مرضى السرطان في لبنان خائفون من علاجاتهم

بين سندان الأدوية المفقودة ومطرقة المزورة

مرضى السرطان في لبنان خائفون من علاجاتهم
TT

مرضى السرطان في لبنان خائفون من علاجاتهم

مرضى السرطان في لبنان خائفون من علاجاتهم

لم يكن ينقص مرضى السرطان في لبنان الذين يعيشون المأساة أضعافاً، نتيجة بحثهم المستمر عن أدويتهم المفقودة، بعد تراجع المبالغ المرصودة من قبل المصرف المركزي لاستيراد الأدوية بسبب الأزمة المالية الحادة التي ترزح تحتها البلاد، إلا تنبيه «منظمة الصحة العالمية» بشأن وجود دفعة ملوثة من أحد أدوية السرطان تم توزيعها في لبنان واليمن.
وذكرت المنظمة في بيان أنه «تم العثور على الدفعة الملوثة بعد ظهور آثار ضارة على أطفال مرضى يتلقون الدواء». وأثار هذا الإعلان الهلع في صفوف المرضى وعائلاتهم، لا سيما أن قسماً كبيراً منهم بات يعتمد على أدوية يشتريها من السوق السوداء، لعدم توافر الكميات اللازمة لكل المرضى في المراكز المعتمدة من قبل وزارة الصحة.
ويشير ميلاد ضو، وهو والد أحد مرضى السرطان، إلى أنه يشتري منذ فترة الدواء لابنه المصاب بسرطان العظام من السوق السوداء بأسعار خيالية: «حالة ابني المتطورة تجعلنا نلجأ لكل الوسائل لتأمين الدواء. أما اليوم وبعد الإعلان عن دفعة ملوثة من الدواء، أشعر بأن الدنيا تضيق بنا». ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نعيش في بلد غير قادر حتى على تأمين الدواء لمرضاه، حيث تتم التجارة بالأرواح دون حسيب أو رقيب؛ كأنه لا يكفي المريض وعائلته الأوجاع والمآسي التي يعانونها ليكتشفوا أن الدواء الذي يبيعون كل ما يملكون لتأمينه يقتل أبناءهم ولا يشفيهم!».
وفور صدور التنبيه عن «منظمة الصحة العالمية»، سارعت وزارة الصحة في لبنان لإصدار قرار بسحب الطبخة المزورة من المستحضر الطبي الذي أشارت إليه المنظمة، وهو METHOTREX 50 mg (Methotrexate) الخاص بعلاج السرطان، من الأسواق اللبنانية، ومنع تداوله. وأوضحت الوزارة أن «هذا الدواء غير مسجَّل في لبنان، وتم إدخاله إلى البلاد عبر طرق غير شرعية». وأكدت أنها «ستتابع هذا الملف لإظهار المتورطين فيه واتخاذ الإجراءات اللازمة في حقهم».
وتجد وزارة الصحة صعوبة في ضبط الأدوية المهربة بسبب شح الأدوية المدعومة، خصوصاً أدوية السرطان، في السوق اللبنانية، مع تراجع الاعتمادات المرصودة للوزارة، ما يحتم عليها ترك منفذ معين عبر المنافذ الحدودية، لاستقدام الأدوية المفقودة، وهو ما يشير إليه هاني نصار، رئيس جمعية لدعم مرضى السرطان، لافتاً إلى أن كثيراً من اللبنانيين باتوا يجلبون الأدوية للمرضى «بشنط السفر»، لكن بالمقابل هناك شبكات ومافيات تتاجر بالأدوية التي تأتي بشكل رئيسي من تركيا.
ويوضح نصار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدفعة التي تبين أنها ملوثة مؤخراً جاءت من الهند، علماً بأن الدواء الذي احتوته الدفعة مخصص لمرضى سرطان الدم وللأطفال، باعتبارهم الأكثر عرضة لهذا النوع من السرطانات، كما يستخدمه مرضى «الروماتيزم»، مضيفاً: «استيراد دواء السرطان بات أيضاً يتم عبر عدد من الصيدليات المعروفة لبنانياً، دون رقابة وزارة الصحة، باعتبار أن الأدوية التي تستقدمها الوزارة لا تكفي إلا ما بين 60 و70 في المائة من مرضى السرطان».
وبعدما كان «المصرف المركزي اللبناني» يدعم هذه الأدوية بمبلغ 115 مليون دولار قبل الأزمة المالية، تراجع المبلغ لحدود 35 مليوناً موزعة ما بين أدوية السرطان والأمراض المستعصية الأخرى والمستلزمات الطبية.
واستنفر المعنيون بالقطاع الصحي، إثر تنبيه «منظمة الصحة العالمية». وطالب نقيب صيادلة لبنان، الدكتور جو سلوم، المسؤولين بـ«التشدد في منع دخول الدواء المهرب إلى لبنان تحت أي سبب أو ظرف؛ فتشريع دخول الدواء المهرب، وغير المسجل في وزارة الصحة، الذي يفتقر إلى معايير الجودة العالمية، هو قتل متعمد للمرضى»، داعياً في الوقت عينه إلى «الإسراع في تأمين الدواء الجيد للمرضى، واجتراح خطة لدعم مباشرة المريض للتمكن من شراء الدواء، لا سيما بعد تدهور القدرة المالية للبنانيين».


مقالات ذات صلة

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فطر "الزر الأبيض" قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا (رويترز)

نوع من الفطر يبطئ نمو سرطان البروستاتا... تعرف عليه

أكدت دراسة جديدة أنَّ فطر «الزر الأبيض» قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا عن طريق إعاقة نمو الورم، ودعم الخلايا المناعية المقاومة للسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك حقن فيتامين سي عبر الوريد تتيح تحقيق مستويات مرتفعة لا يمكن الوصول إليها عبر الأقراص الفموية (جامعة أيوا)

فيتامين سي يحسن نتائج علاج سرطان البنكرياس

كشفت دراسة سريرية أميركية عن نتائج وُصفت بـ«الواعدة» لعلاج سرطان البنكرياس المتقدم باستخدام فيتامين سي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).