احتفاء الحوثيين بذكرى مقتل سليماني يثير غضب الشارع اليمني

صورة لسليماني والمهندس تعتلي معرضاً لصور قتلى الميليشيات الحوثية في صنعاء (الشرق الأوسط)
صورة لسليماني والمهندس تعتلي معرضاً لصور قتلى الميليشيات الحوثية في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

احتفاء الحوثيين بذكرى مقتل سليماني يثير غضب الشارع اليمني

صورة لسليماني والمهندس تعتلي معرضاً لصور قتلى الميليشيات الحوثية في صنعاء (الشرق الأوسط)
صورة لسليماني والمهندس تعتلي معرضاً لصور قتلى الميليشيات الحوثية في صنعاء (الشرق الأوسط)

أثار احتفاء الميليشيات الحوثية في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها للمرة الثالثة على التوالي بالذكرى الثالثة لمصرع القيادي في الحرس الثوري الإيراني قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني التي تصادف الثالث من يناير (كانون الثاني) ردود فعل غاضبة في أوساط اليمنيين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ رأى ناشطون وإعلاميون في ذلك «تأكيداً على تبعية الجماعة المطلقة للنظام الإيراني».
وكانت الميليشيات الحوثية أحيت هذا العام بطريقتها الخاصة الذكرى السنوية لمقتل سليماني وأبو مهدي المهندس، بالتزامن مع قيامها بنصب صور ضخمة لهما في شوارع متفرقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها.
المظاهر الاحتفائية بذكرى مقتل سليماني قوبلت بموجة سخط واستغراب في أوساط سكان صنعاء، بالنظر إلى ضخامة الصور التي نشرتها الميليشيات والتي تقدر تكلفتها بملايين الريالات في حين يعيش أكثر من 25 مليون يمني، بحسب التقديرات الأممية، تحت خط الفقر.
وتداول الناشطون اليمنيون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً عملاقة من صنعاء ومدن أخرى لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، اللذين لقيا حتفهما بغارة جوية لطائرة أميركية من دون طيار قرب مطار بغداد في يناير عام 2020.
ويعلق قاسم، وهو اسم مستعار لأحد الموظفين في مكتب الأشغال العامة بصنعاء، على الاحتفاء الحوثي ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجماعة وفي سبيل إثبات تبعيتها لإيران استخدمت مساحات إعلانية واسعة وبالغة الثمن لإغراق شوارع العاصمة وبقية المدن بصور سليماني».
ويضيف «يمكن أن يتفهم السكان قيام الميليشيات الحوثية بنصب صور قادتها القتلى وزعيمها وأقاربه، إلا أن قيامها للعام الثالث على التوالي بإحياء ذكرى مقتل سليماني بهذه الصورة، دليل على أنها تسعى لمسخ الهوية اليمنية وسلخها من محيطها العربي وتحويل اليمن إلى منطلق لاستهداف دول الجوار ونشر الفوضى والإرهاب في المنطقة وتهديد خطوط الملاحة والمصالح الدولية».
في السياق نفسه، استهجن موظف حكومي من صنعاء اكتفى بالترميز لاسمه بـ«سعيد. ع»، احتفاء الجماعة مجدداً بذكرى مقتل سليماني وتخصيص ميزانية لطباعة صوره، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في ظل معاناة لا يزال يكابدها ملايين السكان بفعل الانقلاب والحرب وسياسات الفساد والعبث والقمع التي تنتهجها الجماعة.
ووصف سعيد احتفاء الجماعة الحوثية بالذكرى بأنه «تكريس من قِبلها لهيمنة إيران على المحافظات اليمنية الخاضعة تحت سيطرتها، وتعزيز لتبعيتها المطلقة لنظام طهران الإرهابي».
وقال «الأحرى بالميليشيات الحوثية أن تستجيب لمطالب الموظفين اليمنيين المتكررة بدفع مرتباتهم، بدلاً من تسخير الأموال لصالح مناسبات دخيلة على المجتمع اليمني».
إلى ذلك، استهجن ناشطون سياسيون وإعلاميون في صنعاء تحول إعلام الميليشيات الحوثية بكل فروعه من مقروء ومسموع ومرئي إلى مجرد ما وصفوه بـ«بوق من أبواق الدعاية الرخيصة لقادة طهران وللحديث عن الصريع سليماني وسيرته الحافلة بجملة لا حصر لها من الجرائم والانتهاكات ضد المواطنين العرب».
ويشير عبد الله، الذي يعمل محرراً في أحد المواقع الإلكترونية العاملة من صنعاء، إلى أن ذلك السلوك الحوثي «يأتي بالتزامن مع تحول كبار قادة ومشرفي وناشطي الجماعة الحوثية إلى أبواق تمجّد تلك العناصر الإيرانية وتحرض اليمنيين» وتدعوهم إلى ما أسموه «التحرك الجاد لأخذ الثأر والانتقام ممن قتلهم».
ويقول صحافي آخر يعمل في مناطق سيطرة الميليشيات في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إنه من الخزي والعار أن تحتفي مدن يمنية عدة، بما فيها العاصمة العربية صنعاء بذكرى مقتل الإرهابي وقاتل أطفال العرب قاسم سليماني».
وكانت تقارير دولية عدة أكدت في وقت سابق، أن النفوذ الإيراني في اليمن صار كالنفوذ الإيراني بالعراق بفضل الولاء الحوثي الشديد لطهران.
وفي أكثر من مناسبة هاجمت الحكومة اليمنية احتفاء الميليشيات الحوثية بذكرى مقتل القيادي في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وعدّته «دليلاً إضافياً على تبعية الميليشيات لنظام طهران».
وبحسب ما قاله وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، فإن إحياء ميليشيا الحوثي أي فعاليات بذكرى ما أسماه «الإرهابي قاسم سليماني»، «تأكيد جديد على التبعية والانقياد الحوثي الكامل لنظام الملالي في إيران، ومساعي طهران لتحويل الأراضي اليمنية إلى مقاطعة فارسية».
وأضاف الإرياني، في سلسلة تغريدات على «تويتر» بالقول «إن ميليشيا الحوثي تنفق مئات الملايين للاحتفاء برموز الإرهاب الإيراني ممن تلطخت أيديهم بالدماء في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، ورفع صور الهالك سليماني في شوارع العاصمة صنعاء، في حين الملايين من المواطنين بمناطق سيطرتها يتضورون جوعاً وفقراً في أكبر مأساة إنسانية».


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».