هل تتغير سياسات أفريقيا حيال تصدير المواد الخام النادرة؟

بعد حظر زيمبابوي تصدير الليثيوم

عامل يتفقد منجماً لخام الليثيوم في زيمبابوي (غيتي)
عامل يتفقد منجماً لخام الليثيوم في زيمبابوي (غيتي)
TT

هل تتغير سياسات أفريقيا حيال تصدير المواد الخام النادرة؟

عامل يتفقد منجماً لخام الليثيوم في زيمبابوي (غيتي)
عامل يتفقد منجماً لخام الليثيوم في زيمبابوي (غيتي)

رغم امتلاك القارة الأفريقية احتياطات هائلة من الموارد، لا سيما المعادن النادرة، تعاني اقتصادات دول القارة من معدلات كبيرة من الفقر والتضخم والبطالة ومشكلات اقتصادية أخرى. وفي إطار سعيها للاستفادة من مواردها في تطوير اقتصاداتها تسعى بعض الدول الأفريقية إلى توجيه الاستثمارات الدولية للتصنيع داخل أراضيها عوضاً عن تصدير المواد الخام الأولية دون قيمة مضافة للاقتصاد.
وأصدرت زيمبابوي، أول من أمس، قراراً بـ«تعليق إصدار تصاريح استخراج عدة معادن رئيسية وهي: (الألماس، والنحاس، والليثيوم، والنيكل، والعناصر الأرضية النادرة)»، وتقول الحكومة إنها تخسر «1.7 مليار يورو من تصديره كمعدن خام».
وبينما كانت زيمبابوي على الطريق لتصبح واحداً من أكبر مصدّري الليثيوم الخام في العالم، رأت الحكومة أن المستثمرين ينبغي أن يبدأوا صناعة البطاريات في زيمبابوي.
وتُعدّ زيمبابوي الدولة الأفريقية الرائدة في مجال إنتاج الليثيوم، ورابع أكبر دولة عالمياً.
والليثيوم هو أحد المكونات المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية، و«ارتفعت أسعار الليثيوم بأكثر من 8 أضعاف منذ بداية عام 2020»، وفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز».
وبحسب وكالة «بلومبرغ»، ستمثل مبيعات السيارات الكهربائية 42 في المائة من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في السوق الأميركية بحلول عام 2030. وتخطط غالبية مصانع السيارات المعروفة عالمياً، إلى تحويل إنتاجها كاملاً إلى سيارات كهربائية بنهاية العقد الحالي.
ورغم امتلاك زيمبابوي احتياطات ضخمة من المعادن النادرة والموارد، يعاني الاقتصاد من مشكلات كبرى. وارتفع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلك في زيمبابوي إلى 256.9 في المائة خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، وفقاً لما ذكره موقع «تريدنج إيكونوميكس». وتقول وكالة الإحصاء الوطنية في زيمبابوي، إن معدل البطالة يصل إلى 20 في المائة، في حين تنكر العديد من الجهات الخارجية والداخلية صحة هذه النسبة، ومنها اتحاد نقابات عمال زيمبابوي الذي يرى أن النسبة لا تقل عن 70 في المائة، لكن زيمبابوي ليست وحدها في هذا المسار؛ إذ قال المانيكان اديجبيتي، وزير المناجم والتعدين النيجيري، في أغسطس (آب) الماضي، إنه «رفض عرضاً من (شركة تسلا) للحصول على الليثيوم الخام من بلاده». ودعا الوزير المستثمرين إلى «إنشاء صناعة وإنتاج البطاريات داخل الأراضي النيجيرية».
وبحسب المكتب الوطني للإحصاء في نيجيريا، فقد ارتفع معدل التضخم السنوي في البلاد بشكل حاد في يوليو الماضي مسجلاً نسبة 19.6 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ 17 سنة. وصعد معدل البطالة في نيجيريا إلى نسبة 33.3 في المائة، خلال الربع الأخير من العام الماضي، لتسجل البلاد، صاحبة أكبر اقتصاد في أفريقيا، ثاني أعلى معدلات البطالة في العالم.
ورأت أماني الطويل، الخبيرة في الشؤون الأفريقية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التصنيع المحلي بدلاً من تصدير المواد الخام الأولية أمر ممكن، ومن شأنه أن يخلق فرص عمل وتدريباً للكوادر البشرية، مما سينعكس إيجاباً على الاقتصادات في دول أفريقيا، علاوة على ما سوف يضخه ذلك من أموال لموازنات تلك الدول، وهو ما يمكنها من القيام بأدوارها في الأمن والتعليم وغيرها بشكل أكبر، ويعزز الحوكمة والاستقرار، في مواجهة الفقر والعنف والإرهاب».
وأضافت: «سينعكس ذلك إيجاباً على القوى الصناعية الكبرى من حيث تقليل تكلفة العمالة، وتقليل سعر المنتج النهائي، كما ستؤدي الاستثمارات في التصنيع إلى تقليل معدلات الفساد والبطالة والتهميش، مما قد يخلق سبل مواجهة فاعلة في سبيل القضاء على ظواهر متفشية في القارة، وتؤثر سلباً على القوى الكبرى، ومنها الإرهاب والهجرة غير الشرعية».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، رأى عمرو عادلي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية في القاهرة، أن «فرص الإنتاج المحلي وتحسين وضع بعض الدول الأفريقية في سلسلة الإنتاج لمنتجات نهائية، مثل أشباه الموصلات والبطاريات عالية التقنية، ضعيفة»، مرجعاً ذلك إلى «ارتفاع معدلات الفساد، والهشاشة المؤسسية، علاوة على ضعف البنى التحتية، والبنى الاجتماعية والقانونية».
وقال عادلي، إن «عملية الإنتاج المحلي لمنتجات متطورة تكنولوجياً بدلاً من تصدير المواد الخام، من شأنها أن تتطلب العديد من الخطوات والترتيبات ولا تأتي بشكل مفاجئ، كما أنها تتطلب إصلاحات سياسية واقتصادية وتشريعية لتحقيق المنشود من الاستثمار».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».