رودولف هلال لـ «الشرق الأوسط» :لا يزال للشاشة الصغيرة تأثيرها في الناس

أكّد أن برنامجه «المجهول» ليس مقتبساً عن آخر

رودولف مع ضيفته في «المجهول»  شذى حسون (رودولف هلال)
رودولف مع ضيفته في «المجهول» شذى حسون (رودولف هلال)
TT

رودولف هلال لـ «الشرق الأوسط» :لا يزال للشاشة الصغيرة تأثيرها في الناس

رودولف مع ضيفته في «المجهول»  شذى حسون (رودولف هلال)
رودولف مع ضيفته في «المجهول» شذى حسون (رودولف هلال)

استطاع الإعلامي رودولف هلال أن يثبت موقعه على الساحة محاوراً فنياً بارعاً. فهو صعد درجات سلم الحرفية بتأنٍ، فتعلم من أخطائه واستفاد من تجاربه مما سمح له بتحقيق مراده. واليوم ومن خلال برنامجه التلفزيوني «المجهول» جذب المشاهد بطريقة حواراته، فاستحدث أسلوباً إعلامياً خاصاً به يرتكز على الشفافية والسلاسة من دون اختراق خطوط ضيفه الحمراء.
يعلق هلال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أبحث يوماً عن السبق الصحافي في عملي. ولكن أحياناً أحققه من دون سابق تخطيط وتصميم. كما أبتعد عن افتعال المشاكل مع الضيف كوني تخطيت هذه المرحلة مذ زمن».
يصف هلال نفسه بالحقيقي ويعتقد أن هذا ما يميزه عن غيره. فلا يساير الضيف على حساب مصداقيته وأحياناً يتخذ صفة محامي الشيطان كي يخرج منه ما يرد به، على أسئلة المشاهدين.
«ألتزم الصمت أحياناً وأقلل من الكلام مع ضيفي، تاركاً له المجال للتعبير بحرية. وفي الوقت نفسه تنطبع حواراتي باللعبة الإعلامية المعروفة المرتكزة على سؤال وجواب. فأنا لم أخترع أسلوباً خاصاً في الحوار، ولكني اخترت ما يناسب شخصيتي. فاعتمدت الشفافية والمصداقية والحقيقية كي تشكل العناوين العريضة في حلقات برامجي».
حوارات هلال لا ملل فيها، ويأخذ بعين الاعتبار احترام المشاهد والضيف معاً. فيطرح أسئلته بعفوية، ولا يقاطع ضيفه، ولا يسكت عند الجواب غير المقنع. ويوضح: «أُعد الحوار أياً كان نوعه، يشبه إلى حد كبير لعبة كرة الطاولة (بينغ بونغ). فهو يرتكز على قاعدة (هات وخذ) بعيداً عن الأسئلة والأجوبة التقليدية. والناس أحبت هذا الأسلوب لأنه يخاطبهم مباشرة ببساطته وشفافيته».
بشكل عام لا يحب هلال الحوارات التي تعتمد على التذاكي والتفوق المصطنعين. فيحاور ضيفه بصدق كي يتلقى منه الأمر نفسه. ويتابع: «أحياناً أطرح السؤال بواسطة عيني وهو أمر لم أكن أعرف إجادته من قبل. وبالتالي هذه الراحة التي أولدها عنده تسمح له بالتفاعل معي».
أن يتحدث الضيف براحة هو ما يطمح إليه رودولف دائماً في برامجه التلفزيونية، ويهمه في مقلب آخر ألا يكذب في إجاباته. ولكن ماذا حصل معه عند استضافته الفنان وديع الشيخ الذي غادر الحلقة قبل انتهائها؟ يرد: «وديع لم يكذب بل حاول إخفاء معلومات كنت أريده أن يخبرنا عنها. وعندما أحرجته لم يتمالك نفسه فغادر من دون أن يدلي بها».

يحقق برنامجه «المجهول» نجاحاً عبر شاشة «إل بي سي آي» (رودولف هلال)

