البنك الدولي يشير لاحتمالية الركود العالمي وسط اقتصاد هش

رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)
رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)
TT

البنك الدولي يشير لاحتمالية الركود العالمي وسط اقتصاد هش

رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)
رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)

راجع البنك الدولي توقعاته للنمو العالمي خلال عام 2023 بشكل كبير، وخفضها إلى 1.7 في المائة، في مقابل توقعات نمو بنسبة 3 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، بسبب استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وتأثيرات الحرب في أوكرانيا.
وراجعت المؤسسة الدولية توقعاتها لجميع البلدان المتقدمة تقريباً، ولثلثي البلدان الناشئة أو النامية، على أن تسجل الولايات المتحدة خصوصاً نمواً ضعيفاً يقدر بنحو 0.7 في المائة، مع انعدام النمو في أوروبا قبل انتعاش ضعيف في عام 2024 نسبته 2.7 في المائة.
وقال البنك الدولي في أحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «يتباطأ النمو العالمي بشكل حاد في مواجهة التضخم المرتفع، ومعدلات الفائدة المرتفعة، وانخفاض الاستثمار، والاضطرابات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا... ونظراً للظروف الاقتصادية الهشة، فإن أي تطور سلبي جديد - مثل التضخم الأعلى من المتوقع، أو الارتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة من أجل احتوائه، أو عودة ظهور جائحة (كوفيد-19)، أو التوترات الجيوسياسية المتصاعدة - يمكن أن يدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود. وستكون هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من 80 عاماً التي تشهد ركودين عالميين خلال نفس العقد».
وبحسب البنك الدولي، فمن المتوقع أن ينتشر التباطؤ الحاد في النمو على نطاق واسع، مع تنقيح التوقعات في عام 2023 نحو خفض بنسبة 95 في المائة من الاقتصادات المتقدمة، وما يقرب من 70 في المائة من الأسواق الناشئة والنامية.
وعلى مدى العامين المقبلين، من المتوقع أن يبلغ متوسط نمو دخل الفرد في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية 2.8 في المائة - وهو مستوى أقل بنقطة مئوية كاملة من متوسط 2010-2019. وفي أفريقيا جنوب الصحراء - التي تمثل نحو 60 في المائة من الفقراء المدقعين في العالم - من المتوقع أن يبلغ متوسط معدل نمو دخل الفرد خلال 2023-2024 نسبة 1.2 في المائة فقط، وهو معدل يمكن أن يتسبب في ارتفاع معدلات الفقر، وليس انخفاضها.
وقال رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس: «تتفاقم الأزمة التي تواجه التنمية مع تدهور آفاق النمو العالمي. وتواجه البلدان الصاعدة والنامية فترة متعددة من النمو البطيء مدفوعاً بأعباء الديون الثقيلة وضعف الاستثمار؛ إذ يتم امتصاص رأس المال العالمي من قبل الاقتصادات المتقدمة التي تواجه مستويات ديون حكومية مرتفعة للغاية وأسعار فائدة متزايدة. وسيؤدي ضعف النمو والاستثمار في الأعمال إلى تفاقم الانتكاسات المدمرة بالفعل في التعليم والصحة والفقر والبنية التحتية والطلبات المتزايدة من تغير المناخ».
ومن المتوقع أن يتباطأ النمو في الاقتصادات المتقدمة من 2.5 في المائة في عام 2022، إلى 0.5 في المائة في عام 2023... وعلى مدار العقدين الماضيين، أنذرت التباطؤات بهذا الحجم بحدوث ركود عالمي.
وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 0.5 في المائة (-1.9 في المائة أقل من التوقعات السابقة، وأضعف أداء خارج فترات الركود الرسمية منذ عام 1970). ومن المتوقع أن يبلغ معدل نمو منطقة اليورو صفر في المائة (من 1.9 في المائة). وفي الصين، من المتوقع أن يبلغ النمو 4.3 في المائة (-0.9 في المائة أقل من التوقعات السابقة).
وباستثناء الصين، من المتوقع أن يتباطأ النمو في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية من 3.8 في المائة في 2022، إلى 2.7 في المائة في 2023، مما يعكس ضعفاً ملحوظاً في الطلب الخارجي يضاعف من ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة العملة، وتشديد شروط التمويل، والرياح المحلية المعاكسة الأخرى.
وبحلول نهاية عام 2024، ستكون مستويات الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الناشئة والنامية أقل بنسبة 6 في المائة تقريباً من المستويات المتوقعة قبل الوباء... وعلى الرغم من توقع اعتدال التضخم العالمي، فإنه سيظل أعلى من مستويات ما قبل الجائحة.


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.