من هو المرشد الأعلى للصحوة الإسلامية؟

كتاب «حصن المسلم» وراية «داعش» وجهاز كومبيوتر تعرض كأدلة في محكمة بلجيكية ديسمبر 2022 (د.ب.أ)
كتاب «حصن المسلم» وراية «داعش» وجهاز كومبيوتر تعرض كأدلة في محكمة بلجيكية ديسمبر 2022 (د.ب.أ)
TT

من هو المرشد الأعلى للصحوة الإسلامية؟

كتاب «حصن المسلم» وراية «داعش» وجهاز كومبيوتر تعرض كأدلة في محكمة بلجيكية ديسمبر 2022 (د.ب.أ)
كتاب «حصن المسلم» وراية «داعش» وجهاز كومبيوتر تعرض كأدلة في محكمة بلجيكية ديسمبر 2022 (د.ب.أ)

لطالما طُرح هذا السؤال في التسعينات، بصورة مكثفة لم تكن موجودة من قبل: من هو المرشد الأعلى للصحوة (الإسلامية)؟ كنا نتساءل صادقين عن المرجعية. عندنا في السعودية، كان يقال إن سلمان العودة وسفر الحوالي هما من قام بهذه الوظيفة. إلا أن هذا الجواب يرد عليه أن في كل قطر عربي هناك أسماء تقوم بنفس مهمة الحوالي والعودة. كل هؤلاء في دائرة واحدة، مجرد بيادق ومرجعيات صغرى. كل هؤلاء لا يصلون إلى مرتبة المرشد، بل كلهم يقومون بوظائف أقل، ويستندون إلى اسم أكبر منهم كلهم.
برز لفترة اسم محمد سرور زين العابدين، الشيخ السوري الذي كان شيخاً للعودة والحوالي، إلا أن التحليل البسيط للمشهد يدل على أن سرور كان أقل قيمة من تلميذيه العودة والحوالي، وأن من يعرفونه ويعرّفون به ليسوا سوى تلاميذه ومنهم العودة والحوالي. أما هو فلا يكاد يكون معروفاً إلى اليوم عند أحد، لولا محاولات التلميع الأخيرة التي حدثت في آخر حياته، عندما قبل الظهور على إحدى القنوات الإخوانية مع عزام التميمي.
انتقل السؤال إلى جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، لكن الجواب جاء سريعاً بأن مرشد «الإخوان المسلمين» لا يملك سلطة على أصغر مشايخ الدين السعوديين، ولا على أمثالهم في بقية الدول العربية والإسلامية. كل بلد من البلدان العربية لديها مرجعياتها التي تصرّح بتحفظات ليست بالقليلة على نهج «الإخوان» وميوعتهم المبالغ فيها.
هذا ينطبق أيضاً على القرضاوي الإخواني الخارج بدوره عن سلطة مرشده. فالقرضاوي لا يمثل سلطة عليا على رجال الدين في السعودية وبقية الدول العربية والإسلامية. هناك «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، الذي ترأسه القرضاوي وكان نائبه سلمان العودة، وأصبح يرأسه اليوم أحمد الريسوني بعد وفاة القرضاوي، لكن هذا الاتحاد الصوري، بالإضافة إلى أنه حديث العهد، لا يملك أي مرجعية حقيقية ولا سلطة مؤثرة، ولدى الإسلاميين من التحفظات على هذا الاتحاد وأفكاره، ما يطول مقام حصره.
