إسرائيل: حماس تحارب «داعش» في غزة وتلتقي مصالحها معها في سيناء

مسؤول في تل أبيب: صور الطائرة التي سقطت تدل على أنها تتجسس على مصر

إسرائيل: حماس تحارب «داعش» في غزة وتلتقي مصالحها معها في سيناء
TT

إسرائيل: حماس تحارب «داعش» في غزة وتلتقي مصالحها معها في سيناء

إسرائيل: حماس تحارب «داعش» في غزة وتلتقي مصالحها معها في سيناء

كشف مصدر عسكري في تل أبيب، أمس، أن الطائرة بلا طيار التي أرسلتها حركة حماس من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، وقامت طائرة سلاح جو إسرائيلي بإسقاطها، قبل أسبوعين، لم تستهدف إسرائيل وحدها بل التجسس على مصر أيضًا.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن حماس تباهت في حينه، بأنها تمتلك الكثير من الطائرات المسيرة (بلا طيار)، وأظهرتها بموقع الصدارة في عرض عسكري للاحتفال بالذكرى الـ27 لتأسيس الحركة، بما في ذلك طائرة مسيرة ادعت حماس أنها كانت تعمل، خلال الصراع الأخير، في الصيف الماضي. ولكن عندما فحصت إسرائيل ركام الطائرة بعد إسقاطها، وجدت صورًا تدل على أن جمع المعلومات الاستخباراتية لعمليات عسكرية لم يكن الهدف الوحيد لهذه الطائرات. فبعد الدراسات والتحاليل في المختبرات التابعة لأجهزة الأمن في تل أبيب، تبين أن الطائرة المسيرة، بالإضافة إلى رصدها للأحداث داخل إسرائيل، تقوم أيضًا بتصوير الحدود مع مصر.
وادعى المسؤول الإسرائيلي أن هناك سرًا آخر دفينًا في هذه الطائرة، هو مساعدة «داعش». وقال: «هدف حماس ليس بالضرورة هجومًا مسلحًا ضد مصر، وإنما تتبع تحركات القوات ومواقع الجيش وانتشار قواته، من أجل تمكين أعضاء في جناحها العسكري، (كتائب عز الدين القسام)، من الحفاظ على طرق التهريب مفتوحة بين سيناء وغزة. هذه الطرق حيوية لحماس على جانب واحد من الحدود، و(داعش في سيناء) على الجانب الآخر. وهذا هو واحد من أكثر أسرار الجناح العسكري لحماس المحفوظة بعناية في الأشهر الأخيرة – تعاون وثيق مع عناصر (ولاية سيناء) التابع لتنظيم (داعش)، والذي كان يُعرف في السابق بتنظيم (أنصار بيت المقدس)».
ونشر موقع إسرائيلي، أمس، تقريرًا لمراسله آفي سخاروف، يقول فيه إن التعاون بين حماس و«داعش» هو نتاج التقاء مصالح وليس رؤية مشتركة أو عقيدة متقاربة. ويضيف: «قوات الأمن المصرية قامت في العامين الأخيرين، بتركيز نشاطها في سيناء في محاولة لعزل الركن الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة. الهدف هو عزل المنطقة التي تضم العريش ورفح والشيخ زويد في سيناء من قطاع غزة ومن باقي شبه الجزيرة. المشكلة هي أن هذه المنطقة تحمل أهمية استراتيجية لحماس في غزة، ولتنظيم «داعش» في سيناء، سواء من الناحية الاقتصادية أو الأمنية. مسار التهريب بين قطاع غزة وسيناء يعطي كلا الجانبين إمدادات ثابتة من الأسلحة والقوات المقاتلة والمدربين والمستشارين، في حين يحقق أرباحًا طائلة من صناعة التهريب في غزة. مصالح التنظيمين أجبرتهما على التعاون فيما بينهما للتمسك بجزء من قدرتهما، على الأقل، في تهريب الأسلحة والعناصر إلى داخل قطاع غزة.
ولكن المصالح المشتركة ليست العامل الوحيد في هذا التقارب، فهناك دور أساسي لأبناء القبائل البدوية على جانبي الحدود، سواء في غزة أو في مصر، الذين ينتمون لهذين التنظيمين. المثال الأكثر وضوحًا هو شادي المنيعي، أحد أبناء هذه القبائل، وواحد من أكثر العناصر الإرهابية المعروفة في سيناء. فقد اختبأ المنيعي في غزة تحت حماية رؤساء الجناح العسكري لحماس. الرغبة المشتركة في حماية طرق التهريب والحاجة إلى علاقات جيدة مع هذه العشيرة دفعا إلى توثيق العلاقات بين قيادة «داعش» في سيناء وقادة الجناح العسكري لحركة حماس. وتتجلى هذه العلاقة في أشكال عدة:
أولاً، أعضاء «عز الدين القسام» ساعدوا في تدريب عناصر تابعة لتنظيم «داعش» في غزة وسيناء وتجهيزهم. إحدى الشخصيات الأكثر شهرة – بحسب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية الميجر جنرال يوآف مردخاي – هو عبد الإله قشطة، عضو سابق رفيع في الجناح العسكري لحماس، الذي أرسل من قبلها إلى سيناء. كان قشطة رجل حماس المسؤول عن مهاجمة الدبابات الإسرائيلية، وكذلك استخدام المتفجرات المعقدة. ساءت العلاقات بين قشطة وحماس، وأعلن في أعقاب ذلك، نيته الانضمام إلى لجان المقاومة الشعبية. ولكن على مدى العام الماضي، يقوم قشطة بتدريب مقاتلي «داعش» في سيناء، واستخدام أسلحة متطورة مضادة للدبابات.
ثانيًا، جهود «داعش» على مدى الأشهر القليلة الماضية في سيناء ليصبح كيانًا مؤسسيًا وراسخًا، التي أثبتتها أنشطة عناصره الأخيرة، متأثرة إلى حد ما من قادة الجناح العسكري لحماس. مجرد لمحة خاطفة على مظهر هؤلاء العناصر وطريقة لباسهم تظهر مدى التطور التي يمر بها تنظيم «داعش» في منطقة سيناء – ولديهم حماس في غزة ليشكروها على معظم هذا التطور، حيث إن بوجودهم هناك وخلال خضوعهم لتدريبات ودراسات عسكرية مع حماس في القطاع، اكتسب قادة «داعش» المذاهب العسكرية التي يقومون بنقلها لعناصرهم في سيناء.
ثالثًا، حماس تقوم بنقل مصابين من «داعش» إلى مستشفيات في قطاع غزة، حيث تتم معالجتهم تحت إشرافها. الأعداد ليست كبيرة، ولا يتم ذلك بشكل منتظم. قلة مختارة فقط تحصل على العلاج، وفقط إذا سمحت حالتهم بذلك – أعضاء من القبيلة أو العشيرة الصحيحة، أو أشخاص يُعتبرون مقربين لقادة الجناح العسكري لحماس.
ويرى الإسرائيليون بأن مواقف حماس تجاه «داعش»، تتسم بالعداء داخل قطاع غزة وبالتعاون الاستراتيجي في سيناء. والسبب في ذلك يعود إلى الدور المتنامي للجناح العسكري في حماس، خصوصًا بعد الحرب الأخيرة. فالجهة التي تتخذ القرار داخل قيادة حماس في غزة مركبة. فقد شهد توازن القوى الداخلي في حماس تغييرًا كبيرًا على مدى العقد الأخير. لا يوجد للجناح العسكري للحركة شخصيات روحية أو سياسية مؤثرة، كتلك التي عملت في غزة في الماضي، أمثال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي. ويُعتقد أن للعناصر العسكرية (بالأخص محمد ضيف)، سلطة سياسية مماثلة لتلك التي يتمتع بها رئيس الوزراء السابق في غزة، إسماعيل هنية.
ومن المفارقات أن التنسيق الوثيق بين الجناح العسكري لحماس وتنظيم «داعش» في سيناء، لا يخفف من الجهود المكثفة التي تبذلها حماس ضد السلفيين بأسلوب «داعش»، الذين نشأوا داخل القطاع. حتى في الوقت الذي يقوم فيه الجناح العسكري بالتعاون مع الجهاديين في سيناء، يقوم أعضاء الحركة بمحاربة خصومهم الآيديولوجيين في غزة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم