وطئت ملاعب كرة القدم العالمية أقدام كثير من اللاعبين الذين أُطلق عليهم لقب «بيليه الجديد»، سواء أكان من الصحافة أو مشجعيهم في مختلف البلدان، إلا أن حمل هذه التسمية كان ثقيلاً للغاية.
قال الدولي البرازيلي ذات يومٍ: «كما هو الحال في الموسيقى؛ حيث يوجد فرانك سيناترا واحداً، وبيتهوفن واحداً فقط، أو في الفنون حيث هناك مايكل أنجلو واحد، ففي كرة القدم الأمر ذاته، يوجد بيليه واحد فقط... أغلق والدي ووالدتي المصنع!».
إلا أن بيليه شاهد بعينيه على شاشة التلفاز الإنجاز الذي حققه الدولي الفرنسي كيليان مبابي عندما أصبح في مونديال روسيا 2018 ثاني أصغر لاعب يسجّل هدفاً في نهائي كأس العالم بعد الأسطورة البرازيلية عام 1958.
غرّد حينها عبر حسابه على «تويتر»: «إذا استمر كيليان في معادلة أرقامي على هذا النحو، فسيتعيّن عليّ ارتداء حذائي مجدداً».
بعد نحو 9 أشهر من هذا الإنجاز، قال لاعب باريس سان جيرمان ، في مقابلة لوكالة الصحافة الفرنسية، على هامش مشاركته في حفل ترويجي لإحدى العلامات التجارية الخاصة بالساعات مع البرازيلي في باريس: «هناك ملك واحد. أنا فقط كيليان. أعرف جيداً أنني لن أقوم أبداً بما قام به».
وحين سألت الصحافة الفرنسية اللاعب الوحيد في التاريخ المتوج بـ3 ألقاب في كأس العالم عن نصيحته لمبابي كي يحقق مسيرةً ناجحةً مثله، قال: «ليس بحاجة لأي شيء. قلت له للتوّ إن عليه أن يكون شاباً جيداً وإنساناً لطيفاً. ولكن قبل كل شيء أن يبقى هادئاً».
صرّح البرازيلي الآخر زيكو، الملقب بـ«بيليه الأبيض» لوكالة الصحافة الفرنسية، قبل كأس العالم 2014 في بلاده: «عانى كثير من اللاعبين، لأنهم عندما خلفوا بيليه في مركزه، بما في ذلك بعض ذوي البشرة السوداء مثل بيليه، تعرّضوا للضغط».
ويتابع صانع الألعاب الرائع السابق: «في فرنسا أطلقوا عليّ هذا اللقب، كان الفرنسيون هم من جعلوني أتحمل هذه المسؤولية. لم أحبه أبداً، لأن بيليه هو بيليه، وهذه مسؤولية كبيرة».
ويشرح اللاعب، الذي لعب لمنتخب السامبا بين عامي 1976 و1986: «أنا فخورٌ لأن الناس تتذكرني وتقارني ببيليه، لأنه أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم. لكن أن أدخل إلى أرض الملعب ويطلب الناس أن أقوم بما كان يقوم به بيليه، لم أتقبّل ذلك أبداً، هذا أمر مختلف».
كان زيكو بمثابة «نائب الملك» في كرة القدم، إذ لمع نجم اللاعب رقم 10 مع نادي فلامنغو، أشهر الأندية البرازيلية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي في ملعب ماراكانا العريق حتى بات هدافه التاريخي.
وعلى عكس بيليه، فإن زيكو لم يكن محظوظاً في نهائيات كأس العالم: «لقد لعبتُ 3 نسخ من كأس العام (1978، 1982، 1986) ولم أخسر سوى مباراة واحدة. ولم ألعب مباراة نهائية أبداً. هكذا هي كرة القدم».
نشأ روبينيو ونيمار في سانتوس، النادي الذي جعله بيليه أسطورياً. قال بيليه عن الأول: «هذا الفتى سيصبح لاعباً كبيراً» حين كان يراقبه في فرق الفئات العمرية في سانتوس.
عن 18 عاماً فقط، قاد «الأمير» نادي سانتوس إلى لقب الدوري عام 2002، منهياً جفافاً دام نحو 18 عاماً، قبل أن يمنحه آخر في العام 2004.
جذب ذلك أنظار ريال مدريد الإسباني الذي تعاقد معه ولعب لصالحه 3 مواسم، إلا أن مسيرته بدأت تتراجع باكراً حيث انتقل إلى مانشستر سيتي، وميلان الإيطالي قبل أن يعود مجدداً إلى سانتوس في سن صغيرة نسبياً (30).
شهدت مسيرته مع «سيليساو» الخيبات والنجاحات، كان أفضلها الفوز بلقب كوبا أميركا عام 2007.
تزامنت عودته الأولى إلى سانتوس (عام 2010 معاراً من سيتي) مع بزوغ فجر موهبة استثنائية أخرى، نيمار الذي قاد النادي إلى المجد من جديد، بعد أن لفت الأنظار في كوبا ليبرتادوريس في العام 2011 ومنحه اللقب. لكن هذه المرة، كانت المقارنة مع بيليه صامتة، وبدلاً من ذلك أطلق عليه لقب «الجوهرة» نظراً لمهاراته الاستثنائية.
يعتبر زيكو أن «نيمار هو أحد أفضل 3 لاعبين في العالم، يحمل الرقم 10، لكنه لا يقوم بوظيفة اللاعب رقم 10 التقليدي. لكن لكونه الاسم الكبير في المنتخب، ونظراً لأن الرقم 10 حمل هذه الوظيفة منذ بيليه، فقد عاد إليه».
بات نيمار أغلى لاعب في العالم لدى انتقاله من برشلونة الإسباني إلى باريس سان جيرمان في العام 2017 مقابل 222 مليون يورو، إلا أن مشاهد سقوطه أرضاً المتكررة في مونديال 2018 وادعائه التعرض لأخطاء، أفسدت سمعته، وفي مونديال 2022 الأخير، عادل الرقم القياسي لعدد أهداف بيليه مع البرازيل (77 هدفاً)، لكنه تعرض لإصابة بكاحله أثرت على أدائه ومشاركة بلاده التي ودّعت من ربع النهائي بركلات الترجيح أمام كرواتيا.
أطلق على الغاني أبيدي أيو، المتوج بجائزة الكرة الذهبية الأفريقية 3 مرات (1991، 1992، 1993) لقب «أبيدي بيليه» في سن صغيرة جداً لمراوغاته المدهشة، كما قاد مرسيليا الفرنسي إلى لقبه الوحيد في دوري أبطال أوروبا عام 1993.
كما أطلق على الأميركي فريدي أدو لقب «بيليه الجديد» عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، عندما لعب أول مباراة احترافية عام 2004. لكن بعد أن دافع عن ألوان بنفيكا البرتغالي وموناكو الفرنسي، ولعب بعدها اللاعب، البالغ حالياً 31 عاماً، مع أندية مغمورة في بلدان مختلفة.
«بيليه» الجُدُد... بقوا في ظل الأسطورة
«بيليه» الجُدُد... بقوا في ظل الأسطورة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة