«داعش» يستعيد مواقع من النظام والمعارضة في الحسكة

التنظيم المتطرف يتفوق على جميع الأطراف بالسلاح والانتحاريين

مدنيون سوريون نازحون هربا من المعارك الدائرة في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
مدنيون سوريون نازحون هربا من المعارك الدائرة في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يستعيد مواقع من النظام والمعارضة في الحسكة

مدنيون سوريون نازحون هربا من المعارك الدائرة في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
مدنيون سوريون نازحون هربا من المعارك الدائرة في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

استعاد تنظيم «داعش» السيطرة على مواقع عسكرية مهمة في محافظة الحسكة عمومًا، وفي أحياء على مداخل المدينة، سواء من قوات المعارضة أو من القوات النظامية التي بدت في حال ضعف وتراجع ملحوظ أمام هجمات هذا التنظيم؛ إذ تمكن «داعش» أمس من السيطرة على سجن الأحداث في جنوب مدينة الحسكة الخاضعة لسيطرة قوات الجيش النظامي، بعد اشتباكات عنيفة استمرت ليومين أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجانبين، في حين واصلت القوات النظامية قصفها المكثف على الأحياء الخاضعة لسيطرة التنظيم داخل المدينة.
ميدانيا، أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «القوات النظامية قصفت محيط سجن الأحداث وحي النشوة والفيلات الحمر بالطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، ما أدى إلى وقوع الكثير من الأضرار المادية، بينما استهدف التنظيم بثلاث سيارات مفخخة، حاجز الغزل التابع للنظام، ومركزا لوحدات حماية الشعب الكردية في حي العزيزية، ومدرسة الصناعة بالجهة الجنوبية للمدينة، وتسبب التفجيرات بمقتل عدد من عناصر الوحدات الكردية والقوات النظامية وجرح الكثير منهم»، مشيرًا إلى أن «التنظيم كثّف في الأيام القليلة الماضية هجماته على مراكز الوحدات الكردية والقوات النظامية في محافظة الحسكة؛ إذ استهدف بسيارة مفخخة مركزًا للوحدات الكردية بمنطقة أصفر نجار شمال المدينة، ما أدّى إلى مقتل عدد من أفراده».
التقدم العسكري الملحوظ لـ«داعش» على حساب مواقع النظام في الحسكة، عزاه عضو المجلس الأعلى للقيادة العسكرية في الجيش الحر رامي الدالاتي، إلى «الانقطاع شبه التام لطرق إمداد القوات النظامية الموجودة في الحسكة، ما عدا بعض الطرق المحدودة والصعبة جدًا». وأكد الدالاتي لـ«الشرق الأوسط»، أن «السلاح الموجود مع القوى النظامية في الحسكة، سلاح خفيف، مقابل السلاح الثقيل والنوعي الموجود بحوزة (داعش)، والذي يستقدمه من مدينة الموصل في العراق، وهو ما يغير الوضع على الأرض لصالح التنظيم». وعن أسباب تمكن التنظيم من توجيه ضربات موجعة للفصائل المعارضة وقوات وحدات حماية الشعب الكردي في الحسكة وغيرها من مناطق الشمال السوري، ذكّر الدالاتي بأن «ثمة سلاحًا يستخدمه (داعش)، وهو سلاح الإنتحاريين الذي لا يقوى أحد على مواجهته، وهذا عمل أساسي في قدرة التنظيم على مهاجمة حواجز ومواقع لاستعادة السيطرة عليها».
أما الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردي ناصر منصور، فقدم رواية مختلفة؛ فهو إذ أقر في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بـ«وجود ضعف في جبهة النظام مقابل (داعش) من الجهة الغربية لمدينة الحسكة، بسبب التخلخل في الوضع العسكري للنظام، وتغير شبه كامل لقدراته على الأرض»، أكد أنه من حيث «الجبهات الأخرى من الجهة الشرقية الشمالية والجنوبية الشرقية، فإن القوات الكردية ومعها الفصائل المعارضة ما زالت قوية على الأرض، وتتقدم في كثير من الأحيان».
وردّ منصور بعض «الاختراقات التي يتقدم فيها (داعش) بفعل الضغط القتالي، إلى انسحابات تكتيكية لا تلبث أن تعود وتنفذ عمليات التفافية على التنظيم، وسيطرة على مواقع جديدة». ولفت إلى أن «عامل الانتحاريين هو من التكتيكات التي يتبعها التنظيم منذ نشأته، لكن ليس كل مفخخاته تصل إلى أهدافها، نحن في قوات الحماية لدينا إجراءات استطاعت تعطيل كثير من هذه العمليات؛ إما عبر منع الإنتحاريين من الوصول إلى أهدافهم، وإما عبر قصف السيارات المفخخة عن بعد وتدميرها». مؤكدًا أن «الأرقام التي يتحدث عنها (داعش) مبالغ فيها، فلا يوجد حاجز أو مركز عسكري يضم تجمعات من المقاتلين كما يروج هذا التنظيم، على الإطلاق».
من جهته، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «قوات النظام استعادت السيطرة على المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش في مدينة الحسكة، خلال الأسابيع الثلاثة الفائتة». وأشار إلى أن التنظيم «خسر فقط حي النشوة الشرقية الذي كان سيطر عليه مع حيي الشريعة والنشوة الغربية في 25 يونيو (حزيران) الماضي، في الوقت الذي تمكن فيه من توسيع سيطرته في المدينة؛ في حي حوش الباعر المعروف بحي الزهور ومناطق من أحياء غويران والليلية والمدينة الرياضية والمدخل الجنوبي للمدينة، ومناطق أخرى في الأطراف الجنوبية للمدينة من بينها سجن الأحداث قيد الإنشاء».
ولفت المرصد إلى أن «النظام حاول استعادة الأحياء التي سيطر عليها (داعش)، لكنه فشل في ذلك، على الرغم من تنفيذ طائراته الحربية والمروحية أكثر من 90 ضربة جوية، واستقدامه لمئات المقاتلين من الحرس الجمهوري وقوات النخبة، وترؤس ضابطين مهمين في النظام تلك العمليات في الحسكة، وهما اللواء محمد خضور والعميد عصام زهر الدين». وأعلن المرصد أيضًا، أن «قياديين اثنين بارزين من تنظيم داعش، هما: أبو أسامة العراقي، وعامر الرفدان، قتلا الاثنين (الماضي) في غارات جوية نفذتها فجر الاثنين طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي على مناطق في محافظة الحسكة». وتحدث عن «معلومات وردت عن مقتل قيادات أخرى من التنظيم في الغارات التي نفذتها طائرات التحالف على مناطق في محافظة الرقة خلال الـ24 ساعة الماضية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».