علامات استفهام عدّة طرحت ولا تزال منذ نشرت تصريحات القيادي في حركة «أحرار الشام» لبيب النحاس على صفحات صحيفة «واشنطن بوست» قبل أيام، لجهة محاولات «تعويم» الحركة المعروفة بقربها من «جبهة النصرة» الموضوعة على قائمة الإرهاب الأميركية.
وكان لافتا توجّه النحاس في مقالته في الصحيفة الأميركية مباشرة إلى الإدارة الأميركية منتقدا إياها من جهة، وداعيا إياها من جهة أخرى إلى اعتماد الحركة كجهة معتدلة للتنسيق معها في مواجهة النظام وتنظيم داعش.
وما جاء على لسان النحاس في ردّ على الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أكّد الحاجة إلى شركاء معتدلين على الأرض في سوريا، وضعه سمير النشار، عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، في خانة الجهود الإقليمية والضغوط التي تمارس على «أحرار الشام» للتخلي عن مشروع «الدولة الإسلامية» الذي دعت إليه منذ نشأتها والالتزام بالبرنامج الوطني، بعدما بات الجميع مقتنعا أنه لا بديل عن جيش وطني يجمع كل التوجهات، بما فيها الإسلاميون المعتدلون.
ورأى النشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ مقالة النحاس كانت، على ما يبدو، رسالة في هذا الاتجاه بناء على نصيحة إقليمية لإعادة التواصل بين «أحرار الشام» والإدارة الأميركية بعدما كانت قد انقطعت لفترة، مضيفا: «إذا نجحت هذه الجهود مع الحركة التي تعتبر الفصيل الأساسي المقرب من النصرة، فإن ذلك سيشجّع المنضوين تحت لواء الأخيرة للانضمام إلى الحركة، كما قد يشجّع على تطبيق هذا الأمر مع النصرة».
وفي حين لفت النشار إلى أنّ «أحرار الشام» لا توضع ضمن خانة التنظيمات المعتدلة، أشار إلى أنّ هناك صراعا داخليا في الحركة بين تيارين، الأول، قريب من جبهة النصرة، والثاني يدفع نحو الالتزام بالخط السوري المعتدل بعيدا عن توجهات «النصرة» و«داعش». وقال النشار «ربّما يكون النحاس من ممثلي التيار الثاني الذي كانت له علاقة مع السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد الذي سبق أن أجرى اتصالات مع الحركة، علما بأن أميركا كانت قد هدّدت في وقت سابق بوضع أحرار الشام على قائمة الإرهاب».
ولا يجد النشار في التحركات الإقليمية والدولية على خطّ تعويم الحركة أنها ستؤدي إلى اعتمادها شريكا وحيدا في محاربة النظام أو «داعش»، بل رأى أنّه لا يمكن أن يكون التنسيق أو السيطرة لفصيل واحد دون غيره على الأرض في سوريا، بل إن وجود الفصائل سيكون مناطقيا، إذ، على سبيل المثال، الحركة والنصرة موجودتان في إدلب، لكن يكاد لا يكون لهما حضور في الجنوب.
من جهته، اعتبر رئيس المكتب السياسي في جيش التوحيد، رامي الدالاتي، أنّ ردّ الفعل على مقالة النحاس «كان مبالغا فيه»، من دون أن ينفي أنّ هناك جهودا واضحة لإعطاء دور لـ«أحرار الشام» على حساب «جبهة النصرة» وتحسين علاقتها بأميركا، ولا سيما من قبل تركيا وقطر. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «صورة (أحرار الشام) تغيّرت لدى الولايات المتحدة الأميركية التي كانت تعتبرها (إرهابية)، كما تحسنت العلاقة في الفترة الأخيرة بين الطرفين»، وذلك يعود، وفق الدالاتي إلى سلوك الحركة التي أثبتت أنها بعيدة عن «داعش».
وكشف أنّ الحركة كانت ممنوعة من المشاركة أو الدخول إلى غرفة عمليات الفصائل المعارضة في تركيا والأردن، لكن في الفترة الأخيرة سمح لها بالعودة والمشاركة فيها، مضيفا: «لا يمكن تجاهل دور الحركة في بعض المعارك الأساسية ولا سيما منها في حلب وإدلب، حيث ساهمت ضمن (جيش الفتح) في تحرير معظم مناطق المحافظة، إضافة إلى قتالها بشكل أساسي في معركة الزبداني في مواجهة النظام وحزب الله اللبناني».
مع العلم، أنّ «أحرار الشام» تعرف عن نفسها على موقعها الإلكتروني، بأنّها حركة إصلاحية تجديدية شاملة، وبأنها إحدى الفصائل المنضوية والمندمجة ضمن الجبهة الإسلامية وهي «تكوين عسكري، سياسي، اجتماعي، إسلامي شامل، يهدف إلى إسقاط النظام الأسدي في سوريا إسقاطًا كاملاً، وبناء دولة إسلامية».
وكان النحاس، مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة، قد انتقد على صفحات «واشنطن بوست»، استراتيجية الإدارة الأميركية في سوريا، ووصفها بـ«الفاشلة».
ورأى النحاس أن «أحرار الشام» اتهمت زورا بقربها من «القاعدة»، مضيفا: «الولايات المتحدة في حرصها على عدم تقديم أي دعم للمجموعات الإسلامية المتطرفة في سوريا، وتشديدها على تقديم هذا الدعم للتنظيمات (المعتدلة) وحدها، إنما تستثني بذلك الغالبية العظمى من التنظيمات السورية المعارضة».
كما دعا في مقاله الولايات المتحدة إلى وقف هذه التصنيفات المعتمدة والاعتراف بالمجموعات السورية المعارضة ومن بينها حركة أحرار الشام.
وفي حين توجّه النحاس إلى الإدارة الأميركية قائلا: «نحن المعتدلون الذين تبحثون عنهم للتحالف معهم على الأرض»، قال: «إن سياسيي البيت الأبيض ينفقون ملايين الدولارات التي يتحملها دافع الضرائب الأميركي في عمليات فاشلة وغير مثمرة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لدعم ما يطلق عليه (القوات المعتدلة في سوريا)»، على حد تعبيره. وخلص إلى القول إنه يتعين على الإدارة الأميركية «القبول بأن الآيديولوجية المتطرفة لتنظيم داعش لن تهزم إلا ببديل سني محلي، مع توصيف معتدل يحدده السوريون أنفسهم وليس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية».
جهود دولية وإقليمية لإبراز «أحرار الشام» كفصيل معتدل
علاقة الحركة تحسّنت مع أميركا وسمح لها بالمشاركة في «غرف عمليات المعارضة»
جهود دولية وإقليمية لإبراز «أحرار الشام» كفصيل معتدل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة