قائد عملية تحرير عدن: سنحاكم المتورطين ونحيل من عاد إلى رشده إلى جلسات مناصحة

العميد الصبيحي قال لـ {الشرق الأوسط} إن ضباط الجيش الذين أقصاهم الانقلابيون عادوا إلى مسؤولياتهم

العميد عبد الله الصبيحي
العميد عبد الله الصبيحي
TT

قائد عملية تحرير عدن: سنحاكم المتورطين ونحيل من عاد إلى رشده إلى جلسات مناصحة

العميد عبد الله الصبيحي
العميد عبد الله الصبيحي

كشف العميد عبد الله الصبيحي قائد «اللواء 15» قائد عملية تحرير عدن، لـ«الشرق الأوسط» إن جميع الخيارات متاحة أمام القيادة العسكرية في المرحلة المقبلة لمعاقبة العملاء والمتخاذلين من صف ضباط أو أفراد في الجيش عن أداء مهامهم، وذلك أثناء عملية دخول الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح إلى عدن، موضحا أن من ضمن الخيارات المحاكمة العسكرية لمن ثبت تورطه بشكل مباشر ولم يتراجع عن تقديم ولائه لغير الوطن.
وأضاف العميد الصبيحي أن المحاكمة ستسبقها جلسة استماع بخصوص تلقي أموال من جهات معلومة أو مجهولة وأسباب تقاضي هذه الأموال، مضيفا أن المحاكمة ستراعى من مورست عليه ضغوط بعد تسلمه مبالغ مالية لتمرير المعلومات أو مساندة الحوثيين. كما قال إن هناك آخرين تخاذلوا عن أداء الواجب والدفاع عن الوطن بحجة أنه ليست لديهم القدرة والصلاحيات في المواجهة. وأكد أن القيادة ستنظر في من عاد إلى رشده واعترف بما اقترف، وأن هؤلاء سيخضعون لعملية مناصحة وجلسات إعادة تأهيل.
وشدد العميد الصبيحي، على أن المرحلة الحالية تتطلب استيعاب كل الأطياف، بمن في ذلك المذنبون، حتى تتم عملية تحرير عدن والمحافظات المجاورة في الشق الجنوبي، و«هناك كثير من الأمور في كل القطاعات سيتم العمل عليها لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وفي مقدمتها البنى التحتية التي يحتاجها المواطن العادي».
وحول كيفية تجميع الضباط والأفراد في «اللواء 15» لعملية تحرير عدن، قال العميد الصبيحي، إن هناك كثيرا من الصعاب التي واجهتنا أبرزها النقص الكبير في الإمكانات، التي سلبت من عدن ومواقع أخرى، بعدما أخذها الحوثيون وحليفهم صالح إلى صنعاء وأماكن مجهولة أخرى، «إلا أننا، وبتضافر الجهود، استطعنا توفير بعض الإمكانات وعملنا بها، كما قمنا بعملية جمع الأفراد والضباط الموجودين في عدن وكانوا في المنازل بعد أن أقصاهم الانقلاب على الشرعية من مناصبهم ومواقعهم». وأضاف: «هؤلاء عادوا على مستوى المسؤولية كما كان الجيش الجنوبي» الذي يعد من أهم وأبرز الجيوش في المنطقة.
ولفت العميد الصبيحي إلى أن عملية إعادة الجيش بدأت منذ أن غادر الرئيس عبد ربه منصور هادي؛ إذ «على الفور بدأ العمل بالاتصال المباشر مع الجهات المعنية والمعنيين، وبدأنا نرتب الصفوف ونعمل على إعادة تدريب الأفراد، حتى ساعة الصفر قبل انطلق عملية تحرير عدن، التي سبقها التدريب والاستفادة مما تبقى من أسلحة بحوزة الأفراد، إضافة إلى الدعم المقدم من قوات التحالف».
وقال قائد «اللواء 15» أيضا إن ما ينقص الجيش الحالي هو الإمكانات العسكرية والمعدات الثقيلة، التي سيتم التنسيق حولها مع قوات التحالف والرئيس هادي لتوفير هذه الاحتياجات، «خاصة أن هناك اتصالا دائما مع الرئيس اليمني الذي وعدنا أمس بأنه سيوفر ما يمكن توفيره من آليات تساعد على تقدم الجيش». وأوضح أن «ما يبحث عنه الجيش في هذه المرحلة هو النوع وليس الكم في زيادة عدد الجنود، الذين سيخضعون لدورات تدريبية وتقنية متكاملة لمواجهة التحديات العسكرية الحديثة التي تعتمد على التقنية».
وعن إعادة بعض الألوية التي تم تفكيكها وسحبت صلاحيات القيادات فيها، قال الصبيحي: «على مستوى الأفراد هناك كثير من الجنود الذين يرغبون في العودة إلى مواقعهم، إلا أن المرحلة الحالية لا تسمح، لنقص الإمكانات العسكرية، التي يصعب توفيرها الآن في ظل الحرب، خصوصا أن المعدات والإمكانات التي يحتاجها الجيش هي معدات ثقيلة، ودبابات من طراز حديث، وتقنية اتصال متطورة». ولفت إلى أن اللواء الذي يقوده فضل حسن، شارك وبشكل قوي في عملية تحرير كثير من الجبهات في عدن، وكان له دور بارز في دحر الحوثيين من المطار.
وحول كيفية وضع الخطط، قال العميد الصبيحي، إن «هناك غرفة عمليات مشتركة تتم فيها مناقشة كل التفاصيل ووضع خطط المواجهة والهجوم، وقد كان لها دور إيجابي في تحديد وقت الهجوم». وأوضح أن الجيش «استعاد بعد دخوله مطار عدن 9 دبابات، و3 عربات»، موضحا أن المواجهات المباشرة مع الحوثيين وحليفهم صالح «ليست بتلك القوة كما يعتقدها البعض؛ إذ يغلب عليهم العشوائية والخوف في المواجهة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.