نتنياهو يتهم معارضيه بخدمة الفلسطينيين

اعتداء جسدي على نائب وأديب عربيين في مظاهرة ضده بتل أبيب

نتنياهو يتهم معارضيه بخدمة الفلسطينيين
TT

نتنياهو يتهم معارضيه بخدمة الفلسطينيين

نتنياهو يتهم معارضيه بخدمة الفلسطينيين

استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رفع العلم الفلسطيني في المظاهرة الكبيرة (ليلة السبت – الأحد)، في تل أبيب، ليتهم معارضيه بالعمل لخدمة الفلسطينيين. ورغم مشاركة 20 – 30 ألف متظاهر فيها، إلا أنه اعتبرها «مظاهرة لليسار الفوضوي الهامشي الذي يمثل أقلية ضئيلة».

وكان نتنياهو يتكلم في مستهل جلسة حكومته (الأحد)، فقال إن حكومته انتخبت بأكثرية ساحقة لأن الجمهور يؤيد إحداث تغيير في سياسة الحكم. ولذلك فإن حكومته تنوي الاستمرار في التغييرات، ورفض حتى اقتراح النائب بيني غانتس، رئيس الحزب الوطني المعارض، التوصل إلى حلول وسط في التغييرات في الجهاز القضائي.

وكانت عدة حركات قانونية وبعض الأحزاب الإسرائيلية المعارضة، نظمت مظاهرة احتجاجية في مدينة تل أبيب ضد سياسة حكومة نتنياهو التي تحدث شروخا في المجتمع الإسرائيلي، فرفعوا شعاراً مركزيا يقول: «هذا هو بيتنا جميعاً». ولوحظ في المظاهرة حضور عربي من فلسطينيي 48 بشكل بارز، وشاركت فيها أحزاب «العمل» و«ميرتس» و«قائمة الجبهة والعربية للتغيير»، وحركات مثل «نقف معا» و«جمعية حقوق الإنسان والمواطن» و«جنود يكسرون الصمت» و«بتسيلم» وغيرها. كما استقطبت إلى صفوفها الألوف من مؤيدي الأحزاب الليبرالية القلقين على الشروخ الاجتماعية، والذين يرون أن حكومة نتنياهو تسعى لانقلاب على نظام الحكم بواسطة القوانين.

وقالت حركة «نقف معا»، الداعي الرئيسي للمظاهرة: «الآن أصبح واضحاً أن الحكومة الجديدة أعلنت الحرب على الجمهور. الحكومة الجديدة تريد حكماً بلا قيود وبلا ضوابط. تريد إشعال هذا المكان - وإشعالنا - بالنار. إن حركة «نقف معا» التي تقود أكثر من عشرين منظمة وجمعية وتنظم هذه المظاهرة، تدعو كل من يؤمن بأن هذه الدولة يجب أن تكون بيتا دافئا للجميع، وبأننا جميعاً، نستحق جميعاً حقوقاً متساوية وملكية بيت متساوية، أن ينضم للكفاح الشعبي لإسقاط حكومة التمييز والكراهية والعنف التي أقامها نتنياهو».

غير أن المظاهرة كشفت عن خلافات عميقة بين المتظاهرين، ففي حين أبرز العرب واليساريون موضوع الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية المحتلة باعتباره أساس البلاء في إسرائيل ورفع عدد منهم أعلام فلسطين، انسحبت مجموعة تضم المئات واتخذت لها مسلكا آخر ورفعت أعلام إسرائيل واتجهت نحو مقر حزب الليكود وأكملت المظاهرة هناك، وقال قادة هذا التيار، إنهم يريدون إسقاط حكومة نتنياهو وحكم اليمين ويريدون السلام مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين، لكنهم لا يوافقون على رفع علم فلسطين في قلب تل أبيب ولا يوافقون على السير وراءه.

واستمرت غالبية المتظاهرين في المسار المقرر للمظاهرة سلفا، ووصلت إلى باحة متحف تل أبيب. وقدرت الشرطة عدد المتظاهرين بحوالي 15 ألف شخص، ووسائل الإعلام قدرته بحوالي 20 ألفا، لكن المنظمين قدروه بحوالي 30 ألفا. واعتبر العدد كبيرا في كل الأحوال، حيث إن الحديث يجري عن حكومة لم تتم أكثر من أسبوع على عملها. وقالت رئيسة حزب العمل، وزيرة المواصلات السابقة، ميراف ميخائيلي: «يا لها من طاقات بشرية. خرجنا مع الآلاف من المتظاهرين الرائعين للتظاهر والصراخ بصوت واضح - لا يمكن تدمير بلدنا! سنواصل الكفاح من أجل ديمقراطيتنا».

ولوحظ أن مجموعة من عشرات نشطاء اليمين واليمين المتطرف حاولت التشويش على المتظاهرين بالصراخ واتهامهم بالخيانة، وفي مرحلة ما، اعتدى أحدهم على النائب أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير، والأديب عودة بشارات، بعد إلقاء كلمتيهما في المظاهرة.

وكتب عودة، على صفحته في «تويتر»، أنه «بعدما أنهيت خطابي هذا المساء ضد الفاشيين، تعرضت لهجوم لفظي من قبل مجموعة من المتظاهرين الفاشيين، حتى أن أحدهم اعتدى على جسديا قبل أن يدفعه المتظاهرون الذين كانوا حولي».

وأوضح أن «هذه نتائج الحكومة التي تظاهرنا ضدها الليلة، أنا بصحة جيدة ولن يثنيني أحد عن تمثيل الجمهور». وكتب النائب عودة على صفحته في فيسبوك: «تعقيباً على الأخبار حول الاعتداء علي بمظاهرة تل أبيب الجبارة. نعم لقد تم الاعتداء علي جسدياً من مجموعة فاشست الذين يؤذي نفوسهم المريضة أن يروا عربياً يخطب بمظاهرة الألوف في تل أبيب. يعادونني ويعادون شعبنا بدافع من العنصرية المريضة ولمواقفنا الحادة ضد العنصرية. وقام شباب رائعون بصد هؤلاء الفاشيين».

وظهر الشخص المعتدي في مقطع مصور وقال من خلاله بشكل صريح: «لقد صفعت النائب أيمن عودة من دواع شخصية بعد وصفه لي بالتباكي قبل عدة شهور». وجاء في بيان لتحالف الجبهة والعربية للتغيير: «هذا الاعتداء الجبان هو نتيجة التحريض الأرعن والمنهجي على النائب عودة وعلى قائمة الجبهة والعربية للتغيير، كما أن كل اعتداء واستخدام للعنف هو مدان ويجب معاقبة الفاعل».

يذكر أن رئيس المعارضة الإسرائيلية يمضي عطلة استجمام في بريطانيا. وقد اتهمه عدد من قادة قوى المعارضة اليسارية بالقصور وعدم الجدية في معارضة حكومة نتنياهو. وحسب نائب في حزب العمل فإن «ما جعل نتنياهو يفوز بالحكم فقط بعد مرور 18 شهرا على سقوطه، هو أنه أظهر جوعا وشغفا للعودة إلى الحكم. فمن دون أن يظهر هذا الجوع أمام الناس، لن يمنعوه أصواتهم ولن يعيدوه إلى الحكم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.