الوضع الوبائي لـ«كورونا» في الصين... هل يُهدد الدول الأخرى؟

خبراء يؤكدون فعالية «المناعة الهجينة» لمواجهة أي خطر

مرضى على أسِرّة ونقالات في ممر بقسم الطوارئ بمستشفى في شنغهاي (رويترز)
مرضى على أسِرّة ونقالات في ممر بقسم الطوارئ بمستشفى في شنغهاي (رويترز)
TT

الوضع الوبائي لـ«كورونا» في الصين... هل يُهدد الدول الأخرى؟

مرضى على أسِرّة ونقالات في ممر بقسم الطوارئ بمستشفى في شنغهاي (رويترز)
مرضى على أسِرّة ونقالات في ممر بقسم الطوارئ بمستشفى في شنغهاي (رويترز)

تشهد الصين حالياً موجة شديدة من الإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس «كورونا»، والتي لا يُعرف حجمها بالضبط، بسبب الثغرات الكبيرة في التقارير الرسمية، ولكن الخبراء يجمعون على أن «الأمور رهيبة»، فضلاً عن وجود تقارير إخبارية تشير إلى أن «المستشفيات ومحارق الجثث تفيض بالأعداد»... فهل يُصَدَّر هذا الوضع القلق إلى الدول الأخرى؟
الإجابة على هذا السؤال، تقتضي في رأي بول هنتر، أستاذ الطب بجامعة إيست أنغليا البريطانية، معرفة ما الذي أدى بالصين إلى هذه الحالة. ويقول في مقال نشره في 6 يناير (كانون الثاني) بموقع «ذا كونفرسيشن»، إنه «رغم التصور الشائع بأن الموجة الحالية من الإصابات، هي نتيجة مباشرة لرفع الصين لسياستها الخاصة بعدم انتشار فيروس (كورونا المستجد) في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي (سياسة صفر كوفيد)، فإن هذا ليس صحيحاً تماماً، حيث كانت الحالات ترتفع بالفعل قبل تخفيف القيود، وربما كان ذلك هو السبب في الاحتجاجات التي كانت تطالب برفع القيود، لأنها لم تكن مجدية في وقف الإصابات».
ويعتقد هنتر، أن سبب انفجار الحالات يرجع إلى حد كبير إلى أن الصين واصلت استراتيجيتها الخالية من «كوفيد - 19» لفترة طويلة جداً بعد تطعيم سكانها، وذلك على عكس دول أخرى نفذت نفس السياسة، لكن أنهتها بشكل سريع.
والمعروف أن مناعة اللقاحات تتضاءل في الأشهر التالية. وأظهرت دراسات أنه بعد ثمانية أشهر من الجرعة الأولى المعززة، يفقد الإنسان جميع وسائل الحماية من العدوى تقريباً، ولكن تظل الحماية من الأمراض الشديدة هي الأكثر ديمومة، ولكنها تتضاءل أيضاً مع الوقت.
ويقول هنتر: «اكتملت حملة التطعيم في الصين في الغالب بحلول فبراير (شباط) 2022. لذا بحلول الخريف، كان التأثير الوقائي ضد العدوى قد انتهى إلى حد كبير، رغم أن الحماية من الأمراض الشديدة والموت تدوم لفترة أطول، فإن هذا قد ينخفض أيضاً».
وعلى النقيض من سياسة الصين في تعاملها مع «كوفيد - 19». أنهت دولة مثل «نيوزيلندا» سياسة «صفر كوفيد» الخاصة بها بعد فترة وجيزة من الانتهاء من حملة التطعيم. وكما هو متوقع، تسببت إعادة الفتح في زيادة عدد الإصابات، لكن معدل الوفيات كان أقل مما هو عليه في العديد من البلدان، بحسب هنتر.
ويضيف أنه «رغم أن التطعيم هو الطريقة الأكثر أماناً للوقاية من مرض (كوفيد)، فإن الأبحاث الناشئة تظهر أن الحماية من المرض الشديد تستمر لفترة أطول قليلاً بعد الإصابة الطبيعية، وتزيد إذا كان لدى شخص ما (مناعة هجينة) بمعنى أنه (تم تطعيمه وحدثت له إصابة بالعدوى)».
ويوضح أنه «نظراً لأن قلة من الناس في الصين كانت لديهم مناعة هجينة عندما بدأت هذه الموجة، فسيتم فقدان بعض (وليس كل) الحماية ضد المرض الشديد، ولكن المشكلة أن معدلات التطعيم بين كبار السن في الصين ضعيفة مقارنة بالشباب، وهذا سيؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة والوفيات، إلى جانب العدوى».
والموجة الحالية في الصين سوف تبلغ ذروتها في مرحلة ما ثم تنخفض، لكن متى تحدث هذه الذروة، ومدى ارتفاعها، فإن ذلك يعتمد على عدد الإصابات التي حدثت بالفعل، وهو ما لا نعرفه حقاً، كما يؤكد هنتر.
ولا يرى هنتر أن «الصين بإمكانها أن تفعل شيئاً لتغيير مسار هذا التفشي سوى تعزيز امتصاص اللقاح بين سكانها الأكبر سناً والأكثر ضعفاً»، مشيراً إلى أنه «قد لا يكون الوقت قد فات لذلك، لأن العديد من هؤلاء الأشخاص قد يتجنبون الاختلاط، وبالتالي لم يتعرضوا للفيروس بعد».
في المقابل، يشدد على أنه لا ينبغي تضخيم الخطر الذي يمكن أن يأتي من الصين. ويقول: «على عكس الصين، تتمتع معظم الدول الآن بمناعة وحماية عالية ضد الأمراض الشديدة والوفاة من (كوفيد - 19) بسبب ما تحقق من المناعة الهجينة».
ويضيف أن «غالبية المتغيرات المحددة في الصين من سلالات BA.5.2 وBF.7. وهذه السلالات بلغت ذروتها في أوروبا الصيف الماضي، واستمرت في الانخفاض، لذلك فإن أي تأثير من الصين، لن يضيف بشكل كبير إلى عدد هذه الإصابات».
ويتفق رابح الشيشني، أستاذ مساعد بالفيروسات في المركز القومي للبحوث بمصر، مع ما ذهب إليه هنتر، من أن «المتحورات المنتشرة في الصين لا يجب أن تقلق دول العالم الأخرى، لأن تأثيرها يتعلق بمستوى المناعة الضعيفة في الصين، وليس بسبب أنها خطيرة».
ويقول الشيشني إن «الخطر الوحيد الذي يمكن أن يقلق منه العالم هو أن تؤدي مستويات الإصابة المرتفعة إلى إنتاج متحور جديد بمواصفات أشد خطورة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «طالما يوجد ارتفاع في عدد الإصابات، فهذه بيئة مناسبة لظهور طفرات تنتج متحورات جديدة، قد يكون بعضها شديد الخطورة أو أقل في الخطورة».
لكن الشيشني، يؤكد على أن «هذا الخطر لا يخص الصين وحدها، فقد تؤدي أيضاً عدد الإصابات المرتفعة في أميركا حالياً بسبب المتغير XBB.1.5، في ظهور متغيرات شديدة الخطورة». ويقول: «ربما تكون المشكلة فقط في غياب المعلومات الواردة من الصين، والتي لا تمكن العالم من الاستعداد لهذا الخطر، ولكن ظهور متحورات جديدة سيكون أمراً معتاداً، وقد نضطر سنوياً إلى تغيير تركيبة اللقاحات، استناداً إلى المتحور السائد، مثلما نفعل مع الإنفلونزا».



سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.