لماذا يصعب التنبؤ باتجاهات «كوفيد-19» في 2023؟

رغم مرور 3 سنوات على بداية الجائحة

انخفاض حدة وباء «كوفيد-19» لكن توقع اتجاهاته صار أكثر صعوبة (Shutterstock)
انخفاض حدة وباء «كوفيد-19» لكن توقع اتجاهاته صار أكثر صعوبة (Shutterstock)
TT

لماذا يصعب التنبؤ باتجاهات «كوفيد-19» في 2023؟

انخفاض حدة وباء «كوفيد-19» لكن توقع اتجاهاته صار أكثر صعوبة (Shutterstock)
انخفاض حدة وباء «كوفيد-19» لكن توقع اتجاهاته صار أكثر صعوبة (Shutterstock)

في عام 2020، كنا نعرف القليل جداً عن الفيروس الجديد المسبب لمرض «كوفيد-19»، والآن، مع دخولنا عام 2023، يكفي أن تكتب على «غوغل سكولار» اسم المرض، لتحصل على قرابة 5 ملايين نتيجة، فهل ذلك يعني أننا بتنا أكثر قدرة على فهم الفيروس، وتوقع اتجاهاته في عام 2023؟
الوصول لإجابة محددة عن هذا السؤال تبدو مهمة مستحيلة، وفق ما ذهب إليه دنكان روبرتسون، الباحث بجامعة لوبورو البريطانية، في مقال نشره في 28 ديسمبر (كانون أول) الحالي، على موقع «ذا كونفرسيشسن».
وكتب روبرتسون أنه «في أوائل عام 2020، ركز المجتمع العلمي على تحديد المعايير الرئيسية التي يمكن استخدامها لعمل توقعات لشدة ومدى انتشار الفيروس، أما الآن فإن التفاعل المُعقد لعدد من العناصر وتباينها من مكان لآخر، مثل متغيرات الفيروس، والتطعيم والمناعة الطبيعية، يجعل هذه العملية أكثر صعوبة وأقل قابلية للتنبؤ».
وخلال الأيام الأولى للوباء، كان يمكن استخدام نماذج بسيطة لتوقع عدد حالات «كوفيد-19» والتأثير المحتمل على السكان، بما في ذلك الطلبات على الرعاية الصحية، وكانت هناك حاجة إلى متغيرات قليلة نسبياً لإنتاج التوقعات الأولى، وكان ذلك بسبب وجود نوع رئيسي واحد من الفيروس، وهو السلالة الأصلية، والتي كان الجميع في العالم عرضة لها.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1608890284598755332
ويوضح روبرتسون: «لكن الآن، لم تعد تلك الافتراضات البسيطة قائمة، حيث تشير التقديرات إلى إصابة الكثير من سكان العالم بـ(كوفيد-19)، وهناك اختلافات كبيرة بين مستويات الحماية الفردية، من حيث اللقاحات، وعدد الجرعات التي تلقاها الأشخاص حول العالم، وفي المجموع تم منح 13 مليار جرعة لقاح، لكن ليس بشكل (عادل)»، مضيفاً: «تعمل النمذجة بشكل جيد أيضاً عندما يتصرف الناس بطرق يمكن التنبؤ بها، سواء كان هذا سلوكاً طبيعياً أو سلوكاً سابقاً للوباء أو في أوقات القيود الاجتماعية الشديدة، ومع تكيف الناس مع الفيروس وإجراء تقييمهم الخاص لمخاطر السلوك وفوائده، تصبح النمذجة أكثر تعقيداً».
وتابع: «مما يصعب من مهمة النمذجة، تقليل المراقبة، مقارنة ببدايات الوباء»، مشيراً إلى أنه «خلال ذروة الاستجابة الطارئة لـ(كوفيد-19) كانت هذه أولويات تتضمن مراقبة الأشخاص المصابين بالفيروس ومراقبة المتغيرات، وسمح هذا باكتشاف المتغيرات الجديدة مثل (أوميكرون) مبكراً وإعداد الاستجابات اللازمة لها، ولكن ذلك لم يعد موجوداً بدرجة كبيرة، أو توجد اختلافات من دولة لأخرى في الاهتمام به».
ويطرح مثالاً على ذلك بالمملكة المتحدة. ويوضح روبرتسون أنه «تم إنتاج مليوني تسلسل جيني من الفيروس حتى فبراير (شباط) 2022، وهو ما يمثل ربع إنتاج تسلسل الجينوم في العالم، لكن نشاط التسلسل قد انخفض لاحقاً، مما قد يزيد الوقت المستغرق لتحديد المتغيرات الجديدة المثيرة للقلق».
ويتفق هلال فؤاد حته، أستاذ مساعد الميكروبيولوجيا الطبية والمناعة بكلية الطب جامعة أسيوط (جنوب مصر)، مع ما ذهب إليه روبرتسون. ويشير إلى أن «ما يحدث في الصين حالياً، سيعقد من مسألة التنبؤ بمسار الوباء خلال 2023؛ لأن الحقيقة التي يجب أن نعرفها جميعاً، أنه مع الفيروسات التي تكون مادته الوراثية (آر إن إيه)، مثل (كورونا المستجد)، فإن كل شيء وارد». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ظهرت متحورات فرعية من (أوميكرون) مع وجود نسبة كبيرة من الناس تم تطعيمها؛ لأن التطعيم لا يوفر الحماية من العدوى، لكنه يوفر الحماية من الإصابة الشديدة التي قد تؤدي للوفاة أو دخول المستشفى، وبالتالي فمع وجود أعداد كبيرة من الإصابات في الصين، فإن فرصة ظهور متحور جديد، قد ينتشر دون إمكانية تحديده، أمر وارد». ويؤكد حته أن «متابعة نشاط التسلسل الجيني قد انخفض في المملكة المتحدة، فإن هناك مخاوف من أن يكون قد وصل لأدنى مستوياته في الصين، بالتزامن مع التخلي عن سياسة (صفر كوفيد)، وهو ما يعني أنه قد يظهر متحور جديد، دون أن يتم تحديده».
وإذا كان الوضع في الصين هو الأكثر لفتاً للانتباه، بسبب تزايد أعداد الإصابات، فإن هذا لا يعني أن فرص ظهور متحورات جديدة في مناطق أخرى من العالم «غير واردة».
ويقول حته إنه «مع تراجع الاهتمام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس (كوفيد-19) في أنحاء مختلفة من العالم، بعد أن مل الناس هذه الإجراءات كل الأعوام السابقة، فإن فرص حدوث ذلك تظل قائمة».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.