مبادرة فنية وثقافية سعودية لدعم جمعية الثقافة والفنون

الشاعر صالح الشادي يستغرب من الميزانية المتواضعة للجمعية

جانب من فنانين ومثقفين وفرق فنية حضروا إلى مقر جمعية الثقافة والفنون بجدة
جانب من فنانين ومثقفين وفرق فنية حضروا إلى مقر جمعية الثقافة والفنون بجدة
TT

مبادرة فنية وثقافية سعودية لدعم جمعية الثقافة والفنون

جانب من فنانين ومثقفين وفرق فنية حضروا إلى مقر جمعية الثقافة والفنون بجدة
جانب من فنانين ومثقفين وفرق فنية حضروا إلى مقر جمعية الثقافة والفنون بجدة

في ليلة ثقافية إعلامية فنية، استقبلت جمعية الثقافة والفنون بجدة، في منتصف الأسبوع الحالي مجموعة كبيرة من الفنانين والمثقفين والإعلاميين، الذين حضروا للجمعية في مبادرة منهم لتقديم دعمهم وتشجيعهم لما تقوم به جمعية الثقافة والفنون بجدة من نشاطات بارزة في الفترة الأخيرة، وبالتحديد في فترة الإدارة الجديدة التي تقود الجمعية حاليًا، بقيادة الفنان عمر الجاسر، حيث تشهد الجمعية خلال الفترة الحالية حركة كبيرة ومختلفة من النشاط في كافة أروقتها، وأصبحت فعالياتها وأنشطتها تقام بشكل يومي، وأصبح مقر الجمعية يستقبل يوميًا الكثير من الفنانين والمثقفين في مختلف المجالات.
الحفل حضره عدد كبير من الفنانين والمثقفين والإعلاميين، ومنهم: الفنانون: عبد الله رشاد، وحسن إسكندراني، والفنان المصمّم يحيى البشري، وعمر العطاس (أبو سراج)، وعصام جنيد، والفنان الشعبي بندر الجهني (رئيس فرقة طرب جدة)، وعبد الله الصائغ، وعبد الرحمن عزت، وعبد العزيز الشمري، والممثل الشاب منار شاهين، والمطرب الشاب محمد العبد الله، والمخرج رفيع العمري، والفنان حسن الزهراني، والشعراء: صالح الشادي، وضياء خوجة، وناجي بطيش، وعمر الصبان، ومن الإعلاميين: محمد حسين مشاط (رئيس تحرير مجلة أُبحر)، وعلي السبيعي، وسعد زهير، والدكتور صبحي الحداد، وخليل المسلم، ويحيى بقاش، وسامر العوفي، وسعيد أبو غيداء، ومحمد المالكي، وأسماء كثيرة حضرت المناسبة. بالإضافة إلى أعضاء جمعية الثقافة والفنون بجدة، يتقدمهم مدير الجمعية عمر الجاسر، ورئيس العلاقات العامة والإعلام ومشرف المنتدى الثقافي بالجمعية الإعلامي سهيل طاشكندي، والمدير الإداري والمالي بالجمعية فيصل الزيات، ورئيس الفنون الشعبية الفنان محمد سليم، ورئيس المسرح الفنان بخيت العامري، ورئيس الفنون التشكيلية الفنان مازن صفطة، ورئيسة لجنة ثقافة الطفل سميرة مداح، وعضوتي لجنة العلاقات العامة والإعلام سوس بنتن، وأفراح أحمد، وسكرتير الجمعية صهيب الصنعاني.
بدأ الحفل بمجسّ ترحيبي من الفنان خالد شجون، ثم قدمت فرقة «فوائح الورد» مكونة من مجموعة أطفال نشيدًا ترحيبيًا بعنوان «جينا نجدّد الفرحة»، وبعده قدمت نشيدًا وطنيًا بعنوان «عاش سلمان»، والنشيدان من كلمات سميرة مدّاح وألحان تركي، وأداء الطفلات: ريناد عثمان رماني، وغزل ماهر عبيد، ومرح ماهر عبيد، ومايا محمد بخش، ونور شريف الصبان، وجوري شريف الصبان.
ثم عاد الفنان خالد شجون وقدم ابتهالاً صفق له الحضور. بعد ذلك ألقى مدير جمعية الثقافة والفنون بجدة الفنان الأستاذ عمر الجاسر كلمة شكر خلالها جميع الحضور على مبادرتهم، وتحدث عن الأنشطة والبرامج، وقال إنه رغم الميزانية المتواضعة المخصّصة للجمعية، فإننا استطعنا ولله الحمد تقديم أكثر من 150 نشاطًا في خلال خمسة أشهر، وهي نشاطات متنوعة ما بين ثقافية وفنية واجتماعية ودورات تدريبية، وقدم الجاسر الشكر والتقدير للأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، وللأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة، على دعمهما لكافة نشاطات الجمعية، ولأمين محافظة جدة الدكتور هاني أبو رأس، وأعلن الجاسر عن مجموعة من الفعاليات التي ستقدمها الجمعية خلال أيام عيد الفطر المبارك، وأشار إلى أن الجمعية وبتوجيه من الأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة كانت تستعد للمشاركة في مهرجان «جدة غير» خلال أيام العيد، وقدمت الجمعية جدولاً مفصّلاً بالنشاطات التي كانت تنوي تقديمها في هذا المهرجان، إلا أن الجمعية فوجئت برفض الغرفة التجارية وبأسلوب غريب ومن دون أن يجتمعوا مع الجمعية لمناقشة جدول الفعاليات والميزانية، ولهذا فإن الجمعية وبجهود ذاتية منها سوف تبادر وتقدم مجموعة من النشاطات خلال أيام عيد الفطر المبارك، إيمانًا من الجمعية بدورها الثقافي والفني في المجتمع وأهمية حضورها في كافة المناسبات وخاصة في الإجازات والأعياد، وستقدم خلال أيام العيد عروضًا مسرحية للأطفال والنساء والرجال وفعاليات للفنون الشعبية ومعارض تشكيلية وفوتوغرافية ونشاطات أخرى متنوعة. وأكد الأستاذ عمر الجاسر أن «بلدنا ومجتمعنا فيه الخير الكثير، وأن هذا الحضور الكبير اليوم لمقر الجمعية من فنانين ومثقفين ومهتمين يؤكد دعم الجميع لرسالة الجمعية ودروها الهام في المجتمع».
ثم ألقى الفنان عبد الله رشاد كلمة أشار فيها إلى دور الجمعية الريادي في تقديم حراك ثقافي فني متميز، وقال إنهم كفنانين كانوا يأملون دائمًا أن يتولى إدارة الجمعية فنان، «لأن الفنان سيكون أكثر قربًا وإحساسًا بمتطلبات العمل الفني، ولا شك أن الفنان عمر الجاسر من الفنانين المميزين وقد أثبت نجاحه خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها إدارة الجمعية، حيث أصبحنا نتابع نشاطات فنية وثقافية مكثفة ومتميزة». وتمنى عبد الله رشاد التوفيق لإدارة الجمعية، مؤكدًا أن جميع الفنانين يقفون معهم ويدعمونها.
بعد ذلك ألقى الشاعر صالح الشادي كلمة أبدى فيها استغرابه الشديد من الميزانية المتواضعة للجمعية، وطالب بدعمها لأنها الجهة الرسمية للثقافة والفنون، ولكي تستطيع أن تقوم بدورها بشكل أكبر.
وكذلك طالب الفنان المصمّم يحيى البشري، في كلمته، بعمل صندوق لدعم فعاليات وأنشطة الجمعية، وبأن يساهم في هذا الصندوق جميع الفنانين والإعلاميين، مؤكدًا أن جمعية الثقافة والفنون بجدة تقدم نشاطات كبيرة تستحق الشكر والتقدير.
بعد ذلك قدم الفنان وليد الهاشمي (وليد شو) عرضًا فنيًا من أنواع عروض ألعاب الخفة، نال عليه استحسان الحضور، وشاركه في العرض الفنان عبد الله رشاد.
توجّه الحضور لقاعة «عبد الحليم رضوي» بالجمعية، حيث شاهدوا الأعمال الفنية التشكيلية المميزة ضمن معرض «العيدية» الذي تقيمه الجمعية هذه الأيام، وأشاد الحضور بما شاهدوه في هذا المعرض الذي يضم أعمالاً لأكثر من خمسين فنانًا وفنانة، واستمعوا لشرح عن اللوحات الفنية بالمعرض من رئيس الفنون التشكيلية بالجمعية الفنان مازن صفطة.
وفي ختام هذه الأمسية الجميلة، أعلن الحضور عن شكرهم وتقديرهم لجمعية الثقافة والفنون بجدة ولكافة منسوبيها على ما يقومون به من جهود كبيرة، مؤكدين أن الجمعية أصبحت بالفعل بيت الفن والفنانين، وقاموا بمناسبة هذه الزيارة للجمعية، بإطلاق هاشتاق (#جمعية_الثقافة_والفنون_بجدة_عودة_الروح).



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».