شاشة الناقد

مشهد من الفيلم الهندي RRR
مشهد من الفيلم الهندي RRR
TT

شاشة الناقد

مشهد من الفيلم الهندي RRR
مشهد من الفيلم الهندي RRR

RRR
إخراج: أس. أس. راجامولي
الهند - ترشيحات «غولدن غلوبز»

الشرط الذي يضعه المخرج أس أس راجامولي لمتابعة الفيلم كمتعة ترفيهية هي أن يترك المُشاهد المنطق بعيداً عندما ينبري لمشاهدة الفيلم. ليس هناك لحظة واقعية في كل ما يدور، حتى وإن خلت من مجابهة أو قتال. وليس هناك، في الأصل، الدراما المزوّدة بأسباب ودوافع حتى - وربما أساساً - قصّة حب بين الهندي الساذج بيم (راما راو جونيور)، الذي يتصدّى لإعادة فتاة صغيرة مخطوفة إلى عائلتها (بعدما اختطفها موكب قائد الحامية البريطانية بناء على طلب زوجته)، وبين قريبتها البيضاء جنيفر (أوليفيا موريس).
في المنوال الدرامي ذاته، ليس هناك تفسير لكيف وعد ألوري (رام شاران تيجا) والده بأن يحارب الاحتلال البريطاني ثم ينقلب، وقد أصبح شاباً، على وعده منضماً إلى الحامية البريطانية وآملاً في أن يتم تكريمه ورفع رتبته بعدما أبلى (في مطلع الفيلم) بلاء غير منظور ضد مئات المتظاهرين ضرباً ورفساً وقتلاً بمفرده. في الثلث الأخير من الفيلم سيتذكر سيتارما وعده ويقرر أن عليه أن يفي به، هذا بعدما نال بالفعل ما صبا إليه من رتبة عالية واحترام من قِبل القيادة.
هي قصّة رجلين أحدهما (بيم) كان وعد أم الفتاة المخطوفة باستعادتها والثاني وعد نفسه بالارتقاء وانتزاع واحترام القيادة البريطانية. كلاهما قويان بلا حدود وكل منهما عدو للآخر. في بداية لقائهما يتآخيان. لا بيم يعرف أن راجو يعمل لدى جيش صاحبة الجلالة، ولا هذا يعرف أن بيم هو من يبحث عنه للقبض عليه. حين يحل الإدراك ترتفع المناسبات التي نراهما فيها يتواجهان بكل قوّة وبطش ممكن. لا غلبة لأحد. راجو ينقذ بيم مرّة وبيم ينقذ حياة راجو مرّة. وهذا قبل أن ينطلقا منفردين لإبادة الجنود البريطانيين والهنود العاملين في الجيش البريطاني، على حد سواء، بكاملها. لا يبقى سوى الحاكم العسكري (راي ستيفنسن) ولو للحظات قبل أن يصاب بسهم ورصاصة. حتى القصر المُشيد بأموال دافعي الضرائب البريطانيين تم نسفه.
ربما لم يكن، والأحداث تقع في عشرينات القرن الماضي، إنترنت لينقل للعالم ما حدث. وهناك العديد من المفارقات والأحداث التي تثير السخرية (الرصاص لا أثر له في جسدي البطلين كذلك درجة تحمّل كل منهما للتعذيب أو انطلاء أكثر الحيل سذاجة على العدو). لكن إذ يعالج المخرج الفيلم كأسطورة، فإن مجال تطبيق قواعد المنطق على ما نراه ليست واردة. رغم ذلك، يبرز غياب الأسباب والدوافع (على النحو المذكور آنفاً) وهذه ضرورية حتى في الأسطورة.
الفيلم ضد الاحتلال البريطاني وهناك مشهد واحد يلمح فيها المخرج سريعاً إلى أن مناهضة الوجود العسكري البريطاني كان مُشاعاً بين كل الطوائف (لقطة لمتظاهر بطربوش للدلالة على أنه مسلم). رغم ذلك، الفيلم قد يكون معادياً للإنجليز، لكنه أبعد من أن يكون عملاً سياسياً. في أفضل أحواله هو أكشن كبير بين فريقين أخيار (بيم ثم راجو عندما ينضم إليه والشعب الهندي المغلوب على أمره) والأشرار (كل الحامية وسكان القصر باستثناء جنيفر).
لا يجيد بطلا الفيلم كل فن قتال ممكن فقط، بل كذلك يجيدان الرقص والغناء. وهناك أغنيات عدة موزّعة على طول الفيلم (3 ساعات) بما فيها أغنية لبيم وهو يتلقى الضرب بالسياط على ظهره على طريقة «فأنشد قائلاً...».
RRR فيلم كبير الحجم (الأغلى تكلفة في تاريخ الهند كما تردد) وهو رائع في خضم مشاهده الكبيرة. التصوير الفعلي والمؤثرات وتضميم الأفكار متلاحمة بإنجاز فني جيد. القول إنه فيلم كبير ليس وصفاً مناسباً. الوصف الصحيح أنه فيلم كبير مضروب بعشرة أضعاف المعتاد عليه في معالجات السينما الهندية الميلودرامية.


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

شاشة الناقد: أفلام المؤامرات السياسية

«ثلاثة أيام سمك» (سيرس فيلمز)
«ثلاثة أيام سمك» (سيرس فيلمز)
TT

شاشة الناقد: أفلام المؤامرات السياسية

«ثلاثة أيام سمك» (سيرس فيلمز)
«ثلاثة أيام سمك» (سيرس فيلمز)

THREE DAYS OF FISH. ★★★★

نال جائزة التمثيل في مهرجان كارلوڤي ڤارى الأخير

* إخراج: بيتر هونغدوم (هولندا، 2024)

في المشهد الأخير من هذا الفيلم الهولندي المعالج بذكاء، يصعد الأب جيري القطار (توم كاس) ويطل من باب المقطورة على ابنه دك (غويدو بولمانز) ويتحادث معه. الثاني يقف على رصيف المحطة يجيب عن الأسئلة. كل منهما يبدو توّاقاً للتواصل، لكن الأيام الثلاثة السابقة كانت المناسبة الصحيحة، وليست وقفة الوداع على رصيف المحطة. يختم المخرج الفيلم قبل أن يتحرّك القطار كما لو أنه يؤكد جمود العلاقة بين الرجلين.

إنها ثلاثة أيام حط فيها الأب في المدينة وأمضاها مع ابنه الراشد. ذهبا معاً إلى الحديقة العامة وإلى التسوّق وفي شوارع المدينة وإلى الطبيبة التي قصدها الأب للكشف عليه كما عادته في كل سنة وخلال تلك الأيام تتحدّث الإيماءات والتصرّفات أكثر من الكلمات. في مشاهد يفتح الأب لابنه الباب ليخرج قبله، في أخرى يفتح الابن الباب ليخرج هو أولاً تاركاً والده وراءه. سلوكياته تكشف تفاصيل مكثّفة. الأب الذي ما يزال يريد ابنه أن يكون مثله والابن الذي يحبس عاطفته تحت عبء الرغبة في الاستقلال من التبعية.

برودة العلاقة واضحة كذلك السبب الذي من أجله قرر المخرج بيتر هوغندوم (في ثاني عمل روائي له) التصوير بالأبيض والأسود وبذلك ضمن أن الفيلم سيوفر لمشاهديه معالجة خالية مما قد يسرق النظر. لا ألوان تشغل العين بها أو تصرفه عن المتابعة الأساسية.

منذ أول خمس دقائق يدلّنا المخرج على نوعية تلك العلاقة بين رجلين انفصلا لكن عليهما البقاء معاً في تلك الأيام الثلاثة. في المشاهد الأولى نجد دك جالساً فوق كرسي وجده في كوم قمامة. يخرج الأب من الحافلة ويسأله عن الكرسي. يخبره دك بأن هذا الكرسي قد يساوي مبلغاً من المال إذا أعاد بيعه. يبدو دك كما لو أنه يحاول الفوز بقبول الأب بفكرته، لكن الأب ينظر إليه بعين ناقدة ويسأله البحث عن عمل. بخاطر مكسور يجيبه الابن «لقد تقدّمت بطلب». كلمات موجزة ومشهد بسيط يمهّدان جيداً لما سيلي.

على المُشاهد أن يتمعن في التصرفات والسلوكيات والإيماءات لكي يقف على خط واحد مع الفيلم. لا يرتفع العمل أو يهبط، بل هو مستوى واحد من التعبير والمعالجة، كذلك هو مستوى واحد من علاقة مشحونة بالانفعالات من دون أن يخرج أي منها إلى السطح مباشرة. الممثلان مسيطران بدوريهما على النبرة والحركة وكلاهما نال جائزة أفضل تمثيل في نهاية المهرجان التشيكي قبل أيام قليلة.

* عروض: مهرجان كارلوڤي ڤاري.

THE MANCHORIAN CANDIDATE ★★★★

استعادة لفيلم من أفلام المؤامرات السياسية الأميركية.

* إخراج: جون فرانكنهايمر (الولايات المتحدة 1962)

«المرشّح المنشوري» واحد من أفلام موجة «نظرية المؤامرة» التي شهدتها هوليوود في الستينات والسبعينات. جون فرانكنهايمر أخرج هذا الفيلم المُعتنى به جيداً عن رواية بالعنوان ذاته وضعها ريتشارد كوندون حول احتمال قيام جزء من المؤسسة العسكرية بانقلاب لإطاحة رئيس الجمهورية وبالحكم الديمقراطي نفسه تبعاً لأجندة شيوعية.

«المرشح المنشوري» (إم سي فيلمز)

الفيلم، كالرواية، مبني على خيال جانح. ثلاثة جنود خلال الحرب الكورية يعودون إلى الولايات المتحدة بعد أن قام أحدهم، شو (لورنس هارڤي) بإنقاذ حياة رفاقه والعودة بهم إلى الأمان بعدما كانوا دخلوا الأراضي التي تستولي عليها القوّات الشيوعية. تحتفي أميركا بعودة شو وتمنحه وسام شرف. لكن لا أحد يعلم أن شو ورفيقين له هما ماركو (فرانك سيناترا) وتشنجن (هنري دي سيلڤا) قد تم القبض عليهم وتجنيدهم للعودة إلى الولايات المتحدة كمتعاونين. على شو أن ينفّذ تعليمات هي بمثابة اختبار له وهو يفعل ذلك. بنجاح. في الوقت ذاته نجد ماركو يعاني من تبعات أسره ولا يفهم سبباً لتلك الكوابيس التي تتكرر. حين يلتقي ماركو بشو تبدو المسافة قريبة بينهما لكن ماركو مشوّش في مقابل شو الجاد في تنفيذ مؤامرة اغتيال المرشح الرئاسي.

القصة مختلقة والمُشاهد يدرك ذلك سريعاً ليس بسبب ثغرات في الرواية بقدر ما تفترضه من أحداث بعيدة الاحتمال. لكن إخراج جون فرانكنهايمر مشغول بوتيرة فنية وتنفيذية عالية. الناتج عن هذا النجاح في المعالجة وتيرة عمل تحمل في طيّاتها الحكاية على الرغم من ثغراتها. يمر الفيلم أمام مشاهديه اليوم موفراً الحدّة في التوليف والبراعة في التنفيذ كما كان حال الفيلم في عام إنتاجه سنة 1962.

* عروض: DVD

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز