علاج جيني واعد لـ«نزف الدم الوراثي بي»

علاج جيني واعد لـ«نزف الدم الوراثي بي»
TT

علاج جيني واعد لـ«نزف الدم الوراثي بي»

علاج جيني واعد لـ«نزف الدم الوراثي بي»

مرض «كريسماس»، هو اضطراب نزفي وراثي، يعتبر ثاني أكثر أنواع الهيموفيليا شيوعاً، ويحدث بسبب تغير الجين الذي يساعد في تجلط الدم، إذ لا يمتلك الأشخاص المصابون بالمرض الكمية المعتادة من بروتين الدم (عامل التخثر) الذي يساعد على تجلط الدم. وعلى الرغم من أنه ينتقل من الآباء إلى الأطفال، إلا أن نحو ثلث الحالات ناتجة عن طفرة عفوية، أي حدوث تغيير في الجين.
وقد أُطلق على هذا الاضطراب اسم مرض «كريسماس» نسبة إلى اسم أول شخص تم تشخيصه بهذا الاضطراب في عام 1953، ستيفن كريسماس (Stephen Christmas) الذي كان يعاني من نقص مختلف في بروتينات تخثر الدم، ويفتقر إلى عامل التخثر التاسع (9). وفيما بعد، أطلق الباحثون على هذا المرض اسم الهيموفيليا بي (Hemophilia B) بينما أصبح نقص العامل الثامن (8) يُعرف بالهيموفيليا إيه (Hemophilia A).
ويشار إلى الهيموفيليا أحياناً باسم «المرض الملكي»؛ لأنه أثر على العائلات الملكية في إنجلترا وألمانيا وروسيا وإسبانيا، في القرنين التاسع عشر والعشرين. ويُعتقد أن الملكة فيكتوريا ملكة إنجلترا التي حكمت 1837- 1901، كانت حاملة للهيموفيليا B، أو نقص العامل التاسع، وقد نقلت هذه السمة إلى 3 من أطفالها التسعة، وتوفي ابنها ليوبولد بسبب نزيف بعد سقوطه عندما كان في الثلاثين من عمره. يمكن أن تستمر الهيموفيليا لأجيال من دون أعراض ويتم نسيانها في بعض الأحيان، وهي تحتاج إلى فهم دقيق.

مرض نزفي وراثي

الهيموفيليا هي اضطراب نزفي، يورث عادة بنمط وراثي متنحٍّ يحدث بشكل حصري تقريباً في الذكور، بسبب نمط وراثي مرتبط بالكروموسوم الأنثوي X. وتنتج عن نقص أحد عوامل التخثر. وتنتج الهيموفيليا إيه عن نقص عامل التخثر (8)، وتنتج الهيموفيليا بي عن نقص عامل التخثر (9). وبناءً على مستوى نقص العامل 8 أو 9 تتدرج الحالة من خفيفة إلى معتدلة أو شديدة.
وهناك نوع مكتسب من الهيموفيليا، وهي حالة منفصلة غير موروثة ونادرة جداً عن الهيموفيليا الخلقية، ولها مسببات مرتبطة بالمناعة الذاتية، مع عدم وجود نمط وراثي.
إذا تُرك مرض الهيموفيليا بي من دون علاج، فقد يكون مرضاً مهدداً للحياة. وعليه، يعالجه مقدمو الرعاية الصحية ببدائل العامل (9) التي تساعد على تجلط الدم، ويبحثون عن علاج جيني وعلاج باستبدال الجينات، كطرق جديدة لعلاجه وعلاج أشكال أخرى من الهيموفيليا.
> هل تصيب الهيموفيليا الإناث؟ يؤثر مرض الهيموفيليا بي على نحو 4000 فرد في الولايات المتحدة وحدها، ويحدث في نحو 1 من كل 25000 ولادة ذكر. ووراثة مرض «كريسماس» (الهيموفيليا بي) هي من النمط المتنحي نفسه المرتبط بالكروموسوم X، مثل الهيموفيليا إيه، ما يؤدي إلى انتقال المرض إلى الرجال عن طريق حاملات الإناث الأصحاء، على ما يبدو. ومع ذلك، ففي عدد قليل من الحالات، تم الإبلاغ عن حاملات لجين مرض «كريسماس» بأعراض نزيف، كان من أشهرها حالة المرأة الحامل التي لوحظ فيها تدمي المفصل، وحالة فتاة الـ11 عاماً التي وُصفت حالتها في تقرير نشر في المجلة الطبية «جاما» (JAMA Network 2022)، مفاده أن فتاة بيضاء تبلغ من العمر 11 عاماً تعرضت لنوبتها الأولى من النزيف الشديد في سن الثانية، عندما نزفت لمدة أسبوع بسبب تمزق في فروة الرأس، وتم كيّها وخياطتها. وفي سن 5 سنوات، نزفت الطفلة نفسها لمدة أسبوعين بعد قلع الأسنان، على الرغم من حقن البلازما. وفي سن الثامنة من عمرها، عضت لسانها ونزفت مرة أخرى لمدة أسبوعين.
• من هم المعرضون للإصابة بالمرض؟ لدى كل ابنة فرصة بنسبة 50 في المائة لوراثة جين الهيموفيليا من والدتها، كونها حاملة للجين. وكل ابن لديه فرصة 50 في المائة للإصابة بالهيموفيليا، كنمط وراثي للهيموفيليا؛ حيث يكون الأب مصاباً بها.
وعوامل الخطر لاكتساب الهيموفيليا، هي: اضطرابات المناعة الذاتية (الذئبة الحمراء، والتهاب المفاصل الروماتويدي)- الالتهابات (التهاب الكبد سي، الإيدز)- الأدوية (إنترفيرون ألفا).
• ما متوسط العمر المتوقع لمريض الهيموفيليا؟ يختلف متوسط العمر المتوقع لشخص مصاب بالهيموفيليا، اعتماداً على ما إذا كان يتلقى علاجاً مناسباً أم لا، وعلى مدى انتظامه على العلاج. لا يزال كثير من المرضى يموتون قبل سن الرشد بسبب عدم كفاية العلاج. ومع العلاج المناسب، يكون متوسط العمر المتوقع أقل بنحو 10 سنوات فقط عن أقرانهم الأصحاء.
بشكل عام، يمكن أن يؤدي مرض الهيموفيليا إلى نزيف داخل المفاصل، ومن ثم إلى أمراض المفاصل المزمنة وآلامها. نزيف في الرأس، وأحياناً في الدماغ يمكن أن يسبب مشكلات طويلة الأمد، مثل النوبات والشلل. يمكن أن يحدث الموت إذا تعذر إيقاف النزيف، أو إذا حدث في عضو حيوي مثل الدماغ.
على الرغم من أن الهيموفيليا (إيه) و(بي) تعتبران تقليدياً لا يمكن تمييزهما سريرياً، فإن دراسة نُشرت في مجلة «نقل الدم» تشير إلى أن الهيموفيليا بي (نقص العامل 9) قد تكون أقل حدة سريرياً من الهيموفيليا إيه (نقص العامل 8)، مما يؤكد الحاجة إلى مناقشة مزيد من الخيارات العلاجية. على الرغم من أن الأدلة المقدمة هنا ليست قاطعة، فإن هناك تلميحاً إلى أن الهيموفيليا بي الشديدة قد تكون أقل حدة سريرياً من الهيموفيليا إيه.

التشخيص

في الولايات المتحدة، يتم تشخيص معظم المصابين بالهيموفيليا في سن مبكرة جداً. واستناداً إلى بيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، يبلغ متوسط العمر عند التشخيص 36 شهراً للأشخاص المصابين بالهيموفيليا الخفيفة، و8 أشهر للأشخاص المصابين بالهيموفيليا المعتدلة، وشهراً واحداً للأشخاص المصابين بالهيموفيليا الشديدة.
يشمل التشخيص مجموعة من الاختبارات، أهمها:
- اختبارات الدم الخاصة بعامل التخثر، للكشف عن قصور العامل، وتحديد نوع مرض الهيموفيليا، وشدته.
- اختبار الجينات، يستخدم مع الأشخاص ذوي التاريخ العائلي مع الهيموفيليا، للكشف عن حوامل الصفة الوراثية، ومن ثم اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الإقدام على الحمل.
- اختبارات خلال الحمل، لتحديد ما إذا كان الجنين مصاباً بالهيموفيليا أم لا. وتتم بالتشاور مع الطبيب لمعرفة فوائد هذه الاختبارات ومخاطرها.
- التصوير: تصوير الرأس أو العنق- الرنين المغناطيسي للرأس أو الرقبة- الموجات فوق الصوتية في البطن أو الأشعة المقطعية على البطن- تنظير المريء أو تنظير القولون.
ويشمل التشخيص رصد عوامل رئيسية: تاريخ النزيف (متكرر أو حاد)- نزيف في العضلات- نزيف طويل بعد عصا الكعب أو الختان- نزيف جلدي مخاطي- كدمات/ ورم دموي مفرط– إعياء- غزارة الطمث والنزيف بعد العمليات الجراحية أو الولادة (حاملات الإناث)- بورفيرية جلدية واسعة النطاق (الهيموفيليا المكتسبة).
وعوامل الخطر هي: التاريخ العائلي للهيموفيليا (الهيموفيليا الخلقية)- الجنس الذكوري (الهيموفيليا الخلقية)- سن 60 سنة (الهيموفيليا المكتسبة)- اضطرابات المناعة الذاتية- أمراض الأمعاء الالتهابية- مرض السكري- التهاب الكبد- الحمل وفترة ما بعد الولادة- الأورام الخبيثة- اعتلال جامو وحيد النسيلة- استخدام بعض الأدوية (الهيموفيليا المكتسبة).

الوقاية والعلاج

> العلاج الوقائي: تتم الوقاية باستشارة طبية وراثية بشأن مخاطر ولادة طفل مصاب قبل الحمل؛ خصوصاً في العائلات التي تحمل هذا المرض. يتم استخدام بعض الأدوية لمنع نوبات النزيف. وينصح مرضى الهيموفيليا بعدم تناول الأسبرين أو غيره من مضادات الالتهابات غير الاستيرويدية. كما ينصحون باستشارة الطبيب قبل أخذ أي دواء؛ خصوصاً تلك التي تزيد حدة النزيف (مثل: الأسبرين، والإيبوبروفين، والديكلوفيناك)، بالإضافة إلى مضادات الاكتئاب (مثل: الفلوكستين)، ومضادات التجلط وزيادة سيولة الدم (مثل الكلوبيدوجريل والوارفرين).
> علاج بالأدوية: لا يوجد علاج نهائي لهذا المرض؛ لكن يوجد علاج يهدف إلى منع حدوث مضاعفات النزيف؛ خصوصاً نزيف الرأس أو المفاصل. ويشمل العلاج أدوية عامل التخثر المعدلة وراثياً؛ إذ يتم إعطاء هذه الأدوية من خلال أنبوب يثبت على الوريد، ويتم ذلك عادة عن طريق الحقن في وريد الشخص أو تحت الجلد. إن هدف علاج الهيموفيليا هو منع النزيف التلقائي، عن طريق توفير عامل الاستبدال الذي سيحافظ على مستويات نشاط أعلى في نطاق الأشخاص الذين يعانون الشكل المعتدل للمرض. يُعرف هذا النهج بالوقاية الروتينية. هذا الخيار العلاجي له قيود، ومنها الحقن الوريدي المنتظم، واحتمالات حدوث نوبات نزيف اختراقية.
> العلاج الجيني: ضمن آخر الإنجازات الطبية التي تحققت خلال عام 2022 وقبل أسبوعين من نهاية شهره الأخير، ديسمبر (كانون الأول)، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على العلاج الجيني HEMGENIX (etranacogene dezaparvovec-drlb)، وهو علاج قائم على ناقل الفيروس المرتبط بالغدة (adeno-associated virus vector-based gene therapy) لعلاج البالغين المصابين بالهيموفيليا بي. وهي خطوة مهمة إلى الأمام في علاج الأمراض الوراثية. ويُظهر كثير من التجارب السريرية الجارية لكل من الهيموفيليا إيه وبي نتائج واعدة. يتم إجراء التجارب السريرية للتأكد من أن العلاج الجيني أو أي علاج آخر آمن وفعال ودائم.
هذا العلاج الجيني (HEMGENIX) يُعطَى بالوريد مرة واحدة لعلاج البالغين المصابين بالهيموفيليا بي، والذين يستخدمون حالياً العلاج الوقائي بعامل (9)، أو من يعانون نزيفاً حالياً أو تاريخياً يهدد الحياة، أو لديهم نوبات نزيف تلقائي خطيرة ومتكررة. والعنصر النشط هو الناقل (AAV) المؤتلف؛ حيث يتم وضع جينوم ناقل الحمض النووي في كبسولة، ويحتوي الجينوم على جينة معدلة وراثية بها ترميز التخثر البشري للعامل التاسع.
العلاج الجيني هو العلاج الذي يتم فيه إدخال جينات عاملة جديدة في خلايا الشخص لمحاربة المرض. في حالة الهيموفيليا، تعطي الجينات الجديدة تعليمات للجسم حول كيفية تكوين العامل. هناك أنواع مختلفة من العلاج الجيني، تتضمن: نقل الجينات، وتحرير الجينات، والعلاج الخلوي.
ووفقاً لمؤسسة الهيموفيليا الوطنية (National Hemophilia Foundation)، فقد أظهرت الدراسات الحالية أن مرضى الهيموفيليا الذين يخضعون للعلاج الجيني قد يشهدون زيادة في مستويات العامل لديهم، في بعض الأحيان إلى المستويات الطبيعية. وقد يكونون قادرين أيضاً على تجنب تسريب بعض العوامل لفترة طويلة من الزمن. ومع ذلك، لا تزال الدراسات جارية لتحديد المدة التي ستستمر فيها هذه الفوائد.
كما هو الحال مع كثير من العلاجات والأدوية الأخرى، قد يكون لكل مريض يتلقى العلاج الجيني نتائج مختلفة، ما يعني أن بعض المرضى قد يصلون إلى مستويات عامل أعلى من غيرهم. وتشمل التجارب السريرية القائمة كلا النوعين من الهيموفيليا (إيه، وبي). وفي العلاج الجيني، يتم نقل الجين العامل إلى خلايا الكبد للشخص المصاب بالهيموفيليا. وبمجرد وصول الجين العامل إلى الخلايا، تبدأ الخلايا في إنتاج العامل.
* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تساهم المكسرات والأسماك الدهنية والخضراوات والفواكه في رفع مستويات الكوليسترول الجيد (أرشيفية- جامعة ناغويا)

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

خلص خبراء إلى أن أفضل وجبة غذائية لعام 2025، هي الوجبة «المتوسطية» التي ترتبط بالعادات الغذائية لسكان منطقة حوض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»