كيف أثرت حرب أوكرانيا على المجال العلمي والتكنولوجي؟

علماء روس داخل مختبر في سانت بطرسبرغ (رويترز)
علماء روس داخل مختبر في سانت بطرسبرغ (رويترز)
TT

كيف أثرت حرب أوكرانيا على المجال العلمي والتكنولوجي؟

علماء روس داخل مختبر في سانت بطرسبرغ (رويترز)
علماء روس داخل مختبر في سانت بطرسبرغ (رويترز)

عندما غزت روسيا أوكرانيا لأول مرة في 24 فبراير (شباط) الماضي، سعت أوروبا بسرعة إلى قطع العلاقات مع موسكو، وشمل ذلك المجالات العلمية والتكنولوجية.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة «ديلي بيست»، فقد كانت ألمانيا أول دولة تعلن أنها ستنهي جميع أشكال التعاون العلمي مع روسيا بعد الغزو، ثم تبعتها دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأوقف سيرن، وهو مختبر لفيزياء الجسيمات متعدد الجنسيات في سويسرا، عضوية روسيا به في أوائل مارس (آذار)، كما فعلت وكالة الفضاء الأوروبية ومعهد ماكس بلانك للفيزياء في ميونيخ.
في المقابل، سارت استجابة المجتمع العلمي الأميركي بشكل غير متساوٍ إلى حد ما. فقد ظلت إدارة الرئيس جو بايدن صامتة بشأن التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا حتى يونيو (حزيران). ثم في ذلك الشهر، أعلنت الإدارة أن الولايات المتحدة ستبدأ في «التراجع» عن جميع المشاريع البحثية الحالية الممولة من الحكومة الفيدرالية بالشراكة مع روسيا، وحظرت المشاريع الجديدة.
ومنذ نحو أسبوعين، قام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بزيارة واشنطن لمطالبة بايدن بتقديم مساعدات إضافية لبلاده، و«تعزيز الرسوم الجمركية» ضد روسيا، وجعل الحرب غير مستدامة مالياً، الأمر الذي قد يؤثر بشكل خاص على مجالات البحث العلمي والتكنولوجي التي لطالما تميزت فيها روسيا، بما في ذلك الفيزياء واستكشاف الفضاء وعلوم المناخ.
ولكن رغم الدعم الغربي الواسع النطاق لأوكرانيا، فقد ثبت أنه من الصعب فصل التعاون العلمي والتقني بين الولايات المتحدة وروسيا. في كثير من الحالات، تأتي المقاومة من العلماء الأميركيين أنفسهم، الذين يجادلون بأن عملهم وعمل زملائهم الروس مهم للغاية ولا ينبغي تعطيله، لا سيما أبحاث تغير المناخ وسط تسارع وتيرة الاحتباس الحراري.

وقبل أيام من زيارة زيلينسكي لواشنطن، حثت افتتاحية نُشرت في مجلة «نيتشر» العلمية على عدم معاملة العلم كـ«بيدق دبلوماسي»، مؤكدة على ضرورة «ألا تصبح الحرب حاجزاً أمام البلدان التي تعمل معاً لمعالجة القضايا العلمية الملحة مثل تغير المناخ».
وتبنى الفيزيائي مايكل ريوردان من جامعة كاليفورنيا رأياً مشابهاً في مقال كتبه في صحيفة «نيويورك تايمز» في أواخر أغسطس (آب)، وقال فيه: «أنا عالم فيزياء ولا أريد لروسيا أن تغادر عالم العلوم».
ومن جهته، قال مسؤول حكومي أميركي لـ«ديلي بيست»: «بالنظر إلى جرائم الحرب والفظائع الأخرى التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا، كان من المهم جداً بالنسبة لنا إصدار بيان صريح لدعم أوكرانيا، ومن ثم قمنا بـ(التراجع) عن جميع المشاريع البحثية الحالية التي تشاركنا فيها روسيا. لكن في الوقت نفسه، علينا أن نعترف بوجود حاجة استراتيجية للتعامل مع روسيا في المجال العلمي والتكنولوجي».
وتعد أبحاث تغير المناخ مجالاً سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل استبدال مساهمات روسيا فيه. وتقع الغالبية العظمى من التربة الصقيعية في العالم، والتي يتتبعها العلماء لقياس معدل الاحتباس الحراري، في روسيا. علاوة على ذلك، تترأس روسيا حالياً مجلس القطب الشمالي، وهو اتحاد من ثماني دول يعزز التعاون في أبحاث تغير المناخ.
وبعد وقت قصير من بدء الغزو، أوقف الأعضاء السبعة الآخرون في مجلس القطب الشمالي، بما في ذلك الولايات المتحدة، مشاركتهم في المجلس. ومنذ ذلك الحين استأنفوا البحث من دون روسيا، وتم نقل بعض الأبحاث إلى كندا وغرينلاند، والتي تعد موطناً لمحميات التربة الصقيعية الخاصة بها. لكن هذا لا يزال يرسم صورة غير مكتملة، وقد لا يعكس بدقة ما يحدث للتربة الصقيعية في روسيا.

