ألعاب الفيديو التعليمية أداة التعلم الصديقة للأطفال

ألعاب الفيديو يميل إليها الأطفال غالبا (تصوير: خالد المصري)
ألعاب الفيديو يميل إليها الأطفال غالبا (تصوير: خالد المصري)
TT

ألعاب الفيديو التعليمية أداة التعلم الصديقة للأطفال

ألعاب الفيديو يميل إليها الأطفال غالبا (تصوير: خالد المصري)
ألعاب الفيديو يميل إليها الأطفال غالبا (تصوير: خالد المصري)

في عصر تطور التقنيات، يروق للأطفال التمتع بألعاب الفيديو المبرمجة على الأجهزة الذكية المحمولة واللوحية، كجزء من برنامجهم اليومي الترفيهي، رغم أن استغلال هذه الأوقات في تعزيز مهاراتهم الشخصية يسهم في توعيتهم وتثقيفهم في عمر مبكر.
ومن المعلوم أن شخصية الطفل تتأثر في سنواته الدراسية الأولى بما يشاهده ويتعلمه في البيئة المدرسية، كأول مكان يتلقى منه المعارف والمهارات الذاتية المكتسبة، عبر التواصل والاختلاط بأقرانه، والانخراط في البيئة التعليمية طوال العام الدراسي. إلا أن ذلك التأثير تراجع خلال السنوات الماضية، بفضل التطور التقني الذي طال كافة الفئات العمرية، فأصبح تأثير هذه الألعاب يظهر مبكرا على الأطفال قبل عمر الدخول إلى المدرسة.
* أداة لتهذيب السلوك
* وبحسب ما يرى مايكل ريتش، مدير المركز للإعلام وصحة الأطفال في مستشفى الأطفال ببوسطن عاصمة ولاية ماساتشوستس الأميركية، عبر ما بثته القناة الرسمية للمستشفى على شبكة «يوتيوب»، فإن «ألعاب الفيديو، تعد واحدة من أفضل الطرق التعليمية والتقنية، كون اللاعب يتفاعل مع قصة اللعبة ويتحكم في مساراتها عبر قرارات يتخذها، وتحركات يصدرها تغير من اتجاهاتها بالكامل في الواقع الافتراضي، يمتثل لها اللاعب لضمان الانتصار في اللعبة أو يخسر في حال خالفها».. ويضيف ريتش: «هي إحدى طرق تعليم الطفل وتعويده بشكل غير مباشر السلوك الإيجابي مع والديه والمجتمع من حوله، ويتعلم من خلالها لفظ عبارات الثناء والشكر».
وتعتمد ألعاب الفيديو التعليمية على الواقع الافتراضي، وعلى تركيز المتلقي الكامل وتفاعله مع اللعبة حتى يغدو جزءا منها، فهو بطلها الأساسي في فك رموز اللعبة وحل أحاجيها، عبر التحاور مع الشخصيات الأخرى في اللعبة. وبتسلسل الأحداث داخل اللعبة، يتلقى الطفل عدة رسائل تثقيفية وتعليمية، تحفزه على تنمية مهارات التفكير، إضافة إلى تقوية مهارات الملاحظة والتفسير وحل المشكلات.
وعادة ما يثير ذلك التفاعل مع الألعاب قلق الأمهات والمربين، على إهدار الطفل كامل وقته بالتركيز على لعبة واحدة، وما يصاحبها من تأثير صحي سيئ، كالجلوس لوقت طويل دون حركة، وشد الأعصاب والتركيز، وما تؤديه هذه الألعاب من انعزال الطفل وبعده عن اللعب مع أقرانه؛ بيد أن استخدامها كأداة لتوسيع مدارك الطفل، وتحصيل المعرفة، ومساعدة الطفل على التفاعل عبر التعلم الذاتي بالترفيه، كتعلم لغة جديدة، أو ترسيخ مبادئ الرياضيات والفيزياء وتطبيق التجارب الكيميائية بطريقة مسلية، يجعل ألعاب الفيديو الأنسب لصقل مهارات الطفل وتثقيفه علميا.
* صناعة الألعاب
* وفي السعودية، تم تطوير عدة ألعاب تعليمية في جهات حكومية مهتمة بالمجال التعليمي، كمجموعة ألعاب الفيديو المطورة بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، التي تشتمل على عدة ألعاب توعوية وتثقيفية للأطفال في مجال الحوسبة، والطاقة، والنانو، والفضاء، بالإضافة لألعاب المغامرات الخاصة بتثقيف الأطفال بمجال ترشيد استهلاك المياه.
وحول صناعة الألعاب الإلكترونية التعليمية، ذكرت تسنيم سليم، مؤسسة (Gcon) ملتقى مطورات الألعاب، أن منطقة الشرق الأوسط متأخرة عن العالم في مجال صناعة الألعاب، فخلال السنتين الأخيرتين بدأ مجتمع المطورين في السعودية بالظهور مع بداية مجتمعات الألعاب في العالم العربي، ومع ذلك تظل صناعة الألعاب بشكل عام في بدايتها، ويغيب التركيز عن الألعاب التعليمية في الوقت الحالي بالسعودية، كونها لا تزال صنعة جديدة حتى على المستوى العالمي، ولا تزال التجارب التعليمية في الألعاب لا تتعدى الجهود الفردية، إلا أن ظهور تجارب ناجحة يقود إلى تطبيقها كجزء من النظام التعليمي خلال السنوات المقبلة.
أحمد العلولا، وهو أحد المهتمين ومستثمر في المجال التعليمي، يرى أن المشاريع التقنية منخفضة التكلفة وذات أثر كبير للغاية في وقت زمني قصير، ولكن الإقبال على صناعة الألعاب بشكل عام لا يوازي دول العالم الأخرى ولا يتناسب مع الطلب، فضلا عن كون هذه الألعاب تعليمية - رغم وجود مبادرات مختلفة من أفراد وكذلك شركات لصنع ألعاب تعليمية مميزة - لكن حتى الآن، لم يتحول الموضوع إلى صناعة مستقلة بذاتها ولها وزن في المنطقة.ويقول: «مثل هذه الصناعة ليست بسهلة على الإطلاق، وما زالت جديدة على المستوى العالمي. هذا الأمر يعطي انطباعين، الأول أن التحدي أصعب بكثير من خلق صناعة أخرى في أي مجال آخر، إذ لا توجد قصص نجاح عالمية يمكن تقليدها والبناء عليها والتعلم منها. لكن في الوقت ذاته، هذا يفتح الباب لدول ناشئة في هذا المجال كالسعودية لتتميز، ومثل هذه الصناعة تحتاج لبضع سنوات حتى تنضج إذا أعطيت الاهتمام الكافي».
وأطلقت عدة مبادرات ومشاريع من شباب الأعمال بالسعودية في مجال صناعة وتطوير ألعاب الفيديو التعليمية، تهدف إلى تشجيع مطوري الألعاب على تطوير ألعاب فيديو عربية منافسة، وتمكين المطورين من تعلم أساسيات إدارة مختلف مراحل عملية التطوير والنشر وإدارة الأعمال في صناعة الألعاب.
وجاءت مسابقة مطورات الألعاب (GGDC) باكورة لمنافسات تطوير الألعاب التعليمية بين المطورات الإناث في السعودية، التي تستهدف تطوير ألعاب فيديو ذات غرض تعليمي لشرح مادة معينة أو توسيع مفاهيم معينة أو مساعدة اللاعب على اكتساب مهارات محددة من خلال اللعبة، ثم تحتضن الألعاب الفائزة بالمراكز الأولى من حاضنة فيرسو للمشاريع التعليمية الناشئة، لتحويل الألعاب المشاركة إلى مشاريع قائمة بذاتها، ورعت المسابقة كل من يوبي سوفت، والبلاي ستيشن.
وأشارت تسنيم سليم بدورها كمحكمة في المسابقة إلى أن الإقبال عليها جيد من ناحية الأفكار المقدمة، وتقول: «تسلمنا أكثر من 40 فكرة تعليمية في بداية المسابقة، وبدأت المنافسة بـ20 فريقا مشاركا. والتنوع كبير في الأفكار المقدمة، سواء من ناحية المواد التعليمية في اللعبة والفئات العمرية المستهدفة، فركزت بعض الألعاب على تقديم شرح المواد العلمية، وركز البعض الآخر على استهداف ألعابهم على التعليم المبكر للأطفال الأصغر سنا».
واستطردت سليم في حديثها حول المسابقة: «فاجأتنا المشاركات في المرحلة الثانية باحترافية غير متوقعة من مبتدئات عند تقديمهن لوثيقة تصميم اللعبة، التي احتوت على جميع تفاصيل اللعبة؛ كالتقنيات المستخدمة وأساليب اللعب والرسومات، واتخاذ البعض خطوة استباقية بإضافة خطتهم التسويقية لألعابهم، ودراسة جدوى مبسطة توضح أسباب نجاح اللعبة».



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.