هل يمكن أن يكون سيد قطب وكتابه في «ظلال القرآن»، هو المرشد؟ واقعاً، لا. ينظر الإسلاميون إلى قطب على أنه رجل أدب وبلاغة وليس بشيخ دين، بمعنى أن الثقة لا يمكن أن تكون كاملة بما يصدر عنه مما يصنّف على أنه فتاوى شرعية، وإن كان بعضهم لا يستطيع كبت الافتتان برؤيته ورؤية أخيه محمد قطب عن جاهلية القرن العشرين وتكفير الحكومات القائمة، فاختلط الشِعري بالشرعي، رغم ما تعاني منه حججهما من ضعف شديد في إثبات دعواهما. فدعواهما عن كفر الحاكم لو طبقناها على خليفة المسلمين عمر بن الخطاب للزم القطبيين أن يكفّروه، لأن عمر قد غيَّر بعض الأحكام فعلاً، أسقط حد قطع يد السارق في زمن المجاعة، وهذه يمكن أن يجاب عنها بأن المجاعة لها أحكام خاصة لا تطبق في الظروف العادية. وأسقط عمر بن الخطاب حكم المؤلفة قلوبهم من الزكاة، وهذه لا يمكن الإجابة عنها لأن الحاجة للمؤلفة قلوبهم ستظل قائمة للأبد، ولا يمكن أن يقال إن الله قد أغنانا عنهم، فقد يعود الإسلام لمثل حاله الأولى في وقت الضعف، فيحتاج إلى المؤلفة قلوبهم ليدافعوا عنه. وغيَّر عمر في حكم الطلاق، فصارت الطلقات الثلاث في مجلسٍ واحد ثلاثاً، فعل هذا من باب التأديب، وهذه لو اجتمع القطبيون كلهم ليجيبوا عنها، ما أجابوا عنها علمياً.
النص القرآني واضح (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، أي أن الرجل إذا طلق امرأته ألف مرة فهي طلقة واحدة، ولا تقع عليها الطلقة الثانية إلا بعد المراجعة والصلح كفرصة ثانية، فإن طلقها بعد ذلك ثم راجعها وصالحها، فإنها ترجع وليس له بعدها إلا طلقة واحدة هي التسريح بإحسان.
استطردت في هذه القضية لأوضح سذاجة وسطحية وسُقم فهم سيد قطب وأخيه محمد للإسلام، فهما يتصوران أن أي تغيير في الحكم، ولو حُكماً واحداً، يلزم منه تكفير الحاكم. وهذا ما مارسوه ومارسه أتباعهم فعلاً خلال العقود الماضية، دون أن يحاول واحد منهم أن يجيب على سؤال أكرر طرحه منذ عشرين سنة: لماذا لم يكفّروا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، إذا كان تغيير الحكم يلزم منه تكفير الحاكم؟
من هو إذن المرشد الأعلى للصحوة الإسلامية؟
لم يعد لدي شك في أن ابن تيمية أحمد بن عبد السلام، هو من كان يقوم بهذه المهمة طوال الوقت. ابن تيمية هو المرشد الحقيقي لطريقة التعامل مع الحاكم ومع المحكومين، وهو رجل ينطبق عليه وصف «الإسلامي السياسي» بكل وضوح، وطريقته شديدة التعقيد، ولا تخلو من المراوغات الطويلة والانطلاق من الإيمان بأن رجل الدين شريك في الحكم. هذا ما اعترف به راشد الغنوشي نفسه في أحد كتبه.
لا يمكن أبداً أن ننسى واقعة الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي وقع أسيراً في يد جماعة «داعش» فقاموا بإحراقه على مشهد كل القنوات الإخبارية، مستندين في ذلك على فتوى لابن تيمية تبيح مثل هذا الفعل الشنيع، من باب المعاملة بالمثل. وقد منعت الحكومة الأردنية بيع كتب ابن تيمية بعد هذه الحادثة التي لا يمكن أن تمحى من الذاكرة.
هل يمكن أن ندافع عن ابن تيمية في هذا المضمار؟ الواقع أنه ليس من حق الإرهابيين والدواعش أن يحتجوا بابن تيمية في قضية التكفير، لأنه لم يُكفّر الحكام المماليك الذين عاش في كنفهم في الشام ومصر، وأنه كان متعاوناً مع الدولة، بل إنه في بعض نصوصه شبَّه حكم السلطان محمد بن قلاوون حاكم مصر والشام والحجاز وبعض أفريقيا بأنه على منهج الخلافة الراشدة.
هنا يتضح خداع التكفيريين، وما أكثرهم، ممن يحاولون أن ينتزعوا من ابن تيمية عبارة تصلح للقياس، بحيث يكفرون الحكومات العربية اعتماداً عليه واحتجاجاً بقوله. ومع ذلك لن يجدوا في كل ما كتب ما يدعم توجههم، فموقفه واضح، هو مع الدولة وليس ضدها، ولم يحدث أبداً أن كفّر أحد السلاطين، مع أن كلامه في الجاشنكير بيبرس الثاني كان شديداً للغاية.
سيظل الإرهابيون يحتجون به على كل حال، سواء أرَضينا بذلك أم لا. وعند الباحث الصادق مع نفسه، سوف ستبقى قضية إقامة الحدود مشكلة، لأنه هو الفقيه الذي خالف الأئمة الأربعة وكل فقهاء المسلمين، عندما قرر أن إقامة الحدود لا تترك للأمراء (أي لا تترك للدولة)، بل يجوز للأفراد أن يقوموا بها، ليسوا أي أفراد، وإنما من يُظن بهم الفقه والدين. بطبيعة الحال، يمكن أن نلتمس العذر لابن تيمية بأن زمنه كان زمن ثورات وفتن، ولم يكن الاستقرار السياسي على الدرجة المطلوبة، فما كان الناس يفرغون من صد عدوان الصليبيين، حتى يحتاجوا إلى التعبئة العامة لمواجهة التتار، وفي مثل هذه الظروف قد تحدث البلبلة والفوضى وشتات الفكر.
قضية ابن تيمية وإقامة الحدود من قبل الأفراد لها قصة، هي قصة عساف النصراني، الذي ادعى عليه أشخاص أنه في وسط الشام الإسلامي سب الإسلام ونبي الإسلام، فقام ابن تيمية مع هؤلاء الأشخاص وتقدموا بشكوى للدولة، وطالبوا بقتل عساف، إلا أن الأخير أثبت للدولة أن من رفعوا عليه القضية ابتداءً، انطلقوا من عداوة شخصية ولم يقولوا الحقيقة. لا يوجد مصدر تاريخي واحد ممن نقلوا القصة أنكر أن عسافاً أثبت الخصومة هنا، فما كان من نائب السلطان الأمير في الشام إلا أن جلد ابن تيمية ومن معه لأنه رأى أنهم افتروا على الرجل.
إذا ثبت أن تلك الدعوى كانت كيدية، فهذا يعني أن حكم الأمير صحيح. ومع هذا فقد عاد وطيّب خاطر ابن تيمية ومن معه بشيء من المال، إلا أن نفسه لم تطب، وأحزنه أن يجلد أمام الملأ بهذه الصورة، فخرج ليكتب كتابه «الصارم المسلول». نص غاضب للغاية، قرر فيه وفي غيره مبادئ كارثية للغاية، مثل قوله «لا تسلم الحدود إلى السلطان إذا كان مضيّعاً لها أو عاجزاً عنها مع إمكان حفظها من دونه». ويقول: «وقول من قال (لا يقيم الحدود إلا السلطان ونوابه)، إذا كانوا قادرين قائمين بالعدل، كما يقول الفقهاء (الأمر إلى الحاكم) إنما هو العادل القادر، فإذا كان مضيّعاً لأموال اليتامى، أو عاجزاً عنها فلا يجب تسليمها إليه مع إمكان إقامتها من دونه».
كلام واضح لا لبس فيه، وصريح أدى إلى تقرير الفوضى وإقرارها، وأنه يجوز لمن يظن في نفسه العلم والدين أن يقتل وأن يجلد دون ارتباط بالدولة. هذه الجرأة لم تقع من أي فقيه من فقهاء السنة الأربعة، ومن هنا بالضبط بدأت قصة عشق الإرهابيين لنصوص ابن تيمية.
* باحث سعودي



غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.