قيادات «النهضة» التونسية أمام القضاء لاتهامها بـ«الإرهاب»

راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة»... (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة»... (إ.ب.أ)
TT

قيادات «النهضة» التونسية أمام القضاء لاتهامها بـ«الإرهاب»

راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة»... (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة»... (إ.ب.أ)

واصل القضاء التونسي، أمس، التحقيق مع بعض قيادات «حركة النهضة» المعارضة لخيارات الرئيس التونسي قيس سعيد، في عدد من الملفات المرتبطة بالإرهاب وتبييض الأموال؛ من بينها ملف تسفير شباب تونسي إلى بؤر توتر، وقضية «اللوبينغ» المتعلقة بتلقي دعم خارجي خلال المحطات الانتخابية السابقة.
وبعد إصدار أمر بسجن علي العريض، نائب رئيس «حركة النهضة»، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما يعرف بـ«ملف التسفير»، قررت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، أمس، تأخير النظر في القضية المتعلقة بعقود «اللوبينغ»، المتهم فيها راشد الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام إلى نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الحالي. وجاء قرار تأخير النظر في هذه القضية بسبب عدم حضور رئيس «حركة النهضة» جلسة المحاكمة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صهره رفيق عبد السلام، وشددت هيئة المحكمة على ضرورة حضورهما في الجلسة المقبلة.
ومثل أمس في الملف نفسه، نور الدين البحيري، وزير العدل السابق والقيادي في «حركة النهضة»، أمام قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، ضمن الأبحاث المتعلقة بشبهة استخراج وثائق خاصة بالجنسية وجوازات سفر تونسية، وتسليمها إلى أجانب. وقد شملت الأبحاث، إلى جانب البحيري، قضاة أُعفوا من مناصبهم، وأطراً بوزارة العدل التونسية.
لكن قيادات «حركة النهضة» أكدت في المقابل أن كل القضايا المرفوعة ضدهم «تهم كيدية تقدمت بها أطراف سياسية معادية لـ(النهضة)، ولتوجهها السياسي».
وقال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن هذه المحاكمات «تشمل عدداً كبيراً من قيادات الصف الأول في (حركة النهضة)، وفي حال ثبوت التهم الموجهة إليهم، فإن العقوبة ستكون شديدة، وقد تكون وفق قانون الإرهاب وغسل الأموال، المصادق عليه في تونس منذ سنة 2015»، متوقعاً أن تطول جلسات المحاكمة؛ «لأن الملفات معقدة ومتشعبة، وتشمل أطرافاً وجهات عدة» لها مكانة كبيرة داخل «حركة النهضة».
في السياق ذاته، أكدت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، الاستماع إليها أمس من قبل القضاء، بصفتها شاكية في قضية رفعتها منذ سنة 2018 ضد قيادات في «حركة النهضة»، اتهمتهم فيها بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي، والضلوع في جرائم إرهابية، ومنها جريمة تسفير الشباب إلى بؤر التوتر»، وشملت هذه التهم راشد الغنوشي، وعلي العريض، وحمادي الجبالي، والحبيب اللوز، إضافة «حركة النهضة» في شخص ممثلها القانوني. وقالت موسي في تصريح إعلامي إن القضية تم حفظها في 15 مايو (أيار) 2019، دون إجراء الأبحاث اللازمة، قبل أن يتم التراجع عن هذا القرار من قبل النيابة العامة، التي طلبت الاستماع إليها، والتعرف على ما لديها من أدلة وحجج، وذلك بعد تحرك قام به حزبها لدى القطب القضائي لمكافحة الارهاب، مؤكدة أن الأدلة التي تمتلكها «ثابتة صوتاً وصورة»، على حد تعبيرها.
في غضون ذلك، دعت موسي إلى تنفيذ خريطة طريق لـ«إنهاء حالة اللاشرعية، ومعالجة الوضع الاقتصادي والمالي» الصعب الذي تعيشه تونس. كما دعت في مؤتمر صحافي لإجراء انتخابات رئاسية، وفق الدستور الجديد، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة لسنة 2024، مؤكدة رفضها إقصاء الأحزاب الوطنية، التي «تحترم ثوابت الجمهورية ومدنية الدولة، من العملية السياسية»، وقالت موسي بهذا الخصوص إنه «لا يمكن الاكتفاء بحوارات تقوم بها منظمات، أو بعض مكونات المجتمع المدني، مهما كان حجمها وتاريخها... لأن الديمقراطية تمارس عبر الأحزاب وليس عبر المنظمات»، عادّةً أن الحوار السياسي يكون داخل المؤسسات الدستورية المنتخبة بصفة قانونية، وأن الإصلاحات تنجز ويصادق عليها من قبل مؤسسات رسمية، ممثلة للتونسيين.
وأضافت موسي أن أي حكومة سيعينها الرئيس قيس سعيد «ستكون فاقدة للشرعية، وغير قادرة على تقديم أي إضافة مقارنة بحكومة بودن». ودعت إلى تأجيل الانتخابات البلدية المنتظرة بداية هذه السنة، وتنقيح قانون الجماعات المحلية، وتنظيم انتخابات محلية خلال الثلاثية الأولى من سنة 2024.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.