فاجأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الكثير من المراقبين الأسبوع الماضي بإعلانه أن فرنسا سوف تقدم «دبابات خفيفة» لمساعدة أوكرانيا في القتال ضد روسيا. وسرعان ما أعقب ذلك التزامات مماثلة من الولايات المتحدة وألمانيا. وهذه الأنظمة سوف توفر للقوات الأوكرانية إمكانيات جديدة مهمة، لكنها أيضاً تمثل عقبات لوجيستية واحتمال تصعيد الصراع.
ويقول الخبير العسكري الأميركي تيموثي جيه ماكدونالد في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأميركي إنه للتوضيح فإن ما وعدت فرنسا وأميركا وألمانيا بتقديمه ليس دبابات على الإطلاق. فالدبابات الخفيفة هي في الحقيقة مركبات قتالية مدرعة أصغر، وأخف، وأسرع حركة من دبابات القتال الرئيسية. فالحكومة الفرنسية تعهدت بتقديم عدد غير معروف من المركبات القتالية المدرعة طراز «إيه إم إكس10 - أر سي»، بينما الولايات المتحدة وألمانيا سوف تقدمان على التوالي نحو خمسين مركبة قتالية طراز «برادلي» وأربعين مركبة قتالية طراز «ماردر» للمشاة.
ومعظم الدبابات الخفيفة مزودة بمدفع رئيسي بعيار أصغر من أي دبابة عادية وأقل تدريعاً. والهدف الرئيسي منها هو استخدامها في مختلف الأدوار، بما في ذلك نقل القوات، وإسناد المشاة، والدعم في الحرب ضد الدروع، والاستطلاع. وبالمقارنة، تعتبر الدبابة الرئيسية طراز «إم 1 أبرامز» أكثر تدريعاً ثقيلاً، ومجهزة بمدفع عيار 120 ملليمتراً لتوفير زيادة في القوة والمدى، ومصممة للتطويق وتدمير مدرعات العدو.
ويتساءل ماكدونالد إن كانت هذه المركبات سوف تحقق أي اختلاف على أرض المعركة في أوكرانيا. ويقول إنه للإجابة على هذه التساؤل، هناك مستويات حرب تكتيكية وعملياتية يتعين أخذها في الاعتبار.
فعلى المستوى التكتيكي، سوف توفر إضافة المركبات المدرعة للقوات الأوكرانية المزيد من القدرة على التحرك، والسرعة، والحماية في دعم عمليات المشاة. وكل من مركبات «إيه إم إكس10 - أر سي»، و«برادلي» و«ماردر» عبارة عن دبابات خفيفة يمكن استخدامها في مختلف الأراضي والأحوال الجوية، وستكون أسرع استجابة بالنسبة للمواقف المتغيرة على أرض المعركة. واعتماداً على أنظمة الأسلحة التي تقدمها الدول الغربية، يمكن أن توفر هذه الدبابات الخفيفة إمكانيات إطلاق النار عن بعد مما يتيح هزيمة الدبابات الروسية بالصواريخ المضادة للدبابات.
وعلى المستوى العملياتي، أثبت الجيش الأوكراني أنه ينفذ عمليات الأسلحة المشتركة بكفاءة. وهذا يعني أنه يستطيع بفعالية تحقيق تزامن قدرات المشاة، والمدرعات، والمدفعية، والمهندسين، والطيران في مهمة واحدة من أجل هدف مشترك. وسوف تكون الأنظمة الجديدة إضافة لقدرات أوكرانيا المسلحة المشتركة، ولكن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها.
فمع تسليم هذه الأنظمة للتوافق مع هجوم في الربيع، سوف تحتاج إلى أسابيع من التدريب على تشغيلها وصيانتها. ومن الممكن أن تحتاج إلى تعديلات لتتلاءم مع العقيدة العسكرية القائمة وإنشاء مسار لوجيستي لتوفير قطع الغيار والإصلاحات. وهذه عملية مهمة بالنسبة لنظام أسلحة واحد - وإضافة ثلاثة أنظمة سوف يجعل العملية أكثر تعقيداً، وربما يتسبب في تحديات لوجيستية كبيرة.
وحول ماذا يعني هذا لروسيا، يقول ماكدونالد إن رد فعل الجيش الروسي على تقديم هذه المركبات الغربية المدرعة سوف يكون أمراً يستحق المشاهدة.
فالجيش الروسي يواصل استخدام العقيدة العسكرية السوفياتية القديمة، ولم يستخدم بعد بفعالية المناورات المشتركة بالأسلحة. كما أنه يستخدم نماذج القيادة المتدرجة دون تمكين اتخاذ القرار على المستوى الأدنى.
ومن المرجح أن يحاول الجيش الروسي إضافة المزيد من الأسلحة والجنود على ما هو متوفر حالياً؛ لكن من دون أي تغيير في نهجه التكتيكي والعملياتي، وسوف يستمر في التعرض لخسائر فادحة والتخلي عن أراضٍ.
ويمكن أن يكون لتقديم تلك المركبات لأوكرانيا تداعيات استراتيجية، بعضها سيظل غير معروف لبعض الوقت. ولكن من العدل القول إن هذه المركبات يمكن أن ترجح كفة ميزان القتال على الأرض، والذي بدوره سوف يؤدي إلى تصعيد التوترات بين روسيا والغرب. ومن المرجح أن يعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقديم هذه الأنظمة عدواناً غربياً. ويمكن اعتبارها تجاوزاً لخط أحمر، مما يؤدي لمزيد من التلويحات والتهديدات باستخدام الأسلحة النووية.
هل تحدث «دبابات الغرب الخفيفة» تغييراً على الأرض في أوكرانيا؟
هل تحدث «دبابات الغرب الخفيفة» تغييراً على الأرض في أوكرانيا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة