فاطمة البنوي: اهتمام السينما السعودية بالقصص المحلية سيقودها للعالمية

قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها جمعت حكايات كتابها الجديد من شوارع جدة

البنوي في لقطة من فيلم «سكة طويلة»
البنوي في لقطة من فيلم «سكة طويلة»
TT

فاطمة البنوي: اهتمام السينما السعودية بالقصص المحلية سيقودها للعالمية

البنوي في لقطة من فيلم «سكة طويلة»
البنوي في لقطة من فيلم «سكة طويلة»

أقامت حفل توقيع لكتابها الجديد «القصة الأخرى» في القاهرة، بعد أن أيام من طرحه وتوقيعه في السعودية، وهو العمل الذي جمعت أوراقه من شوارع مدينة جدة.
كشفت الفنانة السعودية فاطمة البنوي، كواليس تأليفها كتاب «القصة الأخرى»، وتحدثت إلى «الشرق الأوسط» عن الصعوبات التي واجهتها أثناء تصوير فيلمها «سكة طويلة» الذي عرضته منصة نتفليكس أخيراً، وعن التغير الذي تم في حياتها بعد أن اختارتها مجلة «التايمز» عام 2018 واحدة من أهم 100 شخصية قيادية شابة، ومشروعها السينمائي الجديد «بسمة» الذي تقوم ببطولته وإخراجه وكتابته.
سردت فاطمة في بداية حديثها رحلة تأليفها لكتابها الأول «القصة الأخرى»، قائلة: «أفتخر بأن كتاب (القصة الأخرى) بدأ من قلب مدينة جدة السعودية، وجاء اليوم لقلب العاصمة المصرية القاهرة، الفكرة جاءت عام 2015 من شوارع مدينة جدة بجمع قصص من الجمهور عن قضايا تشغل تفكيرهم، وكانت جدة في ذلك الوقت مختلفة تماماً عن جدة الحالية التي نراها تستضيف فعاليات عالمية منها مهرجان البحر الأحمر السينمائي، فلم يكن هناك انفتاح مثلما نشاهد الآن، فكانت فكرة جمع القصص صعبة، وكان الجمهور يشارك فيها باستحياء وتخوف، مما جعلني أزور مقاهي ومهرجانات وبازارات وشوارع لا أعرفها لكي أقابل أبطالها».
أضافت: «بعد السنوات الثلاث الأولى من رحلة الجمع، وجدت أمواجاً من القصص تتدفق علي، لدرجة أنني أيقنت أن القصص هي التي احتضنتني ولست أنا التي احتضنتها، وخلال رحلتي مع سرد وكتابة القصص وجدت نفسي أكتب جزءاً من مذكراتي منها ذكرياتي وأنا صغيرة وتفاصيل نشأتي وتربيتي في مدينة جدة».

فاطمة البنوي

ونوهت فاطمة البنوي إلى «تشوقها لتكرار التجربة مرة أخرى: «لدي فضول كبير من أجل جمع قصص أخرى، بعد أن تغيرت مدينة جدة وأصبح جمهورها مرحباً بالتغيرات التي حدثت، وكلي شغف لمقابلة الشخصيات التي جمعت منها القصص في كتابي الأول، لكي أعرف ماذا حدث لهم، وهل لديهم قصص أخرى جديدة، أم ما زالت تلك القصص كما هي لم تتغير».
ورفضت الكاتبة السعودية، اختزال فكرة كتابها في كونه عملاً يدافع عن المرأة، قائلة: «(القصة الأخرى) كتاب اجتماعي نفسي، كما أنني ضد فكرة اختزال المرأة ووضعها في تصنيف خاص بها، فالمرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع، وحينما يتم وضعها في مبادرة خاصة يعد تهميشاً لها، وأنا من واجبي ككاتبة تسليط الضوء على المجتمع بكل عناصره من أجل تطويره بداية من الأطفال والشباب والسيدات والشيوخ، وأرى أن أبطال كتابي الذين جمعت قصصهم هم شخصيات شجاعة وبالتحديد السيدات منهن، لأنهن استطعن التغلب على خوفهن وسمحن بنشر جزء من ضعفهن وخوفهن في الكتاب».
وأشارت الفنانة السعودية إلى أن «الانفتاح السعودي كان مفاجأة للأجانب، فالمجتمع السعودي يحب الحياة ولديه شغف وطموحات كبرى للوصول للعالمية في شتى المجالات، ولذلك لم أتفاجأ بما حدث في المجتمع السعودي بعد الانفتاح، لأن ما حدث هو أننا فتحنا أبوابنا بالكامل للعالم أجمع، ولكننا كشخصيات سعودية لم نتغير، البعض كان يرسم لنا صوراً في خيالهم، ويضعنا في قوالب خاصة غير صحيحة، وأرى أن ما حدث ويحدث هو أمر رائع، وكل من يزورنا ويعيش معنا سيعرف معنى الكرم الأصيل العربي، فالسعوديون يفتحون بيوتهم لجيرانهم بشكل دائم».
وأشارت بطلة فيلم «بركة يقابل بركة» أن السينما السعودية تسير في مسارها الصحيح: قائلة: «السينما السعودية تشهد تطورات هائلة خلال الفترة الماضية، وسنصل للعالمية قريباً، إذا اهتممنا بالقصص المحلية، وقدمناها للعالم الخارجي دون أي إضافات».
وتؤكد الفنانة السعودية أن حياتها تغيرت كثيراً منذ أن اختارتها مجلة «التايمز» عام 2018 كأحد أهم القادة الشباب في العالم: «ما كنت أفعله خلال الفترة بين عامي 2015 إلى 2018 كان مجرد هواية، ولكن بعد عام 2018 أصبحت أصنع من هوايتي عملي، والآن عملي أصبح وظيفتي، فكل ما أفعله هو أنني أحلم وأصر وأجتهد لكي أحقق كل ما في نفسي ولكي أحقق أحلامي وأحلام أهل بلدي ووطني».
وعن ابتعادها عن الأعمال الرومانسية ودخولها عالم المطاردات والأكشن عبر فيلم «سكة طويلة» الذي عرض أخيراً عبر منصة «نتفليكس» وشاركها في بطولته الفنان السعودي براء عالم، تقول: «منذ بدايتي وأنا أقدم الأدوار الرومانسية وبالتحديد منذ عام 2015 حينما قدمت فيلم (بركة يقابل بركة)، الذي حقق وقت عرضه نجاحاً كبيراً في السعودية والوطن العربي لكونه من أوائل الأفلام السينمائية التي عرضت بالمملكة».
وترى فاطمة البنوي أن «اختصار فيلم (سكة طويلة) في كونه فيلم أكشن يعد ظلماً له. (الفيلم أبعد من أن يطلق عليه فيلم أكشن)، العمل يدور في إطار إنساني عن أخ وشقيقته يبحثان عن طراز الأسرة القديم الذي أصبح غير موجود حالياً في العالم الذي نعيش فيه، وأصبح كل فرد يعيش بمفرده، ويتضمن حوارات عميقة قوية وذكية، ولكن في إطار تشويقي من خلال الأكشن».
وتأمل المخرجة السعودية أن يكون جمعها بين التأليف والإخراج والتمثيل نقطة قوة لها وليس صراعاً يضعفها: «أعتقد أن ما أفعله حالياً نقطة قوة لي وليس صراعاً داخلياً، لأن عملية الإخراج والكتابة تتصارع دائماً مع التمثيل خلال العمل الفني، ولكن حينما تستطيع تحقيق التوازن بينهما سيكون لديك أفضلية، فأنا حينما أجسد دوراً يكون في تفكيري رؤية المخرج الذي يوجهني، وعندما أخرج عملاً أستطيع توظيف توجهاتي للفنان الذي يتلقى مني التوجيهات بشكل سهل ومبسط لأنني ربما أكون قبلها بيوم مكانه كممثلة أجسد دوراً أمام مخرج آخر».
وتنتظر فاطمة عرض فيلمها الجديد «بسمة» الذي يعد أول تجربة فنية لها تجمع فيها بين التأليف والإخراج والتمثيل: «الآن منشغلة في رحلة مطولة مع المونتاج لكي أضع اللمسات الأخيرة على أول فيلم روائي طويل أخرجه وأمثل فيه».


