مصر لتحويل منزل العقاد بأسوان إلى متحف مفتوح

بعد سنوات من المطالبة بترميمه وتطويره

المنزل من الداخل (أسرة العقاد)
المنزل من الداخل (أسرة العقاد)
TT

مصر لتحويل منزل العقاد بأسوان إلى متحف مفتوح

المنزل من الداخل (أسرة العقاد)
المنزل من الداخل (أسرة العقاد)

بعدما أثار منزل المفكر المصري الراحل عباس العقاد في مسقط رأسه في أسوان (جنوب مصر) ضجة واسعة خلال الساعات الماضية بسبب انتشار شائعات تتعلق بصدور قرار حكومي بإخلائه تمهيداً لإزالته، أعلن اللواء أشرف عطية محافظ أسوان، اليوم (الأربعاء)، عن تحويله إلى متحف ومزار ثقافي وسياحي مفتوح.
وقال اللواء أشرف عطية لـ«الشرق الأوسط»: «تم عرض الأمر على رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، الذي قرر تشكيل لجنة عليا مشتركة من جامعة القاهرة ومركز بحوث الإسكان والبناء والهيئة الهندسية للقوات المسلحة من أجل المعاينة الميدانية لبيت العقاد، واقتراح سبل الترميم وليس الإزالة ـ من أجل الحفاظ على بيت الرمز الثقافي المصري والعربي العظيم، على أن يتم تحويله بعد الانتهاء من أعمال الترميم إلى متحف ومزار ثقافي وسياحي مفتوح»، مشيراً إلى أنه «لم يتم ترميم أو تجديد منزله من قبل».

واعتبر محافظ أسوان أن «تدخل رئيس الوزراء المصري في قضية ترميم منزل العقاد، يؤكد الاهتمام البالغ من جانب الدولة المصرية برموزها وقاماتها الثقافية والعلمية والفنية والأدبية».
من جهته، رحب المهندس رامي العقاد حفيد شقيق الأديب الراحل بالقرار، مؤكداً أنه يعد تنفيذاً لأمنية ومطلب لطالما تم طرحه، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إنه تكريم للثقافة المصرية، ويعكس اهتمام الدولة بوجهها الحضاري أمام العالم، وليس للعقاد وحده»، وأضاف: «بدأت المشكلة حينما ازدادت حولنا أعمال الهدم والبناء والحفر، مما تسبب في حدوث تصدعات وشروخ وهبوط في أرضية الدور الأول، ولم يكن من حق الأسرة أن تتدخل بالترميم، لأن البيت دخل في حيز الأبنية ذات الطابع الأثري في عهد رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، وهو ما يعني أنه لا يسمح لأي شخص أو جهة سوى الدولة أن تقوم بأعمال الإحلال والتجديد أو تغيير أي من معالمه».

ويوضح حفيد العقاد: «جاءت ثلاثة لجان هندسية لكتابة تقارير بشأنه لكن في كل مرة لم يتم اتخاذ أي خطوات أو يتم إبلاغنا بأي قرار، ذلك في الوقت الذي تسكن فيه أسرتان من العائلة بالطابقين الأول والثاني».
ورغم تقديم وزارة الثقافة بكثير من وعود الترميم لنجل العقاد الراحل، فإنه لم ينفذ أي شيء، وفق رامي العقاد، الذي يقول إن «ترميم المنزل المكون من دور أرضي وطابقين وتحويل جزء منه إلى متحف ومزار سياحي لا يعد حلاً لمشكلة تواجه الأسرة وحدها، إنما هو كذلك حفاظاً على مكان هو يعد الأثر الأخير للقامات والرموز المصرية، فاعتبره آخر رمز لهؤلاء الرواد، فكما نعلم قد تم هدم فيلا أم كلثوم منذ سنوات طويلة على سبيل المثال».
ويرجع تاريخ بناء المنزل إلى عام 1948. حيث تم إنشاؤه على مساحة 220 متراً بشارع عباس فريد في أسوان ولطالما عاش فيه العقاد، أو تحديداً عاش فيه 60 سنة قبل رحيله، وشهد ذكرياته وأنفاسه، ولا يعقل أن نهدم ذلك كله، لذلك لم أصدق الشائعات والأخبار التي تناثرت حوله خلال الساعات الماضية على المواقع الإخبارية والسوشيال ميديا».
وتوقع حفيد العقاد نقل متعلقات الأديب الراحل من متحفه بقصر ثقافة أسوان إلى المنزل عند تحويله إلى متحف مفتوح يجتذب الزوار.
وأشاد الكاتب مصطفى عبد الله رئيس تحرير صحيفة «أخبار الأدب» الأسبق، بالقرار وقال لـ«الشرق الأوسط»: «للعقاد في نفسي وفي وجدان المصريين بشكل عام مكانة خاصة، هذا الأديب العصامي الذي أعتبره في صلابة صخور أسوان؛ نظراً للكثير من القيم التي يمثلها على المستويات الفكرية والثقافية والإنسانية». وأضاف: «يمثل منزله في أسوان قيمة كبيرة؛ إذ إنه احتضن الكثير من اللقاءات والاحتفالات والنشاطات الثقافية المهمة، ولا تزال أسرته تستقبل المثقفين والأدباء وتعمل على إحياء ذكرى رحيله، فهو لم يتحول يوماً إلى مجرد بيت عادي، إنما كان ولا يزال يمثل رمزاً وأثراً ينبغي الاحتفاء به، ولطالما طالبت بالحفاظ عليه وتحويله هو والكثير من الأمكنة الأخرى التي تخص العلماء والأدباء والفنانين إلى متاحف». ولفت إلى أن «الغرب يقيم لرموزه في كل المجالات أكثر من متحف في أكثر من مدينة، ورموز مصر تستحق ذلك أيضاً».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».