توفي أمس (الاثنين)، في الدار البيضاء، عن عمر ناهز 86 عاماً، الفنان الفكاهي عبد الرحيم التونسي، المعروف بلقب «عبد الرؤوف»، الشخصية الكوميدية التي تقمصها منذ ستينات القرن الماضي، وأدخل بفكاهته البسمة إلى بيوت وقلوب المغاربة، محققاً بذلك إجماعهم في متعة تجربته الفنية.
واشتهر عبد الرحيم التونسي، الذي ولد في الدار البيضاء سنة 1936، بفضل شخصية «عبد الرؤوف» الهزلية البسيطة والساذجة التي خلقها لنفسه في بداية مشواره، حيث استطاع أن يحقق، بفضل التلفزيون المغربي، نجاحاً كبيراً، وبرزت شخصيته، التي استوحاها من زميل سابق له في الدراسة كان يُعد تجسيداً لبلاهة ترادف في العامية المغربية كل ما هو مثير للسخرية والتهكم، فاشتهر بأدواره الهزلية ولباسه الفضفاض وطربوشه الأحمر.
وتتفق شهادات المغاربة، بمختلف أطيافهم وطبقاتهم وتوجهاتهم وأعمارهم وتجاربهم الحياتية على الإشادة بمسيرة عبد الرحيم التونسي، وبما مثلته شخصية «عبد الرؤوف» التي تقمصها في ذاكرتهم. وأظهر تفاعل شرائح واسعة من المغاربة مع خبر رحيل عبد الرؤوف قيمة الراحل وتميز تجربته، فهو، كما جاء في تفاعلهم مع رحيله، «الفنان المقتدر»، و«الكوميدي المحبوب»، و«الفنان العملاق»، و«الفنان الرائد»، و«الفنان الكوميدي القدير»، الذي وزع ملايين الصدقات على ملايين البشر، بسمة وضحكة وفرحة.
ولا يمكن لشهادات التقدير والاعتراف بقيمة الراحل، إلا أن تكون أكثر صدقاً وقوة حين تأتي على لسان من يمارس نفس الحرفة والاختيار الفني. وهي شهادات تواترت على مدى سنوات، منها ما قيل قيد حياته، قبل أن تتأكد لحظة وفاته. شهادات يؤكد تجميعها أن الأمر يتعلق بفنان رائد وفكاهي متفرد. فنان أحبه المغاربة لصدقه الفني ولأدواره البسيطة في ظاهرها القوية في معانيها. قال عنه الفنان الكوميدي الشهير جمال الدبوز، «(عبد الرؤوف) هو عميد كل الفكاهيين المعاصرين»، وقال عنه الفنان الكوميدي حسن الفد، «إنه أكثر من مجرد فكاهي، بل هو من أطلق الفكاهة الفردية في شكلها الحديث»، فيما تحدث عنه الفنان الكوميدي جاد المالح، مستحضراً طفولته في الدار البيضاء: «إنه صديق وأخ، بل هو معلمي، هو معلم كل الفكاهيين ورمز لكثير من الهزليين. عندما كنت صغيراً، كنت أشاهد أشرطته مراراً وتكراراً، وكنت، أيضاً، أستمع له كثيراً؛ لأنه في تلك الفترة، كانت أشرطة الكاسيت هي المتوفرة. في غرفتي، كنت أضعها بصوت عالٍ، وكان والدي يصرخ في وجهي بسبب ذلك. كنت أستمتع بعروضه. وعندما أسمعه اليوم، أجد أنه يحتل فعلاً صفحة مهمة من حياتي بالمغرب». أما الممثل عزيز داداس، فلخص قيمة عبد الرحيم التونسي، وشخصية «عبد الرؤوف»، حين قال: «عبد الرحيم التونسي، من خلال شخصية (عبد الرؤوف)، أضحك والدي، قبل أن يضحكني. إنه رمز الفكاهة في المغرب». بالنسبة للفنانة الكوميدية حنان الفاضلي، فإن عبد الرحيم التونسي، الذي سبق أن حظي بتكريم مؤثر سنة 2016، ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش أمتع الجمهور المغربي بفكاهة حلوة من دون ميوعة، وامتهن التمثيل الشعبي بتلقائية مباشرة، علمتنا أن نضحك على كل شيء حتى لا نبكي على كل شيء، كما كان الناطق الرسمي الساخر باسم الفقراء والمظلومين والبسطاء، وما لم يكن يستطيع المواطن البسيط التعبير عنه، في ذلك الوقت، كان ينقله عبد الرحيم التونسي عبر شخصية «عبد الرؤوف»؛
كما أنه تفادى النمطية بشخصية واحدة، فكانت موضوعاته جريئة وعميقة، لعب فيها على الجميع دور الساذج والمهرج، الذي لا يفهم شيئاً، في حين كان يمرر رسائل ومواقف تفضح آفات كثيرة تنخر المجتمع وتنغص حياة المغاربة، كالرشوة والاستغلال والاحتيال والزبونية، وغيرها.
وفاة «عبد الرؤوف»... الفكاهي الذي أضحك أجيالاً من المغاربة
وفاة «عبد الرؤوف»... الفكاهي الذي أضحك أجيالاً من المغاربة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة