تقلص السيطرة الروسية الميدانية إلى 16 % من الأراضي الأوكرانية

ما الذي يعنيه بوتين حين يربط التفاوض بـ«أخذ التغيرات الميدانية بعين الاعتبار»؟

صغار يحملون العلم الأوكراني على طريق باخموت (رويترز)
صغار يحملون العلم الأوكراني على طريق باخموت (رويترز)
TT

تقلص السيطرة الروسية الميدانية إلى 16 % من الأراضي الأوكرانية

صغار يحملون العلم الأوكراني على طريق باخموت (رويترز)
صغار يحملون العلم الأوكراني على طريق باخموت (رويترز)

لم تعد روسيا ترفض العودة إلى طاولة التفاوض مع أوكرانيا. إلا أن كبار المسؤولين فيها، بدءاً من الرئيس فلاديمير بوتين، يربط خطوة كهذه بقبول السلطات الأوكرانية أن تأخذ بعين الاعتبار «التغيرات الميدانية» التي حصلت منذ أن بدأت «العملية العسكرية الخاصة» التي أطلقها موسكو صبيحة 24 فبراير (شباط) الماضي. وفي المقابل، فإن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يشترط، من جانبه، انسحاب القوات الروسية من كامل الأراضي الأوكرانية بما فيها شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا في عام 2014.
ولأن مواقف الطرفين متباعدة إلى حد التناقض التام، ولأنه لا وسيط في الوقت الراهن يسعى لطرح مبادرات وتسويات، فإن الحرب متواصلة. وإذا كان الموقف الأوكراني واضحاً وقاطعاً لجهة المطالبة بانسحاب روسي كامل إلى حدود أوكرانيا، لعام 1991؛ أي خروج روسيا من كل شبر احتلته، سواء كان في عام 2014 أو منذ انطلاق حربها على أوكرانيا، فإن الموقف الروسي يكتنفه بعض الغموض.
تجدر الإشارة بداية إلى أن مجلس الدوما الروسي عمد إلى التصويت على قانون بضم 4 مناطق أوكرانية لروسيا هي جمهوريتا دونيتسك ولوهانسك، ومقاطعتا زابوريجيا وخيرسون. وفي أوج تقدمها داخل الأراضي الأوكرانية، نهاية مارس (آذار) الماضي، سيطرت القوات الروسية على 24.4 % من الأراضي الأوكرانية البالغة مساحتها الإجمالية، بما فيها شبه جزيرة القرم، 603550 كيلومتراً مربعاً. لكن هذه القوات خسرت الكثير من الأراضي الأوكرانية، وآخِرها الضفة اليمنى من مدينة خيرسون بعد أن كانت قد خسرت مدناً وقرى واقعة شمال وشرق أوكرانيا وتحديداً في محيط مدينة خاركيف؛ وهي ثانية المدن الأوكرانية. كذلك فإن القوات الأوكرانية قضمت بعض ما كانت قد كسبته روسيا في الأيام الأولى من الحرب في منطقة الدونباس. ووفق الأرقام الدقيقة التي توفرها مؤسسة «War Mapper»، فإن روسيا لم تعد تسيطر اليوم إلا على مساحة لا تزيد عن 16 % من الأراضي الأوكرانية، بما فيها شبه جزيرة القرم. والأسوأ من ذلك بالنسبة لموسكو أنه ليست لها سوى سيطرة جزئية على المناطق الأربع التي ضمتها نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.
امرأة تعبر فوق بقايا جسر مدمّر في باخموت (أ.ف.ب)
وبالنظر إلى ما تقدم، فإن سؤالاً يطرح نفسه بقوة: ما الذي يعنيه بوتين بحديثه عن «أخذ الحقائق الميدانية الجديدة بعين الاعتبار؟».
من نافل القول إعادة التذكير بأمرين؛ الأول أن كييف ترفض أية خسارة لأراضيها، ومن ثم فإن فكرة الضم ليست مطروحة جذرياً على بساط البحث، خصوصاً أنها تعتبر أن قواتها، بالاستناد إلى الدعم الغربي المتصاعد، قادرة على هزيمة روسيا في الميدان واستعادة كامل الأراضي المحتلة. والأمر الثاني أنه لو سلّمنا جدلاً- وهو مستبعد- بأن كييف قبلت التفاوض، فما الذي سيطلبه بوتين وما سيقبل به؟ هل سيطالب بالمقاطعات الأربع وفق التقسيم الإداري الأوكراني أم سيكتفي بما تسيطر عليه قواته؟
واضح أن السؤال نظري بحت، لكنه يبين ضعف الموقف الروسي وإخفاقات بوتين في أوكرانيا منذ بداية حربه عليها؛ ليس فقط ميدانياً، وهو أمر واضح، بل أيضاً على المستوى السياسي الدبلوماسي، ذلك أن طروحاته لا تستقيم ولا تؤخذ بجدية.


مقالات ذات صلة

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

العالم إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

أعلنت السلطات المعينة من روسيا في القرم إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية. وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف على منصة «تلغرام»: «هجوم آخر على سيفاستوبول. قرابة الساعة 7,00 مساء (16,00 ت غ) دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، صباح اليوم (الخميس)، نقلاً عن خدمات الطوارئ المحلية، أن حريقاً شب في جزء من مصفاة نفط في جنوب روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة. وقالت «تاس»، إن الحادث وقع في مصفاة «إلسكاي» قرب ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود. وأعلنت موسكو، الأربعاء، عن إحباط هجوم تفجيري استهدف الكرملين بطائرات مسيرة، وتوعدت برد حازم ومباشر متجاهلة إعلان القيادة الأوكرانية عدم صلتها بالهجوم. وحمل بيان أصدره الكرملين، اتهامات مباشرة للقيادة الأوكرانية بالوقوف وراء الهجوم، وأفاد بأن «النظام الأوكراني حاول استهداف الكرملين بطائرتين مسيرتين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

تثير الهجمات وأعمال «التخريب» التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو (أيار) التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا. في الأيام الأخيرة، ذكّرت سلسلة من الحوادث روسيا بأنها معرّضة لضربات العدو، حتى على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. تسببت «عبوات ناسفة»، الاثنين والثلاثاء، في إخراج قطارَي شحن عن مساريهما في منطقة محاذية لأوكرانيا، وهي حوادث لم يكن يبلغ عن وقوعها في روسيا قبل بدء الهجوم على كييف في 24 فبراير (شباط) 2022. وعلى مسافة بعيدة من الحدود مع أوكرانيا، تضرر خط لإمداد الكهرباء قرب بلدة في جنو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».