الحكومة اليمنية تستهل العام بتدابير لحماية الاقتصاد وتثبيت سعر العملة

«الرئاسي» ناقش تعزيز وحدة الصف وجهود إنهاء الانقلاب الحوثي

جانب من الاجتماع الذي عقده المجلس الاقتصادي اليمني الأعلى في عدن (سبأ)
جانب من الاجتماع الذي عقده المجلس الاقتصادي اليمني الأعلى في عدن (سبأ)
TT

الحكومة اليمنية تستهل العام بتدابير لحماية الاقتصاد وتثبيت سعر العملة

جانب من الاجتماع الذي عقده المجلس الاقتصادي اليمني الأعلى في عدن (سبأ)
جانب من الاجتماع الذي عقده المجلس الاقتصادي اليمني الأعلى في عدن (سبأ)

فيما يتطلع ملايين اليمنيين إلى أن تكون السنة الجديدة 2023 منعطفا لاستعادة دولتهم وإنهاء الانقلاب الحوثي وطي صفحة الصراع، استهلت الحكومة الشرعية أعمال السنة باتخاذ تدابير لحماية الاقتصاد وتثبيت سعر العملة المحلية، بحسب ما ذكرته المصادر الرسمية.
التدابير الحكومية التي تضمنت التشديد على ترشيد الإنفاق والاكتفاء بالنفقات الحتمية جاءت مع تشديد مجلس القيادة الرئاسي على تعزيز وحدة الصف ومناقشة جهود إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة مؤسسات الدولة.
وبحسب ما ذكرته وكالة «سبأ» عقد مجلس القيادة الرئاسي اجتماعا مغلقا الأربعاء برئاسة رشاد العليمي رئيس المجلس وبحضور جميع أعضاء المجلس وهم: سلطان العرادة، وعبد الرحمن المحرمي، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وعبر دائرة الاتصال المرئي عيدروس الزبيدي، وطارق صالح، وفرج البحسني.
المصادر الرسمية لم تتطرق إلى تفاصيل الاجتماع المغلق، واكتفت بالإشارة إلى أنه «ناقش مستجدات الأوضاع المحلية، والخطط والسياسات التنفيذية لتخفيف معاناة المواطنين، وتعزيز وحدة الصف، وجهود استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني».
وفي ظل خشية الشارع اليمني أن يؤدي استمرار توقف تصدير النفط بسبب الهجمات الحوثية إلى زيادة المعاناة الإنسانية في المناطق المحررة، أقرت الحكومة في اجتماع للمجلس الاقتصادي الأعلى جملة من التدابير حرصا على تخفيف الأضرار وتحسين الموارد وتثبيت سعر العملة المحلية (الريال).
وطبقا لما أوردته المصادر الرسمية، أقر المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة رئيس الوزراء معين عبد الملك، حزمة من الإجراءات للتعامل مع المستجدات الراهنة في الجوانب الاقتصادية والمالية، للحفاظ على الاستقرار النسبي لصرف العملة الوطنية والمستوى العام للأسعار، بما يحافظ على الوضع المعيشي للمواطنين وتخفيف معاناتهم.
وأوردت وكالة «سبأ» أن المجلس الاقتصادي الأعلى استعرض في اجتماعه المنعقد في العاصمة المؤقتة عدن، المقترحات المقدمة من وزير المالية سالم بن بريك ومحافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب، المتصلة باتخاذ إجراءات لترشيد الإنفاق ورفع الإيرادات بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة، والتعامل مع تداعيات الهجمات الإرهابية الحوثية في استهداف موانئ تصدير النفط الخام، على الأوضاع الإنسانية، وإمدادات الطاقة، وحرية الملاحة الدولية.
واعتمد المجلس - بحسب الوكالة - عددا من السياسات الخاصة باتجاه تعزيز الإيرادات وتنويعها وتوسيع أوعيتها وضمان وصولها إلى الحساب الحكومي العام، وضبط وترشيد النفقات بحيث تقتصر على الإنفاق الحتمي والضروري، وبما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار المالي والنقدي.
وفي حين وجه المجلس الوزارات والجهات المختصة بتطبيق السياسات المتخذة والمعتمدة والرفع إليه بنتائج ذلك أولا بأول، ناقش في اجتماعه «توجيهات وقرارات مجلس القيادة الرئاسي والحكومة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والمالية ضمن مسار الإصلاحات، إضافة إلى تفعيل الدعم المقدم من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وترتيبها بحسب الاحتياجات والأولويات، والتنسيق الجاري مع شركاء اليمن في التنمية لتقديم مزيد من الدعم خلال الفترة القادمة».
ونقلت المصادر الرسمية عن رئيس الحكومة معين عبدالملك أنه «أكد الاستمرار في تعزيز التنسيق بين السياستين النقدية والمالية للحفاظ على قيمة العملة الوطنية وتعزيز موارد الدولة عبر الاستيراد المدروس وضبط وترشيد الإنفاق العام».
وقال عبد الملك إن «ذلك يتزامن مع خطوات أخرى ومهمة في تصحيح مسار الاقتصاد الوطني، وفي مقدمها تجفيف منابع الفساد واتخاذ إجراءات فيما يخص ترشيد الإنفاق وتحسين الإيرادات، وتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة».
يشار إلى أن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية تعهدا بالاستمرار في دفع رواتب الموظفين في المناطق المحررة على الرغم من فقد عائدات تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير.
ومع استمرار الضبابية التي تلف مصير مساعي السلام اليمني في السنة الجديدة بسبب تعنت الميليشيات الحوثية وسعيها للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية من البوابة الإنسانية، لا تزال المخاوف قائمة من عودة المواجهات العسكرية على نطاق واسع.
ويوم الثلاثاء الماضي، كان الإعلام العسكري ذكر أن قوات الجيش «أحبطت محاولة تسلل لميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا، شرق مدينة تعز».
ونقل موقع الجيش (سبتمبر نت) عن مصدر ميداني قوله إن «مجاميع من الميليشيا الإرهابية حاولت التسلل باتجاه مواقع في عقبة منيف، وإن قوات الجيش رصدت تلك المحاولة وأفشلتها، حيث تكبد الحوثيون عددا من القتلى والجرحى».
من جهته، شدد وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن محمد الداعري، خلال اجتماع في العاصمة المؤقتة على «ضرورة إعداد الموازنة بما يلبي احتياجات ونفقات القوات المسلحة ورفع جاهزيتها القتالية والفنية، بما يمكنها من تأدية مهامها الوطنية الماثلة، وفي مقدمتها هزيمة الإرهاب الحوثي المدعوم إيرانيا، واستعادة مؤسسات الدولة».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.