كتاب لبيرم التونسي يرى النور مجدداً بعد اختفائه لمدة قرن

إعادة طباعة «السيد ومراته في مصر» وطرحه بمعرض القاهرة

غلاف الكتاب الجديد
غلاف الكتاب الجديد
TT

كتاب لبيرم التونسي يرى النور مجدداً بعد اختفائه لمدة قرن

غلاف الكتاب الجديد
غلاف الكتاب الجديد

بعد مرور 62 عاماً على رحيله، صدر كتاب جديد نادر نُسب إلى الشاعر المصري الراحل بيرم التونسي، وذلك بعنوان «السيد ومراته في مصر»، وهو كتاب وصفه البعض بأنه «مجهول» لم يذكره أحد من المؤرخين الذين لطالما اهتموا بتناول وتحقيق كتب بيرم التونسي ودواوينه وأعماله الكاملة من قبل.

عَثَر على نص الكتاب مصادفة، الطبيبُ المصري الدكتور عصمت النمر، استشاري الجراحة العامة والباحث في التراث الشرقي القديم، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كانت بمثابة مفاجأة كبيرة بالنسبة لي؛ فبينما كنت أقوم بالبحث كعادتي في مقتنيات (المكتبة الوطنية الفرنسية) حيث إنني عاشق للتراث، وأفتش دوماً في كنوزه، عثرت على كتاب بعنوان (السيد ومراته في مصر)».


بيرم التونسي (أرشيفية)

ويتابع عصمت النمر: «لفت اسم الكتاب نظري للغاية؛ لارتباطه بمصر من جهة؛ ولأنه شبيه بعنوان كتاب آخر شهير للتونسي بعنوان (السيد ومراته في باريس). وما إنْ دققتُ في اسم الكاتب، حتى فوجئت بأن المكتبة تؤكد أنه هو نفسه مؤلفه، ولذلك قررت أن أحتفظ بصورة ضوئية له، ومن ثم سلمتها إلى إحدى دور النشر؛ لتتولى إصداره في نسخة حديثة من دون أي تغيير في نصه الأصلي».

كان سبب دهشة النمر أنه لم يسبق أن أشار أيٌّ من النقاد أو جامعي تراث بيرم التونسي (الذي يمر على ميلاده في مارس (آذار) القادم 130 عاماً)، إلى هذا الكتاب. كما أنه لا توجد منه أي نسخة حديثة في مصر، لافتاً: «نحن أمام أول كتاب مجهول للتونسي، لم يذكره أحد من المؤرخين الذين اهتموا بذكر كتبه ودواوينه وأعماله الكاملة».


غلاف الكتاب في نسخته القديمة الصادرة عام 1925

وستصبح الطبعة الجديدة من الكتاب الصادر عن دار نشر «المحرر»، في متناول الجمهور مع انطلاق الدورة الـ54 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، المقرر أن يقام في الفترة من يوم 24 يناير (كانون الثاني) الجاري إلى يوم 6 فبراير (شباط) المقبل.

ويحتوي الكتاب 88 صفحة، و11 مقالة، و6 مقامات للشاعر بيرم التونسي (23 مارس 1893 - 5 يناير 1961) الذي عُرف بـلقب «شاعر الشعب وهرم الزجل»، وعدّه النقاد رائداً لشعر العامية في مصر. وقال أمير الشعراء أحمد شوقي عنه: «لا أخشى على الفصحى غير من عامية بيرم»، وذلك بسبب استخدامه لكلمات سهلة وعبارات سلسة سريعة الانتشار بين الجمهور.

وأنتج بيرم في عالم الإبداع الأدبي الكثير من الأعمال، من أهمها أوبريت «شهرزاد» الذي قدمه مع سيد درويش، ولاقى نجاحاً كبيراً. وكان أشهر ما جاء فيه الأبيات التي يقول فيها: «أنا المصري كريم العنصرين بنيت المجد بين الأهرمين، جدودي أنشأوا العلم العجيب ومجرى النيل في الوادي الخصيب».


بيرم التونسي مع كوكب الشرق (أرشيفية)

وحصل الشاعر ذو الأصول التونسية على الجنسية المصرية عام 1960، وخاض مجال الصحافة، وتحول الكثير من إبداعاته إلى أعمال إذاعية، ومنها «الظاهر بيبرس»، و«عزيزة ويونس». كما ترك عدداً كبيراً من المسرحيات والأزجال والقصائد، بعضها غناها أشهر نجوم الطرب في زمن الفن الجميل، ومنهم أم كلثوم التي غنّت له نحو 20 قصيدة، ومحمد عبد الوهاب الذي غنى له أغنيته الشهيرة «محلاها عيشة الفلاح». كما غنت له شادية وفريد الأطرش وأسمهان ومحمد فوزي وغيرهم.

ويرجع الكتاب القديم الذي تقتنيه المكتبة الوطنية الفرنسية، إلى سنة 1925، وفقاً لما هو مدوَّن على غلافه. ومن اللافت أنه دُوِّن عليه أيضاً عبارة «مجموعة مقالات انتقادية نشرتها جريدة الشباب».

ويقول النمر: «تدور هذه المقالات في قالب أدبي لكن بالعامية المصرية، حول ما يمكن وصفه بيوميات رجل وزوجته. وفي أثناء ذلك، نتعرف على الكثير من الظواهر الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع المصري في بدايات القرن العشرين، ونغوص في إيجابيات المجتمع وسلبياته عبر أسلوب ساخر شيق، إضافةً إلى مجموعة نادرة للغاية من مقامات بيرم غير الموجودة في مجموعة المقامات التي قد قام طاهر أبو فاشا بتحقيقها».

بيرم التونسي مع كوكب الشرق (أرشيفية)

ويلفت النمر إلى أن ما يثبت أن هذا الكتاب الذي عثر عليه في المكتبة الفرنسية هو لبيرم رغم أن اسمه غير مدون على غلافه، أن المكتبة نوهت إلى ذلك، وأن المقامات التي يضمها ولغة كتابته تتطابق مع كتابة «هرم الزجل»، ومع إنتاجه السابق والمقامات التي جمعها وحققها أبو فاشا، لافتاً إلى أنه «كان يكتب في جريدة اسمها (الشباب) من دون اسم، لأنه كان ممنوعاً حينئذ من النشر، بل كان مطلوب القبض عليه خلال هذه الحقبة الزمنية في مصر؛ لأسباب سياسية. ومن ثم عند جمع مقالاته في كتاب فمن الطبيعي ألا يحمل اسمه».

ولبيرم كتاب شهير يتناول نفس التشريح للمجتمع والمرأة بعنوان «السيد ومراته في باريس»، لكن من خلال قصة زوجين مصريين سافرا إلى باريس. ويتناول عن طريق الزوج «سيد» مقارنات بين مصر وأهلها وفرنسا وأهلها، بأسلوب السخرية اللاذعة في بعض الأحيان، ومن المعروف أنه أثار جدلاً واسعاً واستنكاراً من جانب بعض الأدباء والنقاد المصريين عند إصداره.

الشاعر في منزله (موقع الملك فاروق )



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».