متطوعو «مكافحة الإرهاب» في أفريقيا... «سلاح ذو حدين»

اتهامات بعمليات قتل لمدنيين على «أساس عرقي»

جنود خارج البرلمان في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو في 14 أكتوبر (أ.ب)
جنود خارج البرلمان في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو في 14 أكتوبر (أ.ب)
TT

متطوعو «مكافحة الإرهاب» في أفريقيا... «سلاح ذو حدين»

جنود خارج البرلمان في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو في 14 أكتوبر (أ.ب)
جنود خارج البرلمان في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو في 14 أكتوبر (أ.ب)

لجأت دول أفريقية، لا سيما في غرب القارة، إلى تجنيد متطوعين مدنيين للتعاون مع جيوشها في حربها ضد الإرهاب المتفشي، لكن حقوقيين وخبراء يرون أن اللجوء إلى تلك الميليشيات قد يسبب معضلات كبرى تفاقم خطر انعدام الأمن.
واتهمت (الثلاثاء) منظمة حقوقية في بوركينا فاسو تدعى (CISC)، إحدى الميليشيات المنخرطة مع الجيش في مكافحة الإرهاب وتعرف باسم المتطوعين للدفاع عن الوطن (VDP)، بـ«قتل مدنيين». وقالت إن القوة المدنية التي تدعم الجيش في معركته المستمرة منذ 7 سنوات ضد الجماعات الإرهابية، هي «المسؤولة عن مقتل 28 عثر على جثثهم مقتولين بالرصاص في بلدة نونا بشمال غربي البلاد».
وذكرت أن الأحداث في نونا بدأت بـ«هجوم إرهابي» على مقر محلي للميليشيات المتطوعين. وأضافت أن عناصر الميليشيات نفذوا على إثر ذلك «هجمات دامية انتقاماً». وبحسب المنظمة، «وقعت ثلاث حوادث اختطاف وقتل خارج نطاق القانون يُزعم أنها تورطت فيها VDP، في الفترة التي سبقت الأحداث».
وتضاعفت الهجمات التي تشنها جماعات مرتبطة بتنظيمي داعش والقاعدة في بوركينا فاسو منذ عام 2015، وأدت إلى مقتل الآلاف ونزوح مليون شخص على الأقل. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أطلقت السلطات في بوركينا فاسو حملة لتجنيد 50 ألف متطوع للقتال ضد الجماعات الإرهابية ونجحت الحملة في تجنيد 90 ألف مواطن.
وترى ليام كار المحللة في مشروع التهديدات الحرجة التابع لـ«معهد أميركان إنتربرايز»، أن الحكومات في جميع أنحاء غرب أفريقيا قامت بتجنيد قوات من المتطوعين لتعويض افتقار قواتها الوطنية إلى الموارد والإمكانات».
وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «استخدمت الكاميرون ونيجيريا ومالي ميليشيات ترعاها الدولة. وتنظم معظم ميليشيات الدفاع عن النفس على أسس عرقية وقبلية وإثنية، ما يؤدي بها إلى إدامة العنف العرقي، وتصفية الحسابات القبلية، وتفاقم التوترات المحلية». وتعتقد كار أن «هذه العوامل تحد من الفائدة الإجمالية لهذه الميليشيات، ويمكن أن تجعلها في بعض الأحيان عاملاً سلبياً بشكل كامل من خلال دفع المجتمعات المهمشة والمستهدفة نحو الانضمام للجماعات الإرهابية».
وقالت كار: «كثيراً ما ربط المحللون الأمنيون وجماعات حقوقية، ميليشيات VDP بانتهاكات حقوق الإنسان منذ إنشائها عام 2020، فكثيراً ما تستهدف تلك الميليشيات مجموعات عرقية معينة يرون أنها مقربة من الجماعات الإرهابية. وتشمل انتهاكات حقوق الإنسان هذه الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل غير القانوني للمسلحين المشتبه بهم».
وأضافت: «يعد ذلك جزءاً من عقيدة تلك الميليشيات، لأنها تشكلت من ميليشيات عرقية للدفاع عن النفس موجودة مسبقاً، وفشلت في جذب العديد من أعضاء الجماعات العرقية الأخرى من خارج هذه الميليشيات».
وسبق أن قررت الحكومة النيجيرية وقف دعم ميليشيات مالية متطوعة لمكافحة الإرهاب، بالقرب من الحدود النيجيرية مع مالي بعد عام 2018، عندما أدركت الحكومة أن الميليشيات كانت تؤجج التوترات المحلية وتخلق عنفاً أكثر مما كانت تمنعه.
ويرى المحلل التشادي المتخصص في شؤون الساحل الأفريقي، عبد السميع جبرين، أن لجوء حكومات غرب أفريقيا، لميليشيات من المتطوعين، هو «سلاح ذو حدين حيث تفتقر الحكومات القدرة للسيطرة وتصمت حيال ممارساتها، فيما تستغل الميليشيات موقعها كقبائل مقربة من الحكومة في تصفية الحسابات مع قبائل وإثنيات أخرى».
وقال جبرين لـ«الشرق الأوسط»: «الميليشيات المتطوعة عادة ما يكون أفرادها مقربين من الحكومات، حيث يتم اختيارهم على أساس التقارب الإثني والقبلي والعشائري مع أفراد من الحكومات»، مضيفاً: «تواجه بوركينا فاسو، وهي دولة متعددة الديانات والقبائل والإثنيات، بموازاة حربها على الجماعات الإرهابية صراعاً قبلياً مستمراً ولا يقتصر عليها فقط بل يمتد إلى دول مثل مالي والنيجر وتشاد وأجزاء من موريتانيا».
وشرح جبرين: «على سبيل المثال، يسود مناخ دائم من العداء وعدم الثقة نتيجة للعداوات بين قبائل محلية وقبائل الفولان المنتشرة في جميع دول الساحل، وترى تلك القبائل المحلية قبائل الفولان كحليف للجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وغيرهما».
وقال: «الحكومات أيضاً لديها قناعات سلبية حيال قبائل الفولان، حيث يرونها تهديداً للأمن ويقومون بشكل مبطن بدعم القبائل المنخرطة في استهداف الفولان... على خلفية تلك الصراعات تشهد المنطقة طوال الوقت عمليات كر وفر وقتل وهجمات متبادلة في سياق الدفاع عن النفس وحماية الممتلكات والمواشي والثروة والأرض».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نيجيريا والهند تتفقان على زيادة التعاون في الأمن البحري ومكافحة الإرهاب

رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)
رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)
TT

نيجيريا والهند تتفقان على زيادة التعاون في الأمن البحري ومكافحة الإرهاب

رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)
رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)

اتفقت نيجيريا والهند، اليوم الأحد، على زيادة التعاون بينهما في مجالات الأمن البحري والمخابرات ومكافحة الإرهاب، خلال زيارة رسمية لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

مودي هو أول رئيس وزراء هندي يزور نيجيريا منذ 17 عاماً بدعوة من رئيسها بولا تينوبو، الذي يسعى إلى جذب استثمارات من بعض أكبر الاقتصادات في العالم، وفقاً لوكالة «رويترز».

وجاء في بيان مشترك أن مودي وصل إلى العاصمة أبوجا، مساء أمس السبت، واجتمع مع تينوبو في المقر الرئاسي، اليوم الأحد، حيث ناقشا التنمية الاقتصادية والدفاع والرعاية الصحية والأمن الغذائي.

ومع ازدياد التهديدات في خليج غينيا والمحيط الهندي، اتفق البلدان على تنسيق العمل لحماية طرق التجارة البحرية ومكافحة القرصنة.

وتسعى نيجيريا إلى جذب مزيد من الاستثمارات الهندية وخطوط الائتمان؛ لتعزيز اقتصادها، وتوفير فرص عمل. ويعمل أكثر من 200 شركة هندية في نيجيريا.

وبعد نيجيريا، من المقرر أن يتوجه مودي إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين.