الرئيس المصري يستبق انتخابات البرلمان بإصدار تشريعات مثيرة للجدل

قانون منح الجيش والشرطة حق تأسيس شركات حراسة وآخر خول له عزل رؤساء الهيئات الرقابية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ب)
TT

الرئيس المصري يستبق انتخابات البرلمان بإصدار تشريعات مثيرة للجدل

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ب)

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عددا من القوانين الهامة خلال الأيام القليلة الماضية، بموجب امتلاكه سلطة التشريع في ظل غياب البرلمان. من بين تلك القوانين، قانون يمنح الجيش والشرطة حق تأسيس شركات حراسة خاصة، وآخر خول لرئيس الجمهورية عزل رؤساء الهيئات الرقابية، خلافا لما كان سائدًا، الأمر الذي أثار جدلا سياسيا وقانونيا بشأنهما.
ومصر بلا برلمان منذ أكثر من ثلاث سنوات، عندما حلت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب في يونيو (حزيران) 2012.
لكن المستشار عمر مروان المتحدث الرسمي للجنة العليا للانتخابات، أعلن عقب لقاء جمع أعضاء اللجنة بممثلي نحو 30 سفارة أجنبية معتمدة بالقاهرة أمس، أن اللجنة تنتظر صدور باقي التعديلات التشريعية، لتحديد موعد دعوة الناخبين للاقتراع والجدول الزمني للانتخابات البرلمانية، مؤكدا أن الانتخابات ستجرى وتعلن كل النتائج في الدوائر الانتخابية قبل نهاية العام الحالي.
وأقر الرئيس السيسي يوم الخميس الماضي تعديل بعض أحكام قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، في حين من المنتظر أن يقر في وقت لاحق قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية.
وضمن قوانين متعددة أصدرها الرئيس المصري خلال الأيام الماضية، نشرت الجريدة الرسمية للدولة الأحد الماضي، قرارا جمهوريا بقانون يسمح لوزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة التابعة لهما والمخابرات العامة، بإنشاء شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال. ونص القرار بأن يصدر وزير الداخلية، اللائحة التنفيذية لهذا القانون، بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة، خلال ثلاثة أشهر من تاريخ سريانه.
وسبق أن وافقت الحكومة على مشروع قانون يحظر على أي شركة مزاولة أعمال حراسة المنشآت أو نقل الأموال إلا بعد الحصول على ترخيص يصدر من وزارة الداخلية. ويشترط القانون لإصدار الترخيص أن يكون طالب الترخيص شركة مساهمة، أسهمها مملوكة بالكامل للمصريين، وللشركة مقر معتمد من وزارة الداخلية.
وبينما انتقد البعض القانون باعتباره قد يخلق نوعا من تضارب المصالح أو الفساد المالي وربما عدم أداء المؤسسات الأمنية لدورها المنوط بها بنفس الكفاءة، قال خبراء أمن إن السماح لوزارتي الدفاع والداخلية تأسيس شركات حراسة سوف يخفف الحمل على جهازي الشرطة وقوات الجيش ويسمح لهما بالتفرغ لمحاربة الإرهاب والجرائم الكبرى في الشارع المصري.
يقول اللواء عادل عمارة رئيس شعبة شركات الحراسة بالغرف التجارية لـ«الشرق الأوسط» إن «القانون ليس بجديد، بل يتم تداوله داخل البرلمان المصري منذ نحو 15 عاما، فهو ليس وليد اللحظة، الجديد هو أن الجهات المسؤولة استشعرت دوره المفيد في رفع الحس الأمني في الشارع، وأهمية وجود تلك الشركات في تأمين المنشآت الاقتصادية والسياحية والترفيهية».
وأوضح اللواء عمارة أن «شركات الحراسة سوف تساهم في تخفيف الحمل الأمني على الجهات الرئيسية (الجيش والشرطة) بحيث تركز على الشارع وحماية المنشآت السيادية ومكافحة الإرهاب، وأن تترك للشركات ما دون ذلك من أماكن خاصة، بحيث يكون دورها مكملا وليس البديل».
وأضاف أن القانون هدفه أن يكون هناك احترافية لهذا النوع من الأنشطة وأن يتم بترخيص قانوني، مشيرا إلى أن عملية التأمين شاقة جدًا وتتطلب كثيرًا من الجهد والصبر والقوة ويجب خضوع الأفراد للاختبارات المستمرة حفاظًا على لياقتهم البدنية.
ويوجد في مصر عدد من شركات الأمن الخاصة وحماية نقل أموال يديرها ضباط سابقون، منها شركة «فالكون»، التي تعاقدت معها الحكومة العام الماضي لتأمين الجامعات.
في السياق نفسه، نشرت الجريدة الرسمية يوم السبت الماضي، قرارا للرئيس السيسي بقانون جديد يحدد فيه الحالات التي يجوز فيها لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم.
والهيئات الرقابية والمؤسسات المستقلة التي حددها الدستور هي (البنك المركزي، هيئة الرقابة الإدارية، الجهاز المركزي للمحاسبات، هيئة الرقابة المالية الموحدة).
وحدد القانون الجديد حالات إقالة رؤساء الهيئات الرقابية بقيام دلائل جديدة «على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وإذا فقد الثقة والاعتبار، وإذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، أو أحد الشخصيات الاعتبارية العامة، وإذا فقد شروط الصلاحية للمنصب لغير الأسباب الصحية».
وأثار القانون جدلا بشأن مدى دستوريته. وقال المتحدث الرسمي باسم الجهاز المركزي للمحاسبات ياسر حبيب إن القانون معرض لعدم الدستورية لمخالفته لنص المادة 215 من الدستور، نتيجة لعدم عرضه على الجهات المعنية به قبل إصداره.
وكتب حبيب على صفحته على «فيسبوك»: «كيف يصدر هذا القانون في عهد الرئيس السيسي وهو من حمل الأجهزة الرقابية على مكافحة الفساد في الجهاز الإداري بالدولة»، مشيرا إلى أن القانون «يزيد من تدهور ترتيب مصر في مكافحة الفساد لأنه مخالف للمادة 215 من الدستور».
وتنص المادة 215 من الدستور على أن «القانون حدد الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية. وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال الفني والمالي والإداري، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها».
لكن فقهاء دستوريين أدركوا في المقابل أن القانون يتوافق مع المادة 216 من الدستور»، والتي تؤكد أن إقالة رؤساء هذه الأجهزة يحددها القانون، وهو ما قام به الرئيس، بصفته صاحب الحق في التشريع.
وتنص المادة 216 على أن «يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي قانون، يحدد اختصاصاتها، ونظام عملها، وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال. يعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفى أي منهم من منصبه إلا في الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء».
وبينما لمحت جهات إعلامية بأن أول من قد يطبق عليه ذلك القانون هو المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، لخلافه المعلن مع السلطات. قال جنينة في تصريح إعلامي له أمس إنه «لا يمكن تطبيق القانون عليه». مستندا إلى قانون الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي ينص على عدم جواز إعفاء رئيس الجهاز من منصبه.
غير أن المحامي فريد الديب، أكد أن القانون الجديد ينسخ قانون الجهاز المركزي للمحاسبات، ويعطي الحق للرئيس السيسي عزل رئيس أي هيئة رقابية أو مستقلة، من الممكن أن يؤدي استمراره في منصبه إلى المساس بأمن البلاد وسلامته.
من جانبه، أدان حزب التيار الشعبي (تحت التأسيس) القانون. وقال إنه يقوض استقلالية تلك الأجهزة عن السلطة التنفيذية. وقال الحزب في بيان له إن القرار «فيه تعارض مع روح الدستور الذي أقره المصريون.. بتقويض استقلالية تلك الأجهزة عن السلطة التنفيذية بما يتيح لها حرية الرقابة عليها».
وأشار إلى أنه «لا يجوز أن يتدخل أي من أعضاء السلطة التنفيذية في أعمال السلطة الرقابية حتى يتوافر لها حرية العمل دون رقيبٍ إلا من ضمير أعضائها أو خوفٍ قد يُخلُ بحيادها».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.