وتعليقاً على هذا الأمر، قال بريندان كيلي، أستاذ البيولوجيا البحرية بجامعة ألاسكا: «عدم القدرة على إشراك روسيا في هذه الأبحاث الخاصة بتغير المناخ هو ضرر كبير. ستكون خسارة كبيرة لنا حقاً».
وأضاف قائلاً: «في النهاية، لا يوجد إجراء سهل يمكن أن يرضي جميع الأطراف المعنية. الحرب كارثية بكل تأكيد. إنها أزمة إنسانية مدمرة. لكن لدينا أيضاً أزمة مع المناخ، وعدم القدرة على تعزيز فهمنا إلى أين يتجه المناخ سيؤدي إلى خسارتنا لملايين من البشر وسيؤثر سلباً على رفاهية الإنسان على المدى الطويل».
وفي حين يأمل العديد من العلماء الغربيين أن ينتهي الصراع قريباً حتى يمكنهم إعادة العلاقات الطبيعية مع نظرائهم الروس، يعتبر آخرون الحرب نقطة انعطاف يمكنها أن تشجع الغرب على إعادة التفكير في شراكاته العلمية مع روسيا في جميع المجالات.
جدير بالذكر أن روسيا استهدفت منذ بداية الحرب البنية التحتية العلمية لأوكرانيا. فقد تعرض المعهد الأوكراني للفيزياء والتكنولوجيا في خاركيف لأضرار جسيمة من جراء القنابل الروسية، وفي تشيرنوبيل وغيرها من محطات الطاقة النووية ومنشآت الأبحاث، نهب الجنود الروس ودمروا معدات وأجهزة كومبيوتر عالية التقنية تقدر قيمتها بملايين الدولارات. كما تم تدمير ما لا يقل عن 20 جامعة أوكرانية بالكامل.


مقالات ذات صلة

«نيويورك تايمز»: قوات كورية شمالية تشتبك مع قوات أوكرانية في كورسك الروسية

أوروبا قوات روسية توجه طلقات مدافعها باتجاه مواقع القوات الأوكرانية في كورسك (أ.ب)

«نيويورك تايمز»: قوات كورية شمالية تشتبك مع قوات أوكرانية في كورسك الروسية

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، الثلاثاء، أن قوات من كوريا الشمالية خاضت اشتباكات ضد قوات أوكرانية تقاتل في منطقة كورسك الروسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جنود روس يتفقدون مركبات عسكرية أوكرانية تم الاستيلاء عليها أثناء القتال في أوكرانيا (ا.ب)

 أوكرانيا تحقق في معلومات عن إعدام الجيش الروسي ستة من جنودها  

أعلنت كييف أنّها تتحقّق من صحة أنباء عن إعدام القوات الروسية ستة من جنودها بعد أسرهم في شرق أوكرانيا، الجبهة التي حقّق فيها الجيش الروسي مزيداً من التقدم.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ كامالا هاريس تلقي كلمة في تجمع انتخابي بميشيغان الأحد الماضي (أ.ف.ب)

في حال فوزها... من سيكون في إدارة هاريس؟

بدخول رئيس جديد إلى المكتب البيضاوي، يدخل معه فريق متكامل لإسناده في مواجهة تحديات على المستويات الداخلية والدولية. فمن سيكون في إدارة هاريس حال فوزها؟

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ينتقد وقوف الحلفاء متفرجين على وجود قوات كورية شمالية (رويترز)

زيلينسكي: 11 ألف جندي كوري شمالي نُشروا في منطقة كورسك الروسية

قال الرئيس الأوكراني الاثنين إن 11 ألف جندي من كوريا الشمالية وصلوا إلى منطقة كورسك الحدودية الروسية وقدّر البنتاغون إرسال بيونغ يانغ ألفي جندي إضافي إلى كورسك.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتفقد عسكريين أوكرانيين في منطقة كييف الكبرى (د.ب.أ)

وزيرة خارجية ألمانيا في كييف مجدداً لطمأنة الأوكرانيين

زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، كييف، الاثنين، لطمأنة الأوكرانيين الذين يواجهون صعوبات على الجبهة والمستائين من الدعم الغربي الخجول.

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)

الفنانة السورية يارا صبري: «العميل» أعاد اكتشافي درامياً

يارا صبري في مسلسل «العميل» (إنستغرام)
يارا صبري في مسلسل «العميل» (إنستغرام)
TT

الفنانة السورية يارا صبري: «العميل» أعاد اكتشافي درامياً

يارا صبري في مسلسل «العميل» (إنستغرام)
يارا صبري في مسلسل «العميل» (إنستغرام)

عادت الفنانة السورية يارا صبري إلى الدراما العربية من جديد بعد فترة غياب دامت 4 سنوات، بتجسيد شخصية الأم «ميادة» في مسلسل «العميل» مع الفنان أيمن زيدان، والفنان سامر إسماعيل.

وكشفت يارا في حوار لها مع «الشرق الأوسط» عن تفاصيل العودة للدراما، والتشابه بين شخصيتها الحقيقية وشخصية «ميادة» في المسلسل.

وأبدت الممثلة السورية سعادتها لما حققته شخصية «ميادة» في مسلسل «العميل» من حضور ونجاح في الشارع العربي، وقالت: «بلا شك المسلسل كان يعطي انطباعاً بالنجاح، ولكن بالنسبة لي، لم أكن أتوقع أن تحقق شخصية ميادة كل هذا النجاح، وتثير التفاعل في الشارع العربي والسوري، فأشكر الله على أن عودتي كانت قوية وجيدة، وأعد أن هذا المسلسل أعاد اكتشافي درامياً».

وأشادت يارا بأداء بطل العمل الفنان السوري سامر إسماعيل الذي يجسد شخصية ابنها «الضابط أمير»، مضيفة: «هذه هي المرة الأولى التي ألتقي فيها سامر إسماعيل في عمل درامي، ووجدته إنساناً مسؤولاً، ومجتهداً، ولطيفاً، وجذاباً، والعمل معه متعة، لا أريد أن تكون كلماتي عبارة عن مدح فقط، ولكنه يستحق كل كلمة قلتها في حقه، وأتمنى أن أراه دائماً في أحسن صورة، وأن يقدم أعمالاً جيدة لجمهوره السوري والعربي».

وعن سبب عودتها للتمثيل بعد انقطاع من خلال مسلسل «العميل»، تقول: «كان لابد من العودة مرة أخرى للتمثيل الذي أعشقه، ربما بعض الظروف الشخصية التي تعرضت لها مؤخراً كانت سبب غيابي، والعودة كانت مهمة للغاية، وللعلم لم تكن سهلة مطلقاً، فكان لابد من اختيار العمل الجيد الذي يعيدني للجمهور، وأحمد الله أن العودة كانت من خلال هذا العمل الذي توفرت فيه كل عوامل النجاح من إنتاج وبطولة وإخراج وتأليف، والتصوير الذي خرج في صورة رائعة».

يارا صبري وزوجها ماهر صليبي (إنستغرام)

وعن الصعوبات التي واجهتها في أثناء التصوير تقول الفنانة السورية: «أكبر عائق كان السفر إلى تركيا، حيث كنا نمضي أسابيع هناك لتصوير المشاهد، والتحضير للدور تطلّب وقتاً طويلاً». وأوضحت أن «شخصية (ميادة) في المسلسل تتمحور حول أم تحاول إعادة أولادها لحضنها بعد أن ضاع منها ابنها الثاني في طفولته، وصعوبة الشخصية تكمن في أن عليها إظهار الضعف في أغلب الوقت، ولكن أحياناً لابد أن تكون قوية، ورغم أن مبادئها فوق أي اعتبار، لكن قد تتنازل عنها من أجل أولادها، خصوصاً حينما تعلم بعمل نجلها في التهريب».

ترى يارا صبري أن حبها لأولادها هو العنصر الرئيسي المشترك بين شخصيتها الحقيقية، وشخصية ميادة في مسلسل «العميل»، وتقول: «في أي دور درامي أجسده، أحاول دائماً أن أربط يارا صبري بالشخصية، فميادة تشبهني كثيراً في حبها لأولادها، وفي أنها يمكن أن تضحي بأي شيء في حياتها من أجل أسرتها، ولكن يختلفان في الظرف والثقافة اللذين يعيشانهما والبيئة التي تربتا فيها، فميادة سيدة وجدت حالها ضعيفة بعد أن رحل زوجها الذى كان يعمل في الممنوعات، وترك لها ولداً وحيداً بعد أن تم خطف الثاني، ما جعلها تتحمل مسؤولية فوق طاقتها، عكس يارا التي كان معها زوجها في تربية أولادها».

يشار إلى أن الفنانة السورية رفضت تأكيد وجودها في الموسم الدرامي الرمضاني لعام 2025، وقالت: «حتى الآن لا أستطيع تحديد ذلك، هناك أعمال درامية معروضة عليّ، ولكنني لم أحسم موقفي بعد».