مقالات ذات صلة

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)
يوميات الشرق من كواليس فيلم «المستريحة» (إنستغرام ليلى علوي)

أفلام مصرية جديدة تراهن على موسم «رأس السنة»

تُراهن أفلام مصرية جديدة على موسم «رأس السنة»، من خلال بدء طرحها في دور العرض قبيل نهاية العام الحالي (2024)، وأبرزها «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة 2».

داليا ماهر (القاهرة)

خالد الكمار: مقارنة الأجيال الجديدة بالكبار ظالمة

لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها (حسابه على {إنستغرام})
لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها (حسابه على {إنستغرام})
TT

خالد الكمار: مقارنة الأجيال الجديدة بالكبار ظالمة

لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها (حسابه على {إنستغرام})
لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها (حسابه على {إنستغرام})

قال الموسيقار المصري، خالد الكمار، إن التطور التكنولوجي الكبير في تقنيات الموسيقى التصويرية للأعمال الدرامية ساعد صُنَّاع الدراما على الاستفادة من تلك التقنيات وتوظيفها درامياً بصورة أكبر من أي وقت مضى، مشيراً إلى أن التعقيدات التقنية قبل نحو 3 عقود كانت تعوق تحقيق هذا الأمر، الذي انعكس بشكل إيجابي على جودة الموسيقى ودورها في الأحداث.

وقال الكمار لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن شارات الأعمال الدرامية لم تعد تحظى بفرص الاستماع والعرض مع العمل بالشكل الأفضل، فإن هذا لم يقلل من أهميتها».

وأضاف أن «منصات العرض الحديثة قد تؤدي لتخطي المقدمة عند مشاهدة الأعمال الدرامية على المنصات، أو عدم إذاعتها كاملة؛ بسبب الإعلانات عند العرض على شاشات التلفزيون، على عكس ما كان يحدث قبل سنوات بوصف الموسيقى التصويرية أو الأغنية الموجودة في الشارة بمنزلة جزء من العمل لا يمكن حذفه».

يسعى الكمار لإقامة حفل خلال قيادة أوركسترا كامل لتقديم الموسيقى التصويرية على المسرح مع الجمهور (حسابه على {فيسبوك})

وعدَّ الكمار أن «عقد مقارنات بين جيل الشباب والكبار أمر ظالم؛ لأنه لا تصح مقارنة ما يقدِّمه الموسيقيون الشباب من أعمال في بداية حياتهم، بما قدَّمه موسيقيون عظماء على غرار عمار الشريعي بعد سنوات طويلة من خبرات اكتسبها، ونضجٍ فنيٍّ وظَّفه في أعماله».

ولفت إلى أن «الفنان يمرُّ في حياته بمراحل عدة يكتسب فيها خبرات، وتتراكم لديه مواقف حياتية، بالإضافة إلى زيادة مخزونه من المشاعر والأفكار والخبرات، وهو أمر يأتي مع كثرة التجارب والأعمال التي ينخرط فيها الفنان، يصيب أحياناً ويخطئ في أحيان أخرى».

وأضاف أن «تعدد الخيارات أمام المشاهدين، واختيار كل شخص الانحياز لذوقه شديد الخصوصية، مع التنوع الكبير المتاح اليوم، أمور تجعل من الصعب إيجاد عمل فني يحظى بتوافق كما كان يحدث حتى مطلع الألفية الحالية»، مؤكداً أن «الأمر لا يقتصر على الموسيقى التصويرية فحسب، ولكن يمتد لكل أشكال الفنون».

خالد الكمار (حسابه على {فيسبوك})

وأوضح أن فيلماً على غرار «إسماعيلية رايح جاي»، الذي عُرض في نهاية التسعينات وكان الأعلى إيراداً في شباك التذاكر «أحدث تأثيراً كبيراً في المجتمع المصري، لكن بالنظر إلى الفيلم الأعلى إيراداً خلال العام الحالي بالصالات وهو (ولاد رزق 3) فإن تأثيره لم يكن مماثلاً، لوجود تفضيلات أكثر ذاتية لدى الجمهور، وهو ما لم يكن متاحاً من قبل».

لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها، مؤكداً أن اسم كل من المخرج والكاتب يكون له دور كبير في حماسه للتجارب الفنية، خصوصاً بعض الأسماء التي عمل معها من قبل على غرار مريم نعوم وكريم الشناوي وبيتر ميمي؛ لثقته بأن الموسيقى التي سيقدمها سيكون لها دور في الأحداث.

وذكر الكمار أنه «يفضِّل قراءة المسلسلات وليس مجرد الاستماع إلى قصتها من صُنَّاعها، لكن في النهاية يبدأ العمل وفق المتاح الاطلاع عليه سواء الحلقات كاملة أو الملفات الخاصة بالشخصيات»، مشيراً إلى أنه «يكون حريصاً على النقاش مع المخرج فيما يريده بالضبط من الموسيقى التصويرية، ورؤيته لطريقة تقديمها؛ حتى يعمل وفق التصور الذي سيخرج به العمل».

ورغم أن أحداث مسلسل «مطعم الحبايب» الذي عُرض أخيراً دارت في منطقة شعبية؛ فإن مخرج العمل أراد الموسيقى في إطار من الفانتازيا لأسباب لها علاقة بإيقاع العمل، وهو ما جرى تنفيذه بالفعل، وفق الكمار الذي أكد أنه «يلتزم برؤية المخرج في التنفيذ لكونه أكثر شخص على دراية بتفاصيل المسلسل أو الفيلم».

لا ينكر خالد الكمار وجود بعض الأعمال التي لم يجد لديه القدرة على تقديم الموسيقى الخاصة بها؛ الأمر الذي جعله يعتذر عن عدم تقديمها، في مقابل مقطوعات موسيقية قدَّمها لأعمال لم تكن مناسبة لصُنَّاعها ليحتفظ بها لديه لسنوات ويقدِّمها في أعمال أخرى وتحقق نجاحاً مع الجمهور، مؤكداً أنه يقرِّر الاعتذار عن عدم تقديم موسيقى ببعض الأعمال التي يشعر بأن الموسيقى لن تلعب دوراً فيها، ولكن ستكون من أجل الوجود لاستكمال الإطار الشكلي فحسب.

وعن الاختلاف الموجود في الموسيقى التصويرية بين الأعمال الفنية في مصر ونظيرتها في السعودية، قال الموسيقار المصري الذي قدَّم تجارب عدة بالمملكة من بينها الموسيقى التصويرية لفيلم «حوجن»: «صُنَّاع الدراما والسينما السعوديون يفضِّلون استخدام الموسيقى بشكل أكبر في الأحداث أكثر مما يحدث في مصر».

ولفت إلى حرصه على الانغماس في الثقافة الموسيقية السعودية بشكل أكبر من خلال متابعتها عن قرب، الأمر الذي انعكس على إعجاب صُنَّاع الأعمال بما يقدِّمه من أعمال معهم دون ملاحظات.

وحول تجربة الحفلات الموسيقية بعد الحفل الذي قدَّمه في أغسطس (آب) الماضي بمكتبة الإسكندرية، قال الكمار إنه يسعى لإقامة حفل كبير في القاهرة «من خلال قيادة أوركسترا كامل لتقديم الموسيقى التصويرية على المسرح مع الجمهور بشكل يمزج بين الحفل الموسيقي والمحاضرة، عبر شرح وتفصيل المقامات والآلات الموسيقية المستخدَمة في كل لحن قبل عزفه، بصورة يستطيع من خلالها المستمع فهم فلسفة الألحان».

وأوضح أن «هذه الفكرة مستوحاة من تجربة الموسيقار عمار الشريعي في برنامج (غواص في بحر النغم) الذي قدَّمه على مدار سنوات، وكان إحدى التجارب الملهمة بالنسبة له، واستفاد منه كثيراً»، مشيراً إلى أنه فكَّر في تقديم فكرته عبر «يوتيوب» لكنه وجد أن تنفيذها على المسرح بحضور الجمهور سيكون أفضل.