنه فيلم جيد التنفيذ في تفاصيله. من شأن هذا الفيلم اعتماده كأحد مخرجي أعمال أعلى تكلفة، رغم أن نجاحه هذا لا يضمن نوعية مشابهة ناهيك عن أن تكون أفضل مستوى. ‬
وهناك حالة خاص بالنسبة لمخرج ألماني جديد اسمه إدوارد برغر. ما أنجزه في العام الماضي حمله مباشرة كاسم مطروح على أكثر من منصّة. لقد حقق فيلماً حربياً تحت عنوان «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» All
Queit on the Western Front الذي كان ثاني فيلم ربح الأوسكار وذلك سنة 1930 كما أخرجه، حينها، لويس مايلستون. بعض من قارن بين الفيلمين فضّل نسخة 1930 على أساس أنها حملت روحاً خلا منها الفيلم الجديد. تقنياً، نسخة برغر جيدة، بل هي من الجودة بحيث غض العديد من النقاد النظر عن غياب الحس الإنساني العميق وغير المترجم إلى إعلانات مفتوحة.

لقطة من فيلم  «المرأة الملك»

- سينما الذات
طبعاً لم يكن سبيلبرغ هو المخرج الوحيد الذي فتح دفاتر الأمس الخاصّة بحياته ليصنع منها فيلماً. The Fablemans هو عن عائلة يهودية وابنها الفتى الذي يحلم بأن يصبح ممثلاً. هذا ستار رقيق لشخصه هو. لكن هناك آخرون صنعوا أفلاماً من ذات القماشة في العام الماضي بينهم أليخاندرو غونزاليز إيناريتو الذي فاجأ الجميع بفيلمه «باردو، مفكرة مختلفة لحفنة من الحقائق» (Bardo، False Chronicle of a Handful of Truths)... المفاجأة هي أنه يتحدْث عن مخرج يمثّل نفسه لكن حديثه سبح في فضاء وجداني أكثر مما هو شخصي. الفيلم ممتاز على هذا النحو بقدر أقل إلى حد من فيلم إيناريتو الأسبق Birdman or The Unexpected Virtue of Ignorance. ميزة ذلك الفيلم الذي أنجز جوائز لا تُحصى (293 جائزة صغيرة وكبيرة حسب pro.imdb) إنه كان أوضح في الغاية وعن ممثل كان لعب شخصية باتمان سابقاً.
الأميركي جيمس غراي هو الأقرب بين هؤلاء لما أقدم عليه سبيلبرغ. الفيلم هو «زمن القيامة» (Armageddon Time) مثل «ذا فابلمانز»، غلّف غراي حياته الخاصّة باسم مستعار. وهو أيضاً عن مخرج آت من لدن عائلة يهودية (كحال غراي). المشترك الآخر هو أن الحكايتين تبدوان في الوقت ذاته منفصلتين تماماً عن مبدعيهما، من حيث إن القصّة التي نراها قد تحدث مع أي شخص. هي ليست بيوغرافية إلا في المفهوم. أما كحكاية فهي قد تكون حكاية حياة أي شخص.
يجب كذلك الحديث عن مخرجين بدت أعمالهم، حين انطلقت على شاشات فينيسيا أو كان، في العام الماضي، أهم مما جاءت عليه فعلاً. الآهات النقدية من كتّاب اليوم وجدت شغل الإيطالي لوكا غوادينونو المسمّى «عظام وكل شيء» (Bones and All) عملاً رائعاً، هذا قبل أن يخف الاهتمام بحكاية اثنين من آكلي لحوم البشر يتحابّان. فيلم نوا بومباش «ضجة بيضاء» (White Noise) مثال عن تهليل مبكر واختفاء سريع. وهو حال شبيه بوضع المخرج الأميركي دارن أرونوفسكي «الحوت» (The Whale). هو أفضل الثلاثة المذكورين هنا، لكن فيلمه هذا تأرجح بما أقل مما تم توقعه من صاحب «ذا بلاك سوان» قبل 12 سنة.

- 10 مخرجين على موعد مع الأوسكار
- بوشر يوم أمس (الخميس) التصويت على جوائز الأوسكار. التالي النخبة الأكثر احتمالاً لدخول مسابقة الإخراج
1 - جيمس كاميرون عن Avatar‪:‬ The Way of Water‬
2 - مارتن مكدونا‪:‬ جنيات إنيشرين» (The Banshees of inisherin) ‬
3 - بز لورمن: ‪:‬ Elivis ‬
4 - ستيفن سبيلبرغ: The Fablemans
5 - سارا بولي: Women Talking
6 - إدوارد برغر: All Queit on the Western Front
7 - روبن أوستلاند: Triangle of Sadness
8 - تود فيلد: ‪ Tár ‬
9 - داميان شازال: Babylon
10 - أس. أس. راجامولي: RRR


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.