رحب قادة العالم بالاتفاق النووي مع إيران، الذي أعلن عنه أمس في فيينا، حيث وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحدث بأنه «تنفس للصعداء» في العالم، واقترح رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلت منح جائزة نوبل للسلام لعام 2015 للمتفاوضين، فيما قالت الدول الكبرى التي أبرمت الاتفاق مع إيران إنها تأمل في أن تغتنم طهران الفرصة للعودة إلى الأسرة الدولية.
في الإمارات، وفي أول رد فعل خليجي على هذا الحدث، قال مصدر إماراتي مسؤول إن الاتفاق الذي توصلت إليه إيران مع الدول الكبرى يشكل «فرصة لفتح صفحة جديدة» في العلاقات الإقليمية، والدور الإيراني في المنطقة، لكن يتطلب ذلك «إعادة مراجعة طهران لسياساتها الإقليمية بعيدا عن التدخل في الشؤون الداخلية للمنطقة»، مشيرا بشكل خاص إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن. وأضاف المسؤول أن هذا الاتفاق «سيرسل إشارة إيجابية حول الحرص على ألا تدخل المنطقة دوامة الانتشار النووي، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر تهدد الأمن والاستقرار، ودون تحقيق ذلك فلن نتمكن من البناء الإيجابي على الاتفاق النووي، وسينعكس ذلك خطورة بالغة على المنطقة وشعوبها».
وفي مصر، قالت السلطات إنها تعتزم دراسة نصوص الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع القوى العالمية الست، إذ ذكر السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن «مصر تنظر إلى الاتفاق باعتباره تطورا مهما، وتأمل أن يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار على المستوى الإقليمي والدولي»، وأضاف موضحا «سوف نعكف على دراسته فور الحصول على نص رسمي منه، ونأمل أن يكون اتفاقا كاملا وشاملا، بما يتفق مع بنود معاهدة منع الانتشار النووي، ويؤدي إلى منع نشوب سباق تسلح نووي في منطقة الشرق الأوسط، وأن يكون خطوة على طريق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وفقا للمبادرة المصرية».
من جهته، هنأ الرئيس السوري بشار الأسد أمس حليفته الرئيسية إيران بالتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الملف النووي، معتبرا ذلك «نقطة تحول كبرى وانتصارا عظيما»، وفق ما أعلنت عنه وكالة الأنباء السورية الرسمية. وقال الأسد في برقيتي تهنئة أرسلهما إلى قائد الثورة علي خامنئي ونظيره الإيراني حسن روحاني إن «توقيع هذا الاتفاق يعتبر نقطة تحول كبرى في تاريخ إيران والمنطقة والعالم، واعترافا لا لبس فيه من دول العالم بسلمية البرنامج النووي الإيراني»، مشيدا باسمه وباسم الشعب السوري «بهذا الإنجاز التاريخي». كما رحبت وزارة الخارجية السورية من جهتها بـ«الاتفاق التاريخي»، وقالت إنه «دليل على حكمة القيادة الإيرانية وانتصار لدبلوماسيتها وحنكتها في معالجة قضاياها المهمة.. ويؤكد أهمية انتهاج الدبلوماسية والحلول السياسية الودية لمعالجة الخلافات الدولية، بعيدا عن لغة التهديد بالحرب والعدوان، وفرض العقوبات غير الشرعية».
أما وزير الخارجية العراقي فقد أوضح أن تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني ضروري لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
من جانب آخر، قال بوتين إن الاتفاق يعد «خيارا قويا من أجل الاستقرار والتعاون.. لقد تنفس العالم الصعداء»، مضيفا أن موسكو «ستفعل كل ما بوسعها» لضمان نجاح الاتفاق. فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فيينا إن «الاتفاق سيسهم في تحسين الوضع في الشرق الأوسط».
في غضون ذلك، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالاتفاق بقوله «آمل وأعتقد فعلا أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى مزيد من التفاهم والتعاون حول العديد من التحديات الأمنية الخطيرة في الشرق الأوسط»، مضيفا أنه «على هذا النحو، يمكنه أن يكون بمثابة مساهمة حيوية للسلام والاستقرار في كل المنطقة وخارجها».
من جهته، رحب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في بيان بالاتفاق، مؤكدا أنه «بعد أكثر من عقد من المفاوضات الصعبة أبرمنا اتفاقا تاريخيا يفرض قيودا صارمة وعمليات تفتيش للبرنامج النووي الإيراني.. ونتوقع أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تغيير كبير في العلاقات بين إيران وجيرانها والمجتمع الدولي». وتابع وزير الخارجية البريطاني موضحا «سوف نواصل العمل بشكل وثيق مع شركائنا في الائتلاف الدولي لتشجيع إيران على لعب دور شفاف وبناء إقليميا، خصوصا في مجال مكافحة التطرف الديني».
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن العالم «يمضي قدما، وستكون لدى إيران الآن قدرات أكبر على الصعيد المالي بما أنه لن تكون هناك عقوبات، وعلينا أن نكون يقظين جدا بشأن ما ستكون عليه إيران»، مضيفا أنه «اتفاق بالغ الأهمية، ويدل على أن العالم يتقدم». وتابع مستدركا «لن تحصل إيران على السلاح النووي، وسنكون قادرين على التحقق مما إذا كان هناك تقصير، وإذا حدث ذلك يمكننا إعادة العقوبات».
أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس فقد أوضح أن الاتفاق سيكون «قويا بما يكفي» لعشر سنوات على الأقل، وأن القوى الكبرى ستتابع عن كثب كيف ستستخدم إيران أموالها بعد رفع العقوبات، مضيفا أنه لا يعتقد أن إيران ستعاقب الشركات الفرنسية رغم موقف باريس القوي في المحادثات النووية، وأنه قد يسافر إلى طهران.
وفي إيطاليا، أكد وزير الخارجية الإيطالي باولو جانتيلوني، أمس، على الإيجابية التي يحملها الاتفاق النووي الإيراني على لبنان ودول المنطقة ومكافحة الإرهاب، لا سيما «داعش» وتهديداته في المنطقة.
وفي تركيا، قالت وزارة الخارجية التركية في بيان أمس إن التطبيق الكامل للاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية الست ضروري لسلام وأمن واستقرار المنطقة. ورحبت الوزارة بالاتفاق، وهنأت الأطراف المعنية، قائلة إنها تنتظر تعاونا لتطبيق الاتفاق بكل شفافية.
وفي ألمانيا، أوضح وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن الاتفاق النووي مع إيران قد يكون له تأثير دلالي إيجابي على منطقة الشرق الأوسط. وقال شتاينماير أمس في فيينا إن «تأثير هذا الاتفاق قد ينجح في فتح فصل جديد في العلاقات بين دول المنطقة في ما بينها، وربما نبعث بهذا الاتفاق إشارة أمل في مواجهة قوى الفوضى في الشرق الأوسط»، مشددا على أن «اليوم هو يوم جيد وربما تاريخي لكل من رغب في تسوية سلمية للنزاع.. إنه لحظة رائعة بالنسبة لي على المستوى الشخصي.. فعقب أكثر من عقد استطعنا تسوية نزاع وضع العالم على حافة نزاع عسكري».
أما زيغمار غابريل، وزير الاقتصاد الألماني ونائب المستشارة أنجيلا ميركل، فقد وصف الاتفاق النووي بين مجموعة «5+1» وإيران بأنه «خطوة كبيرة للأمام»، إذ قال زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا أمس في العاصمة الصينية بكين، التي يزورها حاليا، إنه «بعد أشهر من المفاوضات ظهر أخيرا بصيص أمل في أن نتمكن من إبطال مفعول الصراع الذي كان يلوح وأن نتمكن من الوصول إلى علاقة أفضل مع إيران».
وفي الصين، قال وزير الخارجية وانغ يي إن الاتفاق النووي الإيراني سيحمي نظام حظر الانتشار النووي العالمي، ويثبت أن العالم بوسعه أن يحل قضايا ملحة من خلال التفاوض.
بينما أشاد مارتن شولتس، رئيس البرلمان الأوروبي، بالاتفاق النووي الإيراني، وقال إنه جيد للأمن العالمي، ووصفه بأنه «بداية عهد جديد».
كما أشاد الاتحاد الأوروبي بالاتفاق النووي مع إيران، إذ قال رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك، أمس في بروكسل، إنه إذا تم تنفيذ الاتفاق بجميع نقاطه، فيمكن أن يمثل ذلك حينئذ «نقطة تحول في العلاقات بين إيران والمجتمع الدولي»، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق يمكن أن يؤدي دور الريادة على المستوى الجيوسياسي في العالم، وأن يمهد الطريق لتعاون جديد بين الاتحاد الأوروبي وإيران».
ورحب بالاتفاق كذلك جيران إيران، حيث أشادت أفغانستان بالجهود الرامية إلى «تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة»، في حين قالت باكستان إن تدابير بناء الثقة بشأن البرنامج النووي الإيراني «نذير خير للسلام والأمن في منطقتنا».
أما المعارضة الإيرانية في المنفى فعبرت عن أسفها إزاء السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، إذ قالت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي «لو أبدت دول (5+1) حزما لما كان أمام النظام الإيراني من خيار غير التراجع التام والتخلي النهائي عن السباق إلى التسلح النووي». لكنها اعتبرت أنه «رغم كل ثغراته والتنازلات غير المبررة للديكتاتورية الدينية» فإن الاتفاق يمثل «تراجعا» فرض على طهران.
إشادة عالمية حذرة بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران
الإمارات تعتبره «فرصة لفتح صفحة جديدة» بالمنطقة * الاتحاد الأوروبي: نقطة تحول في العلاقات بين طهران والمجتمع الدولي
إشادة عالمية حذرة بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة