تركيا لتمديد نفوذها في منطقتي «الساحل والصحراء» الأفريقيتين

أبرمت اتفاقية لتطوير «العلاقات البحرية» مع دولة تشاد «الحبيسة»

لقاء في أكتوبر 2021 جمع الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان (يمين) والتشادي محمد إدريس ديبي بأنقرة (موقع رئاسة تشاد)
لقاء في أكتوبر 2021 جمع الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان (يمين) والتشادي محمد إدريس ديبي بأنقرة (موقع رئاسة تشاد)
TT

تركيا لتمديد نفوذها في منطقتي «الساحل والصحراء» الأفريقيتين

لقاء في أكتوبر 2021 جمع الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان (يمين) والتشادي محمد إدريس ديبي بأنقرة (موقع رئاسة تشاد)
لقاء في أكتوبر 2021 جمع الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان (يمين) والتشادي محمد إدريس ديبي بأنقرة (موقع رئاسة تشاد)

جدد تصديق البرلمان التركي أخيراً على اتفاقية عسكرية مع تشاد، طرح أسئلة عن الدور التركي المتنامي في القارة الأفريقية عموماً وفي منطقتي الساحل والصحراء على وجه الخصوص، في وقت تشهد فيه المنطقة تراجعاً للنفوذ الغربي، ونشاطاً متصاعداً لتنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة.
ورغم محاولات المعارضة التركية الهجوم على الاتفاقية من زاوية تضَمنِها «تعزيز العلاقات البحرية والتنسيق المشتركة في مواجهة القرصنة»، في حين أن تشاد من الدول الحبيسة التي لا سواحل لها، إلا أن خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أكدوا أهمية الاتفاقية في تعزيز الحضور التركي بالمنطقة، وتقديم أنقرة لنفسها «بديلاً لقوى دولية يتراجع نفوذها» في الغرب الأفريقي.
وأثارت اتفاقية التعاون العسكري الموقعة بين تركيا وتشاد جدلاً في لجنة الشؤون الخارجية، إذ انتقد نواب ينتمون لأحزاب معارضة الاتفاق، ووصفوه - بحسب تقارير إعلامية تركية - بـ«غير الجاد»، وتمت كتابته باستخدام تقنية «النسخ واللصق»، لأنه لا يوجد بحر في تشاد يبرر توقيع اتفاق لتعزيز التعاون البحري ومواجهة القرصنة.
وبحسب التقارير ذاتها، دافعت الخارجية التركية عبر ممثلها في المناقشات البرلمانية عن الاتفاقية، مؤكدة أنها «نمطية»، ولفتت إلى أنه «سبق لتركيا أن وقعت اتفاقية تعاون بحري مع زامبيا، وهي دولة أفريقية حبيسة أيضاً».
إلى ذلك، أكد الباحث السياسي التشادي، علي موسى، أهمية الاتفاق العسكري التركي - التشادي، لافتاً إلى أن توقيته «يضاعف من أهميته»، فثمة قلق متنامٍ لدى تشاد وبقية دول الساحل والصحراء، من تداعيات انسحاب العديد من الدول الأوروبية العاملة في إطار عملية «برخان»، بما يعنيه ذلك من تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية للجماعات المرتبطة بتنظيمات مثل «داعش» و«القاعدة».
وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الاتفاق يعزز الوجود التركي، وهو «وجود ملموس في المنطقة منذ سنوات عدة، ويزداد اتساعاً وعمقاً» لا سيما مع تراجع النفوذ الأوروبي، وتزايد المشاعر المناهضة للقوى الاستعمارية القديمة، الأمر الذي يفتح الباب أمام قوى إقليمية ودولية أخرى غير محملة بالإرث الاستعماري القديم كالصين وروسيا وتركيا.
وأضاف أن الاتفاق بين تشاد وتركيا «ربما يعزز تقارير سابقة عن وجود مفاوضات جادة للاعتماد على الصناعات العسكرية التركية، وخصوصاً في مجال المسيّرات التي يمكن التعويل عليها في المعارك التي يخوضها الجيش التشادي ضد التنظيمات الإرهابية».
وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي التشادي، محمد إدريس ديبي، قد قام بزيارة رسمية إلى تركيا في 27 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، حيث أعلن الأخير أن بلاده مستعدة لتطوير التعاون العسكري والأمني مع نجامينا (عاصمة تشاد)، والتي تواجه تهديدات كبيرة من قبل العديد من التنظيمات الإرهابية وجماعات المعارضة المسلحة.
وخلال زيارة ديبي إلى أنقرة، تم التوقيع على اتفاقيات ثنائية عدة، في مجالات الزراعة والدبلوماسية والتعليم، وقال إردوغان إن بلاده «مُصرة على تقوية العلاقات مع تشاد في كل المجالات»، وأضاف أن هدف تركيا الجديد يتمثل في وصول حجم التجارة الثنائية إلى 200 مليون دولار، وفي مرحلة أخرى إلى 500 مليون دولار.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتهاء عملية «برخان» لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، ذاكراً أن استراتيجية فرنسية تجاه القارة الأفريقية ستكون جاهزة خلال ستة أشهر، مع استمرار الدعم الفرنسي للدول الأفريقية وفقاً للمبادئ التي سيتم تحديدها مع هذه الدول.
من جهتها، أشارت الدكتورة أماني الطويل، الباحثة المصرية المختصة في الشؤون الأفريقية، إلى أن الاتفاق بين تشاد وتركيا، يأتي في إطار محاولات أنقرة الحثيثة من أجل توسيع نفوذها العسكري أفريقياً شرقاً وغرباً على حد سواء، لافتة إلى أن تركيا تملك قاعدة عسكرية ولديها برامج تدريبية للجيش الصومالي، كما حاولت أنقرة في السودان الحصول على إحدى الجزُر في زمن الرئيس السابق عمر البشير، ولكنها أخفقت.
وأوضحت الطويل لـ«الشرق الأوسط» أن السياسة التركية في غرب أفريقيا تعتمد في الأساس على الآليات الاقتصادية والدينية عبر عامل الدين الإسلامي المشترَك مع دول غرب القارة، إلا أن التحولات الأمنية والسياسية التي تشهدها دول المنطقة «ربما تدفع أنقرة إلى البحث عن دور أكثر فاعلية في المنطقة، يتجاوز مرحلة العلاقات الاقتصادية، ولعب دور عسكري وأمني أكبر، في منطقة تشهد هشاشة واضطرابات متواصلة».
وأضافت أن تركيا عملت على تعزيز وجودها في أفريقيا عبر العديد من الخطوات على مدى العقدين الماضيين، إذ خصصت عام 2005 ليكون عام أفريقيا في تركيا، وحصلت كذلك على صفة مراقب بالاتحاد الأفريقي، واختيرت في عام 2008 شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأفريقي، وهو ما وفر للشركات والمؤسسات التركية التواجد بقوة في العديد من الأقاليم الأفريقية، كما وُقعت اتفاقيات أمنية مع بعض دول القارة، وفي مقدمتها ليبيا، التي تحظى فيها تركيا بنفوذ كبير.
يُذكر أن أنقرة استضافت في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي قمة تركية أفريقية هي الثالثة من نوعها، اشترك فيها 16 رئيس دولة وحكومة، بجانب 102 وزير أفريقي بينهم 26 وزيراً للخارجية، فيما أفادت تقديرات غير رسمية أن تركيا لديها 37 مكتباً عسكرياً في أفريقيا.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.