هل يتأزم المشهد في الكاميرون عقب توعد رئيسها باستهداف «المتمردين»؟

الجيش ينتشر رداً على «عنف الانفصاليين»

الرئيس الكاميروني بول بايا (أ.ف.ب)
الرئيس الكاميروني بول بايا (أ.ف.ب)
TT

هل يتأزم المشهد في الكاميرون عقب توعد رئيسها باستهداف «المتمردين»؟

الرئيس الكاميروني بول بايا (أ.ف.ب)
الرئيس الكاميروني بول بايا (أ.ف.ب)

يواصل الوضع في الكاميرون التأزم مع تصاعد العنف على خلفية المواجهات بين القوات الحكومية والانفصاليين الراغبين في استقلال المناطق الناطقة باللغة الإنجليزية. ويتوقع الخبراء ازدياد التوتر الناشئ عن التمرد الانفصالي بموازاة تمدد «النفوذ الإرهابي» في منطقة بحيرة تشاد.
وأعلن جيش الكاميرون (الاثنين) أنه نشر قوات في مناطق أوكو وكومبو وكاكيري، في المنطقة الشمالية الغربية التي تتحدث اللغة الإنجليزية. وقال إن «عصابات مسلحة» قامت (الأحد) الماضي بـ«إغلاق الأسواق وطاردت الناس والمركبات من الشوارع وخطفت عشرات المدنيين الذين لم يمتثلوا لأوامرهم».
ونقل موقع «فويس أوف أميركا» أمس عن شهود عيان محليين أن «الموقف الأمني تفجر بعيد خطاب للرئيس الكاميروني بول بايا بمناسبة العام الجديد». ووفقاً لشهادات سكان محليين فإن «الوضع في كومبو خلال اليومين الماضيين كان محفوفًا بالمخاطر للغاية، حيث شهدت المدينة إطلاق نار خطير بين قوات الأمبا وقوات الدولة ومنعت حركة المركبات».
وقال بايا، الذي يحكم البلاد منذ ما يقرب من 40 عاماً، «بفضل الارتباط بين الجيش والشعب، ساهم التعاون بين قوات دفاعنا والسكان في الحد بشكل كبير من (التهديد الإرهابي) في مناطق أقصى الشمال والشمال الغربي والجنوب الغربي».
وفي عام 2017، أدت حملة أمنية شنتها الحكومة في ياوندي على محتجين إلى اشتعال صراع شامل بين الجيش التابع للحكومة الناطقة بالفرنسية ومليشيات في المناطق الناطقة بالإنجليزية. على أثر ذلك، قام الانفصاليون بعقد استفتاء من جانب واحد، رفضته الحكومة المركزية، يدعو للانفصال عن الكاميرون، وإعلان ما أطلقوا عليه «جمهورية أمبازونيا»، ما أدى إلى نشوب حرب الانفصال، المستمرة للعام الخامس على التوالي.
والمنطقتان الشمالية الغربية والجنوبية الغربية الناطقتان بالإنجليزية في الكاميرون كانتا تحت الإدارة الاستعمارية البريطانية وعرفتا باسم جنوب الكاميرون البريطاني. ويشكو سكان تلك المناطق أنهم «يعانون من الظلم والتهميش»، لكن الحكومة تصف حاملي السلاح منهم بـ«الإرهابيين». وفي القتال من أجل إنشاء دولة «أمبازونيا»، يدفع المدنيون الثمن، إذ تسبب النزاع في مقتل أكثر من ستة آلاف شخص واضطر مليون كاميروني للفرار من بيوتهم. وتقدر مجموعة الأزمات الدولية أن «هناك 10 مجموعات انفصالية تسيطر على مساحات كبيرة من الريف في جنوب الكاميرون، أبرزها، مجلس الدفاع في أمبازونيا، ومجلس أمبازونيا العسكري، وقوات أمبازونيا العسكرية، وقوات استعادة أمبازونيا».
علاوة على ذلك، تعيش الكاميرون أوضاعاً أمنية صعبة بسبب الحرب الدائرة على الحدود الشمالية ضد مقاتلي «داعش» والمنظمات الإرهابية الناشطة في منطقة حوض بحيرة تشاد، حيث ينخرط جيش الكاميرون في قوات إقليمية مع تشاد ونيجيريا والنيجر.
ويرى الخبير في الشأن الأفريقي، صلاح خليل، أن «الحركة الانفصالية في الكاميرون تزداد قوة بسبب عقد تحالفات مع جماعات (متطرفة) مثل (بوكو حرام) وفروع (القاعدة) في منطقة الساحل ويستطيعون من خلال تلك الشراكة الحصول منهم على السلاح والدعم المادي». وتوقع خليل أن «تحقق الحركة انتصارات ومكاسب على حساب الجيش والحكومة المركزية بموازاة ازدياد نفوذ الحركات الإرهابية في منطقة بحيرة تشاد». وأضاف خليل لـ«الشرق الأوسط» أن «المواجهة العسكرية لن تحسم الأمور دون التصدي لقضايا غياب التنمية والتهميش في المناطق التي تشهد التمرد».
ويعتقد عبد الفتاح الفاتحي، مدير «مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية» في المغرب، أن «التهديد الانفصالي علاوة على التهديد الجهادي المتناميان، يعمقان أزمة الأمن والاستقرار في الكاميرون وباقي منطقة الساحل والصحراء». ويعتقد الفاتحي أن «انعدام الأمن في الكاميرون وتمدد جماعة (بوكو حرام) المنحدرة من نيجيريا، يرفعان حدة الخلاف السياسي ويزيدان التصعيد بين الكاميرون ونيجيريا على ملكية شبه جزيرة باكاسي، وهو ما قد ينذر بتحول المسألة الأمنية إلى خلاف وتوتر إقليمي».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.