ويكشف هلال عن أكثر الضيوف الذين تركوا لديه انطباعاً إيجابياً: «إنه الإعلامي طبيب الأسنان زياد نجيم. فقد قدمنا معاً حلقة تلفزيونية لافتة، لا زلت أحضرها حتى اليوم، بين وقت وآخر. فالحوار معه شيق وغير تقليدي ويأخذنا إلى عالمه الغني والجريء في آن. فهو ضيف يستطيع محاوره أن يتعلم منه الكثير للخلفية الغنية التي يملكها في جميع المجالات».
في برنامجه «المجهول» يستعين هلال بشخصية غامضة تضع القناع على وجهها اسمها «المجهول». مهمة هذه الشخصية التي تطل فجأة بين وقت وآخر، استفزاز الضيف أو طرح أسئلة محرجة عليه تكشف المستور.
ويحقق البرنامج نجاحاً ملحوظاً بحيث ينتظره المشاهد مساء كل سبت على شاشة الـ«إل بي سي آي». فهل صحيح أن فكرة البرنامج وإدخال هذه الشخصية عليه اقتبسها من آخر معروف؟ يرد: «هذا أمر غير صحيح وعارٍ عن الصحة تماماً. ولكن فكرة الشخصية الغامضة التي تطل في برنامجي استوحيتها من مجموعة الـ(أنونيموس) التي شكلت ظاهرة منذ انطلاقها في عام 2003 عبر الإنترنت. وعرف هؤلاء في اختراقهم ملفات وحسابات إلكترونية. ومن هنا ولدت فكرتي التي أرتكز فيها على نقل ملفات ضيوفي من الافتراضية إلى الشاشة الصغيرة. حتى إن القناع الذي يضعه (المجهول) اشتريته بـ3 دولارات من (أمازون). فمجموعة (أنونيموس) تستخدم الأقنعة عند إطلالتها على الإعلام وكل ما قمت به أني اعتمدت التكنولوجيا نفسها مع إجراء بعض الإضافات عليها».
ويخبرنا هلال عن هذه الشخصية: «هو ممثل لبناني أحضر معه الموضوعات الرئيسية لكل حلقة. فيستطيع تكوين فكرة واضحة عنها تخوله طرح الأسئلة التي يرغب فيها».
لماذا تفتقر الشاشة الصغيرة في لبنان للمحاورين؟ «لا أعرف السبب الحقيقي لهذا الأمر لأننا بالفعل نعاني منه في لبنان. ولكن أعتقد أن أوضاع محطات التلفزة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد تراجعت. وهو ما أثر على عملية إنتاج برامج جديدة. كما أن هناك إعلاميين خاضوا التجربة وما لبثوا أن اختفوا إن بالمرئي أو المسموع. وقد تكون وسائل التواصل الاجتماعي سرقت بعضهم، وما عادوا يهتمون بالشاشة الصغيرة. فراحوا يقدمون من خلال قنوات إلكترونية كالـ(يوتيوب) وغيرها برامج معينة، أو انشغلوا بما يسمونه (بودكاست). فالفرص المتوفرة على الشاشات الصغيرة قليلة بشكل عام، وهي تعد العامل الرئيسي لهذا النقص».
وماذا عن انفصالك عن قناة «إس بي آي» الإلكترونية؟ هل من نزاع بينكما؟ يوضح: «لا أبداً، الانفصال حصل بهدوء واحترام، فالاتفاق بيننا انتهى وقته بكل بساطة».
وعما إذا يعتبر اليوم نفسه يعيش الفترة الذهبية في مهنته الإعلامية يرد: «في كل فترة عمل نمر بها نعتقد أنها الذهبية. ولكني راضٍ اليوم عن برنامجي وعما أقوم به في هذه الفترة لا سيما أن نجاحه طال العالم العربي».
وعلى سيرة العالم العربي فرودولف هلال وابتداءً من الأسبوع الحالي يخصص حلقات من برنامجه «المجهول» لنجوم عرب. «سأفتتحها مع الممثل المصري أحمد زاهر على أن تكر السبحة بعده مع أسماء آخرين».
يؤلف هلال مع معد برنامجه علاء مرعب ثنائياً ناجحاً، فتعاونهما يعود إلى سنوات سابقة وفي برامج أخرى. ويعلق رودولف: «علاء شخص محترف جداً، وأتكل عليه كثيراً في عملي. فهو يعمل بحب ويهتم ويخاف على برنامجي مثلي تماماً».
ويتابع الإعلامي اللبناني برامج تلفزيونية لزملائه ويقول: «أشاهد الجميع وأتابع ضيوفهم وكيف يحاورونهم، وتعجبني كل من رابعة الزيات وكارلا حداد».
يقول هلال إنه يحتاج إلى وسائل التواصل الاجتماعي فقط لتسويق برامجه ليس أكثر. «بصفتي إعلامياً أملك حساباً على (تيك توك) أستخدمه منصة لتسويق عملي من خلال عرض أجزاء من حلقات من برامجي بعيداً عن يومياتي. وبالتالي فأنا أرى أن الشاشة الصغيرة لا تزال تتمتع بمركزها الإعلامي على الساحة». ويختم: «هناك شريحة لا يستهان بها من الناس يتابعونها ولا يهتمون بالسوشيال ميديا لا سيما من الأجيال السابقة. فيجدون فيها فسحة منوعة ترضي جميع الأذواق بالأسلوب والطريقة اللذين اعتادوا عليها».



«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)
صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)
TT

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)
صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي؛ إذ شُخّصت هذه المرأة النمساوية البالغة 33 سنة بـ«كوفيد» طويل الأمد بعد أخذها علاجات كثيرة، ولا تبذل أي مجهود كبير حتى اليوم خوفاً من مواجهة نوبة جديدة من الضعف العضلي المنهك.

تقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «حياتي متوقفة؛ لأنني لا أعرف إلى متى سيستمر مرضي». ويصبح فتح عبوة من المياه أشبه بالمهمة المستحيلة لها عند معاناتها نوبة ضعف عضلي.

كانت عوارض المرض في البداية تتمثل بدوار وخفقان في القلب، الأمر الذي بدأ فجأة يمنعها من المشي لمسافات قصيرة، قبل أن يغيّر مجرى حياتها. وفي خضم هذا التحوّل، اضطرت إلى التخلي عن دراستها في الفنون التطبيقية.

قبل خمس سنوات فقط، ظهر المرض في الصين. وتسبب مُذذاك في مقتل أكثر من سبعة ملايين شخص في مختلف أنحاء العالم، لكن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أنّ هذا الرقم هو أقل بكثير من الوفيات الفعلية.

تغيّرت حياتها جذرياً

من بين 777 مليون إصابة مسجلة، يعاني الملايين من أعراض طويلة الأمد، أبرزها التعب الشديد، وضيق التنفس، وآلام العضلات، وضباب الدماغ.

ويعاني 6 في المائة من الأشخاص المصابين بفيروس «كورونا» من شكله طويل الأمد. وتقول أنيتا جاين من برنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية، إن «هذه مشكلة خطرة تؤثر على عدد كبير من الأشخاص»، في حين تزيد الإصابات المتكررة من خطر مواجهة «كوفيد» طويل الأمد.

وأصيبت شانتال بريت التي تعيش في برن السويسرية بفيروس «كورونا» في مارس (آذار) 2020. وقد تغيّرت حياتها جذرياً.

وتقول: «كنت أستيقظ في الصباح الباكر... لكن اليوم أحتاج إلى ساعتين على الأقل للنهوض من السرير؛ لأنني أشعر بألم في كل أنحاء جسمي».

وتضيف المرأة البالغة 56 عاماً والتي تصف نفسها بأنها كانت «مدمنة عمل»: «لم أعد آمل أن أستيقظ بحالة جيدة، ولا يزال الشعور بالعجز والانكسار يذهلني».

وكانت الرياضة بمثابة «علاج» لهذه العدّاءة السابقة التي تفتقد الحركة. ويتعيّن عليها راهناً أن تخطط لحياتها اليومية لحظة بلحظة، كالتفكير مثلاً أين ستجلس إذا خرجت للتسوق.

وتقول إنها خسرت وظيفتها في مجال الاتصالات قبل عامين بعد أن طلبت تخفيض ساعات عملها، مشيرة إلى أنها حصلت على عمل بدوام جزئي في الأبحاث الجامعية المتعلقة خصوصاً بـ«كوفيد» طويل الأمد.

«مرض غير مرئي»

تقول شانتال بريت إنّ عدم فهم محيطها للمرض يُتعبها، مضيفة أنه «مرض غير مرئي وينطوي تالياً على وصمة».

وتتابع: «حتى الأشخاص الذين يعانون إصابات شديدة والموجودون في المنزل داخل غرفة مظلمة، وينزعجون جداً من أدنى ضجيج، لا يظهر عليهم المرض».

تُصاب النساء أكثر من الرجال بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعاني نحو 15 في المائة من المصابين من أعراض مستمرة لأكثر من عام، وقد سُجل سنوياً أكثر من مائتي حالة.

وتشهد الإصابات تقلباً مع الوقت؛ إذ قد تصبح أقل أو أكثر خطورة؛ مما يضع الطواقم الطبية في موقف عجز. وقد يكون التشخيص مهمة شاقة لهم.

تقول الخبيرة في منظمة الصحة العالمية: «ينبغي راهناً مضاعفة الجهود لمساعدة المرضى والأطباء بالأدوات اللازمة للكشف عن الحالة في مرحلة مبكرة».

وثمة مسألة أخرى مرتبطة بدعم المرضى مالياً؛ إذ إن كثيرين منهم يصبحون في حالة غير مستقرة. ورفعت أندريا فانيك دعويين قضائيتين على أمل الحصول على أكثر من 800 يورو (840 دولاراً) شهرياً، وهو ما تتلقاه حالياً. هذا المبلغ غير كافٍ في النمسا لتغطية نفقاتها التي زادت بفعل العلاجات والأدوية. لكنّ القضيتين لا تزالان عالقتين.

وتأمل شانتال بريت أن تحدث الأبحاث تقدّماً في علاج متلازمات ما بعد العدوى، وهو «ما ينبغي معرفته بشكل أفضل»، على حسب قولها. وتضيف: «سنواجه جائحة أخرى، وسنبقى عاجزين أيضاً».