اتهامات لانقلابيي اليمن بافتعال أزمة لرفع أسعار غاز الطهي

يمنيون في صنعاء يقفون في طابور للحصول على حصة شهرية من غاز الطهي (فيسبوك)
يمنيون في صنعاء يقفون في طابور للحصول على حصة شهرية من غاز الطهي (فيسبوك)
TT

اتهامات لانقلابيي اليمن بافتعال أزمة لرفع أسعار غاز الطهي

يمنيون في صنعاء يقفون في طابور للحصول على حصة شهرية من غاز الطهي (فيسبوك)
يمنيون في صنعاء يقفون في طابور للحصول على حصة شهرية من غاز الطهي (فيسبوك)

بالتوازي مع تحذيرات أممية من ارتفاع أعداد من يصارعون الجوع في اليمن حيث يحتاج نحو 21.6 مليون شخص في عام 2023 إلى خدمات حماية ومساعدات إنسانية عاجلة، اتهمت أوساط يمنية الميليشيات الحوثية بافتعال أزمة جديدة في غاز الطهي، وأوقفت عملية بيعه بالسعر الرسمي للسكان في العاصمة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها؛ بغية فرض مزيد من الجرعات السعرية لمضاعفة معاناة اليمنيين والتكسب غير المشروع. وكانت شركة الغاز الخاضعة للانقلاب في صنعاء قد منعت، خلال اليومين الماضيين، محطات تعبئة غاز الطهي من البيع للمواطنين، بالتزامن مع إصدار قيادات انقلابية تعليمات للشركة نفسها تضمنت خصم ربع كمية الغاز من كل أسطوانة يجري بيعها للمواطنين دعماً لحملات «التعبئة والتجنيد إلى الجبهات»، وفقاً لما أكدته مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط».
وقالت المصادر إن التعليمات الحوثية نصّت على استقطاع ربع الكمية المعبّأة من كل أنبوبة غاز، وبيعها للمواطنين في غالبية مديريات العاصمة وضواحيها عبر مسؤولي الأحياء بسعر 6 آلاف ريال. (الدولار حوالي 560 ريالاً). ووفقاً للمصادر، فإن الشركة تقوم عقب نهب كميات الغاز من السكان، بموجب تعليمات قادة الميليشيات، ببيعها وتسليم قيمتها لمشرفين حوثيين موكل إليهم مهامّ الإشراف على حملات الاستقطاب والتجنيد إلى الجبهات. وشكا سكان في صنعاء من غياب غاز الطهي، وسط اتهامات وجّهها الكثير منهم إلى الجماعة بالوقوف وراء جريمة إخفائها.
ويقول مجدي؛ وهو موظف في الإدارة المحلية بصنعاء، إن غالبية مناطق وأحياء العاصمة لا تزال منذ 8 أيام تعاني من أزمة انعدام مادة الغاز، وهو الأمر الذي تسبَّب بارتفاع أسعارها في السوق السوداء، حيث تراوح سعرها في الوقت الحالي بين 13 و15 ألف ريال للأسطوانة الواحدة.
ويؤكد سليم؛ العامل في أحد معامل الخياطة بالعاصمة، أنه ذهب مرات عدة إلى محطات تعبئة الغاز القريبة من الحي الذي يقطنه (شمال العاصمة) لتعبئة أسطوانة منزله، لكن مالك المحطة رفض التعبئة، مرجعاً الأسباب إلى تلقّيه تعليمات من قِبل الشركة بعدم البيع للمواطنين. ويقول سكان العاصمة إن استمرار وقف شركة الغاز الحوثية منذ أيام ضخ مادة الغاز إلى عقال الأحياء والإخفاء المتعمد لها، سيزيد من معاناتهم وهمومهم، في ظل استمرار انقطاع الرواتب وتردّي الأوضاع المعيشية التي يكابدها غالبية السكان.
ويبدي السكان مخاوفهم من أن تطول الأزمة التي يرون أنها غير مبرَّرة، خصوصاً بعد أن أصبح تدفق الوقود والغاز متاحاً عبر ميناء الحديدة دون توقف منذ أبريل (نيسان) الماضي.
ولا تُعدّ هذه المرة الأولى التي تحوِّل فيها الجماعة الحوثية غاز الطهي إلى أداة لإذلال السكان في أحياء العاصمة وابتزازهم من خلال إجبارهم على حضور «دورات تعبوية»، والالتحاق بجبهات القتال، وعلى المشاركة بجميع فعالياتها التي تقام على مدار العام، وذلك مقابل حصولهم على أسطوانة واحدة في الشهر.
فقد سبق للجماعة الحوثية مقايضة السكان في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها مرات عدة بـ«غاز الطهي»، مقابل «تعبئة فكرية وعسكرية» و«التبرع لصالح الجبهات» وغيرها.
وكانت الميليشيات قد فرضت، منتصف مارس (آذار) الماضي، شروطاً عدة على سكان صنعاء الراغبين في الحصول على أسطوانة غاز، من بينها مساومتهم علناً بإلحاق أطفالهم وذويهم لتلقّي دورات فكرية وعسكرية أقامتها حينها في أغلب مديريات العاصمة وتحت إشراف مباشر من معمميها وبعض قادتها الميدانيين.
واتهمت مصادر في صنعاء، في وقت سابق، الجماعة الانقلابية بإعطاء الأولوية لأتباعها وأُسر الأفراد الذين التحقوا بالقتال، في الحصول على غاز الطهي، وحرمانها مئات الآلاف من الأسر من الحصول على تلك المادة نتيجة رفضهم الاستجابة لدعوات التعبئة والتحشيد للجبهات.
وعمدت الجماعة على مدى سنوات انقلابها إلى إخفاء أسطوانات الغاز وإيقاف عملية بيعها بالأسعار الرسمية، وفرضت مقابل ذلك العشرات من الجرعات السعرية على غاز الطهي وغيرها من الخدمات الأساسية والصحية بغية زيادة معاناة اليمنيين وجني الأرباح.
ويؤكد اقتصاديون يمنيون أن توجه الجماعة الحوثية كل مرة صوب إخفاء غاز الطهي أو رفع أسعاره، يندرج ضمن سياسة «السوق السوداء» التي تجني منها الميليشيات مليارات الريالات بشكل يومي.
وعادة ما تقوم الجماعة الحوثية بافتعال أزمات الوقود بالتزامن مع حلول مناسباتها ذات الصبغة الطائفية، من أجل مضاعفة الأسعار والحصول على مزيد من الأموال لتمويل إقامة تلك الفعاليات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.