«أم الخلول».. محار بمذاق أعماق البحار

فوائدها الصحية لا تحصى وتؤكل نيئة أو مطهية

أم الخلول.. طبق شعبي مطلوب جدا في الاسكندرية
أم الخلول.. طبق شعبي مطلوب جدا في الاسكندرية
TT

«أم الخلول».. محار بمذاق أعماق البحار

أم الخلول.. طبق شعبي مطلوب جدا في الاسكندرية
أم الخلول.. طبق شعبي مطلوب جدا في الاسكندرية

«خليك كول.. وكل أم الخلول».. مقولة مصرية جديدة بين الشباب في المدن الساحلية المصرية التي تشتهر بوجود نوع من الأصداف البحرية أو فواكه البحر اللذيذة الشهيرة باسم «أم الخلول» التي يبدأ موسمها في الربيع، حيث يحلو تناولها على الشواطئ مع نسمات البحر المنعشة، ويشتهر بها الباعة المتجولون على الشواطئ بنداءاتهم الطريفة «اللي مياكلش أم الخلول يحتار على طول»، وهي تباع في قراطيس ورقية ومعها البهارات لتناولها على الشاطئ، حيث يعتبرها «الإسكندرانية» نوعا من مسليات البحر كالفريسكا، وهي قريبة في حجمها إلى اللب الأبيض، وتعتر وجبة لذيذة ومغذية في النزهات البحرية باليخوت.
ورغم اسمها الطريف فإنه اسم علمي ويعرف باللاتينية Arca noae وقد ذكرها عالم الأحياء والمستشرق السويدي بيتر فورسكول (1732 - 1763) في حديثه عن الكائنات البحرية في مصر.

تشبه المحار

تتميز «أم الخلول» التي تشبه أصناف المحار البحرية بصغر حجمها وألوانها الجميلة التي تتدرج ما بين الأرجواني والرمادي والأبيض اللؤلؤي ولها مذاق يشعرك بأنك تغوص في أعماق البحر، وهي فعليا تتمتع برائحة البحر اليودية المنعشة، تتميز بنعومة محارتها. وهي نوع من أنواع الكائنات الرخوية التي تعيش داخل صدفتين وتكون موجودة على عمق بسيط بين الرمال في مياه البحر الأبيض المتوسط، ومياه قناة السويس وبحيرة التمساح بالإسماعيلية، وهي معروفة لدى أهل مدن القناة بـ«البكلويظ».
توجد أم الخلول في معظم أوقات العام إلا أن موسمها يبدأ مع نهاية فصل الشتاء وحلول الربيع، وتتوافر بكثرة في فصل الصيف إلا أن أشهى مذاق لها في الربيع.
وبتنوع أماكن وجودها تتنوع أيضا طرق أكلها وطهيها؛ ففي الإسكندرية تؤكل أم الخلول بعد غسل الأصداف جيدا بالماء، حيث تترك بالماء لمدة ربع ساعة، نقوم خلالها بإعداد الصوص أو ما يطلق عليه «الحِباش» وهو عبارة عن فصوص ثوم مفرومة، ويتبل بقليل جدا من الملح (لأنها مملحة) والكمون والشطة حسب الرغبة، ثم يضاف إليها قليل من زيت الذرة بمقدار ملعقة كبيرة واحدة، وعصير حبة ليمون كبيرة. ويتم فتح محارة أم الخلول والإمساك بطرف الصدفة وغمسها في الصوص ثم تناول ما بين الصدفتين، حيث يمتزج مذاقها بمكونات الصوص التي تضفي عليها مذاقا لذيذا.

حساء أم الخلول

أما في مدن القناة وبعض المحافظات في دلتا مصر، فتستخدم لعمل «حساء أم الخلول» ويفضل طهي الصدفات الكبيرة في الحجم نوعا ما عن تلك التي تؤكل نيئة. وطريقتها سهلة جدا، حيث يتم قدح قليل من الزيت مع الثوم ثم تلقى كمية من أم الخلول التي تم غسلها بالماء سلفا، ويتم التقليب حتى تتفتح المحارات، ويضاف كوبان من الماء وتترك على نار هادئة حتى يتكثف الحساء، ويمكن أن يضاف إليه الكمون أو بهارات الأسماك، أو الكراث للتزيين.
وبالطبع تتميز أم الخلول كغيرها من المأكولات البحرية بفوائد كثيرة، فهي تعطي للجسم الحيوية وتساعد على الاسترخاء لاحتوائها على اليود، وهي مصدر غني جدا بالأوميجا 3 التي تقضي على الشيخوخة وتحافظ على معدلات الكولسترول الجيد وتقضي على الكولسترول الضار، كما أن خلطها بالثوم والكمون والليمون يخلص الجسم من السموم، ويعتبر مصلا مضادا للأكسدة. كما أن «أم الخلول» غنية بالمعادن الضرورية للجسم، حيث تحتوي على نسب من المغنسيوم، والبوتاسيوم، والفسفور، والكالسيوم، والزنك التي تعمل على زيادة حيوية الجسم ونشاطه، لذا فهي منشط جنسي طبيعي للجنسين. وكذلك تعتبر مصدرا جيدا للبروتين والدهون وغيرها من العناصر التي تسهم في تغذية الدماغ وبناء الخلايا العصبية والمخية، ما يساعد على تحسين الذاكرة والتمتع باليقظة الذهنية، فهي تخلصك مما يطلقون عليه «وَخَم الربيع» أو «كسل الربيع».



ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.