يتطلع مانشستر سيتي لتقليص الفارق بينه وبين آرسنال المتصدر، عندما يستأنف حملة الدفاع عن لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، بمواجهة ليدز اليوم في ختام المرحلة السابعة عشرة.
وزاد الفارق بين آرسنال ومانشستر سيتي إلى 8 نقاط عقب فوز الأول على وستهام 3 - 1 مساء أول من أمس.
وكان مانشستر سيتي قد عاد للمباريات الرسمية بانتصار على ليفربول 3 - 2 في كأس الرابطة الأربعاء الماضي، والآن لا يريد التفريط بأي نقطة حتى يظل في دائرة صراع اللقب، خصوصاً أن نيوكاسل أزاحه ولو مؤقتاً عن المركز الثاني.
وقال الجزائري رياض محرز جناح سيتي: «علينا العمل بكد. نحن حالياً لا نتصدر جدول ترتيب الدوري، وهذا هو المركز الذي نريد الوجود فيه».
وأضاف: «سنركز على كل مباراة وهدفنا هو محاولة الفوز بلقب آخر». وأردف: «هناك كثير من الفرق القوية التي بإمكانها الفوز بالدوري، لذلك نحن لا نركز على آرسنال فقط، على الرغم من أنهم أظهروا قوتهم حتى الآن».
وأكمل: «إذا أردنا الفوز باللقب، فسيكون علينا أن نظهر جاهزيتنا بمجرد استئناف المشوار مرة أخرى». وخسر مانشستر سيتي في آخر مبارياته بالدوري أمام برنتفورد، قبل ستة أسابيع، ولكنه يظل مرشحاً للتتويج باللقب، رغم أن آرسنال يوجد في مركز قوي. ويشعر المدافع الهولندي نيثان أكي بأن ما كان يحتاجه سيتي هو الفوز على ليفربول في كأس الرابطة للمضي قدماً في مسعاه للوصول إلى آرسنال، وقال: «سنفعل كل شيء لنتحداهم. يقومون بعمل جيد هذا الموسم، ولكننا بدأنا بشكل جيد منذ استئناف المباريات».
وأضاف: «الفريق كان مذهلاً. لدينا لاعبون رائعون، والأجواء في غرفة الملابس جيدة. من الرائع العودة والفوز مجدداً، أتمنى أن نواصل تحقيق الانتصارات بداية من مواجهة ليدز».
على جانب آخر، احتفل الإسباني مايكل أرتيتا مدرب آرسنال، أمام أعين أستاذه ومدربه الفرنسي السابق أرسين فينغر بالذكرى الثالثة لتوليه الإشراف على فريق شمال لندن بأفضل طريقة ممكنة، بفوز لافت على وستهام 3 - 1 عزز به صدارته بفارق 7 نقاط عن منافسه المباشر والمؤقت نيوكاسل.
ولم يتأثر آرسنال الذي كان الطرف الأفضل طوال الدقائق التسعين بتأخره بهدف في الشوط الأول، ورد بثلاثية رائعة في الشوط الثاني، ليؤكد أرتيتا أنه يسير بالفريق في الاتجاه الصحيح، وأنه قادر على التتويج باللقب الغائب عن «المدفعجية» منذ 2004.
كذلك أثبت أرتيتا أنه يستطيع تعويض غياب هدافه البرازيلي غابرييل خيسوس، الذي أصيب خلال وجوده مع منتخب بلاده في مونديال قطر، بفضل مجموعة شابة ديناميكية متألقة. وعندما خرج خيسوس وهو يعرج من ملعب لوسيل في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) - بعد أن لعب 64 دقيقة مع منتخب البرازيل أمام الكاميرون في المباراة التي لم يكن راقصو السامبا بحاجة إلى نتيجتها بعد أن ضمنوا التأهل إلى دور المجموعات، وخسرت البرازيل المباراة بالفعل وصعدت إلى دور الستة عشر - كان التأثير المنتظر على آرسنال كارثياً.
ويوم الخميس التالي، ظهر خيسوس بشكل مؤسف على عكازين في ملعب تدريب آرسنال «لندن كولني». ونشر المهاجم البرازيلي رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي من كلمة واحدة هي «التحسن»، وبعدها عدد من الرموز التعبيرية التحفيزية. في البداية، علق أرتيتا، بأنه لا يرغب في تحديد جدول زمني لعودة اللاعب من الإصابة التي تعرض لها في أربطة الركبة، لكنه عاد بعد ذلك ليتحدث عن محاولة استغلال الأشياء الإيجابية مما حدث. وقال المدرب الإسباني: «إذا كنت تريد أن تكون في القمة، فستتعين عليك مواجهة مثل هذه التحديات». يذكر أن أرتيتا الذي بدأ عمله مع آرسنال قبل ثلاث سنوات، وبالتحديد في يوم السادس والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، كان قد استهل مشواره مع المدفعجية بالتعادل مع بورنموث بهدف لكل فريق، لكن لم يتبقَّ من التشكيلة الأساسية لآرسنال في هذه المباراة سوى 3 لاعبين فقط، هم غرانيت تشاكا، وريس نيلسون، وبوكايو ساكا، الذي كان يلعب آنذاك في مركز الظهير الأيسر.
وقبل عامين من الآن، دخل آرسنال فترة عيد الميلاد وهو يحتل المركز الخامس عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، وكانت الشكوك تحوم حول مصير أرتيتا، الذي لم يكن يمتلك الخبرات اللازمة وكانت مباراة بورنموث هي الأولى له في مسيرته التدريبية! وفي مثل هذا التوقيت من العام الماضي، كان آرسنال قد حقق الفوز على نوريتش سيتي بخماسية نظيفة، من بينها هدفان لساكا، ليحتل المركز الرابع في جدول الترتيب، وهو ما كان مؤشراً واضحاً للغاية على التقدم الكبير الذي أحرزه المدفعجية على مدار 12 شهراً، وبالتالي تبددت الشكوك التي كانت تحيط بالمدرب الإسباني الشاب.
وبعد عام آخر، وجد آرسنال نفسه متصدراً جدول الترتيب، مخالفاً كل التوقعات، رغم أن البطولة لم يمر منها سوى 17 جولة فقط. ولكي يواصل آرسنال تقدمه، الذي يستعد لمواجهة برايتون الخطير خارج ملعبه في ليلة رأس السنة الجديدة، يتعين على أرتيتا أن يجد بديلاً قادراً على تعويض غياب خيسوس، رغم نجاعة خطته الهجومية أمام وستهام.
وعلى الرغم من أن خيسوس توجه إلى قطر بعد 10 مباريات فشل فيها في تسجيل أي هدف مع آرسنال، فإنه كان يقود عملية الضغط على المنافسين من الأمام، وهو الأمر الذي كان يساعد الفريق كثيراً في فرض إيقاعه واللعب بطريقته الهجومية المعتادة. لقد نجح أرتيتا في مساعدة خيسوس على إظهار جانب كان نادراً ما يُظهره مع مانشستر سيتي، فكان يدفع النجم البرازيلي للركض والضغط على مدافعي الفرق المنافسة دون توقف، وهو ما جعله يتحول إلى مصدر إزعاج للمدافعين بشكل ربما لم نشهده في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ أن كان جيمي فاردي في قمة مستواه مع ليستر سيتي.
لقد فعل آرسنال كثيراً من الأمور التي جعلته يتصدر جدول الترتيب قبل فترة التوقف بسبب كأس العالم، وبعد استئناف المسابقة، حيث لعب 9 لاعبين بالفريق أكثر من 1000 دقيقة في الدوري الممتاز - وهو أكبر عدد من الدقائق للاعبي أي فريق، إلى جانب نيوكاسل الذي يتساوى مع آرسنال بنفس عدد الدقائق. لكن في المقابل، عاد النجم البلجيكي كيفن دي بروين إلى مانشستر سيتي لتقديم الدعم الهجومي اللازم للمهاجم النرويجي الشاب إيرلينغ هالاند، الذي حصل على فترة راحة كبيرة ويبدو مستعداً تماماً لدك شباك المنافسين. ومن المؤكد أن نيوكاسل يونايتد، الذي يحتل الوصافة حالياً ممتن لعودة نجمه برونو غيماريش، الذي لعب أيضاً مع منتخب البرازيل أمام الكاميرون التي تعرض فيها خيسوس للإصابة، ليقود خط وسط الفريق. ورغم التخوف من تأثر آرسنال بفترة الإيقاف الطويلة للدوري بمنتصف الموسم، فإن أرتيتا أثبت قدرته على إبقاء الحماس والتناغم بين مجموعته حتى في غياب خيسوس، ورحيل بن وايت من معسكر المنتخب الإنجليزي بعد دور المجموعات في كأس العالم 2022 بقطر.
وقال أرتيتا عن ذلك: «لقد فعلنا كل ما في وسعنا لدعمه ومساعدته مرة أخرى على اللعب في البيئة التي يشعر بالراحة فيها، انضم بن وايت إلى زملائه في النادي بالمعسكر التدريبي بدبي خلال فترة التوقف وكان استثنائياً، وهذا هو ما نتوقعه منه».
إن التطور الواضح والمثير للإعجاب الذي أحدثه أرتيتا مع آرسنال قد قطع مسافة كبيرة لتبديد كل الشكوك والمخاوف من أن يكون مجرد تابع للإسباني جوسيب غوارديولا بعد ثلاث سنوات من العمل مساعداً له في مانشستر سيتي. لقد أثبت أرتيتا أنه مدير فني كبير وأنه استفاد كثيراً من اللعب تحت قيادة المدير الفني المخضرم أرسين فينغر الذي حضر خصيصاً لدعم تلميذه في المدرجات خلال مواجهة وستهام.
وصرح أرتيتا قبل مباراة وستهام: «هذا الفريق لا يزال لا يملك رفاهية عدم تدعيم صفوفه في كل فترة انتقالات»، وهو ما يعد بمثابة تذكير واضح لملاك النادي - عائلة كرونكي الأميركية التي وصف علاقته بها بأنها «علاقة خاصة جداً» - بأنه ينتظر منهم التحرك هذه المرة لدعمه في سوق الانتقالات.
وتجب الإشارة إلى أن أرتيتا قدم أفضل مستوياته في كرة القدم كلاعب تحت قيادة المدير الفني الحالي لوستهام، ديفيد مويز، عندما كان في إيفرتون، حيث كان يلعب جناحاً ضمن مجموعة قوية. يتذكر أرتيتا ذلك قائلاً: «في الحقيقة، كنت أمام خيارين: إما التأقلم أو الموت! لقد كان تحدياً كبيراً، لكن هذه التجربة علمتني الكثير وساعدتني كثيراً على التطور كلاعب. أعتقد أنها كانت تجربة ثرية حقاً. يترك كل مدير فني بعض البصمات ويمنحك بعض اللحظات التي تسهم في بناء معتقداتك وطريقة تفكيرك فيما يتعلق بما تريد القيام به».
لقد تعلم أرتيتا كثيراً من مويز فيما يتعلق بالإرادة والعزيمة والتصميم، كما أن الطريقة التي يلعب بها خط هجوم آرسنال تجعله قادراً على التغلب على غياب خيسوس. ففي وجود إيدي نيكتيا لم يشعر أرتيتا بالانزعاج من غياب خيسوس، وقد نجح اللاعب الشاب البالغ 23 عاماً من تسجيل الهدف الثالث في المباراة ضد وستهام. وفيما شعر البعض أن نكيتيا قد يستسلم للضغط لأنه سيلعب مكان خيسوس، الذي سجل خمسة أهداف في 14 مباراة هذا الموسم، كان أرتيتا مصراً على أن مهاجمه الشاب سينتهز الفرصة. وقال أرتيتا: «إنه شاب واثق من نفسه للغاية. أتمنى أن يمنحه هذا الهدف، إذا كان لديه أي شكوك، مزيداً من الثقة حول ما هو قادر على القيام به. كان جيداً للغاية، وفوق كل هذا سجل هدفاً عظيماً، هذا كان مهماً للغاية».
ولم يكن يشارك نكيتيا، على الرغم من إعجاب أرتيتا الكبير بقدراته، في التشكيلة الأساسية لآرسنال في أي مباراة، ولم يسجل أي هدف في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، قبل هدفه في وستهام، لكن الفرصة حانت الآن ليدفع به أساسياً.