كيري يقوم بزيارة مفاجئة لتونس ويشيد بالدستور.. والملف الأمني يتصدر مباحثاته

سفارة فرنسا لدى تونس تطلب من رعاياها توخي الحذر الشديد خلال تنقلاتهم في «المناطق الخطيرة»

وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء استقباله من قبل رئيس الحكومة التونسية المهدي جمعة بقصر الرئاسة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء استقباله من قبل رئيس الحكومة التونسية المهدي جمعة بقصر الرئاسة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)
TT

كيري يقوم بزيارة مفاجئة لتونس ويشيد بالدستور.. والملف الأمني يتصدر مباحثاته

وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء استقباله من قبل رئيس الحكومة التونسية المهدي جمعة بقصر الرئاسة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء استقباله من قبل رئيس الحكومة التونسية المهدي جمعة بقصر الرئاسة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)

قام وزير الخارجية الأميركي جون كيري بزيارة مفاجئة لم يعلن عنها لتونس، صباح أمس، التقى خلالها مع الرئيس المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة.
وعزت وزارة الخارجية الأميركية أسباب الزيارة المفاجئة إلى أنها لفتة من واشنطن لدعم نضال تونس من أجل إقامة نظام ديمقراطي ومناقشة التقدم الذي تحرزه في العملية الانتقالية نحو الديمقراطية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي: «سيلتقي وزير الخارجية كيري مع كبار المسؤولين لمناقشة التقدم المحرز في التحول الديمقراطي في تونس واستمرار دعم الولايات المتحدة للحكومة التونسية والشعب».
وأشاد كيري خلال زيارته بالدستور التونسي، وقال: «الشعب التونسي صدق على الدستور الجديد، وهو دستور يرسخ المبادئ الديمقراطية مثل المساواة والحرية والأمن والفرص الاقتصادية وسيادة القانون، وهو دستور يمكن أن يكون بمثابة نموذج للآخرين في المنطقة وحول العالم».
ونفى مسؤول أميركي وجود أي تخطيط للإعلان عن أي مساعدات أو إعانات أميركية محددة لتونس خلال الزيارة، موضحا أن كيري جاء ليستطلع آراء المسؤولين في تونس ومعرفة ما يمكن القيام به.
وسيطر الملف الأمني في كل من تونس وليبيا وكيفية الحد من تنامي ظاهرة الإرهاب وانتشار المجموعات المسلحة، على زيارة كيري إلى تونس.
وذكر مصدر دبلوماسي تونسي تحفظ عن ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة وزير الخارجية الأميركي، قد تكون بمثابة دعم مباشر لتونس في حربها على الإرهاب، إلى جانب كونها تمهيدا وإعدادا لتدخل أميركي - فرنسي - بريطاني محتمل في ليبيا المجاورة بعد تنامي المخاطر الأمنية وإمكانية وصولها إلى تونس.
وقال المصدر ذاته إن قدوم كيري إلى تونس جاء بعد زيارة قام بها الرئيس الفرنسي قبل أيام إلى واشنطن وهو ما ينبئ، على حد قوله، بتنسيق مسبق للمواقف الغربية بشأن قرب التدخل العسكري لإضعاف المجموعات المسلحة في ليبيا ودعم الانتقال الديمقراطي هناك.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن كيري سيزور باريس لعقد اجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس حيث يسعى وزير الخارجية الأميركي لكسب تأييد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لوضع إطار اتفاق بهدف التوصل إلى اتفاق سلام شامل.
وتأتي زيارة المسؤول الأميركي بعد يوم واحد من زيارة مماثلة قام بها هيو روبرتسون وزير الدولة البريطاني المكلف بشمال أفريقيا والشرق الأوسط. وكان روبرتسون جدد عزم بلاده على مواصلة دعم تونس في كل المجالات.
وقال عامر العريض، رئيس الدائرة السياسية في حركة النهضة، لـ«الشرق الأوسط» إن كيري سيجدد دعم الولايات المتحدة لتونس، وإن بلاده «تلقي بثقلها الدبلوماسي دعما للحكومة الجديدة لإنقاذ ما تبقى من ثورات الربيع العربي التي تحولت في معظمها إلى نزاعات مسلحة». وأضاف أن الأميركيين يريدون المحافظة على النموذج التونسي في الانتقال الديمقراطي ويسعون إلى دعمه سياسيا وماديا. كما أشار العريض إلى التعقيدات الحاصلة في دول الربيع العربي وخروج البعض منها عن السيطرة على غرار ليبيا وسوريا، خصوصا على المستوى الأمني.
في السياق ذاته، ينتظر أن تطرح تونس على الجانب الأميركي ملف تنظيم أنصار الشريعة المحظور بعد تصنيفه «تنظيما إرهابيا» في شهر أغسطس (آب) الماضي. وقالت مصادر في وزارة العدل التونسية لـ«الشرق الأوسط» إن الوزارة أعدت منذ فترة ملفا لتصنيف التنظيم بأكمله ضمن المجموعات الإرهابية على المستوى الدولي وليس زعيمهم «أبو عياض» فحسب. على صعيد متصل، طلبت سفارة فرنسا لدى تونس من رعاياها توخي الحذر الشديد خلال تنقلاتهم إلى الولايات (المحافظات) الحدودية: القصرين والكاف وجندوبة، وذلك بعد العملية الإرهابية يوم 16 فبراير (شباط) الحالي بجندوبة، التي أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص. وأفادت السفارة في بيان لها: «من الواجب على المسافرين التزام الطرقات الرئيسة وتجنب التنقل ليلا في تلك المناطق»، ونشرت خريطة مفصلة حول المدن التي صنفتها «مناطق خطيرة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».