الناطق باسم «حماس»: لم يطرأ أي تغيير على وضعنا في تركيا

مصادر إسرائيلية تتحدث عن تزايد الضغط التركي على «حماس»

إردوغان يصافح هنية قبل لقائهما في إسطنبول في 1 فبراير 2020 (أ.ب)
إردوغان يصافح هنية قبل لقائهما في إسطنبول في 1 فبراير 2020 (أ.ب)
TT

الناطق باسم «حماس»: لم يطرأ أي تغيير على وضعنا في تركيا

إردوغان يصافح هنية قبل لقائهما في إسطنبول في 1 فبراير 2020 (أ.ب)
إردوغان يصافح هنية قبل لقائهما في إسطنبول في 1 فبراير 2020 (أ.ب)

قال الناطق باسم حركة «حماس» حازم قاسم ان أي تغيير لم يطرأ على علاقة الحركة بالسلطات التركية، حتى بعد التقارب الاسرائيلي التركي الاخير، وان كل ما ينشر عن  تضييق الخناق على مسؤولي الحركة وعناصرها هناك او ترحيلهم، «مجرد اشاعات اسرائيلية لها اهدافها».
وأضاف قاسم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: لم يطرأ اي تغيير على وضع الحركة في ساحة تركيا. وما نشرته هارتس «ينضوي في اطار الاشاعات والاكاذيب»، مشددا على ان «حماس منتبهة لمحاولة اسرائيل القديمة والمستمرة في ضرب علاقتها بحلفائها، «ما في ذلك خلق بيئة ضاغطة ضد حماس وقوى المقاومة الأخرى في كل الساحات والجبهات». واضاف «حماس حريصة على علاقتها مع الجميع وتتصرف وفق ذلك».
وسخر قاسم من تركيز اسرائيل على تنقل مسؤول مثل العاروري في أكثر من دولة، «بناء على الضغوط الاسرائيلية ضد الدول». وقال ان شخصا مثله من الطبيعي ان يتحرك بهذه الطريقة «في النهاية الاعتبارات الخاصة بحماس هي التي تحدد كيف تتحرك وأين ومتى. تركيا لم تطلب اي شيء من الحركة ولا يوجد أي تغيير اجرته الحركة هناك على نشاطها».
وكانت صحيفة «هآرتس العبرية قد ذكرت أن المخابرات التركية زادت من الضغط على مسؤولي وعناصر حركة «حماس» في الاراضي التركية بعد اتمام المصالحة مع اسرائيل واعادة تعيين السفراء.
وقالت الصحيفة، ان المخابرات التركية قيدت تحركات قيادة «حماس» في أراضيها، عى الرغم من أنها لم تستجب تماما للطلب الاسرائيلي الواضح باغلاق مكتب الحركة هناك وطرد جميع مسؤولي وقادة ونشطاء الحركة من اراضيها.
وحسب الصحيفة فإنه بدلاً من ذلك عقّدت أنقرة مسـاعي قيادات «حماس» للاستقرار على أراضيها، وهي خطوة رأتها إسرائيل «غير كافية» وليست مُحكمة حتى الآن، لكنها جيدة لجهة إجبار صالح العاروري، المسؤول عن قيادة حركة «حماس» في الضفة الغربية، على البقاء ساعات إضافية أطول على خط تركيا - لبنان.
وخلال أعوام طويلة اشتكت إسرائيل لتركيا من العاروري وقادة «حماس» وكذلك لدول وسيطة للضغط على أنقرة، قبل أن تضع أمامها العام الماضي وبعد استئناف العلاقات، طلباً رسمياً بطرده ورفاقه من الأراضي التركية بصفته المسؤول عن عدة هجمات ضد إسرائيليين.
وينحدر العاروري من قرية عارورة، قرب رام الله، وقد عاش في الضفة الغربية واعتُقل في السجون الإسرائيلية قبل إبعاده إلى الخارج عام 2010، ضمن صفقة وافق عليها وأثارت آنذاك كثيراً من الجدل.
برز نجم العاروري حينما اتهمته إسرائيل في 2014 بمحاولة تشكيل البنية العسكرية لحركة «حماس» في الضفة الغربية، واتهمته بالوقوف خلف تنفيذ «حماس» عمليات عدة، من بينها خطف 3 مستوطنين في الخليل وقتلهم، وهي العملية التي يمكن وصفها بشرارة حرب 2014 على غزة.
ويستقر العاروري لفترة أطول الآن في لبنان، بعد التقييدات التي فُرضت عليه للبقاء خارج تركيا قدر الإمكان، وفي ظل أن قائمة الدول المستعدة لاستضافته محدودة أو غير آمنة.
إلى جانب العاروري، تركز إسرائيل على ضرورة طرد أسرى محررين وصلوا لاحقاً إلى تركيا وراحوا يعملون تحت إمرة العاروري، لمساعدته في بناء بنى تحتية عسكرية في الضفة الغربية، وليس الاكتفاء فقط بتقييد نشاطهم. وأقرت السفيرة الإسرائيلية إيريت ليليان، قبل تسلمها منصبها نهاية العام الماضي، بأن إسرائيل تتوقع مع عودة العلاقات القوية إغلاق مكتب «حماس» في أنقرة.
ورأت ليليان أن أكبر عقبة أمام التقدم الإيجابي في العلاقات، هو وجود مكتب لحركة «حماس» في إسطنبول، معتبرةً أن «حماس منظمة إرهابية، وليس سراً أن إسرائيل تتوقع من تركيا إغلاق هذا المكتب وترحيل النشطاء من هنا».
تصريحات ليليان جاءت على الرغم من طرد أنقرة قبل أواسط العام نفسه 2022 عدداً من الناشطين الفلسطينيين من حركة «حماس»، بناءً على قائمة مقدمة إليها من الجانب الإسرائيلي. وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» آنذاك، أن تركيا طردت عدداً من نشطاء حركة «حماس» خلال الأشهر الأخيرة، ونقلت عن مصدر فلسطيني، أن الحديث يدور عن عشرات النشطاء التابعين لحركة «حماس» من الدوائر المختلفة بعدما رفضت تركيا عودتهم إلى أراضيها.
التحرك التركي جاء بعد رسالة إسرائيلية تضمنت أسماء ومعلومات عن تورط جزء منهم في أنشطة عسكرية. وفي ردّهم، توجه الأتراك إلى حركة «حماس» وقالوا لهم إنهم تعهدوا بألا يقوموا بأنشطة مثل تلك من تركيا وأن عليهم الآن المغادرة.
أما «حماس» فواصلت سياسة الصمت تجاه تركيا فيما يخص التعامل مع قادتها ونشطائها منذ أبلغتهم أنقرة بأن بقاءهم على أراضيها مرهون بوقف أي نشاط ضد إسرائيل، حتى بعدما قامت بترحيل أعداد منهم أو رفضت عودتهم.
وتدرك «حماس» أنه مع مرور الوقت تتشدد تركيا في إجراءاتها ضد الحركة، بفضل التقارب مع إسرائيل، وهو تقارب مزعج للحركة التي لا تريد إحراق السفن مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وما زال لها وجود على الأراضي التركية، ولا تريد أن تخسره بشكل نهائي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم