إسرائيل تمنع فلسطينيي غزة من زيارة أهلهم في الضفة

تشترط توقيعهم على وثيقة يتعهدون فيها بالتنازل عن حقهم في العودة

فلسطينيون من غزة في طريقهم لحضور قداس الميلاد في بيت لحم يوم 22 ديسمبر (رويترز)
فلسطينيون من غزة في طريقهم لحضور قداس الميلاد في بيت لحم يوم 22 ديسمبر (رويترز)
TT

إسرائيل تمنع فلسطينيي غزة من زيارة أهلهم في الضفة

فلسطينيون من غزة في طريقهم لحضور قداس الميلاد في بيت لحم يوم 22 ديسمبر (رويترز)
فلسطينيون من غزة في طريقهم لحضور قداس الميلاد في بيت لحم يوم 22 ديسمبر (رويترز)

أفادت جهات إسرائيلية قانونية بأن الجيش الإسرائيلي يشدد في الشهور الأخيرة القيود على سكان الضفة الغربية الذين انتقلوا للإقامة في قطاع غزة، ويمنعهم من زيارة الأهل في الضفة الغربية إلا إذا وقعوا على وثيقة عبرية يتعهدون فيها بالتنازل عن حقهم في العودة للإقامة في الضفة مستقبلاً. وقالت جمعية «غيشاه - مسلك»، وهي حركة يهودية عربية في إسرائيل تناصر عملية السلام والحياة المشتركة، وهي التي كشفت هذه القضية، إن السلطات الإسرائيلية وضعت نظاما جديدا تفرضه على الفلسطينيين سكان الضفة الغربية الذين انتقلوا للإقامة في قطاع غزة، حتى لو كانوا مسجلين كسكان الضفة في سجل السكان الفلسطيني، وقالت إن هذا النظام «يشكل عمليا ترحيلاً قسرياً وانتهاكا خطيراً للقانون الدولي بما يرقى إلى جريمة حرب».
واتضح أن هذا النظام يطبق منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 2020، لكن الفلسطينيين لم ينتبهوا إليه لأن وثيقة التنازل التي يضطرون للتوقيع عليها مكتوبة باللغة العبرية ولا يقوم الموظفون الإسرائيليون بتوضيح مضمونها. وحسب الجمعية المذكورة فإن هذا النظام هو جزء من السياسات الإسرائيلية المنفذة على مر السنوات والتي تهدف إلى فصل غزة عن الضفة الغربية وتخفيض عدد الفلسطينيين في أرض فلسطين التاريخية.
يذكر أن هذه الإجراءات تتم من خلال استغلال إسرائيل للواقع الذي فرضته بعد اتفاقيات أوسلو، وتسيطر فيه على سجل السكان الفلسطيني، وتحدد فعلياً ما إذا كان الفلسطينيون مسجلين فيه كـ«سكان الضفة الغربية» أو «سكان غزة». فمن خلال تحديد مكان الإقامة في سجل السكان، تسمح لنفسها أن تحدد أين يمكن للفلسطينيين الإقامة، وتحصيل التعليم، وكسب الرزق وإقامة عائلة، وتحدد الأنظمة التي يمكنهم بموجبها التنقل ما بين الضفة الغربية، إسرائيل، غزة والخارج. فتقرر أن تسمح أو تمنع الأزواج الفلسطينيين الذين سجل أحدهما كمقيم في غزة أو الضفة من ممارسة حياته العائلية ومن يحب أو لا يحب. وبما أن النساء، هن من ينتقلن في حالات كثيرة للسكن قرب عائلات أزواجهن بعد الزواج، فهن أيضاً المتضررات الأساسيات من هذا النظام.
وقالت جمعية «غيشاه - مسلك» إنها على مر السنوات قامت بتمثيل نساء فلسطينيات كثيرات من سكان الضفة يعشن في غزة مع أزواجهن وأطفالهن المشتركين، وقدمن طلبات لزيارة الضفة الغربية أو العودة للسكن فيها. وبسبب الانتقادات الدولية للسياسة الإسرائيلية التي تتحكم في حياة الناس، ابتدعت تلك الاستمارة، التي يتعهدون فيها بالاستقرار في قطاع غزة، والانسلاخ التام عن عائلاتهم في الضفة الغربية. وفي الحالات التي لم توقع فيها النساء بعد على وثيقة الاستقرار، تقوم إسرائيل باستغلال حاجاتهن الأساسية لزيارة الضفة (في إطار الظروف الإنسانية الضيقة التي تحددها إسرائيل لتلقي التصريح) من أجل إجبارهن على التوقيع. في حالات كثيرة تضطر النساء للتوقيع على الاستمارة تحت الضغط والتخويف حيث يعرض توقيعهن كشرط للعبور – سواء كشرط لزيارة عائلاتهن في الضفة أو كشرط للعودة إلى بيتهن وعائلتهن في غزة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم